مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 49

(10)
جلسة 4 من ديسمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 1356 لسنة 12 القضائية

( أ ) إيجار الأماكن - القانون رقم 46 لسنة 1962 بشأن تحديد إيجار الأماكن - سريانه على المباني التي لم تؤجر أو تشغل لأول مرة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 - يقصد بالمباني في مجال هذا القانون كل وحدة سكنية لم تؤجر أو تشغل لأول مرة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 ولو كانت وحدات أخرى من العقار أجرت أو شغلت قبل ذلك التاريخ.
(ب) إيجار الأماكن - مجلس المراجعة - قرار إداري.
عدم إعلان المستأجر بالتظلم الذي يقدمه المالك إلى مجلس المراجعة لا يعد عيباً يصم قرار المجلس.
1 - إن المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليه معدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 نصت على أن يتم "تحديد إيجارات الأماكن المعدة للسكن أو لغير ذلك من الأغراض والتي تنشأ بعد العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 المشار إليه وفقاً لما يأتي.. وتسري أحكام هذا القانون على المباني التي لم تؤجر أو تشغل لأول مرة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 168 المشار إليه.
ويقصد بلفظ المباني المنصوص عليه في الفقرة السابقة كل وحدة سكنية أو غير سكنية لم تؤجر أو تشغل لأول مرة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 المشار إليه. فإنه وفقاً لأحكام هذه المادة تسري أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 على وحدات العقار التي لم تؤجر أو تشغل لأول مرة إلا بعد العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 في 5 من نوفمبر سنة 1961 ولو كانت وحدات أخرى من العقار أجرت أو شغلت قبل ذلك التاريخ وخضعت بذلك للقانون رقم 168 لسنة 1961.
2 - إن عدم إعلان المستأجر بالتظلم الذي يقدمه المالك إلى مجلس المراجعة لا يعد عيباً يصم قرار المجلس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تجمل في أن الدكتور/ ... أقام الدعوى رقم 1368 لسنة 17 القضائية ضد مدير الإسكان والمرافق ومحافظ القاهرة ورئيس لجنة تقرير الإيجارات بمأمورية خامس بالسيدة زينب بعريضة أودعها سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 9 من مايو سنة 1963 وطلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة تقدير الإيجارات الصادر في 28 من فبراير سنة 1963 باعتبار العمارة رقم 24 شارع الكومي خاضعة للقانون رقم 46 لسنة 1962 وإلغاء هذا القرار وما ترتب عليه من آثار وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه بعد أن أقام العمارة موضوع هذه الدعوى وأتم بناءها أجر بعض وحداتها في يومي 2، 3 من نوفمبر سنة 1961 وعندما قامت مأمورية ضرائب خامس بالسيدة زينب بحصر العمارة أثبتت بمحضر الحصر أن بعض وحداتها شغلت قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 ولهذا شرعت لجنة تقدير الإيجارات في تقدير إيجار ما لم يشغل من وحدات العمارة وفي هذه الأثناء صدرت فتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة مقررة عدم خضوع المباني التي أجرت بعض وحداتها قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 للقانون رقم 46 لسنة 1962 فطلب المالك المدعي من اللجنة وقف السير في تقدير إيجار العمارة ولكن اللجنة لم تستجب لطلبه وأتمت عملها وقدرت إيجاراً لكل وحداتها واستندت اللجنة في تقريرها إيجاراً لجميع وحدات العمارة على أن مستأجريها لم يوصلوا التيار الكهربائي إلى تلك الوحدات إلا في شهر مارس سنة 1962 وأنكرت على المدعي تأجيره