أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 790

جلسة 13 من يونيه سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، محمد عبد المنعم حمزاوى، وبطرس زغلول، ونصر الدين عزام.

(149)
الطعن رقم 724 لسنة 36 القضائية

صيادلة. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
مهنة الصيدلة - كما عرفها القانون رقم 127 لسنة 1955 - قاصرة على أعمال تجهيز الدواء أو تركيبه أو تجزئته. عدم شمولها أفعال حفظ الأدوية أو بيعها أو عرضها للبيع.
الواضح من تعريف القانون رقم 127 لسنة 1955 لمزاولة مهنة الصيدلة أنه قصرها على أفعال تجهيز الدواء أو تركيبه أو تجزئته دون ما عداها من أفعال كحفظ الأدوية أو بيعها أو عرضها للبيع فقد عالج أمرها بنصوص أخرى. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر حيازة الأدوية بقصد البيع وبيعها - مزاولة لمهنة الصيدلة وعاقب الطاعنين تبعاً لذلك بعقوبة الحبس المقررة في المادة 78 من القانون المذكور لمزاولتهم لتلك المهنة دون أن تكون أسماؤهم مقيدة بسجل الصيادلة بوزارة الصحة العمومية وفي جدول نقابة الصيادلة، يكون قد أخطأ صحيح القانون مما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في شهر فبراير سنة 1962 بدائرة بولاق محافظة القاهرة: (الأول): حاز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حقن مندرين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (والثاني) أولاً: ارتكب تزويراً في أوراق أميرية هي بطاقات الأدوية المبينة بالمحضر والخاصة بالمؤسسة العامة للأدوية وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن محا من تلك البطاقات البيانات الموضحة لتاريخ انتهاء صلاحية بعض الأدوية للاستعمال وأثبت بدلاً منها بيانات مزورة تفيد امتداد ذلك الأصل إلى تاريخ لاحق للتاريخ الحقيقي مع علمه بتزويرها (ثانياً) غش عقاراً طبياً (سلفاديازين) بأن أنتجه من مادة الأسبرين وأعده للبيع مع علمه بغشه. والمتهمين جميعاً: (أولاً) زاولوا مهنة الصيدلة دون أن تكون أسماؤهم مقيدة بسجل الصيادلة بوزارة الصحة العمومية أو بجدول نقابة الصيادلة. (وثانياً): غشوا العقاقير الطبية المبينة بالمحضر "حقن البنسلين ومشتقاته" بأن استحصلوا على زجاجات فارغة لهذه العقاقير وعبأوها بمادة النشا والبنسلين بقدر غير مطابق لمواصفات التعبئة ولصقوا عليها بطاقات العلامات التجارية الخاصة بالمصانع المنتجة وأعدوها للبيع مع علمهم بغشها وفسادها. (وثالثاً) استحصلوا على زجاجات البنسلين الفارغة ومشتقاته والمملوكة للمؤسسة العامة للأدوية وعبأوها بمواد ضارة بالإنسان "نشا وبنسلين" ولصقوا عليها البطاقات الخاصة ببيانات التعبئة الصحيحة مع علمهم بمخالفة التعبئة لتلك البيانات. (ورابعاً) باعوا وعرضوا للبيع البنسلين المغشوش والعقاقير الطبية الفاسدة الأخرى المبينة بالمحضر والضارة بصحة الإنسان مع علمهم بفسادها وغشها. (وخامساً) توصلوا بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على نقود جمهور المرضى وذويهم وكان ذلك بطريق الاحتيال لسلب بعض ثروة الغير باستعمال طرق احتيالية بأن عرضوا عليهم العقاقير الفاسدة سالفة الذكر على أنها أدوية صحيحة لاستعمال وسلبوا بذلك نقودهم. