أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 245

جلسة 20 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفة.

(45)
الطعن رقم 1797 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) دعوى جنائية. "إقامتها". تصد. محكمة الجنايات. محكمة النقض. نيابة عامة. تحقيق. قتل عمد.
( أ ) نطاق حق التصدي المقرر لمحكمة الجنايات والدائرة الجنائية بمحكمة النقض عند الطعن لثاني مرة؟ حرية الجهة التي تجري التحقيق في حالة التصدي في التصرف فيه.
(ب) من حق محكمة الجنايات إحالة الدعوى الجنائية التي تصدت هيئة سابقة لإقامتها إلى النيابة العامة.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام".
لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها من أدلة الدعوى وعناصرها.
(د) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم للرد على الدفاع الموضوعي.
(هـ، و) حكم. "بياناته. بيانات التسبيب. التسبيب غير المعيب".
(هـ) صياغة الحكم لوقائع الدعوى وظروفها. ليس له نمط قانوني خاص.
(و) إغفال الحكم الإشارة إلى حكم محكمة الجنايات السابق والحكم الصادر بنقضه. لا يعيبه.
(ز، ح) حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهادة. خبرة".
(ز) تناقض الشهود لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(ح) إيراد الحكم لأقوال الشهود بما لا يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية ينحسر به دعوى قصوره في التسبيب.
1 - الأصل هو أن المحكمة مقيدة بحدود الواقعة التي ترد بورقة التكليف بالحضور أو بأمر الإحالة، إلا أنه أجيز من باب الاستثناء لكل من محكمة الجنايات والدائرة الجنائية بمحكمة النقض في حالة نظر الموضوع بناء على الطعن في الحكم لثاني مرة لدواعي من المصلحة العليا لاعتبارات قدرها المشرع نفسه أن تقيم الدعوى الجنائية على غير من أقيمت الدعوى عليهم أو عن وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم أو عن جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها ولا يترتب على استعمال هذا الحق غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجري التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فلها أن تقرر فيها بألا وجه لإقامة الدعوى أو تأمر بإحالتها إلى المحكمة وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية حين التصدي وجب عليها تأجيل نظرها حتى يتم التصرف في الدعوى الجديدة التي تصدت لها.
2 - لا تثريب على محكمة الجنايات إذا أحالت الدعوى الجنائية التي تصدت هيئة سابقة لإقامتها إلى النيابة العامة وفقاً لنص المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا عليها إذا لم تر استعمال الرخصة المخولة لها بندب أحد مستشاريها للتحقيق.
3 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
4 - لا تلتزم المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعي رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم.
5 - لم يرسم القانون نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها.
6 - متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة حسبما خلصت إليه المحكمة بما تتكامل به كافة عناصرها القانونية، فإنه لا يقدح في سلامته إغفاله الإشارة إلى حكم محكمة الجنايات السابق صدوره في الدعوى أو حكم محكمة النقض الصادر بنقضه، إذ ليس ثمة ما يلزمه ذلك.
7 - تناقض الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه.
8 - إذا كانت أقوال الشهود كما أوردها الحكم لا تتعارض مع تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن إصابة المجني عليها قطعية طعنية تحدث من مثل الطعن بآلة صلبة ذات حافة حادة أياً كان نوعها مثل السكين أو المطواة، وأنه يجوز حدوث إصابتها طبقاً لتصوير الشهود، فإن ذلك لما ينحسر به دعوى القصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20 مارس سنة 1961 بدائرة مركز المنيا محافظة المنيا: قتل عمداً عزيزة عبد العزيز بأن طعنها بآلة حادة "سكين" قاصداً من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وادعى مدنياً - قبل المتهم - عبد الحكيم أحمد عبد الوهاب عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر فاروق وسيد مصطفى وسيدة وصبري الجميل وكذلك ابن المجني عليها البالغ حرازه عبد الحكيم أحمد وطلبا القضاء لهما قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنيا عدلت وصف التهمة إلى الضرب المفضي إلى الموت وقضت حضورياً بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1962 عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات وإلزامه أن يدفع إلى المدعيين بالحقوق المدنية مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 9 يونيه سنة 1964 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنيا لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وإلزام المدعيين بالحقوق المدنية المصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. ولدى إعادة المحاكمة قررت محكمة الجنايات بجلسة 25 يناير سنة 1965 إقامة الدعوى الجنائية ضد متهم آخر....... بالقيد والوصف المرفوعة بهما الدعوى وأحالت القضية إلى دائرة أخرى لنظرها. فقررت الدائرة الأخيرة تأجيل نظر الدعوى بالنسبة إلى الطاعن وأحالت القضية بالنسبة إلى المتهم الآخر إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها فأمرت النيابة العامة بعد التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل هذا المتهم لعدم كفاية الأدلة. ثم نظرت محكمة الجنايات بالنسبة إلى الطاعن حيث تنازل المدعيان بالحقوق المدنية عن دعواهما وقضت المحكمة حضورياً بتاريخ 25 يناير سنة 1967 عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات (ثانياً) بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية دعواهما المدنية وألزمتهما مصروفاتها. