مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 132

(23)
جلسة 26 من ديسمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عوضية وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 87 لسنة 16 القضائية [(1)]

( أ ) المحكمة الإدارية العليا "ميعاد الطعن" - الرسوم القضائية.
الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في معارضة في أمر تقدير الرسوم القضائية - الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا يكون وفقاً للإجراءات وفي المواعيد المقررة في قانون مجلس الدولة ولا يتقيد بالميعاد المقرر في قانون الرسوم القضائية - بيان ذلك.
(ب) اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع - الرسوم القضائية المنازعة حول الرسوم القضائية متفرعة من المنازعة الأصلية - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالمنازعة الأصيلة يوجب اختصاصه بالمنازعة الفرعية - لا يدخل في ذلك الاختصاص المانع للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
(جـ) تقادم "انقطاعه" - تقادم الرسوم القضائية.
مطالبة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري لإدارة حسابات مجلس الدولة باقتضاء الرسوم القضائية بالخصم على حساب جاري المصلحة المحكوم ضدها - تقوم في مجال روابط المديونية بين المصالح العامة مقام المطالبة القضائية التي تقطع التقادم - الرسوم القضائية التي يصدر بها حكم نهائي تتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ الحكم.
1 - إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري إنما يجري وفقاً للإجراءات وفي المواعيد التي رسمها قانون مجلس الدولة الذي لم يفرق بين ما إذا كان موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه نزاعاً أصلياً مما تختص به محكمة القضاء الإداري وبين ما إذا كان نزاعاً متفرعاً من هذا النزاع الأصلي مثل النزاع حول الرسوم القضائية المستحقة في النزاع الأصلي ومن ثم لا يكون الدفع الذي أبدته وزارة الخزانة ومصلحة المساحة وفي مذكرتهما الختامية بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 8 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية المعدلة بالقانون رقم 66 لسنة 1964 - لا يكون هذا الدفع قائماً على أساس سليم من القانون.
2 - لا جدال في أن النزاع الراهن حول الرسوم المستحقة متفرع من النزاع الأصلي في الدعوى رقم 1528 لسنة 6 القضائية (محكمة القضاء الإداري) الذي لا شبهة في أنه من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري فقد لزم أن يكون هو الآخر من اختصاصه إذ القاعدة هي أن الفرع يتبع الأصل في تحديد الاختصاص ومن ثم فإن التحدي بأنه من اختصاص الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة لا يقوم على أساس سليم من القانون.
3 - إن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري قد طلب في 8 من يوليه سنة 1964 من إدارة حسابات مجلس الدولة اقتضاء الرسوم المحكوم به في 2 من فبراير سنة 1954 بالخصم على حساب جاري مصلحة المساحة وفقاً لما تقضي به اللائحة المالية للميزانية والحسابات قبل تعديلها وقامت إدارة الحسابات بقيد المبلغ بحساب العهد تحت التحصيل (استمارة 72 ع. ح) وعمل التسوية الحسابية في ملحق يونيه سنة 1964 (استمارة رقم 72 ع. ح) ولما كانت هذه المطالبة الحاصلة في 8 من يوليه سنة 1964 تقوم في مجال روابط المديونية بين المصالح العامة مقام المطالبة القضائية التي تقطع التقادم في مجال روابط القانون الخاص، بمراعاة طبيعية العلاقة بين المصالح العامة فيما يستحق لإحداها قبل الأخرى من مبالغ رسمت اللائحة المالية للميزانية والحسابات كيفية اقتضائها على النحو الذي يتلاءم مع أوضاع الميزانية وقيودها الحسابية، ولما كانت الرسوم القضائية التي يصدر بها حكم نهائي - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - لا تتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ صدور الحكم، ولم تكن هذه المدة قد انقضت حتى تاريخ المطالبة المذكورة فإن التقادم يكون قد انقطع بها ولما كان أمر تقدير الرسوم المعارض فيه قد صدر قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ المطالبة سالفة البيان فإنه لا يكون ثمة محل للتمسك بالتقادم في النزاع الراهن، وكل أولئك بصرف النظر عما يمكن أن يعترض به من عدم جواز التمسك بالتقادم بين المصالح العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال قلم الكتاب وإيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري إنما يجري وفقاً للإجراءات وفي المواعيد التي رسمها قانون مجلس الدولية الذي لم يفرق بين ما إذا كان موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه نزاعاً أصلياً مما تختص به محكمة القضاء الإداري وبين ما إذا كان نزاعاً متفرعاً من هذا النزاع الأصلي مثل النزاع حول الرسوم القضائية المستحقة في النزاع الأصلي ومن ثم لا يكون الدفع الذي أبدته وزارة الخزانة ومصلحة المساحة في مذكرتهما الختامية بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 8 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية المعدلة بالقانون رقم 66 لسنة 1964 - لا يكون هذا الدفع قائماً على أساس سليم من القانون وما دام الطعن الراهن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالتطبيق لأحكام قانون مجلس الدولة، فإنه يتعين القضاء بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أنه في 15 من فبراير سنة 1969 قررت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الخزانة ومصلحة المساحة في قلم كتاب محكمة القضاء الإداري أنها تعارض في أمر تقدير الرسوم رقم 195 لسنة 6 مطالبات الصادر في الدعوى رقم 1528 لسنة 6 القضائية (محكمة القضاء الإداري) المقامة من السيد/ .... ضد مصلحة المساحة والمعلن في 8 من فبراير سنة 1969 وطلبت في تقرير المعارضة الحكم "بقبول المعارضة شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قائمة الرسوم المتظلم منها، مع إلزام المتظلم ضده المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة" وبينت أسباب المعارضة بما يوجز في أن الرسوم القضائية تتقادم بخمس سنوات من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوى وأن الدعوى المستحق عنها الرسم الصادر به أمر التقدير المتظلم منه قد حكم فيها في 2 من فبراير سنة 1954 بينما صدر أمر تقدير الرسوم في 28 من يناير سنة 1969 وأعلن في 8 من فبراير سنة 1969 وأنه لذلك تكون قد مضت منذ تاريخ الحكم مدة أزيد من مدة الخمس سنوات المقررة لتقادم الرسوم القضائية مما يحق معه للوزارة المتظلمة أن تتمسك بانقضاء التزامها بأدائها. وقد عقب قلم الكتاب على المعارضة بمذكرة طلب فيها الحكم برفض المعارضة وذلك أن السيد/ ... أقام الدعوى رقم 1528 لسنة 6 القضائية ضد مصلحة المساحة وآخرين بعريضة طلب فيها الحكم بتسوية حالته وتطبيق أحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 30 من يناير و12 و29 من أغسطس سنة 1944 والقانونين رقم 114 ورقم 118 لسنة 1944 في شأن تنفيذ قواعد الإنصاف وصرف الفروق مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة وكان المدعي قد استصدر قراراً من لجنة المساعدة القضائية بمحكمة القضاء الإداري بإعفائه من رسوم هذه الدعوى فقيد الرسم طلباً على المدعي المعفى برقم 195 لسنة 6 مطالبات وبجلسة 2 من فبراير سنة 1954 قضت محكمة القضاء الإداري بإجابة المدعي المعفى إلى طلباته مع إلزام الجهة المدعي عليها بمصروفات الدعوى وعندما خصمت الرسوم المستحقة على الدعوى على جانب مصلحة المساحة بالتسوية رقم 459 ملحق يونيه سنة 1964 رفضت المصلحة قبول الخصم فاستصدرت وحدة المطالبة بمحكمة القضاء الإداري أمر تقدير بالرسوم الواجبة على الدعوى من السيد رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم وأضاف قلم الكتاب إلى ما تقدم أنه ثار خلاف في الرأي حول جواز مطالبة الجهات الحكومية المحكوم عليها بالمصاريف في الدعوى المرفوعة عليها بطريق الإعفاء من الرسوم وقد عرض هذا الخلاف على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة التي انتهت في جلستها المنعقدة في 29 من يناير سنة 1964 إلى وجوب مطالبة الجهات الحكومية، المحكوم عليها بالمصاريف في الدعاوى المرفوعة عليها بطريق الإعفاء من الرسوم يقتصر طبقاً للمادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية على الدعاوى التي ترفعها الحكومة وأنه لما كان المجلس على أثر هذه الفتوى قد خصم الرسوم المستحقة على الدعوى على حساب جاري الجهة المعارضة بالتسوية الحسابية رقم 459 في يونيه سنة 1964 فإنه لذلك لا يكون ثمة سقوط قد لحق المطالبة قبل استصدار أمر تقدير الرسوم المعارض فيها وإعلانه إلى الجهة المدينة كما أن مدة السقوط لا تسري إلا من التاريخ الذي أصبحت فيه مطالبة جهات الحكومة جائزة وممكنة قانوناً بزوال المانع الأدبي في المطالبة بالرسوم وهو تاريخ صدور فتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري فضلاً عن أن الجمعية العمومية للقسم الاستشاري انتهت إلى عدم جواز التمسك بالتقادم بين المصالح العامة فيما يثور بينها من خلاف حول حقوق البعض ثم دفع قلم الكتاب بعدم قبول المعارضة شكلاً لأن المنازعة في سقوط الحق بالتقادم لا يقبل سماعها عن طريق المعارضة التي تقتصر على النزاع