مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 31

(6)
جلسة 27 من نوفمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وأحمد حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 1226 لسنة 14 القضائية

عقد إداري - تعهد بخدمة الحكومة - توقيع طالبة على تعهد عند التحاقها بمدرسة مساعدة الممرضات بأن تعمل في وظيفة مساعدة ممرضة لمدة خمس سنوات بعد تخرجها - انقطاعها عن العمل بعد تعيينها يعتبر نكولاً عن تنفيذ الالتزام - مطالبتها بإعادتها إلى العمل مرة أخرى لا تعفيها من المسئولية - أساس ذلك.
إن الأسباب التي تدرأ المسئولية عن المدعى عليها متخلفة في هذه الدعوى إذ الثابت أنها هي وحدها وبإرادتها قد تكاسلت عن تنفيذ التزامها عيناً بانقطاعها عن العمل ومن ثم فليس من سبيل إلا أن تلتزم بالتعويض النقدي. ومطالبة المدعى عليها بأن ترجع لعملها مرة أخرى ورفض الجهة الإدارية إعادة تعيينها لا يصلح سبباً لدفع مسئوليتها العقدية المتمثلة في التعهد الذي وقعته، ذلك أن إعادتها إلى عملها هو من قبيل التعيين الجديد الذي تترخص فيه الجهة الإدارية بما تراه متفقاً والصالح العام وحسن سير المرفق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي بصفته "الطاعن" أقام الدعوى رقم 484 لسنة 21 قضائية بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود والتعويضات) في 26/ 12/ 1966 طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا مبلغ 74.769 مليمجـ وفوائد هذا المبلغ القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أن المدعى عليها الأولى وقعت في 12/ 12/ 1962 تعهداً عند التحاقها بمدرسة مساعدات الممرضات التابعة لمستشفيات جامعة القاهرة تلتزم فيه بأن تعمل في وظيفة مساعدة ممرضة بمستشفيات جامعة القاهرة لمدة خمس سنوات على الأقل عند حصولها على شهادة مساعدة ممرضة وفي حالة إخلالها بتعهدها تكون ملزمة هي وولي أمرها بطريق التضامن برد جميع المبالغ التي صرفت عليها والنفقات التي تكلفتها مدرسة المستشفيات أثناء فترة دراستها بها وذلك تطبيقاً لنص المادة 25 من لائحة المدرسة، كما وقع المدعى عليه الثاني على هذا التعهد متضامناً مع ابنته المدعى عليها الأول بتنفيذ التعهد المشار إليه.
وقد تخرجت المدعى عليها الأولى من مدرسة مساعدات الممرضات بعد نجاحها في امتحان سنة 1963 ثم التحقت بوظيفة مساعدة ممرضة في الدرجة 200/ 320 بأجر يومي قدره 200 مليم وذلك بموجب قرار مدير عام مستشفيات جامعة القاهرة الصادر في 26/ 1/ 1964 ثم نقلت بالقرار رقم 153 لسنة 1964 إلى الدرجة الحادية عشر اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وبتاريخ 4/ 8/ 1964 انقطعت المدعى عليها الأولى عن العمل بدون عذر حتى تجاوزت بانقطاعها المدة القانونية المصرح لها بها الأمر الذي أدى إلى فصلها اعتباراً من تاريخ انقطاعها عن العمل من 4/ 8/ 64 وذلك بموجب قرار مدير عام المستشفيات الجامعية الصادر في 19/ 10/ 1964. وبناء على التعهد المذكور وطبقاً لنص المادة 25 من لائحة مدرسة مساعدات الممرضات فقد طلب المدعي بصفته المدعى عليهما بالتضامن برد النفقات والمصروفات الدراسية وقدرها 74.769 مليمجـ.
وقد دفعت المدعى عليها الدعوى بقولها أنها ترغب في العودة إلى عملها وأنها فور علمها بقرار فصلها تقدمت بعدة شكاوى إلى الجهات الإدارية المختصة تطالب بالعودة للعمل إلا أن جميع هذه الشكاوى كان مصيرها الحفظ كما أن المدعى عليها قررت أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة 5 من مايو سنة 1968 أنها ما زالت ترغب في العودة إلى العمل.
