أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 438

جلسة 15 من أبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(83)
الطعن رقم 310 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) مواد مخدرة. مأمور الضبط القضائي. جريمة. "الكشف عن الجريمة". إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". بطلان.
( أ ) كل إجراء يقوم به مأمور الضبط في سبيل الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مفارقتها.
(ب) تظاهر مأمور الضبط برغبته في شراء مخدر من المتهم وتقديم المتهم المخدر له. ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها. حق المحكمة في الأخذ بالدليل المستمد من ذاك الإجراء متى اطمأنت إلى حصوله.
1 - إن مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها، وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة. ولا تثريب على مأمور الضبط أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة.
2 - متى كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نمى إلى الضابط من أحد المرشدين أن المتهم - وهو رجل كفيف البصر - يتجر في الأفيون ويقوم بتوزيعه على العملاء في مكان عينه، فانتقل ثمة متظاهراً برغبته في الشراء، فأخرج له المتهم ما معه من المخدر للتأكد من جودة صنفه فألقى الضابط - عندئذ - القبض عليه، فإن ما فعله يكون إجراء مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله، لأن تظاهر مأمور الضبط برغبته في الشراء ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أبطل الدليل المستمد بما كشف عنه المتهم طواعية من إحرازه المخدر، يكون على غير سند من الواقع أو أساس من القانون، مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 2 يوليه سنة 1966 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "أفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للوصف والقيد والمواد الواردة بقرار الإحالة. فقرر بذلك في 5 نوفمبر سنة 1966. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمادتين 304 و308 من قانون الإجراءات الجنائية مع تطبيق المادة 30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المتهم المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على ما قال به من أن مأمور الضبط سعى بنفسه إلى الإيقاع بالمتهم إذ أخفى حقيقته عنه مستغلاً فقد بصره، حتى أوقع نفسه في حالة تلبس بالجريمة مع أن ما وقع من الضابط لم يكن إلا محاولة للكشف عن تلك الجريمة دون تحريض على ارتكابها، وكانت إرادة الجاني حرة حينما أبرز المخدر الذي يحرزه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها، وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة. ولا تثريب على مأمور الضبط في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نمى إلى الضابط من أحد المرشدين أن المتهم - المطعون ضده - وهو رجل كفيف البصر - يتجر في الأفيون ويقوم بتوزيعه على العملاء في مكان عينه، فانتقل ثمة متظاهراً برغبته في الشراء فأخرج له المتهم ما معه من المخدر للتأكد من جودة صنفه، فألقى الضابط - عندئذ - القبض عليه، فإن ما فعله يكون إجراء مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله، لأن تظاهر مأمور الضبط برغبته في الشراء، ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أبطل الدليل المستمد مما كشف عنه المتهم طواعية من إحرازه للمخدر، يكون على غير سند من الواقع، أو أساس من القانون، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
ولما كانت المحكمة قد حجبت نفسها عن مواجهة عناصر الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.