مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1971 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 291

(43)
جلسة 15 من مايو سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق - المستشارين.

القضية رقم 617 لسنة 12 القضائية

محكمة تأديبية - دعوى تأديبية.
متى اتصلت الدعوى التأديبية بالمحكمة التأديبية تعين عليها الاستمرار في نظرها - الجهة الإدارية لا تملك أثناء نظر الدعوى التأديبية أن تتخذ في موضوعها أي قرار من شأنه سلب ولاية المحكمة التأديبية - تصرف الجهة الإدارية في الاتهام المسند إلى المخالف بعد إحالته للمحكمة التأديبية ينطوي على غصب لسلطة المحكمة ينحدر بالقرار إلى مرتبة العدم.
متى اتصلت الدعوى التأديبية بالمحكمة التأديبية تعين عليها الاستمرار في نظرها والفصل فيها، ولا تملك الجهة الإدارية قانوناً أثناء نظر الدعوى التأديبية أن تتخذ في موضوعها أي قرار من شأنه سلب المحكمة التأديبية ولايتها في محاكمة المخالفين المحالين إليها. وتصرف هيئة مكتب الغرفة التجارية في الاتهام المسند إلى المخالف بعد إحالة أمره إلى المحكمة التأديبية يتمخض عن عدوان جسيم على اختصاص المحكمة وغصب لسلطتها ينحدر بالقرار إلى مرتبة العدم التي تجرده من كل أثر قانوني له. ومتى استقام ذلك فقد كان من المتعين على المحكمة أن تسقط أثره من حسابها ولا تعتد به. وإذ عولت المحكمة على هذا القرار في الحكم بعدم جواز نظر الدعوى فإنها تكون بذلك قد خالفت حكم القانون ووجب الحكم بإلغاء قضائها في هذا الشأن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 26 من يونيه سنة 1965 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الاقتصاد (المؤسسات) أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 74 لسنة 7 القضائية وتقرير اتهام ضد السيد/ عبد الرحيم أحمد الأسيوطي كاتب أول الغرفة التجارية بمحافظة سوهاج والقائم بأعمال المدير بمرتب شهري قدره 29 جنيهاً، متضمناً اتهامه بأنه في الفترة من أوائل عام 1960 حتى أواخر عام 1963 لم يؤد عمله بدقه وأمانة وخرج عن مقتضى الواجب في أداء وظيفته بأن:
1 - قام بتعيين كل من محمد يس العدوي وعبد الله مصطفى أحمد ومحمود أحمد محمد رمضان والآنسة عواطف كامل توفيق وسلمهم العمل دون موافقة المصلحة وبغير إجراء امتحان لهم ودون موافقة الوزارة على تعيينهم.
2 - اشترك في تعيين الآنسة عواطف كامل توفيق بوظيفة كاتب بالغرفة دون أن تسمح الميزانية بذلك. ويكون بذلك قد ارتكب المخالفة المالية والإدارية المنصوص عليها في المادتين 51، 53 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 والمادة 76/ 6 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بشأن عقد العمل. وطلبت النيابة الإدارية تحديد جلسة لمحاكمته بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمواد 1، 5، 6 من القانون رقم 19 لسنة 1959.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز نظر الدعوى وأقام قضاءه على أن هيئة مكتب الغرفة التابع لها المتهم استبقت المحكمة بقرار موضوعي يقضي ببراءة المتهم من التهمة الأولى ومجازاته بالإنذار عن الثانية وبذلك تكون هيئة المكتب المذكور قد صادرت على المحكمة سلطتها في الفصل في الدعوى. وإذ كانت المحكمة في نطاق اختصاصها لا تملك التصدي للقرارات الإدارية ووزن مشروعيتها فإنها لا تستطيع بالتبعية إلا التسليم بقيام قرار هيئة المكتب ولا تملك إلا ترتيب مقتضاه والحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة مجازاة المتهم بالقرار المذكور.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد طعنت في هذا الحكم طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل فيها، وأقامت طعنها على أنه ما كان يجوز للجهة الإدارية بعد تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية أن توقع عليه أي جزاء أو تتصرف في المخالفات التي أحيل من أجلها. وتكون المحكمة التأديبية هي السلطة الوحيدة التي تملك اختصاص التأديب في هذه الحالة، وكل قرار يصدر من سلطة غيرها أثناء المحاكمة معدوم. وقد شاطر الدفاع عن النيابة الإدارية هيئة مفوضي الدولة رأيها هذا.
ومن حيث إن الثابت من الرجوع إلى الأوراق أنه بعد إحالة النيابة الإدارية المخالفة إلى المحكمة التأديبية في 26 من يونيه سنة 1965، للفصل فيما أسند إليه من اتهام، وجه السيد رئيس الغرفة التجارية لمحافظة سوهاج في 9 من أكتوبر سنة 1965 كتاباً إلى السيد رئيس المحكمة التأديبية ضمنه أن هيئة مكتب الغرفة قررت بجلسة 25 من سبتمبر سنة 1965 في الاتهام الموجه إلى السيد/ عبد الرحيم أحمد الأسيوطي أولاً: براءته مما نُسب إليه في البند الأول من قرار الاتهام. ثانياً: مجازاته بالإنذار لما نُسب إليه في البند الثاني من الاتهام حيث كان الواجب عليه إلفات نظر هيئة المكتب والمجلس بعدم سماح بنود الميزانية بتعيين الآنسة عواطف كامل توفيق.
ومن حيث إنه متى اتصلت الدعوى التأديبية بالمحكمة التأديبية تعين عليها الاستمرار في نظرها والفصل فيها، ولا تملك الجهة الإدارية قانوناً أثناء نظر الدعوى التأديبية أن تتخذ في موضوعها أي قرار من شأنه سلب المحكمة التأديبية ولايتها في محاكمة المخالفين المحالين إليها. وتصرف هيئة مكتب الغرفة التجارية في الاتهام المسند إلى المخالف بعد إحالة أمره إلى المحكمة التأديبية يتمخض عن عدوان جسيم على اختصاص المحكمة وغصب لسلطتها ينحدر بالقرار إلى مرتبة العدم التي تجرده من كل أثر قانوني له. ومتى استقام ذلك فقد كان من المتعين على المحكمة أن تسقط أثره من حسابها ولا تعتد به. وإذ عولت المحكمة على هذا القرار في الحكم بعدم جواز نظر الدعوى فإنها تكون بذلك قد خالفت حكم القانون ووجب الحكم بإلغاء قضائها في هذا الشأن.
ومن حيث إن الدعوى التأديبية غير مهيأة للفصل فيها بالحالة التي هي عليها فقد تعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين برئاسة الجمهورية للفصل فيها.