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ضرب أفضى إلى موت قد بني على بطلان في الإجراءات أثر فيه، ذلك بأن محكمة الجنايات قررت بجلسة 25 يناير سنة 1965 رفع الدعوى الجنائية ضد متهم آخر بالقيد والوصف ذاتهما المسندين إلى الطاعن وأحالت القضية إلى دائرة أخرى للفصل فيها، فقررت هذه الدائرة الأخيرة إرسال الأوراق إلى النيابة العامة للتصرف فيها فأمرت بعد إعادة التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل ذلك المتهم الآخر لعدم كفاية الأدلة ثم أصدرت محكمة الجنايات حكمها المطعون فيه بإدانة الطاعن مع أنه كان يتعين على الدائرة التي أحيلت إليها القضية أن تلتزم قرار الإحالة وتحاكم المتهمين أمامها وتجري تحقيق القضية بالجلسة حتى يتبين لها من الذي قتل المجني عليها منهما.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه في يوم 20 مارس سنة 1961 بدائرة مركز المنيا من أعمال محافظة المنيا قتل عمداً عزيزة عبد العزيز بأن طعنها بآلة حادة (سكين) قاصداً من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات، فأمرت الغرفة بذلك. وادعى بالحقوق المدنية عبد الحكيم أحمد عبد الوهاب عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر كذلك ابنه البالغ حرازة عبد الحكيم أحمد قبل الطاعن. وبعد أن سمعت المحكمة الدعوى قضت حضورياً بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1962 بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على اعتبار أن الواقعة ضرب أفضى إلى الموت عملاً بالفقرة الأولى من المادة 436 من قانون العقوبات وألزمته التعويض.
فطعن الطاعن في هذا الحكم. ومحكمة النقض قضت بتاريخ 9 يونيه سنة 1964 بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة وإلزام المدعيين بالحقوق المدنية المصاريف المدنية وأتعاب المحاماة. ولدى إعادة المحاكمة، قررت محكمة الجنايات بجلسة 25 يناير سنة 1965 إقامة الدعوى الجنائية ضد متهم آخر....... بالقيد والوصف المرفوعة بهما الدعوى وذلك استعمالاً لحقها المقرر في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية وأحالت القضية إلى دائرة أخرى لنظرها. وقررت هذه الدوائر الأخيرة تأجيل نظر الدعوى بالنسبة إلى الطاعن وإحالة القضية بالنسبة إلى المتهم الآخر إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الرابع من الكتاب الأول من قانون الإجراءات الجنائية. وبعد أن أجرت النيابة العامة تحقيقاً في القضية أمرت بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم....... لعدم كفاية الأدلة. وعند نظر القضية أمام محكمة الجنايات بعد ذلك بالنسبة إلى الطاعن دفع هذا الأخير بعدم جواز نظرها بحالتها على اعتبار أنه وقد أقامت المحكمة الدعوى ضد متهم آخر وأحالتها إلى دائرة أخرى فإنه كان يتعين على هذه الدائرة الأخيرة أن تفصل فيها بحالتها لا أن تحيلها إلى النيابة العامة. وقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع ورد عليه بقوله "وحيث إن المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "إذ رأت محكمة الجنايات في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم أو أن هناك جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها فلها أن تقيم الدعوى على هؤلاء الأشخاص أو بالنسبة لهذه الوقائع وتحيلها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الرابع من الكتاب الأول من هذا القانون وللمحكمة أن تندب أحد أعضائها للقيام بإجراءات التحقيق وفي هذه الحالة تسري على العضو المنتدب جميع الأحكام الخاصة بقاضي التحقيق وإذ صدر قرار في نهاية التحقيق بإحالة الدعوى إلى المحكمة وجب إحالتها إلى محكمة أخرى ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى). والمحكمة ترى أن هذا الحق وهو حق التصدي الذي أعطى لمحكمة الجنايات هو حق يعطي لهذه المحكمة سلطة الإشراف على سلطة التحقيق لتدارك ما فاتها وهو إذ ينزع منها سلطة الاتهام فلا يصح أن يمنع عن المتهم حقه في التحقيق الابتدائي الذي كفله له القانون ولم يقل أحد إن المحكمة وقد أحالت الدعوى إلى دائرة أخرى دون أن تحيلها إلى النيابة العامة لتحقيق ما نسبته للمتهم من اتهام أو تندب أحد مستشاريها قد تنازلت بذلك عن حقها في الإحالة أو التحقيق لأن هذا الحق هو حق المتهم لا حق المحكمة ولا يصح أن يمنع عنه، وأمر الإحالة للنيابة العامة أو ندب أحد المستشارين للتحقيق في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية أمر وجوبي حفاظاً على حق المتهم وعدم