أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 611

جلسة 27 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(122)
الطعن رقم 695 لسنة 38 القضائية

( أ ) جريمة. "أركان الجريمة". نصب. خيانة أمانة.
ماهية كل من جريمتي النصب وخيانة الأمانة؟
(ب، ج) دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) الدفع بتلفيق التهمة. دفع موضوعي. كفاية الأخذ بأدلة الثبوت رداً عليه.
(ج) كفاية تحصيل أقوال المجني عليه بما لا تناقض فيه.
(د) إثبات. "شهادة" محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير أقوال الشهود. موضوعي.
1 - جريمتا النصب وخيانة الأمانة وإن كان يجمعهما أنهما من صور جرائم الاعتداء على المال، إلا أن الفارق بينهما أن تسلم المال في جريمة النصب يحصل تحت تأثير ما يرتكبه الجاني من طرق احتيالية، أما في جريمة خيانة الأمانة فإن المال يكون مسلماً إلى الجاني على سبيل الأمانة بعقد من العقود المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات فيغير الجاني حيازته من حيازة مؤقتة أو ناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك.
2 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - لا يعيب الحكم تناقض أقوال المجني عليه ما دامت المحكمة قد حصلت أقواله بما لا تناقض فيه.
4 - وزن أقوال الشهود وتقديرها من إطلاقات محكمة الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 13 فبراير سنة 1967 بدائرة الأزبكية: توصل إلى الاستيلاء على مبلغ النقود المبين بالقدر بالمحضر لصلاح الدين محمد عثمان الطويحي وكان ذلك بطريق الاحتيال لسلب بعض ثروة الغير باستعمال طرق احتيالية من شأنها إحداث الأمل لدى المجني عليه بحصول ربح وهمي بأن عرض عليه إحدى السيارات المطروحة للبيع بجمرك القاهرة وأوهمه بأنه قادر على تخليصها له بمبلغ ثمانمائة جنيه مع أنها تساوي من الثمن أكثر من هذا المبلغ بكثير فسلمه المجني عليه المبلغ بناء على ذلك فاختلسه لنفسه. وطلبت عقابه بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الأزبكية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بعدم قبول الدعوى المدنية وحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة النصب قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه قصور في التسبيب ذلك بأن الواقعة لو صحت نسبتها إلى الطاعن لكونت جريمة خيانة الأمانة إذ مفاد أقوال المجني عليه أنه انعقدت وكالة بينه وبين الطاعن وهي من عقود الأمانة مما لا تتوافر معها جريمة النصب حيث لم يقم الطاعن بغش المجني عليه أو إيهامه بواقعة مزورة. ولما كان المبلغ الذي قبل بتسليمه للطاعن يربو على عشرة جنيهات مما لا يجوز إثباته بغير الكتابة فلا تقوم جريمة خيانة الأمانة لعدم تكامل أركانها - هذا ولم يدلل الحكم على توافر ركن الاحتيال في حق الطاعن الذي دفع بتلفيق التهمة له انتقاماً منه لأنه حال بين شقيق المجني عليه واتصاله بزوجته وشكا أمره إلى شرطة النجدة. كما لم يلتفت الحكم إلى ما تمسك به المدافع عن الطاعن من تناقض المجني عليه في روايته إذ يقرر في مرة بأنه سلم المبلغ إلى شقيقه إبراهيم الطويحي ويقرر في أخرى أنه سلمه للطاعن وكل أولئك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استظهر وقائع الدعوى ثم حصل ما دفع به الطاعن من عدم توافر أركان جريمة النصب وأن التكييف الصحيح للواقعة إن صحت أنها خيانة أمانة لا تجوز إثباتها بشهادة الشهود ثم رد الحكم على ذلك بقوله "وحيث إنه يبين من عرض الوقائع على النحو سالف الذكر أن التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتاً كافياً من أقوال المجني عليه التي تأيدت بأقوال الشهود وما ورد بمذكرة الحاضر مع المتهم من عدم توافر أركان جريمة النصب مردود بأن المتهم استعمل طرقاً احتيالية وذلك بأن استغل صلة صداقته بشقيق المجني عليه وأوهم الأخير باستطاعته التخليص على السيارة المعروضة للبيع بالجمرك بمبلغ 800 ج وقد تأيد ذلك بما أتاه المتهم من مظاهر خارجية بدخوله الجمرك وإحضاره أوراقاً صادرة من الجمرك وطلبه من المجني عليه التوقيع عليها بما يفيد قبوله شراء السيارة بمبلغ 800 ج كل ذلك كان كافياً لخديعة المجني عليه وإقناعه بتسليمه المبلغ للمتهم وقد تم تسليمه المبلغ نتيجة لما أثاره المتهم من أفعال ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عما ورد بمذكرة الحاضر مع المتهم" وما أورده الحكم فيما سلف صحيح في القانون ذلك بأن جريمتي النصب وخيانة الأمانة وإن كان يجمعهما أنهما من صور جرائم الاعتداء على المال إلا أن الفارق بينهما أن تسليم المال في جريمة النصب يحصل تحت تأثير ما يرتكبه الجاني من طرق احتيالية كما حدث في الدعوى المطروحة أما في جريمة خيانة الأمانة فإن المال يكون مسلماً إلى الجاني على سبيل الأمانة بعقد من العقود المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات فيغير الجاني حيازته من حيازة مؤقتة أو ناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك. ويكون ما ينعاه الطاعن من خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. ولا يعيب الحكم من بعد تناقض أقوال المجني عليه على فرض حصوله ما دامت المحكمة قد حصلت أقواله بما لا تناقض فيه، ولم تكن المحكمة ملزمة ببيان علة هذا التناقض ما دام أن وزن أقوال الشهود وتقديرها من إطلاقات محكمة الموضوع. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.