أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 156

جلسة 5 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد/ المستشار محمد محفوظ، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

(28)
الطعن رقم 2068 لسنة 37 القضائية

( أ ) تفتيش. "تفتيش المنازل". "الرضاء بالتفتيش".
صحة التفتيش الذي يجريه ضابط الشرطة في منزل بإذن صاحبه أو من ينوب عنه في غيبته. مثال.
(ب) مأمورو الضبط القضائي. قبض.
لمأموري الضبط القضائي القبض على أي شخص توجد دلائل كافية على اتهامه في جناية ولو في غير حالة التلبس. المادة 34 إجراءات.
(ج) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش.
لمأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم كلما جاز له القبض عليه. المادة 46 إجراءات.
(د، هـ، و، ز) تحقيق. نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي.
(د) اختيار مكان التحقيق أمر متروك لتقدير وكيل النيابة المحقق.
(هـ) حضور ضابط البحث الجنائي التحقيق لا يعيب إجراءاته.
(و) قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام بالواجبات المفروضة عليهم بمقتضى المادة 24 إجراءات.
(ز) عملية عرض المتهم على الشهود للتعرف عليه. عدم رسم القانون طريقاً خاصاً لها يجب مراعاته.
(ح، ط) سرقة. إكراه. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ح) الإكراه في السرقة. متى يتحقق؟
(ط) عدم ضبط الأسلحة أو الأدوات المستعملة في الإكراه. لا يقدح في سلامة الحكم.
(ى، ك، ل، م) حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". اعتراف. شهود.
(ى) المحاكمة الجنائية. العبرة فيها باقتناع القاضي. عدم تقيده بدليل معين إلا إذا قيده القانون بذلك.
(ك) الاعتراف في المسائل الجنائية. سلطة المحكمة في تقديره؟
(ل) تناقض الشهود. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(م) تطابق مؤدى الدليل القولي مع مضمون الدليل الفني. غير لازم لصحة تسبيب الأحكام. كفاية أن يكون الدليلان غير متعارضين مما يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
1 - التفتيش الذي يجريه رجال الشرطة في منزل بغير إذن من النيابة العامة ولكن بإذن صاحب المنزل أو من ينوب عنه في غيبته هو تفتيش صحيح قانوناً ويترتب عليه صحة الإجراءات المبنية عليه. وإذ أذنت سيدة المنزل لضابط الشرطة بالتفتيش على اعتبار أنها زوجة صاحب المنزل - كما أثبت الحكم المطعون فيه - فإنها تعتبر قانوناً وكيلته والحائزة للمنزل فعلاً في غيبة صاحبه ولها أن تأذن بدخوله، ولا فرق في أن تكون هذه المرأة زوجة شرعية لصاحب المنزل أو ليست كذلك فهي تملك في الحالين حق الإذن لرجال الشرطة بالدخول طالما أنها الحائزة فعلاً للمنزل في الفترة التي تم فيها التفتيش.
2 - أباحت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر التي توجد دلائل كافية على اتهامه في حالات عددها حصراً ومنها الجنايات. فالقبض جائز له سواء كانت الجناية متلبساً بها أو في غير حالات التلبس متى كانت ثمة دلائل كافية على اتهامه فيها.
3 - يجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم في الأحوال التي يجوز له فيها القبض عليه قانوناً إعمالاً لنص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية.
4 - متى كان الثابت أن وكيل النيابة المختص هو الذي أجرى التحقيق فلا يهم بعد ذلك المكان الذي اختاره المحقق لإجراء التحقيق والذي يترك لتقديره حق اختياره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إجرائه.
5 - ليس في حضور ضابط شعبة البحث الجنائي التحقيق ما يعيب إجراءاته.
6 - قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وكل ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة العامة فتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها.
7 - عملية العرض لتعرف الشهود على المتهم ليست لها أحكام مقررة في القانون تجب مراعاتها وإلا كان العمل باطلاً بل هي مسألة متعلقة بالتحقيق كفن متروك التقدير فيها للمحكمة.
8 - الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة.
