أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 350

جلسة 25 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفه.

(66)
الطعن رقم 243 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) مسئولية جنائية. "الإعفاء منها". موانع العقاب. ظروف مخففة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة" قتل. ضرب.
( أ ) الجنون أو عاهة العقل دون غيرهما هما مناط الإعفاء من العقاب عملاً بالمادة 62 عقوبات.
(ب) الإثارة والاستفزاز من الأعذار القضائية المخففة التي يرجع الأمر فيها لتقدير محكمة الموضوع دون معقب.
(ج) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.
(د، هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. محكمة موضوع. "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي".
(د) استخلاص قصد القتل من الظروف المحيطة بالدعوى وما يأتيه الجاني من مظاهر وأمارات تنم عن توافره.
(هـ) ارتكاب الفعل تحت تأثير الغصب لا ينفي قيام نية القتل لدى المتهم.
(و) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي.
كفاية تدليل الحكم على توافر قصد القتل تدليلاً سائغاً.
(ز، ح، ط) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. نقض.
(ز) إقامة الحكم قضاءه بالإدانة على أساس عدم توافر ظرف سبق الإصرار. لا مصلحة للمتهم في التحدث عن هذا الظرف. (ح) خلط الحكم في سبب الحادث أو الباعث عليه. لا يعيبه ما دام لم يعول عليه في قضائه.
(ط) استطراد الحكم إلى فرض تمسك به الدفاع ورده عليه رداً مقبولاً. لا يعيبه.
(ي، ك) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي".
(ي) تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
(ك) حق الدفاع الشرعي شرع لرد العدوان.
1 - مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً - على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات - لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما.
2 - إذا كان المستفاد من دفاع المتهم أمام المحكمة هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز تملكته فألجأته إلى فعلته دون أن يكون متمالكاً إدراكه، فإن ما دفع به على هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل، وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد دفاعه هذا في صحيح القانون عذراً معفياً من العقاب بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
3 - إذا كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المتهم قد طلب عرض هذا الأخير على الطبيب الشرعي أو وضعه تحت الملاحظة بمستشفى الأمراض العقلية، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.
4 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى أمر موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
5 - إن الاستفزاز لا ينفي نية القتل، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجاني وبين كونه قد ارتكب الفعل تحت تأثير الغضب.
6 - متى كان الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام قصد القتل في حق المتهم تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافره لديه، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الصدد يكون غير سديد.
7 - لا مصلحة للمتهم في التحدث عن انتفاء ظرف سبق الإصرار، ما دام أن الحكم لم يقم قضاءه بالإدانة على أساس توافر هذا الظرف.
8 - سبب الحادث أو الباعث عليه ليس ركناً من أركان الجريمة، فالخلط لا يعيب الحكم، ما دام أنه لم يكن عنصراً من العناصر التي استند إليها في قضائه.
9 - لا يعيب الحكم المطعون فيه وقد بين واقعة الدعوى وأثبتها في حق المتهم على صورة تخالف دفاعه والتصوير الذي قام عليه، أن يستطرد إلى فرض آخر تمسك به الدفاع، وقوله قولاً مقبولاً في القانون إنه بفرض حصوله لا يؤثر في الواقعة التي استخلصها وانتهى إليها.
10 - تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها.
