أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 420

جلسة 9 من أبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفة.

(80)
الطعن رقم 242 لسنة 38 القضائية

( أ ) تعويض. ضرر. "الضرر المادي. الضرر الأدبي". عاهة.
انتقال التعويض عن الضرر المادي من المضرور - إذا ما ثبت له الحق فيه - إلى خلفه.
شروط انتقال الضرر الأدبي من المضرور إلى الغير طبقاً للمادة 222 مدني: إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء.
(ب) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت الطاعن عن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي أمام محكمة الموضوع، وكون الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها. ليس للطاعن إثارتها أمام محكمة النقض.
1 - الأصل في التعويض عن الضرر المادي أنه إذا ما ثبت الحق فيه للمضرور فإنه ينتقل إلى خلفه فيستطيع وارث المضرور أن يطالب بالتعويض الذي كان لمورثه أن يطالب به لو بقى حياً. أما التعويض عن الضرر الأدبي الذي يصيب المجني عليه فإنه شخصي مقصور على المضرور نفسه فلا ينتقل إلى الغير طبقاً للمادة 222 من القانون المدني إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء، وإلا فإنه لا ينتقل إلى ورثته بل يزول بموته.
2 - متى كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، كما أن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم أول أبريل سنة 1965 بدائرة مركز الزقازيق محافظة الشرقية: المتهم الأول (الطاعن) ضرب عبد الغني أحمد حبيب الصالحي بعصا على ذراعه وكتفه الأيسر فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عن اثنتين منها عاهتين مستديمتين يستحيل برؤهما هما إعاقة في حركة رفع الذراع الأيسر عند الكتف وفي حركة ثني الإصبع الخنصر الأيسر. المتهم الثاني - أحدث عمداً إصابة الرأس بالمجني عليه سالف الذكر والموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. المتهم الثالث - أحدث عمداً بحسن السيد الصالحي الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر بذلك. وادعى أحمد وعطية ومحمد أنور بصفتهم الشخصية وأحمد عبد الغني أحمد حبيب الصالحي بصفته وصياً على شقيقه القاصرين مصطفى كامل وعبد الحكيم قاصري المجني عليه عبد الغني أحمد حبيب الصالحي - الذي توفى - مدنياً قبل المتهم 500 ج على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات الزقازيق فصلت وقائع الجنح المنسوبة إلى المتهمين الثاني والثالث عن الجناية المسندة إلى المتهم الأول، وأحالت الجنح إلى النيابة لإجراء شئونها فيها ثم قضت حضورياً بتاريخ 14 نوفمبر سنة 1967 عملاً بالمادتين 17 و240/ 1 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة ستة أشهر. (ثانياً) إلزامه أن يدفع إلى المدعين بالحقوق المدنية مبلغ مائة وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض والمصروفات المدنية المناسبة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة وإلزامه أداء تعويض للمدعين بالحقوق المدنية، قد عاره قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون وذلك بأنه لم يتحدث عن الإصابات التي لحقت بالطاعن ولم يستظهر الصلة بينها وبين إصابات المجني عليه ولم يبين البادئ منهما بالعدوان لأهمية ذلك في تقرير مسئولية الطاعن. كما أنه قضي بقبول الدعوى المدنية المرفوعة من ورثة المجني عليه بطلب التعويض عن الضرر الذي لحق بمورثهم من جراء العاهة التي أصابته مع أن التعويض عن الضرر شخصي مقصور على المضرور نفسه ولا ينتقل إلى الورثة إلا إذا كان المجني عليه قد طالب به قضاء قبل وفاته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن التقارير الطبية الشرعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما يرمي إليه الطاعن في الوجه الأول من وجهي الطعن أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس، وكان البين من الاطلاع على محاصر جلسات المحاكمة أنه لم يدفع بقيام هذه الحالة، كما أن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الحكم الخصوص يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في صدد الدعوى المدنية إلى قوله: "لما كانت الجريمة أساس طلب التعويض من الجرائم التي لا تتوقف المحاكمة فيها على شكوى المجني عليه فلورثته بعد وفاته الإدعاء بحقوق مدنية على أساس الضرب الذي لحق بمورثهم ونشأت عنه العاهتان لأن من حقهم بصفتهم وراثين له المطالبة بتعويض الضرر المادي والأدبي الذي سببته الجريمة لمورثهم على اعتبار أن الضرر يؤول في النهاية إلى مال يورث عن المضرور. وما دام المجني عليه قبل وفاته لم يتنازل صراحة عن حقه في التعويض فلا محل لما يدفع به الدفاع الدعوى المدنية من عدم القبول". لما كان ذلك، وكان الأصل في التعويض عن الضرر المادي أنه إذا ما ثبت الحق فيه للمضرور فإنه ينتقل إلى خلفه فيستطيع وارث المضرور أن يطالب بالتعويض الذي كان لمورثه أن يطالب به لو بقى حياً. أما التعويض عن الضرر الأدبي الذي يصيب المجني عليه فإنه شخصي مقصور على المضرور نفسه فلا ينتقل إلى الغير طبقاً للمادة 222 من القانون المدني إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء، وإلا فإنه لا ينتقل إلى ورثته بل يزول بموته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى انتقال حق المورث في التعويض عن الضرر الأدبي إلى ورثة المدعين بالحقوق المدنية، بما يخالف حكم المادة 222 سالفة الذكر فضلاً عن تجاوزه ما طلبه المدعون بالحقوق المدنية من تعويض عن الضرر المادي فقط مما يعيبه بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة مع إلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.