أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 190

جلسة 22 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطة، محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعة حسين وفتيحة قره.

(171)
الطعن رقم 2254 لسنة 53 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" المنشأة الطبية: تغيير استعمال العين المؤجرة". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً وإخلالاً بحق الدفاع".
(1) حق المؤجر في اقتضاء أجرة إضافية عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غير أغراض السكنى. م 23 ق 49 لسنة 1977 وفي المادتان 7، 19 ق 136 لسنة 1981. خلو القانون المدني وقوانين إيجار الأماكن من نصوص تخول المستأجر حق الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى. أثره. لا حق للمستأجر في إنقاص الأجرة بإرادته المنفردة العبرة بالاستعمال الوارد بالعقد دون الاستعمال الواقعي. الرجوع إلى الأجرة الأصلية. مناطه. موافقة المؤجر على قبولها واقتضائها. لا يغير من ذلك علمه وسكوته لتغيير المستأجر استعمال العين المؤجرة لغرض السكنى. علة ذلك.
(2) الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في المدعي. عدم رد الحكم عليه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(3) تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع باقتضائه أجرة عين النزاع من المطعون ضدها شاملة نسبة الزيادة المقررة بالمادة السابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 باعتبارها مؤجرة لغير غرض السكنى. دفاع جوهري. استخلاص الحكم المطعون فيه موافقة الطاعن الضمنية على تغيير استعمال العين لغرض السكنى وإنقاص الأجرة من سكوته على التغيير مدة طويلة رغم علمه دون تمحيص دفاع الطاعن. فساد وقصور.
1 - إذا كانت المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادتين 7، 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد خولت للمؤجر حق اقتضاء أجرة إضافية عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غير أغراض السكنى، ولم يرد في قوانين إيجار الأماكن - وكذلك في القواعد العامة في القانون المدني - نصوص مقابلة تخول للمستأجر حق الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة إذا ما غير استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى ومن ثم يتعين تطبيق شروط عقد الإيجار باعتبار أن العقد - وعلى ما جرى به نص المادة 147 فقرة أولى من أن القانون المدني - شريعة المتعاقدين فلا يجوز تعديله إلا باتفاق طرفيه ولا يحق للمستأجر بإرادته المنفردة إنقاص الأجرة وفقاً لتغييره هو الاستعمال إلى غرض السكنى مرة أخرى، ما لم يثبت أن - المؤجر قد وافق صراحة أو ضمناً إلى الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة ولا يعول في ذلك على علمه وسكوته بتغيير المستأجر استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى مرة أخرى إذ أن حق المؤجر في اقتضاء الأجرة المقررة للأماكن المؤجرة لغير السكن والزيادة المقررة مصدره العقد والقانون - استعمل المستأجر العين المؤجرة في هذا الغرض أم لم يستعملها - ويكون الفيصل في ذلك هو الاستعمال الوارد في عقد الإيجار المتفق عليه بين الطرفين بغض النظر عن الاستعمال الواقعي حتى ولو علم به المؤجر وسكت عنه، ويضحى المناط في الرجوع إلى الأجرة الأصلية هو بموافقة المؤجر على قبولها واقتضائها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا أبدى الخصم دفاعاً جوهرياً من شأنه أن يغير وجه الرأي في الدعوى فإنه يتعين على المحكمة أن تتناوله وتمحصه لتقف على أثره في قضائها وإلا شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع.
3 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدها قد استأجر شقة النزاع من الطاعن بموجب عقد إيجار مؤرخ (...) بغرض استعمالها عيادة لطب الأسنان، وحالت ظروف عمله كطبيب للصحة المدرسية من استمرار استخدامها في هذا الغرض، فاستعملها لسكناه هو وعائلته ومنها زوجته المطعون ضدها التي أقامت بها قبيل وبعد وفاته في (.....) بغرض السكنى. وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص موافقة الطاعن الضمنية على تغيير - مورث المطعون ضدها وهي من بعده - استعمال عين النزاع لغرض السكنى لإقامته في ذات العقار وسكوته على هذا التغيير مدة طويلة، رغم أن ذلك لا ينهض وحده بذاته دليلاً على الموافقة على إنقاص الأجرة والرجوع إلى الأجرة الأصلية ولا يكفي لحمل قضائه ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها مما يرميه بالقصور في التسبيب وفساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع سيما وأن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع - من أنه اقتضى أجرة عين النزاع بالفعل من المطعون ضدها شاملة نسبة الزيادة المقررة في المادة 7 سالفة البيان على أساس قيمة الضريبة العقارية المفروضة على العين باعتبارها مؤجرة لغير أغراض السكنى مما ينفي موافقته الضمنية على إنقاص الأجرة إلى الحد القانوني، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 8862 لسنة 1982 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لها باعتبار شقة النزاع مستعملة لأغراض السكنى ورد ما استوفاه منها زيادة عن الأجرة الأصلية، وقالت في بيان ذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1959 بأجرة شهرية قدرها 6.320 ملجـ استأجر زوجها عين النزاع