9 - لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط الأسلحة أو الأدوات التي استعملت في الإكراه. ذلك لأنه ما دام أن الحكم قد اقتنع من الأدلة السائغة التي أوردها بأن الطاعنين كانا يحملان أسلحة وأدوات استعملاها في الإكراه وهو ما يكفي للتدليل على توافر ظرف الإكراه في حقهما ولو لم تضبط تلك الأشياء.
10 - العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين. فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
11 - الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة.
12 - تناقض الشهود لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
13 - لا يشترط لصحة تسبيب الحكم أن يطابق مؤدى الدليل القولي مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون الدليلان غير متعارضين بما يستعصي على الملائمة والتوفيق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 18 مارس سنة 1967 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: (أولاً) المتهمان الأول والثاني: سرقا النقود والمصوغات والأشياء الأخرى المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لهدى لبيب تادرس وزوجها المقدم حليم جرجس بطريق الإكراه الواقع على الأولى وابنيها أمين فتحي كامل وشريف حليم جرجس بأن توجها إليها في مسكنها. وهددها المتهم الأول بمسدس كما هددها المتهم الثاني بمطواة - ثم أوثقاها وابنيها بالحبال وكمماهم فشلا بذلك مقاومتهم. وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات سالفة الذكر - وقد ترك هذا الإكراه بالمجني عليها الأولى وولدها أمين فتحي كامل آثار الجروح المبينة بالتقرير الطبي الشرعي (ثانياً) المتهم الثالث: اشترك مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجناية السابقة بطريق الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معهما على مقارفتها وأمدهم بالمعلومات اللازمة لتسهيل ارتكابها - ورافقهما إلى مكان الحادث في اليوم الذي حددوه لارتكابه بسيارة أعدها المتهم الأول - قائداً لها - وانتظرهما على مقربة من منزل المجني عليهم حتى إذا ما عاد إليه المتهمان الآخران فور إتمامهما السرقة انطلق بالسيارة فاراً معهما بالمسروقات. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40 و41/ 1 و314/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فقرر بذلك وادعى مدنياً كل من المقدم حليم جرجس تادرس عن نفسه وبصفته ولياًً طبيعياً على ابنه القاصر شريف والسيدة هدى لبيب تادرس وطلبا القضاء لهما قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا إلى المدعيين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الأول والثاني بجريمة سرقة بالإكراه والطاعن الثالث بالاشتراك فيها قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن الأول دفع ببطلان تفتيش مسكنه لعدم صدور الإذن به من النيابة العامة وأن إقرار السيدة صافيناز خليل شرارة بموافقتها على إجراء التفتيش معيب لانتفاء صفتها في إصداره ثم إنه حرر تحت تأثير الإكراه وبعد إجراء التفتيش الباطل إلا أن الحكم رفض هذا الدفع على اعتبار أن التفتيش تم صحيحاً وطبقاً للقانون ودون أن يعرض بالرد إلى عدم قيام رابطة الزوجية بين السيدة المذكورة والطاعن الأول - كما دفع الطاعن الأول أيضاً ببطلان القبض عليه لحصوله في غير الحالات التي تجيز القبض قانوناً ثم دفع الطاعنون ببطلان تحقيق النيابة العامة لإتمام جزء منه في مقر شعبة البحث الجنائي واستكماله بحضور رجال هذه الشعبة وظلوا يقومون بجمع الاستدلالات أثناء قيام النيابة بالتحقيق مما يعيب إجراءات التحقيق بالبطلان إلا أن الحكم قد أعرض عن هذه الدفوع جميعها ولم يرد عليها رداً سائغاً يبرر رفضها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه خاصاً ببطلان تفتيش مسكن الطاعن الأول لأن السيدة.......... عندما وافقت على إجرائه لم تكن وقتئذ زوجة لصاحب المسكن مردوداً بأن التفتيش الذي يجريه رجال الشرطة في منزل بغير إذن من النيابة العامة ولكن بإذن صاحب المنزل أو من ينوب عنه في غيبته هو