أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 295

جلسة 27 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(55)
الطعن رقم 2052 لسنة 37 القضائية

(أ، ب، ج) جريمة. "أركان الجريمة". "التحريض على الجريمة". دعارة. "بغاء. فجور". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
( أ ) شمول الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 شتى صور التحريض على البغاء وتسهيله للذكر والأنثى على السواء.
تحقق التحريض على البغاء بأي فعل من الأفعال المفسدة للأخلاق ولو كان عرضاً ما دام جدياً في ظاهره وفيه ما يكفي للتأثير على المجني عليه المخاطب به وإغوائه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة.
(ب) تقدير قيام التحريض على البغاء. موضوعي.
(ج) بيانات تسبيب الأحكام في جريمة التحريض على الفجور؟
(د) عقوبة. "العقوبة المبررة". جريمة. "الشروع في الجريمة". "التحريض على الجريمة". دعارة.
عدم جدوى النعي على الحكم معاقبته المتهم بعقوبة الجريمة التامة ما دام أن القانون يعاقب على الشروع فيها بذات العقوبة.
1 - دل المشرع بما نص عليه من صيغة عامة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة على إطلاق حكمها بحيث يتناول شتى صور التحريض على البغاء وتسهيله بالنسبة للذكر والأنثى على السواء، وذلك يدخل فيه أي فعل من الأفعال المفسدة للأخلاق كما يدخل فيه مجرد القول ولو كان عرضاً ما دام هذا العرض جدياً في ظاهره وفيه بذاته ما يكفي للتأثير على المجني عليه المخاطب به وإغوائه بقصد ارتكاب الفجور والدعارة.
2 - متى كان القانون لم يبين ما هو المراد من كلمة التحريض، فإن تقدير قيام التحريض أو عدم قيامه من الظروف التي وقع فيها يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ويكفي أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المتهم اصطحب المجني عليه إلى منزله ثم عرض عليه إحضاره نسوة أو رجال لارتكاب الفحشاء معهم فلما رفض أخرج المتهم قضيبه وعرض عليه ارتكاب الفحشاء معه، وكان ما انتهى إليه الحكم من أن ما اقترفه المتهم هو ضرب من ضروب التحريض على ارتكاب الفجور وإرضاء شهوات الغير وليس إرضاء مزاجه الخاص كما ذهب المتهم إلى ذلك، فإن ما يثيره المذكور في شأن العناصر المكونة للتحريض لا يعدو أن يكون مجادلة في موضوع الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لا جدوى مما ينعاه المتهم على الحكم من أنه اعتبر الجريمة تامة ما دام الشروع في التحريض معاقباً عليه أيضاً بذات العقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في اليوم السابق على يوم 16/ 1/ 1967 بدائرة قسم الأقصر: حرض جاك ريكور على ارتكاب الفجور. وطلبت عقابه بالمادتين 1/ 1 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة الأقصر الجزئية قضت حضورياً في 27/ 2/ 1967 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة في المكان الذي يحدده السيد وزير الداخلية لمدة سنة تبدأ من تاريخ انتهاء عقوبة الحبس وكفالة 200 قرش لوقف تنفيذ عقوبة الحبس. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تحريضه آخر على ارتكاب الفجور، قد أخطأ في تطبيق القانون، وعاره قصور في التسبيب، ذلك بأن ما اقترفه الطاعن من مراودة المجني عليه عن نفسه وعرضه عليه إحضار نسوة أو رجال له أمر لا تتوافر به أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة لأن الاستدراج أو الإغراء يستلزم أن يكون القصد منه ممارسة الدعارة مع الكافة، وبذلك يخرج عن مدلول تلك المادة الاستدراج أو الإغراء لإرضاء الشهوة الشخصية. كما أن مجرد عرض إحضار نسوة أو رجال على شخص يكون بمنأى عن التأثيم ما لم يتوافر في هذا العرض عنصر التأثير على من يوجه إليه العرض تأثيراً يؤدي إلى اقتناعه بارتكاب فعل من أفعال الدعارة. وقد أثار الطاعن هذا الدفاع الجوهري أمام محكمة ثاني درجة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض له، ولم يعن بالرد عليه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها "تخلص فيما أبلغ به وذكره المجني عليه في محضر جمع الاستدلالات من أن المتهم قابله وصديق له، وعرض عليه زيارته بمنزله فوافق وبعد أن قدم له الشاي غادر صديق المتهم المنزل وحينئذ عرض عليه المتهم إحضار بنات أو رجال لارتكاب الفحشاء معهم. ولما رفض ذلك أخرج المتهم قضيبه وعرض عليه ارتكاب الفحش معه فرفض وغادر المنزل". لما كان ذلك، وكان القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة إذ نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على أنه "كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه" - فقد دل بهذه الصيغة العامة التي تضمنتها هذه المادة على إطلاق حكمها بحيث تتناول شتى صور التحريض على البغاء وتسهيله بالنسبة للذكر والأنثى على السواء، وبذلك يدخل فيه أي فعل من الأفعال المفسدة للأخلاق كما يدخل فيه مجرد القول ولو كان عرضاً ما دام هذا العرض جدياً في ظاهره وفيه بذاته ما يكفي للتأثير على المجني عليه المخاطب به وإغوائه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة. وإذ كان القانون لم يبين ما هو المراد من كلمة التحريض، فإن تقدير قيام التحريض أو عدم قيامه في الظروف التي وقع فيها يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب. ويكفي أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن اصطحب المجني عليه إلى منزله ثم عرض عليه إحضاره نسوة أو رجال لارتكاب الفحشاء معه - فلما أن رفض أخرج المتهم قضيبه وعرض عليه ارتكاب الفحشاء معه - وهو ما لم يجادل الطاعن فيه - وانتهى إلى أن ما اقترفه الطاعن هو ضرب من ضروب التحريض على ارتكاب الفجور وإرضاء شهوات الغير وليس إرضاء مزاجه الخاص كما ذهب الطاعن إلى ذلك، فإن ما يثيره في شأن العناصر المكونة للتحريض لا يعدو أن يكون مجادلة في موضوع الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 10 لسنة 1961 بعد أن أورد نص المادة الأولى منه، ونص في المادة السادسة على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره" قد نص في المادة السابعة على أن "يعاقب على الشروع في الجرائم المبينة في المواد السابقة بالعقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها" فدل بذلك على أنه لا يشترط للعقاب على التحريض أو التسهيل أو الاستغلال - اقتراف الفحشاء بالفعل، فإنه لا جدوى مما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه اعتبر الجريمة تامة ما دام الشروع في التحريض معاقب عليه أيضاً بالمادة السابعة من القانون بذات العقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان ما أورده بهذا البيان يتضمن بذاته الرد على دفاع الطاعن، فإن النعي عليه بدعوى القصور يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.