سلبه حقوقه التي كفلها له القانون من تحقيق ابتدائي يعطي سلطة التحقيق ما تراه من حق مخول لها في القانون وبذلك ترى المحكمة أن هذا الدفع قد بني على غير ما سند من القانون مستوجب الرفض" وما انتهى إليه الحكم فيه فيما تقدم صحيح في القانون. ذلك بأن الأصل هو أن المحكمة مقيدة بحدود الواقعة التي ترد بورقة التكليف بالحضور أو بأمر الإحالة إلا أنه أجيز من باب الاستثناء لكل من محكمة الجنايات والدائرة الجنائية بمحكمة النقض في حالة نظر الموضوع بناءً على الطعن في الحكم لثاني مرة لدواع من المصلحة العليا ولاعتبارات قدرها المشرع نفسه أن تقيم الدعوى الجنائية على غير من أقيمت الدعوى عليهم أو عن وقائع أخرى المسندة فيها إليهم أو عن جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها ولا يترتب على استعمال هذا الحق غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجري التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها فلها أن تقرر فيها بألا وجه لإقامة الدعوى أو تأمر بإحالتها إلى المحكمة وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية حين التصدي وجب عليها تأجيل نظرها حتى يتم التصرف في الدعوى الجديدة التي تصدت لها. لما كان ذلك، فإنه لا تثريب على محكمة الجنايات إذ أحالت الدعوى الجنائية التي تصدت هيئة سابقة لإقامتها إلى النيابة العامة وفقاً لنص المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية ولا عليها إذا لم تر استعمال الرخصة المخولة لها بندب أحد مستشاريها للتحقيق، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه لا محل له.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو القصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن أشار في دفاعه إلى أن اعتراف المتهم الآخر بارتكاب الحادث هو اعتراف صحيح بدليل ما تضمنه بلاغ العمدة قبل الحادث من أنه كان يحمل سكيناً حاول الاعتداء بها على زوج المجني عليها وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي من إصابة المجني عليها بجرح قطعي طعني مستعرض تحت الإبط مما يتفق وتصوير ذلك المتهم اعترافه بأنه كان يلوح بالسكين فأصابتها تحت إبطها ويدحض من ناحية أخرى رواية زوجها وابنها من أن الطاعن ضربها في صدرها وهو في مواجهتها. كما أشار الطاعن إلى تناقض الشهود في واقعة رؤية شيخ الخفراء للحادث وفي كيفية حصوله. وإلى أنه لم توجد به أية إصابة بينما أصيب المتهم الآخر نتيجة اعتداء أولاد المجني عليها ولو كان الطاعن هو الضارب لها لاعتدوا عليه، وأن المجني عليه سيدة مشاغبة وأنها اتهمت الطاعن بتحريض زوجها الذي اشتهر بالتزوير. وأن طبائع تأبى أن يعتدي الطاعن على سيدة ويترك زوجها الذي كان يسير أمامه. وأن الحادث وقع بعد غروب الشمس بساعتين مما يكذب زوج المجني عليها وابنها من أن الرؤية كانت ممكنة، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري. كما أنه لم يشر إلى حكم محكمة الجنايات السابق صدوره بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1962 وإلى حكم محكمة النقض الذي قضي بنقضه ولم يضمن بيانه لواقعة الدعوى كيف بدأ الخلاف وكيف تسلسل إلى أن انتهى بقتل المجني عليها ومحاولة اعتداء المتهم الآخر على زوجها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجناية الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، ثم عرض لدفاع الطاعن من أن ابن أخيه المتهم الآخر هو الذي ارتكب الحادث مستنداً في ذلك إلى اعتراف هذا الأخير في التحقيقات ورد عليه بقوله "وقد أنكر المتهم ما أسند إليه مقرراً أن ابن أخيه محمود أحمد محمد غروية هو مرتكب الحادث مستنداً في ذلك إلى اعتراف الأخير في التحقيقات والمحكمة لا تطمئن إلى هذا الاعتراف وترى أنه ما أراد به إلا افتداء عمه وإبعاد التهمة عنه وهي تأخذ المتهم بما اطمأنت إليه من أقوال الشهود الدالة على ارتكابه الحادث". لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي أوردتها في حكمها إلى أن الطاعن هو الذي ارتكب الحادث وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاعه بأن ابن أخيه هو الذي ارتكبه ولم تعول على اعتراف هذا الأخير في التحقيقات. وكان تناقض الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى. وكانت أقوال الشهود كما أوردها الحكم لا تتعارض مع تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن إصابة المجني عليها قطعية طعنية تحدث من مثل الطعن بآلة صلبة ذات حافة حادة أياً كان نوعها مثل السكين أو المطواة وأنه يجوز حدوث إصابتها طبقاً لتصوير هؤلاء الشهود. لما كان ذلك، وكان سائر ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بالرد عليه رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها. وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة حسبما خلصت إليه المحكمة بما تتكامل به كافة عناصرها القانونية. وكان لا يقدح في سلامة إغفاله الإشارة إلى حكم محكمة الجنايات السابق صدوره في الدعوى أو حكم محكمة النقض الصادر بنقضه إذ ليس ثمة ما يلزمه ذلك. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين يكون أيضاً في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.