أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 300

جلسة 4 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

(56)
الطعن رقم 2047 لسنة 37 القضائية

( أ ) ارتباط. عقوبة. "تطبيقها". حكم. "بياناته". "تسبيبه. ما لا يعيبه في نطاق التدليل". مواد مخدرة. سلاح. تعدي.
مجال تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات؟
اعتبار الحكم أن الجرائم المسندة إلى المتهم قد ارتكبت لغرض واحد وقضاؤه بالعقوبة المقررة لأشدها. إغفاله ذكر أن العقوبة التي أوقعها هي عن جميع هذه الجرائم أو بيان سبب تطبيق المادة 32 عقوبات. لا عيب.
(ب) نقض. "المصلحة في الطعن". عقوبة. مواد مخدرة. سلاح.
توقيع الحكم على الطاعن العقوبة المقررة لجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار باعتبارها الجريمة الأشد. إثارة الطاعن قصور الحكم فيما يتعلق بجريمتي الإهانة والتعدي. لا جدوى منه.
(ج) مواد مخدرة. محكمة الموضوع.
إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية. استقلال محكمة الموضوع بالفصل فيها.
(د، هـ) إثبات. "معاينة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) عدم إصرار الطاعن على طلب إجراء المعاينة أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى. عدم التزام المحكمة بإجابته أو الرد عليه.
(هـ) طلب المعاينة الذي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه صراحة؟
(و) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. أمر موكول إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
(ز) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن أقوال شهود النفي.
1 - متى كانت الجرائم التي ارتكبها الطاعن والمستوجبة لعقابه وهي إحراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار وإحراز سلاح ناري مششخن "مسدس" بغير ترخيص وإحراز ذخائر مما تستعمل في هذا السلاح والتعدي على رئيس مكتب مخدرات المنصورة ووكيل هذا المكتب وضابط مباحث قسم أول المنصورة ومقاومتهم بالقوة والعنف حالة كونهم من الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 الخاص بمكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتهم وبسببها وإهانة رئيس مكتب المخدرات أثناء تأدية وظيفته وبسببها وقضى على الطاعن بعقوبة واحدة بعد أن طبق في حقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما مفاده أن الحكم قد اعتبر أن هذه الجرائم قد ارتكبت لغرض واحد وأنه قضى بالعقوبة المقررة لأشدها، ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر أن العقوبة التي أوقعها هي عن جميع هذه الجرائم أو بيان سبب تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات.
2 - متى كان الحكم لم يوقع على الطاعن سوى العقوبة المقررة لجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار باعتبارها الجريمة الأشد، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن عن قصور الحكم فيما يتعلق بجريمتي الإهانة والتعدي ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار.
3 - إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيمها على ما ينتجها.
4 - متى كان الطاعن لم يتمسك في مرافعته أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى بطلب إجراء المعاينة، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابته ولا تثريب عليها إذا هي لم ترد عليه.
5 - طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود منه إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به، لا يستلزم رداً صريحاً من المحكمة بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أقوال هؤلاء الشهود.
