مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 92

(16)
جلسة 11 من ديسمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 181 لسنة 15 القضائية

( أ ) عاملون بالقطاع العام - تأديب.
تنزيل فئة العامل وخفض مرتبه نتيجة تقدير كفايته في تقريرين متتاليين بدرجة ضعيف - ليس جزاء تأديبياً - أساس ذلك.
(ب) عاملون بشركات القطاع العام - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - اختصاص المحاكم التأديبية - قرار إداري.
انتفاء صفة الموظف العام عن العاملين بشركات القطاع العام - خضوع منازعاتهم غير التأديبية لاختصاص المحاكم العادية دون المحاكم الإدارية - لا يغير من ذلك تصديق رئيس مجلس إدارة المؤسسة على القرار الصادر من الشركة - بيان ذلك.
1 - إن الشركة لم تصدر قرارها بتنزيل فئة المدعي من الخامسة إلى السادسة وبتخفيض مرتبه، بوصفها سلطة تأديبية بالتطبيق لأحكام المواد 57 و59 و60 من الفصل العاشر من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام معدلاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 802 لسنة 1967، وإنما أصدرته بسلطتها المخولة لها في شأن تقرير الآثار المترتبة على تقدير كفاية العاملين بالتطبيق لأحكام الفصل الثالث منه الخاص بلجان شئون العاملين وتقارير النشاط الدورية فلم ينسب القرار إلى المدعي مخالفة تأديبية معينة تستوجب العقاب التأديبي وإنما أفصحت صياغته عن صدوره بمناسبة تقدير كفايته بدرجة ضعيف. ومن ثم تكون الشركة - في إصدارها قرارها المطعون فيه - قد استعلمت سلطتها المخولة لها في المادة 24 من القرار الجمهوري سالف الذكر والتي تجيز لها دون حاجة إلى تصديق سلطة عليا تنزيل العامل إذا قدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف إلى وظيفة من فئة أدنى مع تخفيض مرتبه بما لا يجاوز الربع. ولم يخرج نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 على حكم هذه التفرقة وذلك على ما يبين من نص المادة 17 منه التي تقابل المادة 24 سالفة الذكر والمواد 46 و48 و49 من الفصل الثامن التي تقابل المواد 57 و59 و60 من القرار الجمهوري آنف الذكر.
2 - إن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971 قد اقتصر على تخويل المحاكم التأديبية سلطة الفصل في بعض القرارات التأديبية المنصوص عليها في المادة 49 منه دون ثمة نص آخر على تحديد المحاكم المختصة بنظر منازعات العاملين الأخرى، بما مفاده الإبقاء على اختصاص المحاكم على ما هو عليه دون تعديل إلا في الحدود التي نص عليها هذا القانون.
ولما كان المدعي هو من العاملين في شركات القطاع العام لا يندرج في حكم الموظفين العموميين، وهو بهذه الصفة - وكأصل عام - يخضع في كل ما يثور بشأنه في منازعات غير تأديبية لاختصاص المحاكم العادية دون الإدارية، بالتطبيق لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون إصدار القانون رقم 61 لسنة 1971 سالف الذكر التي تقضي بأن تسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون". ولا ينال من ذلك تصديق رئيس مجلس إدارة المؤسسة على القرار المطعون فيه لأنه ليس من شأن هذا التصديق أن يحيل قرار الشركة الصادر منها في حدود الاختصاص المقرر لها في شأن أحد العاملين بها إلى قرار إداري صادر في شأن الأفراد أو الهيئات مما يختص القضاء الإداري بالفصل فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 231 لسنة 10 القضائية ضد السيدين رئيس مجلس إدارة شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج بصفتيهما، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية - بالإسكندرية في 7 من مارس سنة 1968، طلب فيها الحكم بإلغاء قرار السيد رئيس مجلس إدارة الشركة والمصدق عليه من السيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة المذكور بتخفيض فئته من الخامسة إلى السادسة بوظيفة مساعد رئيس قسم وبتخفيض مرتبه من 74.177 مليمجـ إلى 61.814 مليمجـ مع إلزام الشركة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أن القرار المطعون فيه استند إلى أن كفايته قدرت بتقدير ضعيف أكثر من مرة في الفترة من الأول من أكتوبر سنة 1965 إلى 31 من مارس سنة 1966 وفي الفترة من الأول من إبريل سنة 1966 إلى 30 من سبتمبر سنة 1966، كما استند إلى استهتاره في عمله وكثرة الجزاءات الموقعة عليه. ونعى المدعي على هذا القرار بالبطلان ابتناء على أن تقريري الكفاية اللذين اعتمدت عليهما الشركة صدرا عن عام واحد فقط ولم تحدد الشركة وقائع الاستهتار والجزاءات التي على أساسها أصدرت قرارها بتخفيض فئته ومرتبه.
