أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 654

جلسة 17 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وجمال المرصفاوي، وبطرس زغلول، ونصر الدين عزام.

(118)
الطعن رقم 611 لسنة 36 القضائية

إيجار أماكن. امتناع عن تخفيض أجرة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
مثال لتسبيب قاصر على توافر القصد الجنائي في جريمة الامتناع عن تخفيض الأجرة.
إذا كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه قد راعى نسبة تخفيض الإيجار المنصوص عليها في القانون 55 لسنة 1958 عند تقدير أجور الأمكنة موضوع النزاع التي أجرت بعد العمل بهذا القانون وأنه قد نص على ذلك في عقود الإيجار الخاصة بهذه الأمكنة، فإن الحكم المطعون فيه إذ اقتصر في إطراح هذا الدفاع على إثبات أن الأمكنة المذكورة قد أعدت للسكنى بعد صدور هذا القانون، ولم يعتد بما تضمنته عقود الإيجار خاصاً بمراعاة تخفيض الأجرة عملاً بهذا القانون، قولاً بأن ذلك لا يعدو أن يكون تحايلاً على القانون، دون أن تجرى المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن تستظهر به عدم حصول هذا التخفيض على هدى من أجرة المثل على الرغم مما لذلك من أثر على توافر القصد الجنائي لجريمة الامتناع عن تخفيض الأجرة طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 168 لسنة 1961 التي دان الطاعن بها - يكون معيباً بالقصور الذي يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 3 يناير سنة 1962 بدائرة قسم الدقي: امتنع عن تخفيض الإيجار بملكه بشارع محمد شكري رقم 6 بالعجوزة. وطلبت معاقبته بالمواد 5 و22 من القانون رقم 121 لسنة 1947 و2 من القانون رقم 168 لسنة 1961. ومحكمة الدقي الجزئية قضت حضورياً في 23 يناير سنة 1963 ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 12/ 1/ 1966 وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسين جنيهاً عملاً بالمادة 2 من القانون رقم 168 لسنة 1961. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الامتناع عن تخفيض الأجرة بملكه إعمالاً للقانون رقم 168 سنة 1961 قد جاء مخالفاً للقانون ذلك بأن العقار المذكور قد تم بناؤه وإعداده للسكنى قبل 12 يونيه سنة 1958 - تاريخ العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 - ومن ثم فلا يسرى عليه التخفيض الذي نص عليه القانون رقم 168 لسنة 1961 لسابقة تخفيض الأجرة وفقاً للقانون رقم 55 لسنة 1958 الأمر الذي نص عليه في عقود الإيجار.
وحيث إن الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأمكنة - موضوع النزاع - وإن كان قد انتهى بناؤها وإعدادها للسكنى بعد 12 يونيه سنة 1958 - تاريخ العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 - إلا أن البدء في إنشائها كان سابقاً على صدور هذا القانون. وكان وضع هذه الأمكنة بالنسبة لسريان قوانين تخفيض الأجرة محل خلاف في فقه القانون المدني مرده إلى الخلاف في تأويل ما نص عليه فيها من عدم سريان كل منها على المباني التي يبدأ في إنشائها بعد العمل بأحكامها فمن قائل بأن المباني التي بدئ في إنشائها قبل 12 يونيه سنة 1958 ولم تتم إلا بعد ذلك التاريخ يسري عليها القانون رقم 55 لسنة 1958 أي أن أجرتها تخفض بنسبة 20% من أجرة المثل في 12 يونيه سنة 1958 وذلك بدلالة مفهوم المخالفة من نص المادة الخامسة مكرر (4) المضافة إلى قانون تأجير الأماكن بالقانون رقم 55 لسنة 1958 والتي وردت عبارتها أيضاً بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة مكرر (5) المضافة بالقانون رقم 168 لسنة 1961. وبذلك تكون المباني المذكورة خاضعة في تخفيض أجرتها للقانون 55 لسنة 1958 وللقانون 168 لسنة 1961 معا فتخفض أجرتها بنسبة 20% ابتداء من أول يوليه سنة 1958 طبقاً للقانون الأول ثم يستمر التخفيض سارياً بالنسبة عينها من أجرة الأساس ذاتها ابتداء من أول ديسمبر سنة 1961 طبقاً للقانون الثاني إذ لا تختلف نسبة التخفيض ولا أجرة الأساس في القانونين طالما أن الأجرة لم تتغير، وذهب رأى آخر إلى أن الأمكنة موضوع النزاع إنما تخضع للقانون رقم 168 لسنة 1961 إذ أنها أعدت للسكنى في ظله. ولا مقام للأخذ بمفهوم المخالفة إزاء صريح نص القانون الذي حدد نطاق تطبيقه وجعله عن الأماكن التي انتهى البناء فيها وأعدت للسكنى فعلاً بعد العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 وهو شأن العقار موضوع الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه - أمام محكمة الموضوع - بأنه قد راعى نسبة التخفيض المنصوص عليها في القانون رقم 55 لسنة 1958 عند تقدير أجور الأمكنة - موضوع النزاع - التي أجرت بعد العمل بهذا القانون وأنه قد نص على ذلك في عقود الإيجار الخاصة بهذه الأمكنة، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في إطراح هذا الدفاع على إثبات أن الأمكنة المذكورة قد أعدت للسكنى بعد صدور القانون رقم 55 لسنة 1958 ولم يعتد بما تضمنته عقود الإيجار خاصاً بمراعاة تخفيض الأجرة المنصوص عليها في هذا القانون بقولة إن ذلك لا يعدو أن يكون تحايلاً على القانون دون أن تجري المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن تستظهر به عدم حصول هذا التخفيض على هدى من أجرة المثل لما لذلك من أثر على توافر القصد الجنائي لجريمة الامتناع عن تخفيض الأجرة طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 168 لسنة 1961 التي دان الطاعن بها مما يكون الحكم معه معيباً بالقصور الذي يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث بقية أوجه الطعن.