6 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
7 - لمحكمة الموضوع أن تكوّن عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، ولها أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 19 مايو سنة 1963 بدائرة قسم أول المنصورة محافظة الدقهلية: (أولاً) أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (ثانياً) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً" مسدساً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (ثالثاً) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بإحراز السلاح أو حيازته (رابعاً) تعدى على النقيب نجيب الديب إبراهيم رئيس مكتب مخدرات المنصورة والملازم أول عبد الرحمن إبراهيم عبد الغني السنباطي ضابط مباحث قسم أول المنصورة والملازم أول عبد الجواد محمد محمود وكيل مكتب مخدرات المنصورة وقاومهم بالقوة والعنف حالة كونهم من الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 الخاص بمكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها وكان ذلك أثناء تأدية وظائفهم وبسببها بأن تماسك بهم وقاومهم وعض المجني عليه الثاني أثناء ضبطه محرزاً المخدرات موضوع التهمة الأولى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتحقيقات حالة كونه حاملاً لسلاح ناري هو المسدس موضوع التهمة الثانية (خامساً) أهان بالتهديد النقيب نجيب الديب إبراهيم رئيس مكتب مخدرات المنصورة أثناء تأدية وظيفته وبسببها بأن هدده بالقتل أثناء تأدية الشهادة أمام سلطة التحقيق عن وقائع التهمة السابقة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 - أ و40/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به والمواد 1 و6 و26/ 2، 4 و29 و30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند أ من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون والمادة 137/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً بتاريخ 30 مارس سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات وتغريمه 5000 ج والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار وسلاح ناري مششخن وذخيرة والتعدي على موظفين عموميين أثناء تأدية وظيفتهم وبسببها وإهانة أحدهم قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه بعد أن بين واقعة الدعوى انتهى إلى القول بأنه ثبت للمحكمة أن الطاعن ارتكب الجرائم الخمس المسندة إليه دون أن يشير في منطوقه إلى أنه أوقع العقوبة التي قضي بها عن جميع تلك الجرائم أو يورد في أسبابه ما يفيد ارتباط هذه الجرائم ارتباطاً لا يقبل التجزئة واعتبارها كلها جريمة واحدة وأن العقوبة التي قضى بها هي لأشد لتلك الجرائم مما لا يستبعد معه أن تكون المحكمة في قضائها بالعقوبة قد جمعت بين العقوبات التي رأت القضاء بها في كل جريمة وقضت بعقوبة واحدة هي حصيلة جميع هذه العقوبات ولو أنها تنبهت لقيام الارتباط بين الجرائم الخمس باعتبار أنها قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال تكمل بعضها البعض لما قضت بهذا القدر من العقوبة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الجرائم التي ارتكبها الطاعن والمستوجبة لعقابه وهي إحراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار وإحراز سلاح ناري مششخن "مسدس" بغير ترخيص وإحراز ذخائر مما تستعمل في هذا السلاح والتعدي على رئيس مكتب مخدرات المنصورة ووكيل هذا المكتب وضابط مباحث قسم أول المنصورة ومقاومتهم بالقوة والعنف حالة كونهم من الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 الخاص بمكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتهم وبسببها وإهانة رئيس مكتب المخدرات أثناء تأدية وظيفته وبسببها وقضي على الطاعن بعقوبة واحدة بعد أن طبق في حقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما مفاده أن الحكم قد اعتبر أن هذه الجرائم قد ارتكبت لغرض واحد وأنه قضى بالعقوبة المقررة لأشدها. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر أن العقوبة التي أوقعها هي عن جميع هذه الجرائم أو بيان سبب تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات لما كان ذلك، فإن هذا النعي يكون غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم استدل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن في جريمة إحراز المخدر من كبر كمية المخدر المضبوطة معه وتحريات رجال الشرطة وهي عناصر لا تكفي لإثبات توافر ذلك القصد، كما أن الحكم دان الطاعن بجريمة إهانة الضابط دون أن يبين ألفاظ الإهانة وهي بيان جوهري، فضلاً عن أن العبارات التي نسبت إلى الطاعن ليست من الألفاظ التي تفيد بذاتها