مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 79

(14)
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 368 لسنة 14 القضائية

دعوى - حكم - حجية الأمر المقضي. شرط اتحاد المحل في الدعويين - يتوافر إذا كانت كل منهما قد رفعت بطلب تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس مرتب يزيد على المرتب الذي اعتدت به جهة الإدارة في هذا التثبيت - لا يحول دون توافر هذا الشرط اختلاف مبلغ المرتب المطلوب التثبيت على أساسه في كل من الدعويين - عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
إن الثابت من الأوراق أن المدعية سبق أن رفعت الدعوى رقم 616 لسنة 10 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم ضد الوزارة الطاعنة تطلب فيها تسوية حالتها بتثبيت إعانة غلاء المعيشة المستحقة لها على أساس راتب قدره 12 جنيهاً اعتباراً من تاريخ تعيينها وقد قضى فيها بتاريخ 3 من يوليه سنة 1965 برفضها ثم عادت فأقامت الدعوى الراهنة تطلب فيها تثبيت إعانة الغلاء المستحقة لها على راتب قدره 10 جنيهات اعتباراً من تاريخ تعيينها.
وواضح مما تقدم أن الحق المدعى به في الدعويين قد توفرت فيه الشروط الثلاثة التي تجعل للحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 616 لسنة 10 القضائية (المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم) حجية الأمر المقتضى به في الدعوى الراهنة وهذه الشروط الثلاثة هي اتحاد الخصوم والمحل والسبب فلا جدال في اتحاد الخصوم في الدعويين، وقد رفعت الدعوى الراهنة بالمحل ذاته الذي سبق طلبه في الدعوى الأولى وهو تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس مرتب شهري أزيد من مبلغ 7.500 جنيهات ولا يهم أن تكون المدعية قد طلبت في الدعوى الأولى تثبيت هذه الإعانة على أساس مرتب شهري قدره 12 جنيهاً وعلى حين طلبت في الدعوى الراهنة تثبيتها على أساس مرتب شهري قدره 10 جنيهات إذ القاعدة في معرفة ماذا كان محل الدعويين متحداً أن تتحقق المحكمة من أن قضاءها في الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق، فلا تكون هناك فائدة منه وهو أمر محقق في الدعوى الراهنة كما أن السبب متحد في الدعويين ما دام المصدر القانوني للحق المدعى به فيهما واحداً، وهو قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر 1950 في شأن تثبيت إعانة غلاء المعيشة.
وتأسيساً على ما تقدم تكون الدعوى الراهنة في حقيقتها ترشيداً للدعوى التي سبق أن رفعتها المدعية وقضي برفضها مما يعد طرحاً للنزاع من جديد وهو أمر غير جائز احتراماً لحجية الأمر المقضى فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن "في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 230 لسنة 20 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم ومحافظ القاهرة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1965 طلبت فيها الحكم" بأحقيتها في تسوية حالتها بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس 10 جنيهات وهو أول مربوط الدرجة السابعة في 30 من نوفمبر 1950 عملاً بقرار مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1950 على أن يكون خصم نصف فرق الكادرين بواقع جنيه واحد شهرياً وليس 3.500 مليمجـ مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتباراً من 13 من سبتمبر سنة 1958 وإلزام المدعى عليها المصاريف والأتعاب" وتوجز أسانيد دعواها في أنها حاصلة على شهادة الثانوية الفنية عام 1952 ودبلوم المعلمات الراقي عام 1958 وعينت مدرسة من الدرجة السابعة بأول مربوطها وهو 12 جم شهرياً اعتباراً من 13 من سبتمبر سنة 1958 وثبتت لها الوزارة إعانة الغلاء على أساس مرتب شهري قدره 7.500 وقامت بخصم فرق الكادرين بين 12 جم، 7.500 مليمجـ، وكان يتعين - في نظرها - تثبيت إعانة الغلاء على أساس 10 جم وأن خصم فرق الكادرين على أساس الفرق بين 12 جم، 10 جم وليس بين 12 جم و7.500 مليمجـ. وقد ردت جهة الإدارة على الدعوى بأن دبلوم المعلمات الراقي مقرر له مرتباً شهرياً قدره 7.500 في قواعد الإنصاف، وأنه لا يجوز تثبيت إعانة الغلاء للمدعية على أساس 10 جم حتى لا يتميز الجديد على القديم. وبجلسة 6 من نوفمبر سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعية في تسوية حالتها، بتثبيت إعانة غلاء المعيشة المستحقة لها على أساس راتب شهري قدره عشرة جنيهات، وخصم فرق الكادرين بين 10 جم، 12 جم ورد نصف هذا الفرق طبقاً للقرار الجمهوري رقم 237 لسنة 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات" وأقامت قضاءها على أن العبرة في المقارنة بين الماهيات المقررة في 30 من نوفمبر سنة 1950 وبين الماهيات المستحقة بعد أول يوليه سنة 1952 هو بالدرجة المعين فيها الموظف والراتب المحدد لها في الكادر الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بالنسبة للماهية المقررة في كادر سنة 1939 ولما كانت المدعية معينة في سنة 1958 في الدرجة السابعة براتب قدره 12 جم، وكان أول مربوط هذه الدرجة طبقاً لكادر سنة 1939 هو عشرة جنيهات فإنه طبقاً للقواعد سالفة الذكر، يتعين تثبيت إعانة الغلاء المستحقة للمدعية على أساس راتب قدره عشرة جنيهات في الدرجة السابعة، وبالنسبة لعنصر خصم فرق الكادرين بين 10 جم، 12 جم فقط فإنه لما كان كادر سنة 1939 يقضي بتحديد راتب 10 جم شهرياً لمن يعين في الدرجة السابعة بينما حدد القانون رقم 210 لسنة 1951 بداية مربوط السابعة ب 12 جم فيتعين أن يكون الخصم بين فرق الكادرين 10 جم، 12 جم.