بعض وحداتها قبل يوم 5 من نوفمبر سنة 1961 على الرغم من تدليله على صحة هذه الواقعة بالحجز الذي أوقعته مأمورية ضرائب خامس عليه تحت يد المستأجرين لبعض الوحدات الذين وردت أسماؤهم في بلاغي الاستجداد المقدمين منه للمأمورية في 27، 30 من ديسمبر سنة 1961 وكذلك بالحجز الذي أوقعه على أحدهم وبإتمامه مقايسة توصيل التيار الكهربائي في 28 من أكتوبر سنة 1961 حسبما يبين من شهادة إدارة الكهرباء والغاز التي قدمها. وقد تظلم المالك إلى مجلس المراجعة في 23 من مايو سنة 1963 من قرار لجنة تقدير الإيجارات، وعلى الرغم من تقديمه للتظلم فإنه لم يتريث حتى يبت فيه مجلس المراجعة بل سارع إلى رفع الدعوى المشار إليها. وفي 13 من أكتوبر سنة 1964 أصدر مجلس المراجعة بمحافظة القاهرة قراراً بقبول الدفع المبدى من السيد/ ..... أحد ملاك العمارة رقم 24 شارع الكومي قسم السيدة زينب بالقاهرة فيما تضمنه من عدم اختصاص لجنة تقدير الإيجارات بتقدير إيجار الشقة رقم 5 المؤجرة في 18 من سبتمبر سنة 1962 ثم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وفي 11 من نوفمبر سنة 1964 أقام السيد/ .... الدعوى رقم 259 لسنة 19 القضائية وذلك بأن أودع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 11 من نوفمبر سنة 1964 وطلب فيها "الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار مجلس المراجعة الصادر في 13 من أكتوبر سنة 1964 بقبول الدفع المبدى من المالك للعقار رقم 24 شارع الكومي قسم السيدة زينب السيد/ .... بعدم اختصاص اللجنة بتقدير إيجار شقة الطالب وإلغاء قرار هذه اللجنة المتظلم منه ثم تحديد جلسة لنظر الموضوع يسمع فيها السيدان المعلن إليهما الحكم بإلغاء القرار المذكور المطعون فيه لمخالفته القانون ولبطلانه مع إلزام السيدان المعلن إليهما المصروفات..
وقد أعلنت هذه الصحيفة لكل من السيدين وزير الإسكان والمرافق ومحافظ القاهرة وقال المدعي بياناً لدعواه إن العمارة المذكورة أعدت للسكن وشغلت لأول مرة في شهر مارس سنة 1962 عندما أدخل بها التيار الكهربائي حسبما يتضح من بيانات إدارة الكهرباء والغاز الثابت منها وصول التيار إلى شقق العمار ة بما في ذلك الشقة رقم 5 التي استأجرها في 18 من سبتمبر سنة 1962 عقب خروج الساكن السابق السيد/ ... وأنه لما كانت العمارة المذكورة أعدت للسكنى بعد العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 في شأن خفض إيجار الأماكن المعمول به في 5 من نوفمبر سنة 1961 فهي تخضع في تقدير إيجارها للقانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليه ومن ثم فقد صح قانوناً ما قامت به لجنة تقدير الإيجارات حيث قدرت إيجار الشقة رقم 5 بالعمارة المذكورة بمبلغ 6.750 مليمجـ ومضى المدعي في هذه الدعوى يقول إنه وبعض مستأجري وحدات تلك العمارة أخطروا في 22 من أكتوبر سنة 1964 بالقرار المطعون فيه وقد ترتب عليه عدم خضوع الوحدات المؤجرة لهم لتقدير اللجنة بينما بقيت الوحدات الأخرى خاضعة له كما أضاف المدعي أنه لم يخطر بالحضور أمام مجلس المراجعة ومن ثم لم يتمكن من إبداء دفاعه وخاصة وأن المالك يقوم بكتابة تواريخ لعقود الإيجار سابقة على التاريخ الحقيقي لتحريرها وذلك حسبما يبين من شكوى أرشد عن رقمها يبين منها أن الشقة التي أجرت إلى السيد/ .... قدم فيها تاريخ تأجيرها للإيهام بأن إعداد العمارة للسكنى وشغلها تم قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 وبجلسة 4 من مايو سنة 1965 طلب الدكتور/ ... التدخل في هذه الدعوى خصماً ثالثاً منضماً للحكومة بصفته أحد ملاك العمارة وقررت المحكمة قبول تدخله، وقدم مذكرة قال فيها إن مأمورية خامس إيرادات أوقعت عليه حجزاً تحت