أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 632

جلسة 16 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، وبطرس زغلول، ونصر الدين عزام.

(113)
الطعن رقم 424 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) تعد. مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة التعدي المنصوص عليها في المادة 40 من القانون 182 لسنة 1960 لا يلزم لقيامها توافر قصداً جنائياً خاصاً. كفاية توافر القصد الجنائي العام.
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في تلك الجريمة. غير لازم. طالما أن المتهم لم يجادل في شأنه، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم تكشف عن توافره لديه.
1 - لم يشترط المشرع لقيام جريمة التعدي المنصوص عليها في المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، قصداً جنائياً خاصاً، بل يكفى أن يتوافر فيها القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة.
2 - لا جناح على الحكم أن هو لم يتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة التعدي المنصوص عليها في المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، طالما أن المتهم لم يجادل في شأنه، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم تكشف عن توافره لديه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 14/ 9/ 1963 بدائرة قسم حلوان محافظة القاهرة: قاوموا بالقوة والعنف وتعدوا على الموظف العمومي النقيب بديع عبد الحليم دياب معاون مباحث حلوان والمستخدمين العموميين المرافقين له وهم رجال الشرطة السريين محمود عبد اللطيف أبو المجد وفهمي عبده سراج ورياض حسانين محمود ويوسف حلمي طه وعبد السميع محمد خليل وعيد حسين أحمد خليل حالة كونهم من القائمين على تنفيذ أحكام قانون المواد المخدرة رقم 182 لسنة 1960 وكان ذلك أثناء تأديتهم لوظيفتهم وبسببها بأن اعتدوا عليهم وقاوموهم بالقوة والعنف فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة عندما توجهوا لتنفيذ أمر نيابة المخدرات الصادر بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم الأول فحالوا بينهم وبين إتمام تنفيذ هذا الأمر على الوجه الأكمل. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 40 من القانون 182 لسنة 1960 فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً في 18/ 4/ 1965 عملاً بالمادة 40/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 60 والمادة 17 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنتين و(ثانياً) بمعاقبة كل من باقي المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيتعين عدم قبول طعنه شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من باقي الطاعنين قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى ما ينعاه هؤلاء الطاعنون على الحكم المطعون فيه هو أنه - إذ دانهم بجريمة مقاومة موظفين عموميين بالقوة والعنف والتعدي عليهم بمناسبة القيام بالتفتيش عن مخدرات قد ران عليه القصور ذلك بأنه لم يستظهر القصد الجنائي الخاص الذي يجب توافره لدى الطاعنين وهو علمهم بالمهمة التي كان يقوم بها المجني عليهم، وفضلاً عن ذلك فهو لم يأخذ بدفاع الطاعنين بشأن التناقض بين أقوال الشهود واختلاف رواياتهم في مراحل التحقيق المختلفة مما يجعلها غير صالحة للاستدلال بها، ولا هو عنى بالرد على هذا الدفاع.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بارتكابها في قوله: "إن الضابط بديع دياب وبعض رجال الشرطة توجهوا بإذن من النيابة لضبط وتفتيش المتهم الأول - الطاعن الأول - بحثاً عن مخدرات وما أن رآهم هذا الأخير حتى نادي على باقي المتهمين وأمرهم بالحضور ومعهم عصى فنفذوا ما أمرهم به واعتدوا على الضابط والقوة المرافقة له بالضرب وألحقوا بهم إصابات مختلفة ولم يمكنوهم من إتمام القبض والتفتيش". وبعد أن ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من أقوال رجال الشرطة المجني عليهم ومن تقارير الكشوف الطبية عرض لدفاع الطاعنين فأطرحه اطمئناناً منه إلى أقوال شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان المشرع لم يشترط لقيام جريمة التعدي المنصوص عليها في المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قصداً جنائياً خاصاً بل يكفى أن يتوافر فيها القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يصح استخلاص القصد الجنائي العام - ما دام المتهم لم يجادل في توافره من قول قاضي الموضوع بثبوت الواقعة التي يعاقب عليها، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا من أي دفاع للطاعنين في هذا الشأن، فإنه لا على الحكم إن هو لم يتحدث عن هذا القصد استقلالاً طالما أن واقعة الدعوى كما أثبتها على النحو السالف بيانه تكشف عن توافره لدى الطاعنين، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور في بيان القصد الجنائي غير سديد. لما كان ذلك، وكان التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما لا تطمئن إليه منها ما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه بصدد تحصيل الحكم لأقوال الشهود قد سلمت من التناقض فإن ما يثيره الطاعن من ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الثبوت في الدعوى مما لا يجوز مصادرتها في اعتقادها بشأنه ولا المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.