أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 189

جلسة 6 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

(32)
الطعن رقم 1796 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) براءة اختراع. نماذج صناعية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب" جريمة. "أركانها".
( أ ) عنصرا الابتكار والجدة شرطان أساسيان في كل من الاختراع والنموذج الصناعي.
(ب) وجوب تبيان الحكم الأدلة التي استند إليها ومؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة.
1 - يبين من نصوص القانون رقم 132 لسنة 1949 في شأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية أن المادة الأولى منه اشترطت لمنح براءة الاختراع أن ينطوي الاختراع على ابتكار وأن يكون الابتكار جديداً فضلاً عن قابليته للاستغلال الصناعي، كما أن المادة 37 من القانون سالف الذكر إذ نصت على أن "يعتبر رسماً أو نموذجاً صناعياً كل ترتيب للخطوط أو كل شكل جسم بألوان أو بغير ألوان لاستخدامه في الإنتاج الصناعي بوسيلة آلية أو يدوية أو كيماوية" فقد دلت على أن الرسم أو النموذج الصناعي يجب أن ينطوي على قدر من الابتكار والجدة. وإذ ما كان عنصرا الابتكار والجدة شرطين أساسيين في كل من الاختراع والنموذج الصناعي، فإن توافرهما في القوالب المقلدة ليس من شأنه وحده أن يؤدي إلى القول بأنها نموذج صناعي وليست اختراعاً.
2 - الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين الأدلة التي استندت إليها المحكمة وأن يبين مؤداها في الحكم بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة. ولما كان ما أورده الحكم من مؤدى التقرير الفني لا يصلح لأن يستنتج منه عناصر إثبات أو نفي سائغة فقد غدا الحكم خلواً مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بالدليل الذي استنبطت منه معتقدها في الدعوى مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم والتقرير برأي فيما خاض فيه الطاعن في وجه طعنه من خطأ في تطبيق القانون وتأويله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 18 نوفمبر سنة 1961 بدائرة قسم المنشية محافظة الإسكندرية: قلد النموذج الصناعي المبين بالمحضر والذي تم تسجيله قانوناً باسم محمد محمود القاضي وطلبت عقابه بالمواد 37 و38 و48 و49 من القانون رقم 132 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 65 لسنة 1955. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنح المنشية الجزئية قضت حضورياً في 23 مايو سنة 1962 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية المقامة قبله وإلزام رافعها مصاريفها. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة والمدعى بالحق المدني. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 9 مايو سنة 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف في شقيه الجنائي والمدني مع إلزام المستأنف في الدعوى المدنية المصاريف الاستئنافية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المدعى بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض. وقضي في الطعن بتاريخ 28 يونيه سنة 1965 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضي به في الدعوى المدنية وإحالة القضية إلى محكمة إسكندرية الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة - بهيئة استئنافية أخرى - قضت في 27 يناير سنة 1966 وقبل الفصل في الموضوع بندب مراقب براءة الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية بمصلحة التسجيل التجاري بوزارة الاقتصاد لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم وبعد أن قدم تقريره قضت حضورياً في 29 ديسمبر سنة 1966 في الدعوى المدنية بقبول استئناف المدعى المدني شكلاً وفي موضوعه وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه أن يدفع للمستأنف مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية عن الدرجتين ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن وكيل المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن المدعى عليه في الدعوى المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزامه بتعويض مؤقت للمدعي بالحقوق المدنية لأنه قلد نموذجاً صناعياً مسجلاً قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه انتهى في قضائه إلى اعتبار القوالب التي سجلها المطعون ضده صناعية معتمداً في ذلك على الدليل المستمد من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى على الرغم مما شاب التقرير من قصور ومن أن ما حصله الحكم منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على الأوراق