أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 743

جلسة 6 من يونيه سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة؛ وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.

(137)
الطعن رقم 633 لسنة 36 القضائية

( أ ) ضرب أفضى إلى الموت. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التقارير الطبية لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم. جواز الاستناد إليها كدليل مؤيد لأقوال الشهود.
(ب) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع.
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك، متى اطمأنت إليه.
1 - من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم، إلا أنها تصح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص، فلا يعيب الحكم استناده إليها.
2 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحة اعترافه ومطابقته للحقيقة والواقع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14 ديسمبر سنة 1963 بدائرة مركز السنطة محافظة الغربية: ضرب عمداً زينب علي حسن فحدثت بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياتها ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موتها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً بتاريخ 13 مايو سنة 1965 عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن خمس سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى موت قد أخطأ في الإسناد وشابه قصور في التسبيب ذلك بأنه عول في الإدانة على أقوال عبد السلام علي حسن وزوجته في التحقيقات رغم مخالفتها لشهادتيهما في الجلسة ومع احتمال أن تكون المجني عليها قد أصيبت من "طوبة" طائشة ألقيت عليها أثناء المشاجرة، كما أن الحكم استند إلى اعتراف نسب إلى الطاعن في محضر جمع الاستدلالات في حين أنه أنكره كلية في تحقيق النيابة بقوله إنه مدسوس عليه في الدعوى، ثم إن الحكم لم يبين سنده في الأخذ بتقرير الطبيب الشرعي مع ما جاء به من أن الوفاة كانت نتيجة الإصابة بما أحدثته من كسور بالجمجمة وتهتك ونزيف بالمخ في الوقت الذي أثبت التقرير أن الكسر الموصوف "بالقوس الزيجومي" الأيمن من الممكن حدوثه من نفس الضربة التي أحدثت الكسور السابقة كما أنه من الممكن أيضاً حدوثه نتيجة سقوط المجني عليها على الأرض واصطدام رأسها بها عقب تلقيها الضربة وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى موت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية ومما قرره كل من الطاعن وشقيقه بمحضر الضبط وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق ولها في سبيل ذلك أن تعول في قضائها على رواية للشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه فلا يقبل من الطاعن نعيه على الحكم أخذه بأقوال الشاهدين اللذين أشار إليهما في طعنه والتي أدليا بها في التحقيقات رغم مخالفتها لشهادتهما في الجلسة أو اطراحه التصوير الذي أورده الطاعن للحادث لما في هذا من مصادرة لحرية محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتكوين عقيدتها في الدعوى. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم أنه اطمأن إلى الاعتراف المنسوب إلى الطاعن بمحضر ضبط الواقعة وبني عليه قضاءه إلى جانب أدلة الثبوت الأخرى التي أخذ بها مجتمعة في غير ما لبس أو قصور. ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحة اعترافه ومطابقته للحقيقة والواقع، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعي في طعنه وقوع تناقض بين الدليل القولي والدليل الفني فليس له عندئذ أن ينعى على الحكم أخذه بتقرير الطبيب الشرعي لما هو مقرر من أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم إلا أنها تصح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص فلا يعيب الحكم استناده إليها. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في هذا النظر ما أورده الطاعن نقلا عن التقرير الطبي الشرعي في شأن إمكان حدوث الكسر الموصوف "بالقوس الزيجومى" الأيمن من نفس الضربة التي أحدثت الكسور الأخرى أو من سقوط المجني عليها على الأرض واصطدام رأسها بها عقب تلقيها هذه الضربة ذلك لأن الطاعن في هذه الحالة يعد مسئولاً عن جناية الضرب المفضي إلى موت المجني عليها لأنه لو لم تكن تلك الضربة لما سقطت المجني عليها على الأرض واصطدام رأسها بها. ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.