أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 238

جلسة 19 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(43)
الطعن رقم 59 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) رشوة. "عرض الوساطة في الرشوة" جريمة. "أركانها".
( أ ) مدلول الرشوة في مجال تطبيق المادة 106 مكرراً عقوبات؟
شمولها حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة.
المقصود بالزعم هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية.
توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 عقوبات إذا كان الجاني موظفاً عمومياً، وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة 106 مكرراً عقوبات.
(ب) جريمة عرض الوساطة في الرشوة. متى تتحقق؟
1 - استهدف الشارع بما نص عليه في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع في مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية. فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة 106 مكرراً عقوبات. وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً في الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة.
2 - تتحقق جريمة عرض الوساطة في الرشوة بتقدم الجاني إلى صاحب الحاجة عارضاً عليه التوسط لمصلحته لدى الغير في الارتشاء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في خلال الفترة من يوم 5 سبتمبر سنة 1966 حتى يوم 12 سبتمبر سنة 1966 بدائرة بندر بني سويف محافظة بني سويف: أخذ عطية لاستعمال نفوذ مزعوم وذلك بأن طلب مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وأخذ مبلغ مائة وخمسة وعشرين جنيهاً من عبد الله محمد حامد لاستصدار قرار رفع الحراسة المفروضة على أموال أحمد علي مشري حالة كونه موظفاً عمومياً (مراجع حسابات بمديرية الإصلاح الزراعي). وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً بتاريخ 14 يونيه سنة 1967 عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضي ببراءة المطعون ضده من جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن المطعون ضده ليس من أصحاب النفوذ وأن وظيفة غير مرموقة ومنقطعة الصلة برفع الحراسة عن أموال المجني عليه وأن ما بدر من المطعون ضده لا يعدو الكذب المفضوح الذي لا يرقى إلى مرتبة الطرق الاحتيالية، في حين أن المشرع سوى في شأن الجريمة المشار إليها بين النفوذ الحقيقي والنفوذ المزعوم لأداء العمل الذي طلب الجعل من أجله ويكفي لتوفره مطلق القول ولو لم يؤيد بوسائل خارجية - وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد بياناً لواقعة الدعوى ما يجمل في أن المطعون ضده - الذي يشغل وظيفة مراجع حسابات بمديرية الإصلاح الزراعي - زعم لصهر المجني عليه وأحد ذوي قرباه أن في استطاعته بحكم صلته بالمسئولين بالحراسة العامة أن يستصدر قراراً برفع الحراسة عن أموال المجني عليه نظير تقاضيه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وأخذ من أولهما في سبيل ذلك مبلغ مائة وخمسة وعشرين جنيهاً ادعى أنه سيعطي منها مائة لمستشار بمجلس الدولة على صلة به ليحرر مذكرة للمسئولين برفع الحراسة وقد ضبط معه رجال القوة هذا المبلغ على أثر كمين أعد له بعد أن كانت قد وضعت عليها علامات مميزة، وانتهى الحكم إلى تبرئة المطعون ضده بقوله عدم انطباق المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات بتقدير أن المطعون ضده ليس من أصحاب النفوذ وأن وظيفته غير مرموقة ولا صلة لها بلجنة تصفية الإقطاع، كما أن المادة 109 مكرراً ثانياً من القانون المشار إليه لا تنطبق بدورها على اعتبار أن المطعون ضده لم يعرض أو يقبل الوساطة في الرشوة. لما كان ذلك، وكان الشارع قد استهدف بما نص عليه في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع في مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية. فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة 106 مكرراً عقوبات. وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً في الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ومن ناحية أخرى فإنه لما كان الحكم قد أثبت في بيانه لواقعة الدعوى وفي معرض تحصيله لأقوال الشاهد عبد الله إسماعيل - صهر المجني عليه - أن المطعون ضده ادعى له أنه على صلة بكثير من المسئولين وبأحد مستشاري مجلس الدولة المختص بمسائل الحراسات العامة، بما يمكنه من استصدار قرار برفع الحراسة عن المجني عليه لقاء الجعل الذي طلبه، فإن ما أورده الحكم من ذلك تتحقق به الجريمة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات لأن جريمة عرض الوساطة في رشوة تتحقق بتقدم الجاني إلى صاحب الحاجة عارضاً عليه التوسط لمصلحته لدى الغير في الارتشاء. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون من هذه الناحية. ولما كان هذا الخطأ من الحكم قد حجب المحكمة عن تمحيص أدلة الدعوى والإحاطة بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.