مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 169

(28)
جلسة 22 من يناير سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

القضيتان رقم 771 لسنة 12 القضائية ورقم 492 لسنة 15 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون "إعارة. انتهاء الخدمة" - اختصاص - إدارة محلية.
موظفو فروع الوزارات التي نقلت اختصاصاتها إلى السلطات المحلية - إلحاقهم بالمجالس المحلية على سبيل الإعارة - علاقة العامل المعار بالجهة المعيرة لا تنقطع بإعارته ولو كانت الإعارة إلى جهة إدارية - يترتب على ذلك أن الجهة المعيرة هي وحدها صاحبة الاختصاص في فصل موظفيها لا تشاركها فيه الجهة المستعيرة - إنهاء خدمة العامل بسبب الحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف - ليس جزاء تأديبياً - أثر ذلك - أنه لا يدخل في اختصاص المحافظ توقيع الجزاءات التأديبية على موظفي فروع الوزارات بالمحافظة - بيان ذلك.
(ب) عاملون مدنيون "انتهاء الخدمة" - جريمة مخلة بالشرف.
الجرائم المخلة بالشرف - عدم وجود معيار جامع مانع لتحديدها - جريمة تبديد منقولات الزوجة - لا تعتبر جريمة مخلة بالشرف - أساس ذلك.
(جـ) عاملون مدنيون. "تأديب - جريمة مخلة بالشرف".
جريمة تبديد منقولات الزوجة - تعتبر ذنباً إدارياً يسوغ مؤاخذة العامل تأديباً - أساس ذلك.
1 - أنه وإن كان لكل محافظة شخصية معنوية مستقلة وأن المحافظ يمثل المحافظة وهو الذي يمثل السلطة التنفيذية في دائرة اختصاصه ويقوم بتمثيل مجلس المحافظة أمام المحاكم وغيرها من الهيئات وفي صلاته مع الغير طبقاً لأحكام المواد 1، 2، 6، 53 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية إلا أن المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 124 لسنة 1960 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية تقضي بأن يلحق موظفو فروع الوزارات التي تنقل اختصاصاتها إلى السلطات المحلية بالمجالس على سبيل الإعارة وذلك كله إلى أن يتم نقلهم جميعاً إلى السلطات المحلية بصفة نهائية، ولما كان المطعون ضده عند صدور القرار المطعون فيه، ما زال من بين العاملين الملحقين بالمجالس المحلية على سبيل الإعارة فإنه يتعين معرفة مدى علاقته بالجهة المعيرة وهي وزارة التربية والتعليم فيما يتصل بأعمال نص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المعمول به آنذاك والتي تقضي بأن تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية 8 - الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف".
ومن حيث إن علاقة الموظف المعار لا تنقطع بإعارته عن الجهة المعيرة بل تظل قائمة ولو كانت إعارته إلى جهة إدارية أخرى ويسري عليه مدة إعارته ما يسري على باقي الموظفين غير المعارين من أحكام من ذلك مثلاً أن تحتسب للموظف المعار مدة الإعارة في شأن العلاوات والترقيات كما لو كان في خدمتها ومن ذلك ما للجهة المعيرة من حق تجديد أو عدم تجديد مدة الإعارة. فعلاقة الموظف بالجهة المعيرة علاقة مستمرة لا تنقطع بإعارته كما يتضح ذلك من نص المادة 31 من القانون رقم 58 لسنة 1971 التي تقضي بأنه عند إعارة أحد العاملين تبقى وظيفته خالية ويجوز في حالة الضرورة شغلها بطريق التعيين أو الترقية بقرار من السلطة التي تختص بالتعيين إذا زادت مدة الإعارة عن سنة وعند عودة العامل يشغل وظيفته الأصلية إذا كانت خالية أو أي وظيفة خالية من فئته أو يبقى في وظيفته الأصلية بصفة شخصية على أن تسوى حالته في أول وظيفة تخلو من نفس الفئة.
فهذه المادة تبقى على رابطة الموظف المعار بالجهة المعيرة طوال فترة إعارته، وينبني على ذلك أن الجهة المعيرة هي وحدها صاحبة الحق في فصل موظفيها لا تشاركها فيه الجهة المستعيرة، وترتيباً على ما تقدم فإن إنهاء خدمة المطعون ضده إعمالاً لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 السالف الذكر هو من سلطة وزير التربية والتعليم لا من سلطة الجهة المستعيرة ولا ينال من ذلك أن للمحافظ حق توقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفي فروع الوزارات بالمحافظة في حدود اختصاص الوزير إعمالاً لنص المادة 6 من القانون رقم 124 لسنة 1960 السالف الذكر إذ أن إنهاء الخدمة للسبب المتقدم لا يعتبر من قبيل الجزاءات التأديبية.
