مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1971 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 218

(33)
جلسة 3 من إبريل سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق - المستشارين.

القضية رقم 803 لسنة 13 القضائية

موظف - تأديب - سلطة توقيع الجزاءات على موظفي فروع الوزارات بالمحافظات.
لا يسوغ القول باختصاص رئيس المصلحة المركزي في توقيع العقوبات على موظفي فروع الوزارة بالمحافظة لما يؤدي إليه هذا القول من ازدواج في الاختصاص، وهو أمر تأباه طبائع الأشياء ومقتضيات التنظيم الإداري للمصالح العامة ويضطرب معه سير المرافق العامة ومما لا شك فيه أنه إذا كان رئيس المصلحة المحلي يحجب بسلطته في التأديب سلطة رئيس المصلحة المركزي في نطاق المحافظة فأولى أن تحجب السلطة التأديبية للمحافظ - وهي سلطة وزير - اختصاص رئيس المصلحة المركزي في هذا الشأن، خاصة وأن الاختصاص واجب على الموظف المنوط به وليس حقاً له. وأنه إذا أناط التشريع بموظف ما اختصاصاً معيناً بنص صريح فلا يجوز لغيره أن يتصدى لهذا الاختصاص أو أن يحل فيه محل صاحبه إلا بناءً على حكم القانون (أصالة أو تفويضاً) وإلا كان المتصدي مغتصباً للسلطة. وليس في نصوص القانون ما يجيز لرئيس المصلحة المركزي أو الوزير أي سلطة في تأديب العاملين بنطاق المحافظة إلا في الحالة المنصوص عليها في المادة 93 من القانون رقم 124 لسنة 1960 والاختصاص في هذه الحالة مقصور للوزير دون سواه وذلك إذا ما أسفر التثبيت الذي تقوم به الوزارة عن وقوع خطأ أو إهمال جسيم في أعمال مجلس المحافظة المتعلقة بالمرفق الذي تعني به الوزارة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2714 لسنة 19 ق ضد السيد وزير التربية والتعليم بتاريخ 25/ 9/ 1962 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التربية في 14/ 12/ 1961 فيما تضمنه من خصم 15 يوماً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 14/ 12/ 1961 أصدر وكيل وزارة التربية والتعليم القرار المطعون فيه مستنداً إلى إهماله الشديد في أداء واجبات وظيفته وتراخيه في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيل مبلغ 212 جنيه و500 مليم قيمة السلفة المنصرفة لمدرسة سعيد عبد المسيح بالمنيا أثناء النزاع القضائي على نظارة الوقف الخيري عام 1956 مما تسبب في تأخير تحصيل هذا المبلغ حتى عام 1961 حتى قام بتحصيله مندوب الشئون القانونية وقال المدعي إن القرار المطعون فيه صدر مشوباً بعيب عدم الاختصاص ذلك أنه طبقاً للفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 124 لسنة 1960 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية المعدل بالقانون رقم 159 لسنة 1961 يعتبر السيد محافظ المنيا هو الرئيس المحلي للموظفين ويختص بتوقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفي فروع الوزارات بالمحافظات وكان يتعين أن يصدر القرار من السيد المحافظ وليس من وكيل وزارة التربية والتعليم وأنه عن الموضوع فإن الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه غير صحيحة وتخلص هذه الأسباب في أن نزاعاً نشب بين وزارة الأوقاف وبين صاحب مدرسة سعيد عبد المسيح الذي كان ناظراً على الوقف في ذلك الوقت وقد حسم النزاع بحكم صدر من محكمة النقض بتاريخ 4/ 4/ 1957 لصالح ناظر الوقف وعندما طالبته وزارة التربية والتعليم بمقدار السلفة التي أنفقت على المدرسة خلال فترة النزاع القضائي أفاد بأن المسئول عن ذلك هي وزارة الأوقاف لأنها هي التي استولت على الريع وقت صرف تلك المبالغ وأن ناظر الوقف ظل يماطل في أداء هذا المبلغ حتى تقدم المدعي بمذكرة في 25/ 4/ 1961 لإدارة المنطقة للنظر والتصرف فتولت إدارة الشئون القانونية التحقيق مع ناظر الوقف وانتهى الأمر بأن قام بسداد السلفة ويبين من ذلك أنه لم يهمل في أداء واجبات وظيفته.
