أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 692

جلسة 11 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، وعبد المنعم حمزاوي، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(141)
الطعن رقم 246 لسنة 38 القضائية

( أ، ب ) بناء. "تنظيم أعمال البناء". جريمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أحوال الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
( أ ) نطاق المادة الأولى من القانون رقم 55 لسنة 1964 بشأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء؟
(ب) لا إثم على فعل من تقصر موارده فتطيل مدة إقامته للبناء - دون تحايل على القانون - بحيث لا تزيد قيمة ما يتم منها في السنة على ألف جنيه.
1 - يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء أن المشرع قد قصد بإصداره الإشراف على نشاط أعمال التشييد والبناء في البلاد ومراقبة استعمال المواد المحلية والمستوردة بما يتفق مع الصالح العام وما تتخذه الحكومة في سبيل تصنيع البلاد وتوجيه الاستثمارات إلى المشروعات الإنتاجية، وأن القانون قد رأى عدم التعرض للمباني والمنشآت أو التعديلات أو الترميمات التي لا تزيد عن ألف جنيه نظراً لقلة استخدام مثل هذه الأعمال لمواد البناء الأساسية ذات الأهمية في مشروعات النهضة الإنتاجية كما أنها تمس عدداً كبيراً من الأفراد ذوي الدخل المحدود الذين تسعى الحكومة جاهدة في تحسين مستوى معيشتهم ورفع قدرتهم الإنتاجية.
2 - المستفاد من حظر المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1964 منح تراخيص للبناء أو التعديل أو الترميم تزيد قيمتها في مجموعها على ألف جنيه للمبنى الواحد في السنة الواحدة ومما تجري عليه الدولة في تحديد قيمة ما يصرح بإقامته من أبنية عاماً بعد عام فتزيد تلك القيمة تارة وتنقصها تارة أخرى وفقاً لاحتياجات المشروعات الإنتاجية من مواد البناء - أن المشرع لا يؤثم فعل من تقصر موارده فتطيل مدة إقامته للبناء دون تحايل على القانون، بحيث لا تزيد قيمة ما يتم منها في السنة الواحدة على ألف جنيه، ومن ثم فإذا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه حقق واقعة الدعوى فخلص إلى أن قيمة البناء الذي أقامه المتهم منذ صدور رخصة البناء من الجهة القائمة على أعمال التنظيم في 22/ 3/ 1965 حتى تاريخ معاينة المبنى في سنة 1967 لم تبلغ ألف جنيه، فإنه وقد انتهى على الرغم من ذلك إلى إدانته يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 11 مايو سنة 1965 بدائرة بندر الزقازيق محافظة الشرقية: (1) نفذ أعمالاً بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم (2) أقام بناء وأعمالا مخالفة للرسومات والمستندات والبيانات التي منح على أساسها الترخيص (3) أقام بناء غير مطابق للأصول والمواصفات المبينة والشروط والقوانين (4) أقام وعدل مبنى قائماً داخل حدود المدينة وكلفت هذه الأعمال أزيد من ألف جنيه بغير الحصول على موافقة سابقة من اللجنة المختصة. وطلبت عقابه بالقانون رقم 45 لسنة 1962 والقانون رقم 55 لسنة 1964. ومحكمة الزقازيق الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 1420 ج وإلزامه بسداد ضعف رسم الترخيص فعارض وقضي في المعارضة بقبولها وفي الموضوع بإلغاء الحكم الغيابي المعارض فيه فيما قضى به من تصحيح الأعمال المخالفة وتأييده فيما عدا ذلك. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - بعد أن أحالت القضية إلى الخبير لمعاينة المنزل موضوع الدعوى لبيان تكاليفه الحقيقية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتغريم المتهم مبلغ 1207 ج وإلزامه بسداد ضعف رسوم الترخيص. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إقامة وتعديل مبنى تكلف أزيد من ألف جنيه بغير الحصول على موافقة سابقة من اللجنة المختصة قد أخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن "عبارة الأعمال المطلوب إجراؤها"، الواردة في المواد الأولى والثالثة والرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1964 هي الأعمال المطلوب إجراؤها في طلب الترخيص وأن البناء هو ما يقام بالفعل ويتم مخالفاً للقانون ومن ثم فإنه لا يكون مخالفاً قرار اللجنة إذا استعاض صاحب البناء أعمالاً بأعمال أو وسع رقعة المبنى ما دام لم يجاوز التكاليف الإجمالية المرخص بها. كما أنه لا حاجة لموافقة اللجنة إذا كانت نتيجة الأعمال أقل من ألف جنيه أو إذا كانت تتم على فترات وكانت قيمة كل عملية في الترخيص أقل من ألف جنيه بشرط ألا تتعدد خلال السنة الواحدة وأخيراً فإن أحكام القانون لا تنطبق على الأعمال المعمارية - الخاصة بمحدودي الدخل - التي يقومون بها على فترات وترتيباً على ذلك فإن الطاعن يرى أن الحكم أخطأ إذ لم يأخذ بدفاعه الذي مفاد أنه حصل على ترخيص بالبناء من السلطة القائمة على التنظيم بتاريخ 22/ 3/ 1965 ولم يكن في حاجة لموافقة لجنة توجيه أعمال البناء لأن قيمة المبنى أقل من ألف جنيه ثم أقام غرفتين ومطبخ بغير ترخيص وأن قيمة جميع الأعمال التي تمت حتى مايو سنة 1967 بما فيها تلك التي أقامها بدون ترخيص وفقاً لما قدره الخبير الذي أخذت المحكمة بتقديره هي 852 ج وقد أطرح الحكم هذا الدفاع لأنه لم يفطن إلى أحكام القانون السالفة الذكر قولاً منه إن العبرة بقيمة الأعمال المطلوب إجراؤها، وفاته أن تلك الأعمال هي الأعمال المطلوب إجراؤها في طلب الترخيص مع أنه مسلم في الترخيص المعطي للطاعن من جهة التنظيم أن الأعمال المطلوبة لا تجاوز ألف جنيه ولا تحتاج لموافقة اللجنة أما الغرفتان والمطبخ التي بناها بلا ترخيص فمسلم أيضاً أن قيمتها وقيمة باقي المبنى لم تتجاوز 852 ج وبذلك يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن المحكمة الاستئنافية رأت تحقيقاً لدفاع الطاعن في شان قيمة التكاليف الحقيقية للمبنى ندب خبير لتقديرها وأن الخبير قام بالعمل الذي ندب له وقدم تقريره ثم ناقشته المحكمة فيه. كما ناقشت محرر المحضر وخلصت إلى أنه قد ثبت أن الطاعن أقام البناء على مساحة 142 متراً وأنه سبق أن صدرت للطاعن رخصة برقم 184 لسنة 1964 من الجهة القائمة على أعمال التنظيم ببناء غرفتين وصالة وحمام ثم قام ببناء غرفتين ومطبخ ومرحاض بغير ترخيص. وأن الطاعن لم يكن حتى معاينة الخبير التي جرت في سنة 1967 قد استكمل بناء المنزل لأنه كان ينقصه حتى ذلك الحين البياض من الداخل والخارج والسلالم وبلاط الأرضية وأربعة أبواب وبعض الأعمال الصحية ودوره وأن تكاليف بناء المتر المربع هي 8.5 ج وأن قيمة ما لم يستكمل من الأعمال هي 332 ج وأنه على هذا الأساس تكون قيمة المبنى حين يكتمل 1207 ج ( 142 متر × 5/ 8 ج) وهو قيمة الغرامة التي دان بها الطاعن في الجريمة التي هي وحدها موضوع الطعن. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على أن العبرة في تقدير قيمة البناء هي بتكاليف ما استكمله فأطرحه على سند من أنه لا يستقيم مع نص المادة الأولى من القانون رقم 55 لسنة 1964 التي تقرر أن العبرة في تقدير قيمة البناء هي بالأعمال المطلوب إجراؤها كما لا يستقيم أيضاً مع حكمة التشريع وأنه لو سلمت المحكمة بدفاع الطاعن لتمكن كل مخالف من أن يوقف أعمال البناء ويطلب محاسبته على قيمة ما استكمل منها. لما كان ذلك وكانت المادة الأولى من القانون رقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء قد نصت في فقرتها الأولى على أنه "فيما عدا المباني التي تقيمها الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة يحظر في أي جهة من الجمهورية داخل حدود المدن أو خارجها إقامة أي مبنى أو تعديل مبنى قائم أو ترميمه متى كانت قيمة الأعمال المطلوب إجراؤها تزيد على ألف جنيه إلا بعد الحصول على موافقة لجنة يصدر بتشكيلها وإجراءاتها قرار من وزير الإسكان والمرافق" ثم نصت المادة الرابعة من القانون على أنه. "يحظر على السلطة القائمة على أعمال التنظيم منح تراخيص متعددة للبناء أو التعديل أو الترميم تزيد قيمتها في مجموعها على ألف جنيه للمبنى الواحد في السنة الواحدة إلا بعد حصول طالب الترخيص على موافقة اللجنة" وكان يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر أن المشرع قد تغيا بإصداره الإشراف على نشاط أعمال التشييد والبناء في البلاد ومراقبة استعمال المواد المحلية والمستوردة بما يتفق مع الصالح العام وما تتخذه الحكومة في سبيل تصنيع البلاد وتوجيه الاستثمارات إلى المشروعات الإنتاجية وأن القانون قد راعى عدم التعرض للمباني والمنشآت أو التعديلات أو الترميمات التي لا تزيد عن ألف جنيه نظراً لقلة استخدام مثل هذه الأعمال لمواد البناء الأساسية ذات الأهمية في مشروعات النهضة الإنتاجية كما أنها تمس عدداً كبيراً من الأفراد ذوي الدخل المحدود الذين تسعى الحكومة جاهدة في تحسين مستوى معيشتهم ورفع قدرتهم الإنتاجية. لما كان ذلك، وكان المستفاد من حظر المادة الرابعة منح تراخيص للبناء أو التعديل أو الترميم تزيد قيمتها في مجموعها على ألف جنيه للمبنى الواحد في السنة الواحدة ومما تجري عليه الدولة من تحديد قيمة ما يصرح بإقامته من أبنية عاماً بعام فتزيد تلك القيمة تارة وتنقصها تارة أخرى وفقاً لاحتياجات المشروعات الإنتاجية من مواد البناء، أن المشرع لا يؤثم فعل من تقصر موارده فتطيل مدة إقامته للبناء - دون تحايل على القانون - بحيث لا تبلغ قيمة ما يتم منها في السنة الواحدة على ألف جنيه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه حقق واقعة الدعوى فخلص إلى أن قيمة البناء الذي أقامه الطاعن منذ صدور رخصة البناء من الجهة القائمة على أعمال التنظيم في 22/ 3/ 1965 حتى تاريخ معاينة المبنى في سنة 1967 لم تبلغ ألف جنيه فإنه وقد انتهى على الرغم من ذلك إلى إدانة الطاعن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه تصحيح هذا الخطأ والحكم بمقتضى القانون وذلك عملاً بالمادتين 30/ 1 و39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ومؤدى هذا التصحيح هو اعتبار إقامة البناء - قبل الحصول على موافقة اللجنة - موضوع التهمة الرابعة فعلاً غير مؤثم وتبرئة الطاعن منها وغني عن البيان أن هذا القضاء لا يمس ما قضى به الحكم المطعون فيه بالنسبة لباقي الجرائم والتي لم تكن محلاً للطعن.