2 - إن الجرائم المخلة بالشرف لم تتحدد في قانون العقوبات أو في أي قانون سواه تحديداً جامعاً مانعاً كما أنه من المتعذر وضع معيار مانع في هذا الشأن على أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الوظيفة ونوع العمل الذي يؤديه العامل المحكوم عليه ونوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة والحد الذي ينعكس إليه أثرها على العمل وغير ذلك من الاعتبارات.
ومن حيث إن جنحة تبديد منقولات الزوجة تكون دائماً نتيجة المصادمات والمنازعات التي تقع بين الزوجين وهي تقع دائماً في محيط الأسرة وجوها العائلي ومن ثم فإنها وإن وصفها القانون بأنها جريمة تبديد إلا أن ذلك لا يعتبر كافياً بذاته لاعتبارها جريمة مخلة بالشرف ومرد ذلك كله صلة الزوجية والاعتبارات العائلية والحفاظ على كيان الأسرة.
3 - أنه وإن كانت جريمة تبديد المطعون ضده لمنقولات زوجته لا تعد من الجرائم المخلة بالشرف إلا أنها تكون ذنباً إدارياً يسوغ مؤاخذته تأديبياً ولو أن المجال الذي ارتكب فيه هذا الذنب خارج نطاق عمله الوظيفي لأن هذا العمل يكون في حد ذاته سلوكاً معيباً ينعكس أثره على كرامة الوظيفة ويمس اعتبار شاغلها ويزعزع الاطمئنان إلى استقامة القائم بأعبائها ويتنافى مع ما ينبغي أن يتحلى به من طيب الخصال. ولا شك أن المطعون ضده وهو يعمل معلماً إنما يكون قواماً على تربية الناشئة وتهذيب التلاميذ وتثقيف عقولهم وتغذية أرواحهم بالقيم من مبادئ الأخلاق وغرس الفضائل في نفوسهم يجب أن يكون قدوة مثلى في سلوكه وأن ينأى بتصرفاته عن مواطن الريب فلا ينزلق إلى مسلك موصوم بالانحراف فإذا ما تنكب الطريق السوي وجب مؤاخذته ومجازاته عن ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يخلص من أوراق الطعن 492 لسنة 15 القضائية في أن المدعي (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 14 لسنة 15 قضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم العالي بتاريخ 20/ 8/ 1964 طلب فيها الحكم بإلغاء قرار فصله الصادر من السيد مدير عام التربية والتعليم بمحافظة الفيوم بتاريخ 2 من نوفمبر سنة 1963 مع إلزام وزارة التربية والتعليم المصروفات وأتعاب المحاماة وتوجز أسانيد الدعوى في أن القرار المطعون فيه بني على أساس صدور حكم جنائي ضده في 25 من أكتوبر سنة 1960 من محكمة جنح تلا الجزئية في القضية رقم 1070 لسنة 1959 قضى بحبسه شهرين مع الشغل مع أنه استأنف هذا الحكم أمام محكمة جنح استئناف شبين الكوم التي قضت بجلسة 11 من مارس سنة 1963 حضورياً أولاً: بإثبات ترك المدعية بالحق المدون لدعواها مع إلزامها مصاريفها عن الدرجتين ثانياً: بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى الجنائية وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم، وأن معنى هذا الحكم أنه لا أثر له من ناحية العقوبة ولا يعد سابقة كما أنه لا أثر له من الناحية الوظيفية حيث إن الاتهام وهو تبديد منقولات زوجته التي أقرت الزوجة باستلامها لا يمس كرامته أو شرفه ولا يمت إلى عمله بصلة فجريمة تبديد منقولات الزوجة ليست من الجرائم الماسة بالشرف وبذلك يكون القرار المطعون فيه لا أساس له من الواقع أو القانون متعيناً إلغاؤه.