يد سكان العمارة ومن بينهم السيد/ ... الذي استأجر الشقة رقم 5 المؤجرة للمدعي في هذه الدعوى كما قدم كشفاً مستخرجاً من دفتر جرد سنة 1962 ثابت به إتمام بناء العمارة موضوع الدعوى في 31 من أكتوبر سنة 1961 وأن الشقة رقم 5 مؤجرة إلى السيد/ .... بعقد مؤرخ 3 من نوفمبر سنة 1961 وربطت ضرائبها على هذا الأساس كما قدم شهادة من المؤسسة المصرية العامة لتوزيع القوي الكهربائية بمنطقة القاهرة تفيد إدخال المدعي التيار في شقته رقم 5 في 19 من أكتوبر سنة 1963 أي بعد أكثر من سنة من تاريخ تأجيرها له الذي تم في 18 من سبتمبر سنة 1962، كما قدم شهادة أخرى من ذات الإدارة تفيد تنفيذ مقايسة الكهرباء للعمارة في 28 من أكتوبر سنة 1961، وأودع الحاضر عن الحكومة المدعى عليها مذكرة جاء بها أن مجلس المراجعة اطلع قبل إصداره القرار المطعون فيه على كشف مستخرج من سجلات مأمورية إيرادات القسم الخامس مسودة رقم 61 أثبتت فيه لجنة الحصر أن العمارة تمت قبل 31 من أكتوبر سنة 1961 وذلك عند مرورها على العمارة في 29 من أكتوبر سنة 1961، كما أثبتت أن الشقة رقم 5 مشغولة بالسيد.... الذي أجرها بعقد مؤرخ 3 من نوفمبر سنة 1961، كما اطلع المجلس أيضاً على عقد الإيجار المحرر مع الساكن المذكور وعلي شهادة من إدارة الكهرباء والغاز تفيد إتمام تركيب الوصلة الأرضية في 28 من أكتوبر سنة 1961 وعلى بلاغي استجداد مقدمين من الخصم المتدخل مؤرخين في 27، 30 من ديسمبر سنة 1961 وثابت بهما أسماء المستأجرين وتواريخ عقودهم وكل هذه التواريخ سابقة على تاريخ صدور القانون رقم 46 لسنة 1962 مما يؤيد صحة عقد الإيجار المؤرخ 3 من نوفمبر سنة 1961 وانتهت مذكرة الحكومة إلى طلب رفض الدعوى لصحة ما انتهى إليه مجلس المراجعة من رأي ولعدم وقوع قراره في عيب شكلي ذلك أن القانون لا يوجب إخطار المستأجرين بالحضور أمام مجلس المراجعة عند نظر التظلمات.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري قررت ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 31 من مايو سنة 1961 أصدرت حكمها وقد تضمن بالنسبة إلى الدعوى رقم 359 لسنة 19 القضائية رفضها بشقيها مع إلزام المدعي بمصروفاتها، وقالت في أسباب حكمها أما المدعي ينعى على قرار مجلس المراجعة المطعون فيه صدوره بناء على إجراءات باطلة ومخالفة للقانون ويؤسس طعنه ببطلان الإجراءات على عدم إعلانه بالحضور أمام مجلس المراجعة لإبداء دفاعه ويؤسس طعنه بمخالفة القرار للقانون على أن العمارة المذكورة لم تعد للسكنى إلا في شهر مارس سنة 1962 إذ لم يصل التيار الكهربائي إلى وحداتها المختلفة إلا اعتباراً من 13 من مارس سنة 1961 وبذلك تخضع هذه العمارة للقانون رقم 46 لسنة 1962 وقد أخضعت بعض الشقق والمحال التي بنيت قبل الشقة المؤجرة له لهذا القانون وكانت شقته أولى بهذا الخضوع وأنه لا يمكن الاعتماد على عقود الإيجار المؤرخة قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 بعد أن قرر القاطنون في العمارة في ملف لجنة تقدير الإيجارات أنهم أول من شغلوا شققها ومحالها في مارس 1962، كما أنه لا يمكن الاعتماد على إبرام هذه العقود في التواريخ المدونة عليها لأن المؤجر يقدم تواريخ عقود الإيجار. وقد ردت المحكمة على ما تقدم بأنها اطلعت على دفاتر مصلحة الأموال المقررة الخاصة بالحصر والجرد وتقدير الإيجارات كما ناقشت مندوبي المصلحة في هذه البيانات وتبينت من الاطلاع والمناقشة أن لجنة الحصر مرت على العمارة في 29 من أكتوبر سنة 1961 فوجدتها تامة البناء وخالية من السكان ثم عادت لجنة الملحق ومرت على العمارة في 14 من مارس سنة 1962 فوجدت في الشقة رقم 5 زوجة السيد/ ..... واطلعت اللجنة في اليوم التالي للزيارة