11 - حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 7 من أغسطس سنة 1966 بدائرة قسم الجيزة: (أولاً) قتل فايقة أحمد قابيل عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن انتوى قتلها وطعنها بمطواة قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل فوزية ظريف صبيح من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن انتوى قتلها وطعنها بمطواة قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج. (ثانياً) أحدث عمداً بليلى عبد الجواد عبد النبي الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 234/ 1 و242/ 1 و17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي قتل عمد مقترن بشروع فيه - وبجريمة ضرب، قد شابه تناقض واضطراب وقصور في التسبيب كما انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى من أن اعتداء الطاعن على المجني عليها قد سبقته مشاحنة كلامية قامت بينهما يتناقض مع ما جاء بأقوال الشاهدة ليلى عبد الجواد - التي اعتمد عليها الحكم - من أن الطاعن إنما باغت المجني عليها بطعنها في رقابتها من الخلف دون أن يسبق هذا الاعتداء أي تشاحن بينهما، مما ينم عن أن المحكمة - بأخذها بأقوال تلك الشاهدة - قد تصورت أن الحادث وقع نتيجة سبق إصرار. كما اضطرب الحكم أيضاً بإطراحه دفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي ثم عودته إلى الأخذ بصورة أخرى للحادث يعتد فيها بدفاع الطاعن. ومع ذلك فقد نفي الحكم توافر شروط حالة الدفاع الشرعي في هذه الصورة الأخيرة دون أن يعرض لما تمسك به الطاعن من أنه قد فقد وعيه وقت الحادث بسبب استفزاز المجني عليها الأولى له - وهو ما كان يقتضي من المحكمة أن تحققه بعرض الطاعن على الطبيب الشرعي أو بوضعه تحت الملاحظة بمستشفى الأمراض العقلية لتحديد مدى مسئوليته عن الأفعال التي ارتكبها نتيجة ذلك الاستفزاز وهو بعد لما يتجاوز الحادية والعشرين من العمر. هذا فضلاً عن أن ما أورده الحكم إثباتاً لنية القتل قد جاء قاصراً في التدليل على توافر هذه النية في حق الطاعن إزاء الظروف التي وقع فيها الحادث، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وقد عرض لدفاع الطاعن وأطرح ما أثاره من أنه كان في حالة دفاع شرعي بقوله "وحيث إنه بسؤال المتهم - الطاعن - اعترف في جميع مراحل الدعوى بارتكاب الحادث وقال تفصيلاً في التحقيقات إنه يقطن في حارة العويسية وأثناء خروجه من منزله في نحو الساعة العاشرة والنصف صباحاً لشراء طعام لإفطاره قابل القتيلة وابنتها فوزية ومعهما امرأة ثالثة لا يعرفها وبمجرد أن رأته القتيلة ابتدرته بالسب قائلة "يا خول يا ابن الكلب" فرد عليها بقوله "مش حتبطلي شتيمة وقلة أدب" فما كان منها إلا أن هجمت عليه وكان معها سلاح لا يعرف إن كان سكيناً أو مطواة فلم يشعر بنفسه إلا وهو يلوي ذراعها ويأخذ منها المطواة وينهال ضرباً على من أمامه منهن ولما فرت فوزية في الشارع ودخلت إلى الحظيرة جرى خلفها وطعنها بهذه المطواة أيضاً مرة أخرى ولما أراد فاروق منعه عنها اصطدمت المطواة بيده فأصابته وعندما أمسك به الأهالي بعد ذلك لم يجد هذه المطواة معه وأشهد سيد أحمد إبراهيم الذي سئل لأول مرة بجلسة اليوم فقرر أنه رأى على بعد عشرين متراً ثلاث سيدات يتشاجرن مع المتهم وكان واقفاً في وسطهن وإذا بإحداهن تخرج شيئاً من ملابسها وتحاول ضرب المتهم به فأمسك هذا الشيء منها وضربها به. غير أن المحكمة لا تطمئن إلى أقوال شاهد النفي المذكور لأنها جاءت متأخرة فضلاً عن أن ليلى التي عاصرت الحادث من بدايته أكدت أن المتهم هو الذي كان يحمل المطواة معه وبادر بطعن القتيلة بها في رقبتها من الخلف دون أن تعتدي عليه بالسب. ومهما يكن من الأمر فإن الثابت من الأوراق ومن اعتراف المتهم نفسه أن القتيلة لم تعتد عليه بالضرب إطلاقاً. وحتى مع التسليم الجدلي بأن هذه المطواة كانت معها وتمكن المتهم من انتزاعها منها قبل أن تستعملها فإن قيامه بطعنها هي وابنتها فوزية بها عدة طعنات ثم طعن ليلى بها أيضاً هي جرائم لا مبرر لها لعدم توافر شروط الدفاع الشرعي وأهمها رد الاعتداء وقيام التناسب بين الاعتداء وبين الدفاع". كما تحدث الحكم عن نية القتل واستظهرها في قوله "وحيث إن دفاع المتهم بجلسة المحاكمة ينحصر في طلب اعتبار الواقعة بالنسبة للقتيلة ضرباً أفضى إلى موت وبالنسبة للمصابة فوزية ضرباً