أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 200

جلسة 22 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطة، شكري جمعة حسين، نائبي رئيس المحكمة فتيحة قرة ومحمد الجابري.

(173)
الطعن رقم 3348 لسنة 58 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن: حظر احتجاز أكثر من مسكن". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في القانون: ما لا يعد كذلك". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(1) حظر احتجاز الشخص أكثر من مسكن في البلد الواحد. مناطه. انفراد الشخص بالسيطرة المادية والقانونية عليها. نطاقه. عدم امتداد الحظر لزوجته وأولاده. علة ذلك. م 8 ق 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 5 ق 52 لسنة 1969.
(2) استخلاص الواقع في الدعوى واستنباط القرائن منها وتقدير توافر مقتضى احتجاز أكثر من مسكن وأدلة الصورية من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً له أصل ثابت بالأوراق. عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم. ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها.
(3) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى انتفاء احتجاز المطعون ضده لأكثر من مسكن في البلد الواحد استناداً إلى عدم انفراده بشقة النزاع ومشاركة زوجته له بحق النصف في ملكيتها واحتجازها مما تنحسر معه حكم المادة الثامنة ق 49 لسنة 1977. لا خطأ.
1 - المقرر في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 - المقابلة لنص المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض...." يدل على أن المشرع قصر هذا الحظر على الشخص الواحد بذاته دون غيره ولو كان هذا الغير من أفراد أسرته كالزوجة والأولاد إذ لو قصد المشرع أن يحظر على الشخص وأفراد أسرته احتجاز أكثر من مسكن لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 39 والخاصة بإيجار الأماكن المفروشة ومن ثم فلا يقع الحظر إذا وقع الاحتجاز من زوجته وذلك لأن لها في حكم القانون شخصيتها استقلالاً فلا تكون له مالكاً أو مستأجراً السيطرة المادية والقانونية على المسكنين وهي المناط في توافر الاحتجاز المحظور قانوناً عنه.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الواقع في الدعوى واستنباط القرائن من الأوراق المقدمة فيها وتقدير توافر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد واستخلاص أدلة الصورية أو انتفائها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك طالما ركنت في ذلك إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها وهي لا تلتزم من بعد بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها الخصم لتعزيز وجهة نظره في النزاع ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لها يخالفها.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتفاء احتجاز المطعون ضده لأكثر من مسكن في البلد الواحد على ما استخلصه من الثابت بالأوراق وتقرير الخبير من أن عقد البيع والقرض الصادر من الجمعية التعاونية الكبرى للإسكان والتعمير يتضمن بيع الأرض التي أقيم عليها العقار الكائنة به الشقة محل النزاع مناصفة بين المطعون ضده وزوجته وأن تلك الشقة لا ينفرد المستأجر بشغلها بصفته مالكاً أو مستأجراً لذاته وإنما تشاركه في الملكية والاحتجاز زوجته المالكة للشقة بحق النصف وانتهى إلى أنه لا يعد مسكناً خالصاً له وحده مما ينحسر عنه حكم المادة الثامنة من القانون 49 لسنة 1977 - وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لقاضي الموضوع سلطة استخلاصه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 1494 لسنة 1983 مدني أمام محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة والتسليم، وقال شرحاً لذلك إن المطعون ضده استأجر منه تلك الشقة بعقد مؤرخ 15/ 7/ 1965 ثم احتجز مسكناً آخر في عقار مملوك له مخالفاً للحظر الوارد في القانون فأقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 49 لسنة 38 ق المنصورة وبعد أن أحالت الدعوى للتحقيق قضت بتاريخ 25/ 5/ 1988 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق ويقول بياناً لذلك إن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن المبنى مملوك للمطعون ضده وزوجته مناصفة بينهما أخذاً بتقرير الخبير وصورة ضوئية من عقد بيع وقرض مقدم من المطعون ضده يتضمن بيع الجمعية التعاونية للإسكان والتعمير بالمنصورة إلى كل من المطعون ضده وزوجته الأرض التي أقيم عليها العقار حين أن هذا العقد غير مسجل ولا تنتقل به الملكية وأغفل بحث دلالة المستندات المقدمة منه أمام محكمة الموضوع والخبير المنتدب والتي يبين منها انفراد المطعون ضده بملكية البناء إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تتطرق إلى بحث دفاعه بصورية عقد الإيجار المصطنع للشقة التي يحتجزها المطعون ضده مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 - المقابلة لنص المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 - على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض..." يدل على أن المشرع قصر هذا الحظر على الشخص الواحد بذاته دون غيره ولو كان هذا الغير من أفراد أسرته كالزوجة والأولاد إذ لو قصد المشرع أن يحظر على الشخص وأفراد أسرته احتجاز أكثر من مسكن لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 39 والخاصة بإيجار الأماكن المفروشة ومن ثم فلا يقع الحظر إذا وقع الاحتجاز من زوجته وذلك لأن لها في حكم القانون شخصيتها استقلالاً فلا تكون له مالكاً أو مستأجراً السيطرة المادية والقانونية على المسكنين وهي المناط في توافر الاحتجاز المحظور قانوناً عنه - كما أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضاً أن استخلاص الواقع في الدعوى واستنباط القرائن من الأوراق المقدمة فيها وتقدير توافر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد واستخلاص أدلة الصورية أو انتفائها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك طالما ركنت في ذلك إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها وهي لا تلتزم من بعد بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها الخصم لتعزيز وجهة نظره في النزاع ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتفاء احتجاز المطعون ضده لأكثر من مسكن في البلد الواحد على ما استخلصه من الثابت بالأوراق وتقرير الخبير من أن عقد البيع والقرض الصادر من الجمعية التعاونية الكبرى للإسكان والتعمير يتضمن بيع الأرض التي أقيم عليها العقار الكائنة به الشقة محل النزاع مناصفة بين المطعون ضده وزوجته وأن تلك الشقة لا ينفرد المستأجر بشغلها بصفته مالكاً أو مستأجراً لذاته وإنما تشاركه في الملكية والاحتجاز زوجته المالكة للشقة بحق النصف وانتهى إلى أنه لا يعد مسكناً خالصاً له وحده مما ينحسر عنه حكم المادة الثامنة من القانون سالفة الذكر وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لقاضي الموضوع سلطة استخلاصه ويضحى النعي بهذه الأسباب على غير أساس.