على عقد إيجار الشقة كما قدم الخصم المنضم للجنة عقود الوحدات المؤجرة قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 ومن بينها عقود إيجار ثلاثة محال للسيد/ ..... مستأجرها ومستأجر الشقة رقم 8 وخلصت المحكمة من مطالعتها لأوراق الدعوى إلى أن الخصم المتدخل وشركاؤه أتموا بناء العمارة رقم 31 من أكتوبر سنة 1961 وأجروا بعض وحداتها قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 ومن بين هذه الوحدات الشقة رقم 5 التي أجرت إلى السيد/ .... وورد اسمه وتاريخ إبرام العقد معه في بلاغي الاستجداد المؤرخي 27، 30 من ديسمبر سنة 1961 قبل صدور القانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليه، كما ذكر السيد/ ... مندوب مصلحة الأموال المقررة أنه وجد زوجة هذا المستأجر في الشقة عند مروره مع لجنة الملحق على العمارة في 14 من مارس سنة 1962 وقد أطلعه على عقد الإيجار في اليوم التالي للمرور وقد قدم المدعي شهادة صادرة من إدارة الكهرباء والغاز تفيد وصول التيار الكهربائي باسم السيد/ .... في 13 من مارس سنة 1962 وكل ذلك قاطع في أن عقد الإيجار المبرم معه عن هذه الشقة عقد حقيقي وأنه أبرم ونفذ وليس في أوراق الدعوى ما يفيد عدم إبرامه وتنفيذه في التاريخ المدون عليه وأن استناد المدعي إلى قيام الخصم المتدخل بتقديم تاريخ عقد الإيجار الخاص بالسيد/ ...... عن إحدى شقق العمارة في التدليل على عدم سلامة التاريخ المدون على العقد البرم مع السيد.... لا يصلح دليلاً على ذلك فضلاً عن أن الخصم المتدخل قدم إنذاراً كان أعلن إليه بناء على طلب السيد/ .... وقد وردت في الإنذار بيانات العقد المبرم مع المنذر حسبما تم الاتفاق عليها مع الخصم المذكور وأن تأخير السيد... وغيره من المستأجرين في توصيل التيار الكهربائي إلى الوحدات المؤجرة لهم إلى يوم 13 من مارس سنة 1962 وما بعده لا ينفي أن الأماكن المؤجرة كان قد تم إعدادها للسكنى فعلاً قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 ولا ينفي صدور عقود الإيجار المبرمة قبل 5 من نوفمبر سنة 1961 وتنفيذها قبله وقد ورد في شهادات إدارة - الكهرباء والغاز ما يفيد إتمام مقايسة توصيل الكهرباء إلى العمارة في 28 أكتوبر سنة 1961.
ومن حيث إن مبنى الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى هو أن المحكمة جانبت الصواب فيما استخلصته ومن أن الشقة رقم 5 شغلت قبل يوم 5 من نوفمبر سنة 1961 إذ أنها لم تشغل إلا بعد ذلك التاريخ ومن ثم يكون ما قضت به المحكمة من خضوع تقدير قيمة تلك الشقة الإيجارية لما نص عليه في القانون رقم 168 لسنة 1961 منطوياً على الخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي من أجله يطلب الطاعن الحكم "في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الصادر من مجلس المراجعة بحافظة القاهرة في 13 من أكتوبر سنة 1964 بقبول الدفع المبدى من السيد/ ... أحد ملاك العمارة رقم 24 شارع الكومي بالسيدة زينب بعدم اختصاص لجنة تقدير الإيجارات بتقدير الشقة رقم 5 المؤجرة إلى الطاعن في 18 من سبتمبر سنة 1962 - والقضاء باختصاص اللجنة بتقدير الأجرة المنوه عنها..".
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليه معدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 نصت على أن يتم "تحديد إيجارات الأماكن المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض والتي تنشأ بعد العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 المشار إليه وفقاً لما يأتي.. وتسري أحكام هذا القانون على المباني التي لم تؤجر أو تشغل لأول مرة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 168 المشار إليه.