ومن حيث إنه بجلسة 2 من يونيو سنة 1968 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وقد قضى برفض الدعوى وإلزام المدعي بصفته المصروفات وأقامت قضاءها على ما أبدته المدعى عليها من دفاع حاصله أن المدعى عليها الأولى تلتزم أصلاً بالعمل كمساعدة ممرضة بمستشفيات الجامعة وأنها بإقرارها لا تمانع في العودة إلى العمل بل وترغب فيه ولازالت مصرة على ذلك ولكن الجهة الإدارية لم تجبها إلى طلبها ومن ثم فلا يكون هناك امتناع من جانب المدعى عليها الأولى أو إخلال بالتزامها بالعمل بمستشفيات الجامعة وما دام التنفيذ العيني ممكناً فلا محل لطلب التعويض النقدي وتكون دعوى المدعي غير قائمة على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الضرر الذي لحق بالمرفق كان نتيجة مباشره لمسلك المطعون ضدها الأول وأن التنفيذ العيني قد أصبح مستحيلاً ولا بديل عن التنفيذ بمقابل أي عن طريق التعويض وأن التنفيذ العيني لا يتاح للمتعاقد إلا مرة واحدة فإن نكل عنه تعين إلزامه بالتعويض إذ يحق للمتعاقد الآخر أن يزهد في تنفيذ الالتزام عيناً وهو يرى المتعاقد الآخر لا يقوم بتنفيذ التزامه، هذا فضلاً عن أن عرض التنفيذ العيني بعد الفصل هو أمر تترخص فيه جهة الإدارة لأنه من قبيل التعيين الجديد الذي يرتبط بمصلحة المرفق وأوضاعه المالية وانتهى الطاعن بصفته إلى أنه لا يعفي المدعى عليها الأولى من المسئولية إلا ثبوت أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يد لها فيه وهو ما لم يثبت بل الثابت عكس ذلك تماماً.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف الطعن أنه في 12 من ديسمبر سنة 1962 وقعت المدعى عليها الأولى على تعهد التزمت بموجبه بأن تعمل في وظيفة مساعدة ممرضة بمستشفيات جامعة القاهرة لمدة خمس سنوات على الأقل عند حصولها على شهادة مساعدة الممرضة وفي حالة إخلالها بهذا الالتزام تكون ملزمة هي وولي أمرها المطعون ضده الثاني بطريق التضامن برد جميع المبالغ والنفقات التي صرفت عليها أثناء فترة دراستها وذلك بالتطبيق للمادة 25 من لائحة مدرسة مساعدات الممرضات وقد وقع على هذا التعهد المطعون ضده الثاني وبتاريخ 26/ 1/ 1964 عينت المدعى عليها الأولى بوظيفة مساعدة ممرضة إلا أنها انقطعت عن العمل بدون إذن اعتباراً من 4/ 8/ 1964 فحرر مدير شئون العاملين في 15/ 10/ 1964 مذكرة رفعها إلى مدير عام مستشفيات جامعة القاهرة جاء بها أن مستشفى المنيل الجامعي أرسل كتاباً بتاريخ 12/ 10/ 1964 يفيد أن مساعدة الممرضة....... منقطعة عن العمل اعتباراً من 4/ 8/ 1964 وانتهت المذكرة إلى طلب فصلها من الخدمة ومطالبتها بسداد قيمة النفقات والتكاليف طبقاً لنص المادة 25 من لائحة المدرسة وقد أصدر مدير عام المستشفيات بتاريخ 19/ 10/ 1964 قراراً بفصلها من الخدمة اعتباراً من 4/ 8/ 1964 تاريخ انقطاعها عن العمل بدون عذر مقبول.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن المطعون ضدها الأول قد نكلت من تلقاء نفسها عن تنفيذ التزامها عيناً بانقطاعها عن العمل بدون عذر الأمر الذي أدى إلى اعتبارها مستقيلة وإنهاء خدمتها طبقاً لنص المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 الخاص بنظام العاملين المدنيين.
ومن حيث إن الأصل إنه إذا استحال على المدين لسبب راجع إليه أن ينفذ التزامه عيناً حكم عليه بالتعويض وأنه لا يعفيه من الالتزام بالتعويض إلا إثبات أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه وأن السبب الأجنبي إما أن يكون قوة قاهرة ليس من سبيل إلى دفعها أو أن يكون فعلاً خاطئاً من ذات الدائن أو ناتج عن فعل الغير.
ومن حيث إن الأسباب التي تدرء المسئولية عن المدعى عليها متخلفة في هذه الدعوى إذ الثابت أنها هي وحدها وبإرادتها قد تكاسلت عن تنفيذ التزامها عيناً بانقطاعها عن العمل ومن ثم فليس من سبيل إلا أن تلتزم هي وولي أمرها بطريق التضامن بالتعويض النقدي.
ومن حيث إن مطالبة المدعى عليها في أن ترجع لعملها مرة أخرى ورفض الجهة الإدارية إعادة تعيينها لا يصلح سبباً لدفع مسئوليتها العقدية المتمثلة في التعهد الذي وقعته هي وولي أمرها في 12/ 12/ 1962 ذلك أن إعادتها إلى عملها هو من قبيل التعيين الجديد الذي تترخص فيه الجهة الإدارية بما تراه متفقاً والصالح العام وحسن سير المرفق.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه وبإلزام المدعى عليهما متضامين بأن يدفعا للطاعن بصفته مبلغ 74.769 مليمجـ أربعة وسبعون جنيهاً مصرياً وسبعمائة وتسعة وستون مليماً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26 من ديسمبر سنة 1966 حتى الوفاء مع إلزامهما المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمة المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهما متضامين بأن يدفعا لجامعة القاهرة مبلغ 74.769 أربعة وسبعون جنيهاً وسبعمائة وتسعة وستون مليماً والفوائد القانونية بواقع 4%، أربعة في المائة سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26 من ديسمبر سنة 1966 حتى تمام السداد والمصروفات.