من الطاعن بغرض استعمالها عيادة لطب الأسنان، وإذ عين طبيباً للصحة المدرسية، اتخذها سكناً له ولأفراد أسرته واستمرت المطعون ضدها وابنتها منه في الإقامة بالعين بعد وفاته في 26/ 5/ 1978 وظلتا تسددان للطاعن الأجرة المستحقة سالفة البيان. وبمناسبة صدور القانون رقم 136 لسنة 1981 تقاضى منها الطاعن الأجرة الشهرية شاملة الزيادة الدورية المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون المشار إليه وقدرها 20% اعتباراً من 1/ 1/ 1982، بحسبان أن العين مؤجرة لغير أغراض السكنى، فأقامت الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 93 لسنة 100 ق القاهرة. وبتاريخ 2/ 11/ 1983 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدها عن شقة النزاع بغرض السكنى ورد الزيادة عن الأجرة الأصلية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول إن المشرع قد جعل مناط استحقاق المؤجر للزيادة الدورية المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بالنسبة للوحدات المؤجرة لغير أغراض السكنى وفقاً لما هو ثابت بعقد الإيجار باعتبار أن هذا العقد هو شريعة المتعاقدين، وأنه لا عبرة بالاستعمال الفعلي من جانب المستأجر، كما أنه لا يملك تغيير الغرض من الاستعمال بإرادته المنفردة دون موافقة المؤجر، وأن سكوت المؤجر لا يعد بذاته دليلاً على الموافقة الضمنية على تغيير الاستعمال لأغراض السكنى. وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجعل مناط استحقاق الزيادة المنصوص عليها في المادة السابعة سالفة الذكر بالاستعمال الفعلي للعين بغرض السكنى، ولم يعول على ما جاء بعقد الإيجار واتفاق الطرفين فيه من أنها مؤجرة لغير هذا الغرض كما اتخذ من سكوت الطاعن مدة طويلة على تغيير وجه استعمال عين النزاع من عيادة إلى سكن موافقة ضمنية على الاستعمال الجديد، وحجب نفسه عن بحث دفاعه أمام محكمة الموضوع من أن اقتضائه أجرة عين النزاع شاملة نسبة الزيادة المقررة بالمادة السابعة سالفة البيان باعتبارها مؤجرة لغير أغراض السكنى وهذا ينفي موافقته على تحويل استعمال العين من عيادة إلى سكن، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن مفاد نص المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادتين 7، 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد خولت للمؤجر حق اقتضاء أجرة إضافية عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غير أغراض السكنى، ولم يرد في قوانين إيجار الأماكن - وكذلك في القواعد العامة في القانون المدني - نصوص مقابلة تخول للمستأجر حق الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة إذا ما غير استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى ومن ثم يتعين تطبيق شروط عقد الإيجار باعتبار أن العقد - وعلى ما جرى به نص المادة 147 فقرة أولى من القانون المدني - شريعة المتعاقدين فلا يجوز تعديله إلا باتفاق طرفيه ولا يحق للمستأجر بإرادته المنفردة إنقاص الأجرة وفقاً لتغييره هو الاستعمال إلى غرض السكنى مرة أخرى، ما لم يثبت أن المؤجر قد وافق صراحة أو ضمناً إلى الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة ولا يعوّل في ذلك على علمه وسكوته بتغيير المستأجر استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى مرة أخرى إذ أن حق المؤجر في اقتضاء الأجرة المقررة للأماكن المؤجرة لغير السكنى والزيادة المقررة مصدره العقد والقانون - استعمل المستأجر العين المؤجرة في هذا الغرض أم لم يستعملها - ويكون الفيصل في ذلك هو الاستعمال الوارد في عقد الإيجار المتفق عليه بين الطرفين بغض النظر عن الاستعمال الواقعي حتى ولو علم به المؤجر وسكت عنه ويضحى المناط في الرجوع إلى الأجرة الأصلية هو بموافقة المؤجر على قبولها واقتضائها. ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أبدى الخصم دفاعاً جوهرياً من شأنه أن يغير وجه الرأي في الدعوى فإنه يتعين على المحكمة أن تتناوله وتمحصه لتقف على أثره في قضائها وإلا شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدها قد استأجر شقة النزاع من الطاعن بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1959 بغرض استعمالها عيادة لطب الأسنان، وحالت ظروف عمله كطبيب للصحة المدرسية من استمرار استخدامها في هذا الغرض، فاستعملها لسكناه هو وعائلته ومنها زوجته المطعون ضدها التي أقامت بها قبيل وبعد وفاته في 26/ 5/ 1978 بغرض السكنى. وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص موافقة الطاعن الضمنية على تغيير - مورث المطعون ضدها وهي من بعده - استعمال عين النزاع لغرض السكنى لإقامته في ذات العقار وسكوته على هذا التغيير مدة طويلة، رغم أن ذلك لا ينهض وحده بذاته دليلاً على الموافقة على إنقاص الأجرة والرجوع إلى الأجرة الأصلية ولا يكفي لحمل قضائه ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها مما يرميه بالقصور في التسبيب وفساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع سيما وأن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع - من أنه اقتضى أجرة عين النزاع بالفعل من المطعون ضدها شاملة نسبة الزيادة المقررة في المادة 7 سالفة البيان على أساس قيمة الضريبة العقارية المفروضة على العين باعتبارها مؤجرة لغير أغراض السكنى مما ينفي موافقته الضمنية على إنقاص الأجرة إلى الحد القانوني، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.