ويقصد بلفظ المباني المنصوص عليه في الفقرة السابقة كل وحدة سكنية أو غير سكنية لم تؤجر أو تشغل لأول مرة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 المشار إليه. فإنه وفقاً لأحكام هذه المادة تسري أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 على وحدات العقار التي لم تؤجر أو تشغل لأول مرة إلا بعد العمل بالقانون رقم 168 لسنة 1961 في 5 من نوفمبر سنة 1961 ولو كانت وحدات أخرى من العقار أجرت أو شغلت قبل ذلك التاريخ وخضعت بذلك للقانون رقم 168 لسنة 1961 وإذ كانت ولاية القضاء الإداري على قرار مجلس المراجعة في شأن تحقيق واقعة وتاريخ تأجير أو شغل الوحدات موضوع القرار هي كولايته في شأن أي قرار إداري آخر تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً، فإذا كانت النتيجة منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها كان القرار فاقداً لركن السبب ووقع مخالفاً للقانون، فهذه الرقابة لا تعني أن تحل المحكمة نفسها محل مجلس المراجعة فيما هو متروك لتقديره ووزنه فتستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى المجلس من دلائل وبيانات وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أفاض في إيضاح وسرد الأصول التي رد إليها مجلس المراجعة صحيح ما استخلصه في قراره الطعين - وهي أصول منتجة - تقطع بأن الشقة رقم 5 التي يستأجرها الطاعن بالعمارة رقم 14 شارع الكومي بالسيدة زينب قد تم تأجيرها لسواه لأول مرة قبل 5 من نوفمبر سنة 1961، فإن المحكمة بذلك لا تكون قد أخطأت في القانون أو جاوزت ولايتها، ويكون صحيحاً ما انتهت إليه من القضاء برفض الدعوى تأسيساً على خضوع تلك الوحدة من العمارة المذكورة لأحكام القانون رقم 168 لسنة 1961 وعدم خضوعها لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 كأثر قانوني حتمي بني على تاريخ شغلها لأول مرة بعد إتمام بنائها. والجدير بالتنويه في هذا المقام. أن عدم إعلان المستأجر بالتظلم الذي يقدمه المالك إلى مجلس المراجعة لا يعد عيباً يصم قرار المجلس. كما ذهب الطاعن في دعواه وذلك أن القانون رقم 46 لسنة 1962 لم يتضمن نصاً يلزم مجلس المراجعة بهذا الإعلان إذ اكتفى القانون المشار إليه بإجازة التظلم لكل من المالك والمستأجر على قدم المساواة كما لم يلزم أي منهما بإعلان الطرف الآخر بتظلمه، ويرد ذلك إلى أن الخصومة أمام مجلس المراجعة ليست خصومة شخصية بين طرفين متنازعين بل هي خصومة عينية تقوم على اختصام قرار إداري بعينه وهو الأساس في إسناد ولاية النظر في هذه المنازعة إلى مجلس الدولة. وقد تكفل ذات القانون بوضع ضوابط هذه المنازعة فكشف عن إخراجها من المنازعات الشخصية وآية ذلك ما نص عليه في عجز المادة 5 من القانون المشار إليه من أنه لا يجوز لأي مستأجر آخر المنازعة في الأجرة متى صار تحديدها نهائياً، ولازم ذلك أنه لا حجة لما يثار من إهدار لحق الدفاع الذي يمثل ضمانة أساسية تقوم بغير حاجة إلى نص يؤكدها إذ أن مجال هذا الحق هو المنازعات الشخصية وقد أخرج المشرع منازعات تقدير الأجرة من هذا المجال بتدخله في العلاقة التأجيرية بين المالك والمستأجر تدخلاً يتصل بالنظام العام وعهد إلى مجلس المراجعة بالولاية المرسومة له، ومن ثم فعلى كل من المالك والمستأجر أن يتدبر أمره في نظام هذا التنظيم وفي حدوده التي ليس للإعلان فيها عند نظر التظلم من سبيل.
ومن حيث إن الطعن إذ ذهب إلى غير ما تقدم من رأي قانوني فإنه يكون مستأهلاً الرفض في موضوعه مع إلزام الطاعن بكامل المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.