أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 615

جلسة 27 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(123)
الطعن رقم 696 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج) سلاح. تزوير. جريمة. "أركانها". "الجريمة الأشد". قصد جنائي. عقوبة. أسباب الإباحة.
( أ ) إحراز السلاح بغير ترخيص بصفة مجردة معاقب عليه بعقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل، أما إحراز بقصد الاتجار أو الاستيراد أو الصنع أو الإصلاح، فمعاقب عليه بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 28 من القانون المذكور.
لا إثم على إحراز السلاح في نطاق الاتجار المرخص بمزاولته.
(ب) عدم قيد المتهم تاجر الأسلحة المرخص له بالاتجار فيها بياناً خاصاً بسلاح كان يحرزه. معاقب عليه وفقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل - بعقوبة الجنحة.
(ج) جريمة الاشتراك في تزوير المحررات العرفية بمقتضى المواد 40، 41 و215 عقوبات، أشد من الجرائم المنصوص عليها في المادتين 28، 29 من القانون 394 المعدل.
(د) سلاح. عقوبة. "مصادرة".
نطاق المادة 30 من قانون الأسلحة والذخائر في شأن المصادرة؟
(هـ، و) تزوير. "تزوير المحررات العرفية". جريمة. أركانها. "الاشتراك فيها". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(هـ) كفاية تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها قانوناً لقيام جريمة تزويره متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه ضرر للغير أياً كان، ولو كان الضرر احتمالياً.
تقدير الضرر في جريمة التزوير. موضوعي.
(و) تمام الاشتراك في التزوير غالباً دون مظاهر خارجية.
1 - البين من استقراء أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والتعديلات التي طرأت عليه أن المشرع قد راعى فيما قرره من عقوبات القصد من الحيازة أو الإحراز، فقرر لجريمة حيازة أو إحراز الأسلحة بصفة مجردة مقصودة لذاتها عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 26 منه، بينما قرر للحيازة أو الإحراز بقصد الاتجار أو الاستيراد أو الصنع أو الإصلاح بغير ترخيص عقوبة الجنحة التي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة 28، أما إذا كان الإحراز أو الحيازة في نطاق الاتجار المرخص بمزاولته، فقد ارتفع عن الفعل التأثيم وحقت له الإباحة المستفادة من ممارسة الحرفة بترخيص سواء بموجب قانون الأسلحة والذخائر أو وفقاً للأحكام العامة في قانون العقوبات.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه مع تسليمه بأن الطاعن تاجر مرخص له في تجارة الأسلحة، قد باع بندقية خرطوش لآخر بموجب فاتورة، قد آخذه بجناية إحراز البندقية بغير ترخيص لمجرد أنه لم يقيد البيان الخاص بها في دفتره المعد لذلك عملاً بالمادة 14 من قانون الأسلحة والذخائر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لأن ما وقع منه يكون معاقباً عليه بنص المادة 29 من القانون المذكور بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز عشرة جنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين.
3 - جريمة الاشتراك في تزوير المحررات العرفية والمعاقب عليها بمقتضى المواد 40 و41 و215 من قانون العقوبات، هي في حقيقة الواقع ووصف القانون أشد من الجرائم المنصوص عليها في المادتين 28، 29 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل.
4 - عقوبة المصادرة المنصوص عليها في المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954، عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة، ويجب القضاء بها في جميع الأحوال، ومن ثم فقد كان من المتعين بحسب الأصل توقيعها مع عقوبة الجريمة الأشد، إلا أنه لما كانت عقوبة المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء محرماً تداوله بالنسبة للكافة بما في ذلك المالك والحائز على السواء وهو ما لا ينطبق على الأسلحة المرخص قانوناً لصاحبها في حملها، وإذ كان الحكم قد استظهر أن المتهم ممن يتجرون في الأسلحة وأنه مرخص له بذلك وأن إحرازه للبندقية كان بقصد الاتجار ولم يكن بصفة مجردة أو ثمرة جريمة تحصل منها فإنه يتعين عدم القضاء بالمصادرة مع عقوبة الجريمة الأشد.
5 - مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر ولو كان هذا الضرر محتملاً، وتقدير ذلك من إطلاقات محكمة الموضوع متى كان سائغاً، وهو ما لا يحتاج إلى تدليل خاص متى كانت مدونات الحكم تشهد على توافره.