وبجلسة 19 من أكتوبر سنة 1968 "حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن" وأقامت قضاءها على أن المستفاد من الأوراق أن رئيس مجلس إدارة الشركة قرر خفض فئة ومرتب المدعي لحصوله على تقريرين متتاليين بدرجة ضعيف وبذلك يكون قد أعمل في شأنه حكم المادة 24 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام المعدل بالقرار رقم 802 لسنة 1967 وبناء عليه لا يكون القرار المطعون فيه من قبيل الجزاءات المشار إليها في المادة 59 من القرار الجمهوري سالف الذكر والتي تختص المحكمة التأديبية بالفصل فيها دون سواها طبقاً لحكم المادة 60 منه، وبالتالي لا تختص المحكمة بالفصل في القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم خالف حكم القانون ابتناء على أن القرار المطعون لم يصدر بالتطبيق لحكم المادة 24 من القرار الجمهوري سالف الذكر وإنما صدر وفقاً لنص المادتين 59، 60 منه ومن ثم تكون المحكمة التأديبية هي صاحبة الاختصاص في الفصل في المنازعة، وأنه مع فرض التسليم بما انتهى إليه الحكم المطعن فيه فقد كان من المتعين وفقاً لأحكام قانون المرافعات أن تحيل المحكمة الدعوى إلى القضاء الإداري أو المحكمة العمالية المختصة. وعقبت الشركة مؤكدة أن القرار المطعون فيه صدر في حدود سلطاتها المحددة في المادة 24 من القرار الجمهوري سالف الذكر، وخلصت من ذلك إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الشركة المدعى عليها لم تصدر قرارها بتنزيل فئة المدعي من الخامسة إلى السادسة بوظيفة مساعد رئيس قسم وبتخفيض مرتبه من 74.177 مليمجـ إلى 61.814 مليمجـ بوصفها سلطة تأديبية بالتطبيق لأحكام المواد 57، 59، 60 من الفصل العاشر من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام معدلاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 802 لسنه 1967، وإنما أصدرته بسلطتها المخولة لها في شأن تقرير الآثار المترتبة على تقدير كفاية العاملين بالتطبيق لأحكام الفصل الثالث منه الخاص بلجان شئون العاملين وتقارير النشاط الدورية، فلم ينسب القرار إلى المدعي مخالفة تأديبية معينة تستوجب العقاب التأديبي وإنما أفصحت صياغته عن صدوره بمناسبة تقدير كفايته بدرجة ضعيف لانخفاض مستوى أدائه في عمله واستهتاره وإهماله وكثرة جزاءاته. ومن ثم تكون الشركة - في إصدار قرارها المطعون فيه - قد أعملت سلطتها المخولة لها في المادة 24 من القرار الجمهوري سالف الذكر والتي تجيز لها دون حاجة إلى تصديق سلطة عليا، تنزيل العامل إذا قدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف إلى وظيفة من فئة أدنى مع تخفيض مرتبه بما لا يجاوز الربع، وهو ما أكدته الشركة في مذكرتها الأخيرة التي عقبت بها على الطعن. ولم يخرج نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971 على حكم هذه التفرقة وذلك على ما يبين من نص المادة 17 منه التي تقابل المادة 24 سالفة الذكر والمواد 46، 48، 49 من الفصل الثامن الخاص بالتحقيق مع العاملين وتأديبهم التي تقابل المواد 57، 59، 60 من القرار الجمهوري آنف الذكر.
ومن حيث إن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971 قد اقتصر على تخويل المحاكم التأديبية سلطة الفصل في بعض القرارات التأديبية المنصوص عليها في المادة 49 منه، دون ثمة نص آخر على تحديد المحاكم المختصة بنظر منازعات العاملين الأخرى، بما مفاده الإبقاء على اختصاص المحاكم على ما هو عليه دون تعديل إلا في الحدود التي نص عليها هذا القانون.
ومن حيث إن المدعي وهو من العاملين في شركات القطاع العام لا يندرج في حكم الموظفين العموميين، وهو بهذه الصفة - وكأصل عام - يخضع، في كل ما يثور بشأنه من منازعات غير تأديبية لاختصاص المحاكم العادية دون الإدارية، بالتطبيق لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل وإعمالاً لنص الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قانون إصدار العاملين رقم 61 لسنة 1971 سالف الذكر التي تقضي "بأن تسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون" ولا ينال من ذلك تصديق السيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج على القرار المطعون فيه، لأنه ليس من شأن هذا التصديق أن يحيل قرار الشركة الصادر منها في حدود الاختصاص المقرر لها في شأن أحد العاملين بها إلى قرار إداري صادر في شأن الأفراد أو الهيئات مما يختص القضاء الإداري بالفصل فيه.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم تكون المنازعة الماثلة، وهي لا تمس موظفاً عاماً بل أحد العاملين في شركات القطاع العام ولا تتعلق بجزاء تأديبي أو قرار إداري، من اختصاص المحاكم العادية، الأمر الذي يتعين معه تأييد الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من الحكم بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر المنازعة مع إحالتها إلى محكمة شئون العمال المختصة، وهو ما كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يأمر به بالتطبيق لحكم المادة 135 من قانون المرافعات القديم المقابلة للمادة 110 من قانون المرافعات الجديد، مع إلزام الشركة المطعون ضدها بمصروفات الطعن، أما مصروفات الدعوى فالأمر بشأنها متروك لمحكمة الموضوع.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية (دائرة العمال) للاختصاص وألزمت الشركة المطعون ضدها بمصروفات الطعن.