أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 408

جلسة 8 من أبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(77)
الطعن رقم 296 لسنة 38 القضائية

( أ ) اشتباه.
حالة الاشتباه. ماهيتها؟ الاشتهار والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة، متعادلان في إثبات وجودها. السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبني الاشتباه وإنما هي تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالإشهار. جواز الاعتماد على الأحكام المتكررة الصادرة على المتهم - ولو لم تصر نهائية - متى كانت قريبة البون نسبياً وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لإقناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه.
(ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
للمحكمة القضاء بالبراءة متى تشككت في إسناد التهمة إلى المتهم. شرط ذلك؟ مثال لتسبيب معيب في اشتباه.
1 - إن المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم إذ عدت مشتبهاً فيه من حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الواردة بها، ومنها جرائم الاعتداء على النفس أو المال، أو اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد ارتكاب هذه الجرائم، فقد دلت على أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس في الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود، وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون الخطر في شخص المتصف به ورتب عليه محاسبته وعقابه. كما دلت على أن الاشتهار والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة، متعادلان في إثبات وجودها، وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبنى الاشتباه، وإنما هي تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الأحكام المتكررة الصادرة على المتهم - ولو لم تصر نهائية - متى كانت قريبة البون نسبياً، وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لإقناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه.
2 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تقضي للمتهم بالبراءة إذا تشككت في إسناد التهمة إليه، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد أحاطت بعناصر الدعوى وألمت بها عن بصر وبصيرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 16 نوفمبر سنة 1966 بدائرة بندر دمنهور: عد مشتبهاً فيه إذ سبق الحكم عليه أكثر من مرة في جرائم الاعتداء على المال. وطلبت عقابه بالمواد 5 و6/ 1 و8 من القانون رقم 98 لسنة 1945. ومحكمة بندر دمنهور الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 2 أبريل سنة 1967 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات ببراءة المتهم بلا مصاريف. فاستأنفت النيابة هذا الحكم، ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 29 مايو سنة 1967 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الاشتباه المسندة إليه قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه أسس البراءة على ما قال به من انقطاع سوابقه منذ 2/ 10/ 1961 حتى تاريخ التهمة المنسوبة إليه في 19/ 11/ 1966، في حين أن الثابت من ورقة الفيش التي كانت تحت بصر المحكمة أن له سابقتين أخرتين أخرهما في 3/ 5/ 1965 بحبسه شهراً مع الشغل لشروع في سرقة في قضية الجنحة رقم 4348 سنة 1964 بندر دمنهور، ولم تقل المحكمة كلمتها عن أثرهما فيما انتهت إليه من نتيجة، مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم إذ عدت مشتبهاً فيه من حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الواردة بها، ومنها جرائم الاعتداء على النفس أو المال، أو اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد ارتكاب هذه الجرائم، فقد دلت على أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس في الخارج، ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود، وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون الخطر في شخص المتصف به، ورتب عليه محاسبته وعقابه. كما دلت على أن الاشتهار والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة، متعادلان في إثبات وجودها، وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبنى الاشتباه، وإنما هي تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الأحكام المتكررة الصادرة على المتهم - ولو لم تصر نهائية - متى كانت قريبة البون نسبياً، وكانت من الجسامة أو الخطورة، بما يكفي لإقناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تقضي للمتهم بالبراءة إذا تشككت في إسناد التهمة إليه، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد أحاطت بعناصر الدعوى وألمت بها عن بصر وبصيرة، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن، أن ورقة الفيش - التي كانت تحت بصر محكمة الموضوع - قد تضمنت الحكم على المتهم في 9/ 6/ 1963 في قضية الجنحة رقم 1507 سنة 1963 بندر دمنهور بتغريمه خمسين قرشاً في جريمة ضرب، والحكم عليه بحبسه شهراً مع الشغل لسرقة في 3/ 5/ 1965 في قضية الجنحة رقم 3482 سنة 1946 بندر دمنهور. وكانت المحكمة قد قضت بالبراءة استناداً إلى بعد البون من تاريخ آخر سابقة للمطعون ضده في 2/ 10/ 1961 دون أن تعرض لهذين الحكمين على قرب العهد بهما بالنسبة إلى تاريخ التهمة المسندة إليه في 19/ 11/ 1966 ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه إطلاع المحكمة على هذين الحكمين - لو تفطنت إلى وجودهما - فيما انتهت إليه من انقطاع الصلة بين حاضر المتهم وماضيه، فإن حكمها يكون قاصر البيان واجب النقض والإحالة.