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 211 و212 و214 و336 من قانون العقوبات و1 و2 و17 و34/ 1 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والجدول الأول المرافق بند 52 والقرار الوزاري رقم 225 لسنة 1961 وجنحة بالمواد 1 و2 و3/ 1 - 2 و5 و7 و8 و9 و10 من القانون رقم 57 لسنة 1939 و1 و78 و81 و84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 والجداول المرافقة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في 6/ 12/ 1965 غيابياً بالنسبة إلى المتهمين الخامس والسابع وحضورياً بالنسبة إلى الباقين عملاً بالمواد 1 و78 و84 من القانون رقم 727 لسنة 1955 بالنسبة إلى المتهمين جميعاً عدا السادس و1 و27 و28 و33 و34 من القانون رقم 57 لسنة 1939 و21 من القانون رقم 4 لسنة 1941 و32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الخامس والسابع مع تطبيق المادة 30 منه لمصادرة المضبوطات (أولاً) معاقبة المتهمين الأربعة الأول بالحبس مع الشغل مدة ستة شهور عن التهمة الثانية المسندة إليهم "مزاولة مهنة الصيدلة بدون ترخيص" (وثانياً) معاقبة المتهمين الخامس والسابع بالحبس مع الشغل لمدة سنة عن التهم الأولى والثانية والثالثة المسندة إليهم (وثالثاً) براءة المتهم السادس من جميع التهم المسندة إليه وبراءة باقي المتهمين من باقي التهم المسندة إليهم (ورابعاً) مصادرة جميع المضبوطات. وذلك على اعتبار أن المتهمين جميعاً في شهر فبراير سنة 1962 بدائرة قسم بولاق وشبرا والساحل ومصر الجديدة زاولوا مهنة الصيدلة دون أن تكون أسماؤهم مقيدة بسجل الصيادلة أو بجدول نقابتها وأن المتهمين الخامس والسابع في شهر فبراير سنة 1962 بدائرة قسم بولاق غشا البنسلين ومشتقاته واستحصلا على زجاجاته الفارغة على الوجه السالف الذكر. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة مزاولة مهنة الصيدلة دون أن تكون أسماؤهم مقيدة بسجل الصيادلة وبجدول نقابة الصيادلة قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه اعتبر ما أسند إليهم من حيازة الأدوية أو عرضها للبيع أو بيعها مزاولة لمهنة الصيدلة في حين أن القانون رقم 127 لسنة 1955 الذي يحكم الواقعة قد عرف مهنة الصيدلة في مادته الأولى بأنها تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية وهو ما لم يتوافر في الدعوى المطروحة مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة أنه عرف ما يعتبر مزاولة لتلك المهنة في الفترة الثانية من مادته الأولى بأنها تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا. وعالج القانون في المادة 71 منه أمر حفظ المواد الدوائية والمتحصلات الأقربازينية والمستحضرات الصيدلية وبيعها وطرحها وعرضها للبيع والاتجار فيها وأفرد عقوبة لمزاولة مهنة الصيدلة وعقوبات أخرى لما يرتكب من مخالفات أخرى للقانون. وواضح من تعريف القانون لمزاولة مهنة الصيدلة أنه قصرها على أفعال تجهيز الدواء أو تركيبه أو تجزئته دون ما عداها من أفعال كحفظ الأدوية أو بيعها أو عرضها للبيع فقد عالج أمرها بنصوص أخرى. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر حيازة الأدوية بقصد البيع وبيعها مزاولة لمهنة الصيدلة وعاقب الطاعنين تبعاً لذلك بعقوبة الحبس المقررة في المادة 78 من القانون رقم 127 سنة 1955 لمزاولتهم لتلك المهنة دون أن تكون أسماؤهم مقيدة بسجل الصيادلة بوزارة الصحة العمومية وفي جدول نقابة الصيادلة، يكون قد أخطأ صحيح القانون مما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعنون. ولما كانت المحكمة بقضائها هذا قد قعدت عن بحث ما عساه تكونه الأفعال المسندة إلى الطاعنين من جرائم أخرى غير التي دانتهم بها خطأ. وكانت محكمة الموضوع غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة للواقعة - وهو الذي دين به الطاعنون - ولها بل من واجبها أن تصف الواقعة المطروحة أمامها وصفها الصحيح في القانون. لما كان ذلك، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.