وقد ردت وزارة التربية والتعليم بمذكرة جاء فيها أن المدعي اتهم في جنحة تبديد منقولات زوجته وصدر الحكم عليه بالحبس شهرين مع الشغل وإيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات وأن هذه الجريمة تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف وبناء على ذلك صدر القرار المطعون فيه طبقاً لحكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي وقعت الجريمة في ظله وأن وقف تنفيذ العقوبة لا يتعدى الآثار الأخرى المترتبة على الحكم سواء أكانت هذه الآثار من روابط القانون الخاص أو من روابط القانون العام. كما دفعت الوزارة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة إذ أن المدعي تابع لمديرية التربية والتعليم بالفيوم وأن قرار فصله صدر من المديرية المذكورة وبالتالي فإن وزارة التربية والتعليم لا صفة لها في هذه الدعوى وانتهت إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفضها وإلزام رافعها المصروفات وبجلسة 5 من فبراير سنة 1968 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم العالي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص ثم قيدت برقم 951 لسنة 22 قضاء إداري. وقدمت هيئة مفوضي الدولة أمام محكمة القضاء الإداري تقريراً في الدعوى انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري حكمت بجلسة 29/ 1/ 1969 بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهود الإدارية المصروفات وبنت حكمها على أساس أن الجريمة التي ارتكبها المدعي وحكم عليه من أجلها هي جنحة تبديد منقولات لزوجته سلمت إليه على سبيل الأمانة وأنه إذا كان يصعب تحديد الجرائم المخلة بالشرف كما أنه يتعذر وضع معيار مانع في هذا الشأن فإن الأمر في اعتبار جريمة ما مخلة بالشرف يتصل بعناصر متعددة واعتبارات مختلفة من ذلك طبيعة الوظيفة ونوع العمل الذي يؤديه المحكوم عليه ونوع الجريمة وظروف ارتكابها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن ضعف في الخلق وانحراف في الطبع وغير ذلك من الظروف والاعتبارات وأن جنحة تبديل منقولات الزوجة جنحة تتردد أفعالها في محيط الأسرة وجوها العائلي الذي لا يخلو من المصادمات والمنازعات التي تقع بين الزوجين وما يصاحبها من الملابسات التي قد تتجمع في جريمة من جرائم القانون العام التي تنسب لأحد الزوجين دون أن يكون وصفها القانوني بأنها جريمة تبديد كاف بذاته لاعتبارها مخلة بالشرف وقد استشهدت المحكمة في ذلك برأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة في فتواها الصادرة بجلسة 15 من إبريل سنة 1964 وانتهت المحكمة إلى أن هذه الجريمة لا تعتبر من بين الجرائم المخلة بالشرف وبالتالي فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مخالفاً للقانون ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن النيابة الإدارية كانت قد أحالت المطعون ضده إلى المحاكمة التأديبية في ذات الوقت، لأنه بوصفه موظفاً سابقاً انحرف عن مقتضى الواجب بأن بدد المنقولات المملوكة لزوجته مما ترتب على ذلك صدور حكم جنائي ضده، وطلبت محاكمته تأديبياً، وبجلسة 14 من فبراير سنة 1966 قضت المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم العالي بمجازاة السيد/ ....... بغرامة مقدارها خمسة جنيهات، وقد أقامت قضاءها على أن المتهم قد ارتكب جريمة من الجرائم المخلة بالشرف وهو مما ينعكس على أعمال وظيفته ويصم سلوكه الإداري وما دامت خدمته قد اعتبرت منتهية بقوة القانون فقد أوقعت عليه جزاء من الجزاءات المقررة لمن ترك الخدمة. وقد طعنت هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بالطعن رقم 771 سنة 12 القضائية.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 492 لسنة 15 القضائية المقدم من الحكومة أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه إذا كان يصعب وضع معيار لتحديد الجريمة المخلة بالشرف لاتصال هذه الجريمة بعناصر متعددة واعتبارات مختلفة من ذلك طبيعة الوظيفة ونوع العمل الذي يؤديه المحكوم عليه ونوع الجريمة وظروف ارتكابها والأفعال المكونة لها وغير ذلك من الاعتبارات فإن المطعون ضده وهو يعمل معلماً للنشء كان يجب عليه أن ينأى بنفسه عن مواطن الزلل حتى يكون قدوة حسنة لهم. فإذا ثبت قيامه بتبديد منقولات زوجته التي سلمت إليه على سبيل الأمانة وقيامه باختلاسها لنفسه وصدور حكم بإدانته وحبسه شهرين مع الشغل فإن هذا يعتبر سلوكاً معيباً ينعكس أثره بلا ريب على كرامة الوظيفة ويقلل من هيبتها مما يجدر معه اعتبار الجريمة التي جوزي من أجلها مخلة بالشرف ويتعين معها إعمال حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة هذا فضلاً عما هو ثابت من سوء خلق المطعون ضده وتفريطه في كرامته وشرفه كما جاء بتحقيق الجناية رقم 4838 لسنة 1960 قسم الأربعين بالسويس وما يحويه ملف النيابة الإدارية في القضية رقم 1 لسنة 1961 السويس. وإذ لم يراع الحكم المطعون فيه كل ذلك وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون قد خالف القانون حري بالإلغاء.