6 - الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في فترة سابقة على 12 أكتوبر سنة 1964 بدائرة مركز أبو قرقاص محافظة المنيا: (أولاً) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو تصريح شراء بندقية صادر من وزارة الداخلية "أورنيك رقم 136 ك" بأن اتفق معه على تغيير بيانات السلاح وساعده على ذلك بأن أملاها له فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثانياً) اشترك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو دفتر قيد الأسلحة المباعة بمحلات نسيم عازر ببندر المنيا وذلك بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معه على التوجه للمحل وانتحال اسم محمد عليوه مبارك وساعده في ذلك ووقع على الدفتر بهذه الصفة بتوقيع نسب صدوره زوراً إلى صاحبه فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثالثاً) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية خرطوش" وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3 من قانون العقوبات و1 و26/ 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرفق به مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس ستة أشهر مع الشغل وتغريمه خمسة جنيهات والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية إحراز السلاح بغير ترخيص وبتهمتي التزوير في المحررين العرفيين، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأنه وهو تاجر مرخص له بمزاولة الاتجار في الأسلحة والذخائر فإن هذا الترخيص ينطوي على حق إحراز تلك الأسلحة بحكم الضرورة فإذا خالف الأحكام الواردة في المادة 14 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل في شأن إمساك دفتري قيد الوارد والمنصرف من الأسلحة التي يتجر فيها فلا يعاقب إلا بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 29 من القانون، دون عقوبة الجناية المقررة في المادة 26 منه، هذا إلى أن الحكم لم يستظهر ركن الضرر في جريمتي التزوير، ولم يدلل على قيام الاشتراك تدليلاً سائغاً مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعن وهو تاجر مرخص له في تجارة الأسلحة، بأنه أحرز "بندقية خرطوش" وهو سلاح ناري غير مششخن - بدون ترخيص، على أساس أن ما وقع منه جناية ينطبق عليها نص المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر بعلة أنه لم يقيد البندقية المبيعة منه في نطاق مزاولته لحرفته في دفاتره التي ألزمه القانون بإمساكها في المادة 14 منه، وأنه اشترك في تزوير محررين عرفيين هما البيان المثبت لأوصاف البندقية على ظهر التصريح بشرائها والصادر من وزارة الداخلية بالأورنيك رقم 136 ك، ودفتر قيد الأسلحة بمحل التاجر الذي اشتريت منه باعتبار أن الاشتراك في تزوير المحررين جنحة معاقب عليها بالعقوبة المقررة في المواد 40 و41 و215 من قانون العقوبات، ثم أعمل في حق الطاعن في المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة لجناية إحراز السلاح باعتبارها الجريمة الأشد، وعامله بالرأفة طبقاً للمادة 17 من هذا القانون، وقضي بحبسه ستة أشهر مع الشغل وتغريمه خمسة جنيهات. لما كان ذلك، وكان يبين من استقراء أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والتعديلات التي طرأت عليه أن المشرع قد راعى فيما قرره من عقوبات القصد من الحيازة أو الإحراز، فقرر لجريمة حيازة أو إحراز الأسلحة بصفة مجردة مقصودة لذاتها عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 26 منه، بينما قرر للحيازة أو الإحراز بقصد الاتجار أو الاستيراد أو الصنع أو الإصلاح بغير ترخيص عقوبة الجنحة التي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة 28، أما إذا كان الإحراز أو الحيازة في نطاق الاتجار المرخص بمزاولته، فقد ارتفع عن الفعل التأثيم، وحقت له الإباحة المستفادة من ممارسة الحرفة بترخيص سواء بموجب قانون الأسلحة والذخائر، أو وفقاً للأحكام العامة في قانون العقوبات. ولما كان الحكم المطعون فيه، مع تسليمه بأن الطاعن تاجر مرخص له في تجارة الأسلحة، باع بندقية خرطوش لآخر بموجب فاتورة، قد آخذه بجناية إحراز البندقية بغير ترخيص لمجرد أنه لم يقيد البيان الخاص بها في دفتره المعد لذلك عملاً بالمادة 14 من قانون الأسلحة والذخائر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لأن ما وقع منه يكون معاقباً عليه بنص المادة 29 من القانون المذكور بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز عشرة جنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهو وصف دارت حوله الواقعة بتنبيه من المحكمة والتفات من الدفاع وتكون جريمة الاشتراك في تزوير المحررين العرفيين المسندة إليه والمعاقب عليها بمقتضى المواد 40 و41 و215 من قانون العقوبات هي في حقيقة الواقع ووصف القانون الجريمة الأشد من بين الجرائم المسندة إليه على الأساس السالف الذكر لأن العقوبة المقررة لها هي مطلق الحبس مع الشغل وجوباً لا تخيير فيه، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصويبه بإيقاع العقوبة المقررة لجنحة التزوير مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. ولما كانت عقوبة المصادرة المنصوص عليها في المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل، عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة، ويجب القضاء بها في جميع الأحوال، فقد كان من المتعين بحسب الأصل توقيعها مع عقوبة الأشد، إلا أنه لما كانت عقوبة المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء محرماً تداوله بالنسبة إلى الكافة بما في ذلك المالك والحائز على السواء وهو ما لا ينطبق على الأسلحة المرخص قانوناً لصاحبها في حملها، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن ممن يتجرون في الأسلحة وأنه مرخص له بذلك وأن إحرازه للبندقية كان بقصد الاتجار ولم يكن بصفة مجردة أو ثمرة جريمة تحصل منها، فإنه يتعين عدم القضاء بالمصادرة مع عقوبة الجريمة الأشد. أما سائر الطعن فلا وجه له ذلك بأن مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر، ولو كان هذا الضرر محتملاً. وتقدير ذلك من إطلاقات محكمة الموضوع متى كان سائغاً، وهو ما لا يحتاج إلى تدليل خاص متى كانت مدونات الحكم تشهد على توافره. لما كان ما تقدم، وكان الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً صرفاً لا يثار لدي محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن بمخالفة القانون يكونه هو وحده الحري بالقبول ويتعين نقض الحكم والقضاء بالعقوبة على الوجه الصحيح.