أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 657

جلسة 3 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(133)
الطعن رقم 751 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج، د) تموين. مسئولية جنائية. إثبات. "اعتراف"
( أ ) مناط مسئولية صاحب المحل مع مديره أو القائم على إدارته في مجال تطبيق المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 هو تحقق الملك أو ثبوت الإدارة للشخص. انتفاء مسئولية المدير متى انتفى في جانبه القيام بإدارة المحل في الوقت المعين الذي وقعت فيه المخالفة.
(ب) اتجاه الإرادة إلى الفعل هو وحده مناط التأثيم والعقاب دون اتجاهها إلى تحمل مسئوليته.
(ج) لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة والواقع.
(د) لا يصح اتخاذ مسلك المتهم في الدفاع عن نفسه دليلاً على قيام موجب المسئولية في حقه.
1 - إذ نص المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 في شأن التموين في المادة 58 منه على مسئولية صاحب المحل مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكامه فقد جعل مناط المسئولية تحقق الملك أو ثبوت الإدارة للشخص حتى تصح مساءلته بصرف النظر عن الأساس القانوني لهذه المسئولية من الواقع أو الافتراض مما لازمه أن الشخص لا يسأل - بصفته مديراً - متى انتفى في جانبه القيام بإدارة المحل في الوقت المعين الذي وقعت فيه المخالفة.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من اعتراف الطاعن بمسئوليته عن إدارة المحل دليلاً عن إدارته الفعلية له في جميع الأوقات، وهو ممتنع إلا إذا ثبت ذلك بالفعل، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
2 - لا يسوغ الخلط بين اتجاه الإرادة إلى الفعل واتجاهها إلى تحمل مسئوليته لأن الأول وحده هو مناط التأثيم والعقاب.
3 - من المقرر أنه لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة والواقع.
4 - إن مسلك المتهم في الدفاع عن نفسه بكل السبل لا يصح اتخاذه دليلاً على قيام موجب المسئولية في حقه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23 من مايو سنة 1966 بدائرة مركز ببا: بصفته مديراً للمخبز التعاوني بببا أنتج خبزاً طرياً يقل وزنه عن المقرر قانوناً وطلبت عقابه بالمواد 21 و22 و24/ 1 و27/ 1 و28/ 2 من القرار الوزاري رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار 138 لسنة 1961 والمواد 56 و57 و58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 والمادة 15 من القرار رقم 163 لسنة 1950 ومحكمة ببا الجزئية قضت في الدعوى حضورياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وتغريمه مائة جنيه والمصادرة وشهر ملخص الحكم على واجهة المحل مدة مساوية لعقوبة الحبس. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة بني سويف الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الاستئناف حضورياً عملاً بمواد الاتهام: (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً. (ثانياً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة - الذي أبداه الدفاع عن المتهم - وبقبولها (ثالثاً) رفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بصفته مديراً لمخبز أنتج خبزاً ناقص الوزن عن المقرر قانوناً، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه دفع التهمة المسندة إليه بأنه لم يكن قائماً بإدارة المخبز بالفعل وقت وقوع المخالفة، وقدم شهادة صادرة من مجلس إدارة اللجنة التعاونية للعاملين بالمخبز التعاوني بمدينة ببا، متضمنة مواعيد العمل بالمخبز، ومواعيد إشراف كل من المشرفين عليه، وثابت بها أن ميعاد عمله في المساء لا في الصباح حين تم الضبط، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح دفاعاً تأسيساً على اعترافه بأنه المدير المسئول مع أن ذلك لا يكفي لإدانته إذا كانت المحكمة ترى أنه في حقيقة الأمر غير مسئول، وكان يتعين عليها أن تحقق دفاعه، فإذا ثبت لها صحته قضت ببراءته وإلا أدانته، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 في شأن التموين إذ نص في المادة 58 منه على مسئولية صاحب المحل مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكامه، فقد جعل مناط المسئولية تحقق الملك، أو ثبوت الإدارة للشخص حتى تصح مساءلته بصرف النظر عن الأساس القانوني لهذه المسئولية من الواقع أو الافتراض مما لازمه أن الشخص لا يسأل - بصفته مديراً - متى انتفى في جانبه القيام بإدارة المحل في الوقت المعين الذي وقعت فيه المخالفة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من اعتراف الطاعن بمسئوليته عن إدارة المحل دليلاً على إدارته الفعلية له في جميع الأوقات، وهو ممتنع إلا إذا ثبت ذلك بالفعل، وكان لا يسوغ الخلط بين اتجاه الإرادة إلى الفعل واتجاهها إلى تحمل مسئوليته، لأن الأول وحده هو مناط التأثيم والعقاب، ومن المقرر أنه لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة والواقع، كما أن مسلك المتهم في الدفاع عن نفسه بكل السبل لا يصح اتخاذه دليلاً على قيام موجب المسئولية في حقه، ومن ثم فقد كان جديراً بالمحكمة أن تعرض لحقيقة الواقع من أمر قيام المتهم بالإدارة أو تخلفه عند وقوع الجريمة، وتمحص دفاعه الخاص بتعيين مدير مسئول للمخبز صباحاً وآخر مساء وتحقق الدليل الكتابي الذي قدمه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو أن ترد عليه بما ينفيه، أما وهي لم تفعل مع جوهرية دفاعه في خصوصية الدعوى المطروحة، فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب النقض والإحالة وذلك بغير حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.