أما الطعن رقم 771 لسنة 12 القضائية المقدم من هيئة مفوضي الدولة فإنه مبناه على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ وقع على المتهم عقوبة الغرامة وهي إحدى العقوبات التي توقع على من ترك الخدمة وفي ذلك مجازاة للموظف مرتين عن تهمة واحدة إحداهما بحرمانه من الوظيفة بسبب الحكم عليه نهائياً في جريمة مخلة بالشرف والثانية العقوبة التي وقعتها المحكمة التأديبية على أساس ثبوت الفعل في حقه كمخالفة إدارية مع أن إنهاء خدمة الموظف وإن كان عقوبة تبعية للحكم الجنائي إلا أنه في ذات الوقت ينصرف إلى مجازاة الموظف تأديبياً بإنهاء علاقته الوظيفية لفقدانه الثقة والاعتبار اللازم توافرهما فيمن يتولى الوظيفة العامة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع لعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة فإن الثابت من الأوراق أن المدعي أقام دعواه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 20/ 8/ 1964 طلب فيها إلغاء الحكم المطعون فيه ثم وجه طلباته بعد ذلك إلى محافظة الفيوم بعريضة أعلنت في 15 من ديسمبر سنة 1968.
ومن حيث أنه وإن كان لكل محافظة شخصية معنوية مستقلة وأن المحافظ يمثل المحافظة وهو الذي يمثل السلطة التنفيذية في دائرة اختصاصه ويقوم بتمثيل مجلس المحافظة أمام المحاكم وغيرها من الهيئات وفي صلاته مع الغير طبقاً لأحكام المواد 1، 2، 6، 53 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية إلا أن المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 124 لسنة 1960 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية تقضي بأن يلحق موظفو فروع الوزارات التي تنقل اختصاصاتها إلى السلطات المحلية بالمجالس على سبيل الإعارة وذلك كله إلى أن يتم نقلهم جميعاً إلى السلطات المحلية بصفة نهائية، ولما كان المطعون ضده عند صدور القرار المطعون فيه، ما زال من بين العاملين الملحقين بالمجالس المحلية على سبيل الإعارة فإنه يتعين معرفة مدى علاقته بالجهة المعيرة وهي وزارة التربية والتعليم فيما يتصل بإعمال نص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المعمول به آنذاك والتي تقضي بأن تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية 8 - الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف".
ومن حيث إن علاقة الموظف المعار لا تنقطع بإعارته عن الجهة المعيرة بل تظل قائمة ولو كانت إعارته إلى جهة إدارية أخرى ويسري عليه مدة إعارته ما يسري على باقي الموظفين غير المعارين من أحكام من ذلك مثلاً أن تحتسب للموظف المعار مدة الإعارة في شأن العلاوات والترقيات كما لو كان في خدمتها ومن ذلك ما للجهة المعيرة من حق تجديد أو عدم تجديد مدة الإعارة. فعلاقة الموظف بالجهة المعيرة علاقة مستمرة لا تنقطع بإعارته كما يتضح ذلك من نص المادة 31 من القانون رقم 58 لسنة 1971 التي تقضي بأنه عند إعارة أحد العاملين تبقى وظيفته خالية ويجوز في حالة الضرورة شغلها بطريق التعيين أو الترقية بقرار من السلطة التي تختص بالتعيين إذا زادت مدة الإعارة عن سنة وعند عودة العامل يشغل وظيفته الأصلية إذا كانت خاليه أو أي وظيفة خالية من فئته أو يبقى في وظيفته الأصلية بصفة شخصية على أن تسوى حالته في أول وظيفة تخلو من نفس الفئة.