في مقدار الرسوم قبل البعض الآخر، وبجلسة 27 من أكتوبر سنة 1969 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بسقوط حق المعارض ضده في المطالبة وألزمته المصروفات" وأقامت قضائها على أنه مضى منذ صدور حكم محكمة القضاء الإداري بإلزام المعارض بالمصروفات وبين إعلان أمر تقدير الرسوم المحكوم بها أكثر من خمس عشرة سنة وأنه ليس في الأوراق ما يفيد قطع التقادم بأي إجراء سابق على إعلان أمر التقدير بل إن الثابت على أصل الصورة التنفيذية للحكم أن المطالبة حفظت لأن الملزم بالمصروفات جهة حكومية وأنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه المعارض ضده من أن انتظار فتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري في شأن جواز المطالبة بالرسوم يعتبر مانعاً أدبياً من المطالبة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الدعوى استبعدت كوسيلة للمطالبة بالحق في نطاق القانون العام في صدد العلاقات بين المصالح العامة وذلك بالتطبيق للمادة 47 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 التي تقضي باختصاص الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بإبداء الرأي في المنازعات التي تنشأ بين الوزارات وبين المصالح العامة أو بين الوزارات أو بين المصالح العامة وبين الهيئات الإقليمية أو بين هذه الهيئات. وإن النزاع الذي صدر بشأنه الحكم المطعون فيه إنما يقوم بين جهتين من الجهات المشار إليها في المادة 47 سالفة الذكر وأنه يترتب على ذلك عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر هذا النزاع.
ومن حيث إنه عن الاختصاص فإنه لما كان لا جدال في أن النزاع الراهن حول الرسوم المستحقة متفرع من النزاع الأصلي في الدعوى رقم 1528 لسنة 6 القضائية (محكمة القضاء الإداري) الذي لا شبهة في أنه من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري فقد لزم أن يكون هو الآخر من اختصاصه إذ القاعدة هي أن الفرع يتبع الأصل في تحديد الاختصاص ومن ثم فإن التحدي بأنه من اختصاص الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة لا يقوم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه ولئن كانت هيئة مفوضي الدولة قد طلبت بصفة احتياطية القضاء برفض الطعن موضوعاً إلا أن طعنها يفتح الباب أمام هذه المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون، فلهذه المحكمة أن تنزل حكم القانون على الوجه الصحيح غير مقيدة بطلبات هيئة مفوضي الدولة أو الأسباب التي تبديها في طعنها.
ومن حيث إنه عن التقادم فإن الثابت من الأوراق أن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري قد طلب في 8 من يوليه سنة 1964 من إدارة حسابات مجلس الدولة اقتضاء الرسوم المحكوم به في 2 من فبراير سنة 1954 بالخصم على حساب جاري مصلحة المساحة وفقاً لما تقضي به اللائحة المالية للميزانية والحسابات قبل تعديلها وقامت إدارة الحسابات بقيد المبلغ بحساب العهد تحت التحصيل (استمارة 72 ع. ح) وعمل التسوية الحسابية في ملحق يونيه سنة 1964 (استمارة رقم 72 ع. ح) ولما كانت هذه المطالبة الحاصلة في 8 من يوليه سنة 1964 تقوم في مجال روابط المديونية بين المصالح العامة مقام المطالبة القضائية التي تقطع التقادم في مجال روابط القانون الخاص، بمراعاة طبيعية العلاقة بين المصالح العامة فيما يستحق لإحداها قبل الأخرى من مبالغ رسمت اللائحة المالية للميزانية والحسابات كيفية اقتضائها على النحو الذي يتلاءم مع أوضاع الميزانية وقيودها الحسابية، ولما كانت الرسوم القضائية التي يصدر بها حكم نهائي - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - لا تتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ صدور الحكم، ولم تكن هذه المدة قد انقضت حتى تاريخ المطالبة المذكورة فإن التقادم يكون قد انقطع بها ولما كان أمر تقدير الرسوم المعارض فيه قد صدر قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ المطالبة سالفة البيان فإنه لا يكون ثمة محل للتمسك بالتقادم في النزاع الراهن، وكل أولئك بصرف النظر عما يمكن أن يعترض به من عدم جواز التمسك بالتقادم بين المصالح العامة ومن ثم تكون المعارضة غير قائمة على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبقبول المعارضة شكلاً وبرفضها موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المعارضة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول المعارضة شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المعارضة بالمصروفات.


[(1)] قضت المحكمة بمثل هذا في الحكمين الصادرين في الجلسة ذاتها في القضية رقم 88 لسنة 16 ق والقضية رقم 89 لسنة 16 ق.