تفتيش صحيح قانونا ويترتب عليه صحة الإجراءات المبنية عليه وإذ أذنت سيدة بالمنزل لضابط الشرطة بالتفتيش على اعتبار أنها زوجة صاحب المنزل كما أثبت الحكم المطعون فيه - فإنها تعتبر قانوناً وكيلته والحائزة للمنزل فعلاً في غيبة صاحبه ولها أن تأذن بدخوله ولا فرق في أن تكون هذه المرأة زوجة شرعية لصاحب المنزل أو ليست كذلك فهي تملك في الحالين حق الإذن لرجال الشرطة بالدخول طالما أنها الحائزة فعلاً للمنزل في الفترة التي تم فيها التفتيش، ولما كان الطاعن الأول لم ينازع في أن السيدة صافيناز خليل شرارة التي أقرت بموافقتها على التفتيش كانت تقيم بالمنزل وإذ ما كانت هي الحائزة فعلاً للمنزل في الفترة التي تم فيها التفتيش، وكان الحكم قد خلص في استدلال سائغ إلى أن رضاء هذه السيدة بالتفتيش كان حراً حاصلاً قبل دخول المسكن وتفتيشه فإن الحكم يكون قد أصاب فيما انتهى إليه من أن تفتيش مسكن الطاعن الأول تم صحيحاً قانوناً ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون سديداً. وأما ما يثيره الطاعنون في شأن بطلان القبض على الطاعن الأول فإنه لما كان الحكم قد أثبت أنه بعد إبلاغ المجني عليهما شعبة البحث الجنائي بالسرقة وأوصاف المسروقات ومن بينها آلة تصوير ماركة نيفرتا عرض رجالها أوصاف المسروقات على التجار ومن بينهم المصور هاجوب - وعندما حضر الطاعن الأول لهذا الأخير وعرض عليه آلة التصوير سالفة البيان وأدرك بأنها المسروقة اتصل بضابط شعبة البحث الجنائي للحضور بضبطها ولكن الطاعن الأول انصرف من عنده فترة من الوقت بدعوى عرض آلة التصوير على آخرين وعندما عاد ليستقل سيارته كان ضباط شعبة البحث الجنائي قد حضروا وتقدموا إليه ومعهم المصور هاجوب على أنهم زبائن يرغبون في شرائها ولما سألوه عنها أجاب بأنه باعها وأنكر عرضه الآلة المسروقة على المصور هاجوب وإزاء تأكيد المصور هاجوب لرجال هذه الشعبة بأن ما عرض عليه هي الآلة المسروقة رأى الضابط بتلك الشعبة أن هناك دلائل كافية على أن الآلة التي عرضها الطاعن الأول على المصور كانت هي ذات الآلة المسروقة وأن الطاعن الأول حينما شعر بانكشاف أمره ذهب وأخفاها ولما ووجه بعرضها على المصور هاجوب أنكر وادعى بأنه عرض عليه آلة تصوير عادية وكل تلك التصرفات منه مضافاً إليها ما جاء بأقوال المجني عليها من أن الجاني كان يضع لصاقاً على وجهه وقد شاهد الضابط الطاعن الأول ينزع ذلك اللصاق مما اعتبره الضابط قرائن كافية تبيح القبض عليه. ولما كانت محكمة الموضوع قد أقرت الضابط على ذلك فإن ما وقع من ضابط المباحث من قبض على الطاعن الأول وتفتيشه يكون صحيحاً قانوناً طبقاً للمادتين 34/ 1، 46 من قانون الإجراءات الجنائية فقد أباحت المادة 34 لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في حالات عددتها حصراً ومنها الجنايات وكان من مؤدى ما تقدم أن القبض جائز لمأموري الضبط القضائي سواء كانت الجناية متلبساً بها أو في غير حالات التلبس متى كانت ثمة دلائل كافية على اتهامه فيها وليس من ريب في أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم في الأحوال التي يجوز له فيها القبض عليه قانوناً إعمالاً لنص المادة 46 من ذات القانون. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون سديداً إذ قضى برفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن الأول وما تلاه من إجراءات ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله. وأما ما يثيره الطاعنون من بطلان تحقيق النيابة لإجراء بعضه في مقر شعبة البحث الجنائي واستمرار رجال البحث الجنائي في جمع الاستدلالات رغم تولي النيابة التحقيق فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن وكيل النيابة المختص هو الذي أجرى التحقيق فلا يهم بعد ذلك المكان الذي اختاره المحقق لإجراء التحقيق والذي يترك لتقديره وحق اختياره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إجرائه وليس في حضور ضابط شعبة البحث الجنائي ما يعيب إجراءات التحقيق ثم إن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضى قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وكل ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة العامة فتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في هذا الوجه من طعنهم لا يكون سديداً وفي غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو القصور في البيان والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول في إدانة الطاعنين على اعترافاتهم في التحقيقات وعلى تعرف المجني عليها هدى لبيب تادرس عليهم في عملية العرض التي أجرتها النيابة مع أن تلك الاعترافات صدرت منهم تحت تأثير الإكراه بدلالة إثارتهم ذلك بمجرد انتقالهم إلى سراي النيابة لاستكمال التحقيق ومما ثبت من الصور الفوتوغرافية للطاعنين يوم القبض عليهم ومما جاء بالتقرير الطبي الشرعي الاستشاري وما ذكرته صافيناز خليل شرارة ثم إن عملية العرض لم تكن صحيحة لأنها تمت بعد نشر صور الطاعنين في جميع الصحف ورؤية المجني عليها هدى لبيب تادرس وابنها لهذه الصور بل ومشاهدتها للطاعنين عند القبض عليهم وفضلاً عن سابقة ترددهم على منزلها ومنزل شقيقتها هذا وأن عملية العرض ذاتها لم تكن سليمة ويضاف إلى ما تقدم أن المجني عليها المذكورة سبق أن تعرفت على أشخاص آخرين غير الطاعنين عرضوا عليها في إدارة الكهرباء كما أنها وابنها ذكرا أوصافاً للجناة لا تنطبق على أي من الطاعنين.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة مردودة إلى أصول صحيحة في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها وكان ما أورده الطاعنون في هذا الوجه من طعنهم مردوداً بأنه ما دام أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمة إلا إذا قيده بدليل معين ينص عليه وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة. ولما كان ذلك، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعنين إلى صدوره عنهم اختياراً فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك، ولما كانت عملية العرض لتعرف الشهود على المتهم ليست لها أحكام مقررة في القانون تجب مراعاتها وإلا كان العمل باطلاً بل هي مسألة متعلقة بالتحقيق كفن متروك التقدير فيها للمحكمة. لما كان ذلك، فإن ما ضمنه الطاعنون هذا الوجه طعنهم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه من الطعن لا يكون بدوره سديداً.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو قصور آخر في البيان وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بجريمة السرقة بالإكراه في حين أن الأدوات المدعى بأنها استعملت في الإكراه لم تضبط ثم إن التقارير الطبية نتيجة الكشف على المجني عليها هدى لبيب تادرس لم تؤيد أقوالها في كيفية وقوع الإكراه يضاف إلى ذلك أن أقوالها تضاربت مع أقوال أبنها في هذا الخصوص ورغم ذلك فإن الحكم استدل على توافر ركن الإكراه من أقوال المجني عليها وأبنها دون أن يدفع ما ران عليها من تناقض أو يعلل عدم ضبط الأدوات المقول باستعمالها في الإكراه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد استخلص من أقوال الشهود والتقارير الطبية أن الطاعنين الأول والثاني قد تمكنا من إعدام مقاومة المجني عليها وابنها وذلك بتهديدها بمسدس ومطواة كما أنهما قيداهما بالحبال وكمما فيهما ولم يكن بين الأدلة التي استخلص منها الحكم ذلك أي تضارب يستعصى على الملاءمة والتوفيق. لما كان ذلك، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة، وكان تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه كما أنه لا يشترط لصحة تسبيب الحكم أن يطابق مؤدى الدليل القولي مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون الدليلان غير متعارضين بما يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط الأسلحة أو الأدوات التي استعملت في الإكراه ذلك لأنه ما دام أن الحكم قد أقتنع من الأدلة السائغة التي أوردها بأن الطاعنين الأول والثاني كانا يحملان أسلحة وأدوات استعملاها في الإكراه وهو ما يكفي للتدليل على توافر ظرف الإكراه في حقهما ولو لم تضبط تلك الأشياء. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.