ومن حيث إن الطعن يقوم على وجهين، الأول هو عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، ذلك أن المطعون عليها سبق أن أقامت - الدعوى رقم 616 لسنة 10 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم طلبت فيها الحكم بتسوية حالتها بجعل إعانة الغلاء المستحقة لها على أساس مرتب قدره 12 جم اعتباراً من تاريخ تعيينها، وقد قضت المحكمة بجلسة 3 من يوليه سنة 1965 برفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات وأصبح هذا الحكم نهائياً، الثاني هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون إذ قضى بتثبيت إعانة غلاء المعيشة للمدعية على أساس راتب قدره 10 جم، بينما الراتب المقرر لمؤهلها في 30 من نوفمبر سنة 1950 حسب قواعد الإنصاف هو 7.500 مليمجـ وهو المعول عليه قانوناً في تثبيت إعانة الغلاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعية سبق أن رفعت الدعوى رقم 616 لسنة 10 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم ضد الوزارة الطاعنة تطلب فيها تسوية حالتها بتثبيت إعانة غلاء المعيشة المستحقة لها على أساس راتب قدره 12 جنيهاً اعتباراً من تاريخ تعيينها وقد قضي فيها بتاريخ 3 من يوليه سنة 1965 برفضها ثم عادت فأقامت الدعوى الراهنة تطلب فيها تثبيت إعانة الغلاء المستحقة لها على راتب قدره 10 جم اعتباراً من تاريخ تعيينها.
ومن حيث إنه واضح مما تقدم أن الحق المدعى به في الدعويين قد توفرت فيه الشروط الثلاثة التي تجعل الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 616 لسنة 10 القضائية (المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم) حجية الأمر المقضى به في الدعوى الراهنة وهذه الشروط الثلاثة هي اتحاد الخصوم والمحل والسبب فلا جدال في اتحاد الخصوم في الدعويين، وقد رفعت الدعوى الراهنة بالمحل ذاته الذي سبق طلبه في الدعوى الأولى وهو تثبيت إعانة المعيشة على أساس مرتب شهري أزيد من مبلغ 7.500 مليمجـ ولا يهم أن تكون المدعية قد طلبت في الدعوى الأولى تثبيت هذه الإعانة على أساس مرتب شهري قدره 12 جم وعلى حين طلبت في الدعوى الراهنة تثبيتها على أساس مرتب شهري قدره 10 جم إذ القاعدة في معرفة ما إذا كان محل الدعويين متحداً أن تتحقق المحكمة من أن قضاءها في الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق فلا تكون هناك فائدة منه وهو أمر محقق في الدعوى الراهنة كما أن السبب متحد في الدعويين ما دام المصدر القانوني للحق المدعى به فيهما واحداً، وهو قرار مجلس الوزارة الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 في شأن تثبيت إعانة غلاء المعيشة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم تكون الدعوى الراهنة في حقيقتها ترديداً للدعوى التي سبق أن رفعتها المدعية وقضي برفضها مما يعد طرحاً للنزاع من جديد، وهو أمر غير جائز احتراماً لحجية الأمر المقضى فيه ويكون الحكم المطعون فيه إذ أجاب المدعية إلى طلباتها قد جاء مخالفاً للقانون فيتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 616 لسنة 10 القضائية من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم مع إلزام المدعية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وألزمت المدعية بالمصروفات.