فهذه المادة تبقى على رابطة الموظف المعار بالجهة المعيرة طوال فترة إعارته، وينبني على ذلك أن الجهة المعيرة هي وحدها صاحبة الحق في فصل موظفيها لا تشاركها فيها الجهة المستعيرة، وترتيباً على ما تقدم فإن إنهاء خدمة المطعون ضده إعمالاً لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 السالف الذكر هو من سلطة وزير التربية والتعليم لا من سلطة الجهة المستعيرة ولا ينال من ذلك أن للمحافظ حق توقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفي فروع الوزارات بالمحافظة في حدود اختصاص الوزير إعمالاً لنص المادة 6 من القانون رقم 124 لسنة 1960 السالف الذكر إذ أن إنهاء الخدمة للسبب المتقدم لا يعتبر من قبيل الجزاءات التأديبية ومن ثم فإن توجيه الدعوى ابتداء إلى وزارة التربية والتعليم إجراء سليم باعتبارها صاحبة الصفة في الدعوى ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة فإن الدعوى تكون قد رفعت في الميعاد وبالتالي يكون الدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد لا سند له من القانون ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه من رفض هذا الدفع للأسباب السالفة الذكر.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن رقم 492 لسنة 15 القضائية فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده اتهم في جنحة تبديد منقولات مملوكة لزوجته سلمت إليه على سبيل الأمانة باختلاسها لنفسه وقد صدر ضده حكم من محكمة تلا الجزئية بتاريخ 26/ 10/ 1960 في القضية رقم 1070 جنح تلا سنة 1959 بحبسه شهرين مع الشغل وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً من محكمة شبين الكوم بتاريخ 11/ 3/ 1961 التي أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم، وتطبيقاً للفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة والذي وقع الحادث في ظله والتي كانت تقضي بإنهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة إذا حكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أصدر مدير عام التربية والتعليم بمحافظة الفيوم القرار المطعون فيه بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 11/ 3/ 1961 تأسيساً على أن الحكم الصادر ضده يعتبر صادراً في جريمة مخلة بالشرف.
ومن حيث إن الجرائم المخلة بالشرف لم تحدد في قانون العقوبات أو في أي قانون سواه تحديداً جامعاً مانعاً كما أنه من المتعذر وضع معيار مانع في هذا الشأن على أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الوظيفة ونوع العمل الذي يؤديه العامل المحكوم عليه ونوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة والحد الذي ينعكس إليه أثرها على العمل وغير ذلك من الاعتبارات.
ومن حيث إن جنحة تبديد منقولات الزوجة تكون دائماً نتيجة المصادمات والمنازعات التي تقع بين الزوجين وهي تقع دائماً في محيط الأسرة وجوها العائلي ومن ثم فإنها وإن وصفها القانون بأنها جريمة تبديد إلا أن ذلك لا يعتبر كافياً بذاته لاعتبارها جريمة مخلة بالشرف ومرد ذلك كله صلة الزوجية والاعتبارات العائلية والحفاظ على كيان الأسرة.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن جريمة تبديد منقولات الزوجة لا تعتبر جريمة مخلة بالشرف في تطبيق حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه وبالتالي يكون هذا الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض. مع إلزام الجهة الطاعنة بالمصروفات.
ومن حيث أنه وإن كانت جريمة تبديد المطعون ضده لمنقولات زوجته لا تعد من الجرائم المخلة بالشرف إلا أنها تكون ذنباً إدارياً يسوغ مؤاخذته تأديبياً ولو أن المجال الذي ارتكب فيه هذا الذنب خارج نطاق عمله الوظيفي لأن هذا العمل يكون في حد ذاته سلوكاً معيباً ينعكس أثره على كرامة الوظيفة ويمس اعتبار شاغلها ويزعزع الاطمئنان إلى استقامة القائم بأعبائها ويتنافى مع ما ينبغي أن يتحلى به من طيب الخصال. ولا شك أن المطعون ضده وهو يعمل معلماً إنما يكون قواماً على تربية الناشئة وتهذيب التلاميذ وتثقيف عقولهم وتغذية أرواحهم بالقيم من مبادئ الأخلاق وغرس الفضائل في نفوسهم يجب أن يكون قدوة مثلى في سلوكه وأن ينأى بتصرفاته عن مواطن الريب فلا ينزلق إلى مسلك موصوم بالانحراف فإذا ما تنكب الطريق السوي وجب مؤاخذته ومجازاته عن ذلك بالخصم من أجره لمدة شهرين، وما دامت المحكمة قد انتهت بالنسبة إلى الطعن رقم 492 لسنة 15 القضائية إلى أن خدمة المطعون ضده لم تنته طبقاً لنص المادة 107 من قانون التوظف فلا يجوز أن يوقع عليه جزاء من الجزاءات المقررة لمن ترك الخدمة، ولذلك فإنه بالنسبة إلى الطعن رقم 771 لسنة 12 القضائية فإنه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة الموظف المذكور بجزاء من الجزاءات التي يجوز توقيعها على الموظفين العاملين وتقدره المحكمة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وفي موضوعهما أولاً: بالنسبة إلى الطعن رقم 492 لسنة 15 القضائية، برفضه موضوعاً وألزمت الجهة الطاعنة بالمصروفات ثانياً: بالنسبة إلى الطعن رقم 771 لسنة 12 القضائية، بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة السيد/ ..... بالخصم من مرتبه لمدة شهرين.