وعلى المفردات المضمومة أن الطاعن أسس دفاعه في محضر الجلسة وفي مذكراته على القول بأن القوالب المسجلة تعد قانوناً اختراع متعلقاً بوسيلة صناعية مستحدثة لإنتاج كعوب أحذية السيدات وتقتضى حمايتها منح براءة اختراع، وأنها لا تعد نموذجاً صناعياً لأن النموذج هو شكل جسم لاستخدامه في الإنتاج الصناعي أي أنه شكل مجسم يكسب الإنتاج طابعاً يميزه عن السلع المماثلة بحيث تأتي السلعة مماثلة للنموذج وهو ما لا يتوافر في تلك القوالب وإذ ما كان المطعون ضده لم يمنح براءة اختراع فإن تقليد هذه القوالب بفرض وجود ثمة تقليد غير مؤثم قانوناً وقد انتدبت المحكمة الاستئنافية خبيراً انتهى في تقريره إلى أن تلك القوالب تعد نماذج صناعية فاعترض على تقرير الخبير - وذلك في محضر جلسة 3 نوفمبر سنة 1966 وفي مذكرته التي قدمها في فترة حجز القضية للحكم ونعى عليه قصوره في تبيان الأسانيد التي أقام عليها تقريره. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مؤدى تقرير الخبير المنتدب في قوله "إن الخبير انتهى في تقريره إلى أنه بمقارنة ومضاهاة القوالب المسجل نماذجها باسم المدعى بالحق المدني بالقوالب المضبوطة لدى المستأنف عليه - الطاعن - تبين وجود تشابه تام في بعضها وأن المشاهد للقوالب يختلف عليه الأمر بسبب تعدد عناصر التشابه كما أن النماذج المسجلة باسم المدعى بالحق المدني يتوافر فيها عنصرا الجدة والابتكار وتندرج تحت حكم المادة 37 من القانون ولم يقم أحد قبل المطعون ضده بتسجيلها، وقد أسس نتيجة تقريره على ما قام به من مضاهاته النماذج المضبوطة ورسوم النماذج المسجلة باسم المستأنف المطعون ضده والتي أسفرت عن وجود التشابه والتطابق بينهما من حيث التصميم والتركيب والإعداد والهيكل بحيث يتماثل الإنتاج ثم عرض الحكم إلى دفاع الطاعن القانوني ورد عليه في قوله بالنسبة لما أثاره المستأنف عليه من أن القوالب التي قام المستأنف بتسجيل نماذجها ليست نماذج تندرج تحت حكم المادة 37 من القانون 132 لسنة 1949، فترد المحكمة بأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وأيده تقرير الخبير الاستشاري المقدم من المستأنف والمرفق بأوراق الدعوى أن هذه القوالب تعتبر نماذج صناعية لتوفر عنصري الجدة والابتكار فيها وأن المحكمة تطمئن إلى ما جاء بنتيجة تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والمرفق بالأوراق للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها المحكمة باعتبار أن النماذج الصناعية المسجلة باسم المستأنف هي نماذج ينطبق عليها حكم المادة 37 من القانون 132 لسنة 1949 ومن ثم فيحميها القانون ومن ثم تلتفت المحكمة عن طلب المستأنف عليه إعادة القضية للمرافعة لمناقشة الخبير فيما ورد بتقريره حيث لا جدوى منه لوضوحه وضوحاً تاماً. ومفاد ما تقدم أن المحكمة اتخذت مما أورده الخبير المنتدب في تقريره عن جدة القوالب وابتكارها سنداً لاعتبارها نماذج صناعية وليست اختراعاً متعلقاً بوسيلة صناعية مستحدثة وهو ما لا يصح وحده لما رتبه الحكم عليه، ذلك بأنه يبين من نصوص القانون رقم 132 لسنة 1949 في شأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية أن المادة الأولى منه اشترطت لمنح براءة الاختراع أن ينطوي الاختراع على ابتكار وأن يكون الابتكار جديداً فضلاً عن قابليته للاستغلال الصناعي كما أن المادة 37 من القانون سالف الذكر إذ نصت على أن يعتبر رسماً أو نموذجاً صناعياً كل ترتيب للخطوط أو كل شكل جسم بألوان أو بغير ألوان لاستخدامه في الإنتاج الصناعي بوسيلة آلية أو يدوية أو كيماوية فقد دلت على أن الرسم أو النموذج الصناعي يجب أن ينطوي على قدر من الابتكار والجدة وإذ ما كان عنصراً الابتكار والجدة شرطين أساسين في كل من الاختراع والنموذج الصناعي فان توافرهما في القوالب المقلدة ليس من شأنه وحده أن يؤدي إلى القول بأنها نموذج صناعي وليست اختراعاً. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين الأدلة التي استندت إليها المحكمة وأن يبين مؤداها في الحكم بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ولما كان ما أورده الحكم من مؤدى التقرير الفني لا يصلح لأن يستنتج منه عناصر إثبات أو نفى سائغة فقد غدا الحكم خلواً مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بالدليل الذي استنبطت منه معتقدها في الدعوى مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم والتقرير برأي فيما خاض فيه الطاعن في وجه طعنه من خطأ في تطبيق القانون وتأويله. لما كان ما تقدم، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه. ولما كان الطعن الحالي للمرة الثانية فإنه يلزم تحديد جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.