قصد الإهانة ولم يثبت الحكم أن الطاعن قصد من توجيه هذه الألفاظ إلى الضابط إهانته وتحقيره أو أنه تعمد توجيه تلك الألفاظ التي تحمل معنى الإهانة وهو ما يلزم توافره لقيام القصد الجنائي في هذه الجريمة. ولم يذكر الحكم أيضاً أن التعدي على رجال الشرطة وقع من الطاعن حالة كونه يحمل سلاحاً مع أنه طبق في حقه الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها التي تعتبر حمل السلاح في هذه الجريمة ظرفاً مشدداً. وعامله على أساس توافر هذا الظرف المشدد على الرغم من أن السلاح لم يكن ظاهراً ولم يكن في مكنة الطاعن استعماله إذ كان داخل قطعة من قماش ملفوفة حول وسطه وفقاً لما هو ثابت من بيان الحكم لواقعة الدعوى، ولم يشر الحكم إلى أن حمل الطاعن للسلاح كان بقصد التعدي على رجال مكتب المخدرات ومقاومتهم. كما لم يورد بيان الإصابة التي أصيب بها الضابط والتي نسب إلى الطاعن إحداثها به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه ما ينتجه من وجوه الأدلة التي استمدها من أقوال الضابط بخيت الديب وعبد الجواد محمود وعبد الرحمن السنباطي وتقريري التحليل ومن فحص السلاح والذخيرة عرض لقصد الاتجار لدى الطاعن في جريمة إحراز المخدر بقوله "وحيث إن قصد الإتجار لدى المتهم (الطاعن) مستمد من كبر الكمية المضبوطة معه ومن تحريات رجال الشرطة التي لم يقم الدليل على عدم صحتها". لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيمها على ما ينتجها. ولما كانت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يوقع على الطاعن سوى العقوبة المقررة لجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار باعتبارها الجريمة الأشد فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن عن قصور الحكم فيما يتعلق بجريمتي الإهانة والتعدي ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبني باقي أوجه الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ذلك بأن الدفاع عن الطاعن تمسك بطلب إجراء معاينة مكان الضبط والطرق المؤدية إليه تحقيقاً لدفاعه من أنه رأي قدوم القوة مما يشكك في وقوع إجراءات الضبط بالكيفية التي رواها رجال القوة، غير أن المحكمة لم تجب هذا الطلب أو ترد عليه. كما دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها ورد الحكم على هذا الدفع بأنه لم يقم دليل على عدم جدية المصادر التي استقي منها طالب الإذن تحرياته وهو رد لا يفيد أن المحكمة قد اقتنعت بصحة وجدية التحريات التي بني عليها الإذن. ودفع الطاعن أيضاً ببطلان القبض عليه لأنه تم بمعرفة رجال الشرطة ممن ليست لهم صفة الضبط القضائي، وجاءت شهادة سائق السيارة التي أقلت رجال القوة مؤيدة لدفاع الطاعن، غير أن الحكم أطرح شهادته استناداً إلى أنه اختلف في عدد رجال القوة الذين اشتركوا في الضبط وهو رد لا يسيغ إطراح شهادة هذا الشاهد.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن طلب إجراء معاينة مكان الضبط والطرق المؤدية إليه بجلسة 23 فبراير سنة 1966 إلا أنه لم يعد إلى هذا الطلب بالجلسة الأخيرة التي حصلت فيها المرافعة بعد أن تغيرت الهيئة التي نظرت الدعوى. ولما كان الطاعن لم يتمسك في مرافعته بطلب المعاينة أمام الهيئة الجديدة فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابته، ولا تثريب عليها إذا هي لم ترد عليه. هذا فضلاً عن أن هذا الطلب لم يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود منه إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به، ومن ثم فإنه لا يستلزم رداً صريحاً من المحكمة بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أقوال أولئك الشهود. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن لانعدام التحريات فدفع مرسل لم يقم الدليل عليه فقد شهد الضابط بخيت الديب أنه استقى تحرياته من مصادر سرية ومن بعض الشرطة وهي مصادر لم يقم الدليل على عدم جديتها. وأما عدم قيامه بمراقبة المتهم شخصياً فلا يمكن أن يصف التحريات بعدم الجدية وبذا يكون الدفع حليفة الرفض". وهو رد سائغ مفاده أن المحكمة قد أعملت سلطتها في تقدير التحريات واطمأنت إلى جديتها. ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت هذه المحكمة قد أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ولها أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به. وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات عن كيفية الضبط وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية أقوال شاهد النفي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها لا يكون مقبولاً لدى محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.