وبجلسة 15/ 3/ 1967 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أنه يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 124 لسنة 1960 بإصدار قانون الإدارة المحلية وكذلك نص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1513 الصادر في 10/ 9/ 1960 باللائحة التنفيذية للقانون أن المشرع أعطى سلطة رئيس المصلحة لرئيس الجهاز المعين بحكم وظيفته في مجلس المحافظة ومن ثم يكون هذا الرئيس هو الذي عهد إليه المشرع بتوقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب المنصوص عليهما في المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة كما خول المحافظ الإشراف على رئيس الجهاز ممثل الوزارة في مجلس المحافظة وأعطاه سلطات الوزير في توقيع الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في قانون موظفي الدولة. ويبين من هذه النصوص أن المشرع نزع الاختصاص بتوقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب من الوزير ومن باب أولى من وكيل الوزارة وعهد به إلى رئيس الجهاز المعين بحكم وظيفته في مجلس المحافظة والمحافظ الذي منح سلطات الوزير في هذا الشأن.
ولما كانت وزارة التربية والتعليم هي إحدى الوزارات الممثلة في مجلس المحافظة عملاً بالمادة 22 من القرار الجمهوري رقم 1513 المشار إليه ومن ثم يكون الاختصاص بتوقيع عقوبتي الإنذار والخصم من مرتب موظفيها موزعاً بين رئيس الجهاز في حدود اختصاص رئيس المصلحة وبين المحافظ في حدود اختصاص الوزير ولا اختصاص للوزير في توقيع جزاءات عليهم إلا في حالة التفتيش حسبما هو منصوص عليه في المادة 93 من القانون رقم 151 لسنة 1961 وإذ صدر القرار المطعون فيه من وكيل وزارة التربية والتعليم فإنه يكون باطلاً لصدوره من غير مختص بإصداره.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أساس أن المطعون ضده كان وقت صدور القرار المطعون فيه تابعاً لوزارة التربية ولم ينقل إلى محافظة المنيا والأحكام الانتقالية لقانون الإدارة المحلية لم تنص على حرمان الجهة الأصلية التي يتبعها الموظف من مجازاته عن الأخطاء التي يرتكبها خلال فترة الانتقال وما قبلها وإن قررت ذات الحق للسيد المحافظ كما وأن المادة 93 من القانون رقم 124 لسنة 1960 قد سلم بمبدأ ازدواج الاختصاص في محاسبة الموظف أو بمجازاته حتى بعد انقضاء فترة الانتقال وانتهى تقرير الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه وقد ذهب مذهباً مخالفاً فإنه يضحى مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه بإلغاء القرار المطعون فيه للأسباب التي استند إليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أنه لا يسوغ القول باختصاص رئيس المصلحة المركزي في توقيع العقوبات على موظفي فرع الوزارة بالمحافظة لما يؤدي إليه هذا القول من ازدواج في الاختصاص، وهو أمر تأباه طبائع الأشياء ومقتضيات التنظيم الإداري للمصالح العامة ويضطرب معه سير المرافق العامة ومما لا شك فيه أنه إذا كان رئيس المصلحة المحلي يحجب بسلطته في التأديب سلطة رئيس المصلحة المركزي في نطاق المحافظة فأولى أن تحجب السلطة التأديبية للمحافظ - وهي سلطة وزير - اختصاص رئيس المصلحة المركزي في هذا الشأن، خاصة وأن الاختصاص واجب على الموظف المنوط به وليس حقاً له. وأنه إذا أناط التشريع بموظف ما اختصاصاً معيناً بنص صريح فلا يجوز لغيره أن يتصدى لهذا الاختصاص أو أن يحل فيه محل صاحبه إلا بناءً على حكم القانون (أصالة أو تفويضاً) وإلا كان المتصدي مغتصباً للسلطة. وليس في نصوص القانون ما يجيز لرئيس المصلحة المركزي أو الوزير أي سلطة في تأديب العاملين بنطاق المحافظة إلا في الحالة المنصوص عليها في المادة 93 من القانون رقم 124 لسنة 1960 والاختصاص في هذه الحالة مقصور للوزير دون سواه وذلك إذا ما أسفر التثبت الذي تقوم به الوزارة عن وقوع خطأ أو إهمال جسيم في أعمال مجلس المحافظة المتعلقة بالمرفق الذي تعني به الوزارة ذلك لعدم توافر شروط إعمالها في حق المطعون ضده ذلك أن الخطأ المنسوب إليه بفرض حصوله، لم يكتشف نتيجة تفتيش الوزارة على أعمال المرفق بدائرة المحافظة ومن ثم لا يسوغ التحدي بنص هذه المادة للقول بقيام اختصاص مشترك ومن ثم يكون القرار الصادر من وكيل وزارة التربية بمجازاة المطعون ضده مشوباً بعيب عدم الاختصاص ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه قد جاء متفقاً مع حكم القانون ويتعين لذلك رفض الطعن وإلزام الطاعنة المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الوزارة الطاعنة بالمصروفات.