أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 585

جلسة 20 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(116)
الطعن رقم 604 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) تبديد. خيانة أمانة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع. "الدفع بعدم العلم بيوم البيع".
( أ ) جريمة تبديد المحجوزات. شرط العقاب عليها؟ علم المتهم علماً حقيقياً باليوم المحدد للبيع ثم تعمده عدم تقديم المحجوزات في هذا اليوم بقصد عرقلة التنفيذ. استناداً الحكم في إثبات علم المتهم بيوم البيع إلى مجرد إعلانه به في مواجهة تابع له. غير كاف.
(ب) الدفع بعدم العلم بيوم البيع من الدفوع الموضوعية الجوهرية. على المحكمة تناوله بالرد وإلا كان حكمها قاصراً.
1 - استقر قضاء محكمة النقض على أنه يشترط للعقاب على جريمة تبديد المحجوزات أن يكون المتهم عالماً حقيقياً باليوم المحدد للبيع ثم يتعمد عدم تقديم المحجوزات في هذا اليوم بقصد عرقلة التنفيذ.
2 - يعد الدفع بعدم العلم بيوم البيع من الدفوع الموضوعية الجوهرية لما يستهدفه من نفي عنصر من عناصر الجريمة لا تقوم بدونه، ويتعين على المحكمة أن تتناوله بالرد وإلا كان حكمها قاصراً. ولا يكفي في إثبات العلم بيوم البيع استناد الحكم إلى إعلان المتهم به في مواجهة تابع له دون التدليل على ثبوت علم المتهم به عن طريق اليقين، إذ أن مثل هذه الاعتبارات إن صح التمسك بها ضد المتهم من الوجهة المدنية فإنه لا يصح في المواد الجنائية مؤاخذته بمقتضاها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 31/ 3/ 1964 بدائرة قسم الدقي: بدد المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمحجوز عليها قضائياً لصالح حسن جلال والمسلمة إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن الحاجز. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة الدقي الجزئية قضت غيابياً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 5 ج لإيقاف التنفيذ. فعارض، ولدى نظر المعارضة أمام المحكمة المذكورة ادعت نفيسة محمود سيد أحمد مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب ثم قضت بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه مع إلزام المتهم أن يدفع إلى المدعية بالحق المدني تعويضاً قدره 51 ج ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ 100 ق أتعاباً للمحاماة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - وبعد أن قررت المدعية بالحق المدني بتنازلها عن الدعوى المدنية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإثبات تنازل المدعية بالحق عن الدعوى المدنية مع إلزامها المصاريف. وفي الدعوى الجنائية برفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم عملاً بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات. فطعن المحكوم عليه بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس أشياء محجوز عليها قضائياً، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه دفع بانتفاء نية التبديد لديه لعدم علمه علماً يقينياً بيومي البيع لغيابه ببلدته وإعلانه بأولهما مع من ادعى أنه تابعه، ثم تنبيه المحضر بتأجيل بيع باقي المحجوزات إلى اليوم التالي في مواجهة من ادعى أنه ابن شقيق الطاعن مما لا يوفر علمه الحقيقي بيومي البيع، ولا يقدح في ذلك استدلال الحكم بأنه أعلن بأوراق أخرى في تاريخ لاحق مع نفس التابع، لأن كلاً ممن أعلن في مواجهته بيومي البيع لم يخبره به، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من واقعة الدعوى كما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه أنه حدد لبيع المحجوزات يوم 30 مارس سنة 1964 وأعلن الطاعن - المدين الحارس بهذا اليوم مع تابعه وأثبت المحضر أنه وجد المحجوزات في هذا اليوم عدا ملابس الطاعن التي كانت ضمن المحجوزات وقام ببيع الثلاجة ثم أجل البيع لليوم التالي 31 مارس سنة 1964 لعدم وجود مشتر ونبه بذلك على ابن شقيق الطاعن المقيم معه لغيابه وفي هذا اليوم الأخير أثبت المحضر عدم وجود باقي المحجوزات واعتبر الطاعن مبدداً كما يبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن دفع بعدم علمه علماً يقينياً بيومي البيع لغيابه ببلدته ونازع في تبعية من أعلن في مواجهته باليوم الأول وفي علاقته بمن نبه عليه بتحديد اليوم الثاني للبيع. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض مستقراً على أنه يشترط للعقاب على جريمة تبديد المحجوزات أن يكون المتهم عالماً علماً حقيقياً باليوم المحدد للبيع ثم يتعمد عدم تقديم المحجوزات في هذا اليوم بقصد عرقلة التنفيذ ومن ثم فإن الدفع بعدم العلم بيوم البيع يعد من الدفوع الموضوعية الجوهرية لما يستهدفه من نفي عنصر من عناصر الجريمة لا تقوم بدونه ويتعين على المحكمة أن تتناوله بالرد وإلا كان حكمها قاصراً، ولا يكفي في إثبات العلم بيوم البيع استناد الحكم إلى إعلان المتهم به في مواجهة تابع له دون التدليل على ثبوت علم المتهم به عن طريق اليقين، إذ أن مثل هذه الاعتبارات إن صح التمسك بها ضد المتهم من الوجهة المدنية فإنه لا يصح في المواد الجنائية مؤاخذته بمقتضاها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في إطراحه دفاع الطاعن بعدم علمه بيومي البيع على أنه أعلن بأوراق أخرى في تاريخ لاحق مع نفس التابع واتخذ من ذلك دليلاً على أن من أعلن في مواجهته بتحديد اليوم الأول للبيع هو تابعه ورتب على هذا الإعلان توافر علمه باليوم المحدد للبيع دون أن يتناول بالرد الشق الثاني من الدفاع وهو عدم علمه باليوم التالي للبيع ودون أن يحدد أي التاريخين اعتبره تاريخاً للواقعة وانبني على ذلك أنه لم يدلل على علم الطاعن علماً يقينياً بيومي البيع أو بأيهما وذلك باستجلاء قيام مستلم الإعلان الأول ومن نبه عليه في مواجهته باليوم الثاني بإخبار الطاعن بهما. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في البيان والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن الأخرى.