أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 595

جلسة 27 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(118)
الطعن رقم 592 لسنة 38 القضائية

وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات المحاكمة. قتل عمد. ضرب.
إدانة المحكمة المتهمين بجريمة ضرب المجني عليه مع سبق الإصرار وإحداثهم به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وهي غير الإصابة النارية التي رفعت بها الدعوى عن تهمة القتل العمد - دون تنبيههم إلى هذا التعديل. إخلال بحق الدفاع.
الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد، فإذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني والاستعانة في ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى، فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، فإذا كانت المحكمة لم تنبه المتهم إلى هذا التغيير في التهمة فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع. ولما كانت المحكمة قد دانت الطاعنين بجريمة ضرب المجني عليه مع سبق الإصرار وإحداثهم به الإصابات الأخرى المبينة بالتقرير الطبي عدا الإصابة النارية التي رفعت بها الدعوى عن تهمة القتل العمد، فقد كان يتعين على المحكمة وقد اتجهت إلى تعديل التهمة المسندة بإسناد هذه الواقعة الجديدة إلى الطاعنين ثم إدانتهم على هذا الأساس أن تنبههم إلى هذا التعديل الجديد ليبدوا دفاعهم فيه. ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة قد خلت مما يدل على أن المحكمة قد نبهتهم إلى ذلك ولم يبد في جلسات المحاكمة سواء من النيابة أو من الدفاع ما يدل صراحة أو ضمناً على الالتفات إلى ما استقرت عليه المحكمة أو انتهت إليه في المداولة من تعديل التهمة فإن إجراءات المحاكمة قد شابها عيب الإخلال بحق الدفاع مما يعيب الحكم ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في ليلة 10 يناير سنة 1961 بدائرة مركز ملوي محافظة المنيا (أولاً) المتهمين الأول والثاني (الطاعنين الأول والثاني) قتلا عمداً ومع سبق الإصرار عبد الجواد عبد الرحيم عقلاني بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لذلك عدتهما وتوجها إليه في محله واستدرجاه خارج المحل ثم أطلق عليه الأول عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أن المتهمين الثالث (الطاعن الثالث) والرابع والخامس والسادس (الطاعنين الرابع والخامس) في الزمان والمكان سالفي الذكر وحالة كونهم يؤلفون عصابة أتلفوا بالقوة الإجبارية المنقولات والأمتعة المملوكة لعبد الجواد عبد الرحيم والموضحة بالمحضر بأن توجهوا إلى محل المجني عليه ومعهم عصيهم وجعلوا يتلفون محتوياته فأحدثوا به الآثار المبينة بالمحضر الأمر المنطبق على المادة 366 من قانون العقوبات (ثانياً) المتهمين الثالث والرابع والخامس والسادس: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقوا معهم على ارتكابها وتوجهوا معهم إلى محل الحادث شادين من أزرهم فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثالثاً) المتهمين الأول والثاني: اشتركا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثالث والرابع والخامس والسادس في ارتكاب جناية الإتلاف سالفة الذكر بأن حرضاهم على ارتكابها واتفقا معهم على ذلك ورافقاهم إلى محل الحادث شادين أزرهم فوقعت الجريمة بناء على ذلك التحريض وهذا الاتفاق وتلك المساعدة (رابعاً) المتهم الأول أيضاً: أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "مسدساً" وذخائر مما تستعمل فيه بدون ترخيص. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمادة 242/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 و30/ 2 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس والسادس بالحبس مع الشغل سنتين (عن ضربهم المرحوم عبد الجواد عبد الرحيم عقلاني عمداً مع سبق الإصرار ضرباً تخلفت عنه إصاباته "عدا الإصابة النارية" والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً). (ثانياً) ببراءة كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس والسادس من تهم القتل العمد مع سبق الإصرار والاقتران والاشتراك فيه والاشتراك في جناية الإتلاف وإحراز السلاح والذخيرة (ثالثاً) مصادرة المسدس الخاص بالمجني عليه وطلقاته. (رابعاً) رفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها مصاريفها. وذلك على اعتبار أن المتهمين أحدثوا عمداً مع سبق الإصرار بالمرحوم عبد الجواد عبد الرحيم عقلاني إصاباته عدا الإصابة النارية المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة ضرب نشأ عنه عجز عن الأشغال الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وذلك مع سبق الإصرار قد انطوى على بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعنين قدموا إلى المحاكمة على أساس أنهم ارتكبوا جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية الإتلاف بالقوة والاشتراك في هاتين الجريمتين وإحراز الطاعن الأول سلاحاً نارياً وذخائر دون ترخيص ولكن المحكمة قضت ببراءتهم جميعاً من هذه التهم وأطرحت الإصابة النارية التي أحدثت القتل وانتهت في حكمها إلى إدانتهم بجريمة الضرب البسيط مع سبق الإصرار فأسندت إليهم بذلك واقعة جديدة لم تكن مطروحة عليها ولم ترد في أمر الإحالة أو التكليف بالحضور وذلك دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل مما يخالف نص المادتين 307 و308 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بوصف أن الطاعنين الأولين قتلا المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتله واستدرجاه من محل عمله وأطلق عليه الأول عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية الإتلاف العمد بالقوة التي قارفها باقي الطاعنين، وأن هؤلاء الأخيرين قد اشتركوا مع الطاعنين الأولين في ارتكاب هذه الجريمة، وأن هذين الطاعنين قد اشتركا مع باقي الطاعنين في ارتكاب جناية الإتلاف، وأن الطاعن الأول أحرز سلاحاً نارياً مششخناً وذخائر دون ترخيص ومحكمة جنايات المنيا بعد أن سمعت الدعوى انتهت بحكمها المطعون فيه إلى براءة الطاعنين جميعاً من هذه التهم ودانتهم بجريمة ضرب المجني عليه فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي عدا الإصابة النارية وذلك مع سبق الإصرار وعاقبتهم بالمادة 242/ 1 - 2 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد، فإذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني والاستعانة في ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى، فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، فإذا كانت المحكمة لم تنبه المتهم إلى هذا التغيير في التهمة فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع. ولما كانت المحكمة قد دانت الطاعنين بجريمة ضرب المجني عليه مع سبق الإصرار وإحداثهم به الإصابات الأخرى المبينة بالتقرير الطبي عدا الإصابة النارية التي رفعت بها الدعوى عن تهمة القتل العمد، فقد كان يتعين على المحكمة وقد اتجهت إلى تعديل التهمة المسندة بإسناد هذه الواقعة الجديدة إلى الطاعنين ثم إدانتهم على هذا الأساس أن تنبههم إلى هذا التعديل الجديد ليبدوا دفاعهم فيه. ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة قد خلت مما يدل على أن المحكمة قد نبهتهم إلى ذلك ولم يبد في جلسات المحاكمة سواء من النيابة أو من الدفاع ما يدل صراحة أو ضمناً على الالتفات إلى ما استقرت عليه المحكمة أو انتهت إليه في المداولة من تعديل التهمة فإن إجراءات المحاكمة قد شابها عيب الإخلال بحق الدفاع مما يعيب الحكم ويوجب نقضه والإحالة من غير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.