أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 416

جلسة 8 من أبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(79)
الطعن رقم 499 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) رشوة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "شهادة".
( أ ) متى يجب على الحكم إيراد شهادة كل شاهد على حدة؟
(ب) إحالة الحكم في بيان ما شهد به شاهد إلى مضمون ما شهد به شاهد آخر مع اختلاف الواقعة التي شهد عليها كل منهما. يعيب الحكم بالقصور والخطأ في الإسناد.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي أقيم عليها ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به، وسلامة مأخذه تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان باطلاً، وأنه وإن كان الإيجاز ضرباً من حسن التعبير، إلا أنه لا يجوز أن يكون إلى حد القصور، ومن ثم فإن كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأنها فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له، أما إذا وجد خلاف في أقوال الشهود عن الواقعة الواحدة أو كان كل منهم قد شهد على واقعة غير التي شهد عليها غيره، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة إيراد شهادة كل شاهد على حدة.
2 - إذا كان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن النقيب "......" ذكر في تحقيقات النيابة أنه كان يقف على بعد ثلاثين متراً من المكان الذي تقابل فيه زميله النقيب "......" مع المتهم فلم يستطع أن يعرف ما يدور بينهما، وبالتالي لم ير المتهم وهو يضع مبلغ الرشوة في جيبه، ولا هو رآه يخرجه من هذا الجيب ويحاول إلقاءه على الأرض، مما كان مدار ما شهد به زميله في الجزء الجوهري الذي كان موضوع استدلال الحكم من شهادته، ومن ثم فإنه إذا أحال في بيان ما شهد به النقيب المذكور إلى مضمون ما شهد به زميله مع اختلاف الواقعة التي شهد عليها كل منهما، يكون فوق قصوره، منطوياً على الخطأ في الإسناد مما يبطله ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين حكم ببراءتهم. بأنه منذ أوائل أكتوبر حتى 16 نوفمبر سنة 1966 بدائرة قسم السيدة محافظة القاهرة: (أولاً) بصفته موظفاً عمومياً "معاون مدرسة زين العابدين الثانوية الميكانيكية". طلب وأخذ عطية مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن طلب وأخذ من محمد أحمد علي عشرين جنيهاً على سبيل الرشوة مقابل تسهيل إجراءات قبول تحويل شقيقه الطالب حسن أحمد علي من مدرسة السلام المعمارية إلى المدرسة التي يشغل فيها وظيفته آنفة الذكر. (ثانياً) بصفته سالفة الذكر طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن طلب من المتهم الرابع، عشرة جنيهات وأخذ سبعة جنيهات ونصف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تسهيل إجراءات قبول تحويل الطالب أسعد أحمد حنفي من مدرسة أحمد ماهر الصناعية إلى المدرسة التي يشغل فيها وظيفته آنفة الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بالمواد 103 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالسجن خمس سنوات وتغريمه ألف جنيه لما أسند إليه فطعن الوكيل عن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بتهمة الارتشاء قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه استند من بين ما استند إليه في إدانته إلى شهادة كل من النقيب "هاني محمد عبد العزيز" والنقيب "عبد التواب درويش" وأحال في بيان شهادة الثاني إلى مضمون ما شهد به الأول، مع خلاف جوهري بين الشهادتين على واقعة الدعوى، إذ شهد كل منهما على واقعة غير التي شهد بها الآخر مما يجعل مضمون كل منهما مخالفاً لمضمون الأخرى حسبما تنطق به الأوراق، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي أقيم عليها ويذكر مؤداه يتضح وجه استدلاله به، وسلامة مأخذه تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان باطلاً، وإنه وإن كان الإيجاز ضرباً من حسن التعبير، إلا أنه لا يجوز أن يكون إلى حد القصور، فإن كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له، أما إذا وجد خلاف في أقوال الشهود عن الواقعة الواحدة أو كان كل منهم قد شهد على واقعة غير التي شهد عليها غيره، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة إيراد شهادة كل شاهد على حدة. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن النقيب "عبد التواب درويش" ذكر في تحقيقات النيابة أنه كان يقف على بعد ثلاثين متراً من المكان الذي تقابل فيه زميله النقيب "هاني عبد العزيز" مع الطاعن فلم يستطع أن يعرف ما يدور بينهما، وبالتالي لم ير الطاعن وهو يضع مبلغ الرشوة في جيبه، ولا هو رآه يخرجه من هذا الجيب ويحاول إلقاءه على الأرض، مما كان مدار ما شهد به زميله في الجزء الجوهري الذي كان موضوع استدلال الحكم من شهادته، ومن ثم فإنه إذ أحال في بيان ما شهد به النقيب عبد التواب درويش إلى مضمون ما شهد به زميله مع اختلاف الواقعة التي شهد عليها كل منهما، يكون فوق قصوره، منطوياً على الخطأ في الإسناد مما يبطله ويوجب نقضه .