عادياً. غير أن هذا القول مردود بأن نية القتل لدى المتهم المذكور متوافرة من استعمال آلة صلبة حادة "مطواة" من شأنها إحداث الموت وطعن المجني عليها فايقة وفوزية بها عدة مرات على التوالي وإصابة القتيلة بأربعة جروح قطعية نافذة بالبطن والصدر وجرح قطعي بأعلى الرقبة من الخلف وجرح قطعي بالظهر غير نافذين وإصابة فوزية بأربعة جروح قطعية منها اثنان في صدرها وظهرها وكان جرح الصدر نافذاً وهذه المواضع من الجسم تعتبر مقتلاً. وقد تبين من ملابسات الدعوى وقرائن أحوالها أن هذا المتهم تعمد إزهاق روحيهما فلم يراع ضعف كل منهما كامرأة لا حول لها ولا قوة ولم يستجب لنداء ليلى أو سراج الدين بأن يكف عن اعتدائه المتكرر على القتيلة وأبى واستكبر وتمادى في غيه واستهتاره بطعن ليلى نفسها في كتفها الأيمن بالمطواة ذاتها وانهال على القتيلة طعناً بهذه المطواة وهو جاثم فوقها بعد أن سقطت على الأرض مضرجة بدمائها ويقول "أنا عايز أروح فيها مؤبد" ولم يتركها إلا بعد أن فقدت النطق وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من الموت ثم فراره حتى إذا ما قابل فوزية لم يكتف بما فعله بوالدتها بل انهال عليها هي الأخرى طعناً بالمطواة في صدرها وذراعها الأيسر وأصبعها السبابة ليدها اليسرى ولما أفلتت منه وفرت إلى حظيرة المواشي مستنجدة بفاروق لم يتركها أيضاً بل تعقبها وجرى خلفها حتى لحق بها داخل الحظيرة وطعنها بالمطواة في ظهرها دون أن يبالي بوجود فاروق المذكور الأمر الذي يستفاد منه أنه انتوى قتل المجني عليهما فايقة وفوزية بطعنهما هذه الطعنات الشديدة القاتلة التي كان من شأنها تحقيق النية المبتغاة بالنسبة للقتيلة وإن كان هذا القصد قد خاب بالنسبة لفوزية التي لا تزال على قيد الحياة". لما كان ذلك، وكان ما استخلصته الحكم وأورده في بيانه لواقعة الدعوى يتفق مع ما شهدت به شاهدة الإثبات ليلى عبد الجواد عبد النبي خاصاً بأفعال التعدي التي قارفها الطاعن. وكان الحكم لم يقم قضاءه بالإدانة على أساس توافر على أساس توافر ظرف سبق الإصرار ولا مصلحة للطاعن في التحدث عنه في واقعة الدعوى، هذا فضلاً عن أن هذا النعي - في حقيقته - إنما يتناول سبب الحادث أو الباعث عليه، وهو ليس ركناً من أركان الجريمة فالخلط فيه بفرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام أنه لم يكن عنصراً من العناصر التي استند إليها الحكم في قضائه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة وأثبتها في حق الطاعن على صورة تخالف دفاعه والتصوير الذي قام عليه هذا الدفاع، فإنه لا يعيبه استطراده إلى فرض آخر تمسك به الدفاع وقوله قولاً مقبولاً في القانون إنه بفرض حصوله لا يؤثر في الواقعة التي استخلصها وانتهى إليها. ولما كان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقاً بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها. وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان - وكان مؤدى ما أورده الحكم من شأنها أن يؤدي إلى ما رتبه عليه من نفي حالة الدفاع الشرعي، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً - على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات - لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما. وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة أو الاستفزاز تملكته فألجأته إلى فعلته دون أن يكون متمالكاً إدراكه، فإن ما دفع به على هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل - وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد في صحيح القانون عذراً معفياً من العقاب بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوفر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع على استقلال. وإذ كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد طلب عرض هذا الأخير على الطبيب الشرعي أو وضعه تحت الملاحظة بمستشفى الأمراض العقلية، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كان الاستفزاز لا ينفي نية القتل، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجاني وبين كونه قد ارتكب الفعل تحت تأثير الغضب. وكان الحكم المطعون فيه قد دليل على قيام قصد القتل في حق الطاعن تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافره لديه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.