أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 91

جلسة 2 من يناير 1983

برئاسة السيد المستشار محمد عبد الرحيم حسب الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الرشيد نوفل، سعيد صقر، عبد المنعم بركة وعلي عبد الفتاح خليل.

(31)
الطعن رقم 306 لسنة 52 القضائية

عمل "العاملون بجهاز تصفية الحراسات". اختصاص "الاختصاص الولائى". موظفون.
جهاز تصفية الحراسات. ماهيته. اعتبار المعينين به ابتداء أو المعارين له من جهات حكومية أخرى موظفون عموميون. اختصاص القضاء الإداري بمنازعتهم حول المكافأة التي يصرفها لهم الجهاز.
لما كان الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها، فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان البين من استقراء نصوص كل من القانونين رقمي 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص و49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه أن الشارع قصد لاعتبارات رآها - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 49 لسنة 1971 - إلى تصفية الأوضاع المترتبة على فرض الحراسة ورفعها بحيث تنتهي العلاقة بين هؤلاء الأشخاص وبين الأجهزة المختصة بعد صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 مباشرة، إلا أن أغلب الأوضاع المذكورة بقيت دون إنهاء بصفة دائمة لقيام صعوبات قانونية وإجراءات حالت دون الانتهاء من تحديد المراكز المالية للأشخاص المذكورين، وهو ما دعا الشارع إلى إصدار القانون رقم 49 لسنة 1971 مستهدفاً به وضع إجراءات مبسطة وسريعة تكفل تصفية تلك الحراسات وإنهاء آثارها بصورة شاملة في موعد أقصاه سنة من تاريخ العمل به 15/ 9/ 1971 بمراعاة الأحكام القانونية السارية في شأن من رفعت عنهم الحراسة والتيسيرات التي تقررت لهم بموجب قرارات رئيس الجمهورية ووفقاً للإجراءات والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون، وخولت المادة الثانية عشرة منه الوزير المختص في سبيل إتمام التصفية سلطة مباشرة كافة الاختصاصات المقررة لرئيس الوزراء طبقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 وكذلك الاختصاصات المقررة لرئيس الوزراء والوزير المختص بالأمر رقم 4 سنة 1956 بوضع نظام لإدارة أموال المعتقلين والمراقبين وغيرهم من الأشخاص والهيئات. وإذ صدر القانون رقم 52 سنة 1972 بشأن تصفية الحراسات المفروضة طبقاً للقانون رقم 150 سنة 1964 ليعمل به من أول أكتوبر سنة 1972 ونص في مادته الخامسة على أن "يتولى وزير الخزانة تصفية الجهاز الإداري للحراسة وتكون له اختصاصات الوزير المختص في القانون رقم 49 لسنة 1971 وكذلك اختصاصات الحارس العام" ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1216 لسنة 1972 بشأن إلغاء الجهاز الإداري للحراسة العامة ونقل اختصاصاته إلى وزارة الخزانة ونص في مادته الأولى على أن "يلغى الجهاز الإداري للحراسات العامة وتنقل اختصاصاته إلى وزارة الخزانة" ونصت المادة الثانية منه على أن "تتولى وزارة الخزانة تصفية أعمال الحراسة، كما تقوم بتوزيع العاملين بها على أجهزة الدولة" ونصت المادة الثالثة من ذات القرار على أن "يوقف سريان الاقتطاع الإداري وغيره من المصاريف الإدارية التي تتحملها الأموال التي خضعت لتدابير الحراسة"، فإن مفاد ذلك أن وزارة الخزانة هى الجهة المختصة بتحقيق ما تغياه الشارع من مصالح عامة بتصفية الأوضاع المترتبة على رفع الحراسة وتصفيتها، وذلك بتحديد المراكز المالية للأشخاص الذين رفعت عنهم هذه الحراسة مما مؤداه أن جهاز تصفية الحراسات المنبثق عن تلك الوزارة هو في حقيقته جهاز من أجهزة الحكومة، وله صفة المصالح الحكومية، ويضحى بهذه المثابة من الأشخاص الإدارية العامة بما لازمه أن العاملين به سواء أكانوا معينين لديه ابتداء أم معارين له من جهات حكومية أخرى موظفون عموميون، لما كان ذلك واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده من موظفي وزارة التجارة وأعير للعمل بجهاز تصفية حراسات الأجانب وهو جهة حكومة تابعة لوزارة الخزانة، وكانت الإعارة لا تقطع صلة العامل بوظيفته الأصلية فإن النزاع حول استحقاق المطعون ضده للمكافأة المقررة لغيره من موظفي مصلحة الضرائب المعارين لذات الجهاز يكون من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره وفقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وهو اختصاص ولائي متعلق بالنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم.... عمال كلي جنوب القاهرة على الطاعنين - وزيري المالية والاقتصاد ورئيس جهاز تصفية حراسات الأجانب (البلجيكيين) بصفاتهم - طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بصرف باقي قيمة المكافأة التي صرفها الجهاز لأقرانه من المعارين من مصلحة الضرائب وامتنع عن صرفها له دون حق، وقال بياناً لها إنه من العاملين بوزارة التجارة المعارين للعمل بجهاز تصفية حراسات الأجانب الذي صرف له مكافأة كحوافز إنتاج تعادل مرتب شهرين فقط، بينما بلغ ما صرفه منها للمعارين به من مصلحة الضرائب مرتب عشرين شهراً, وإذ يحق له طلب مساواته بهم، فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 18/ 2/ 1980 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره، قضت في 30/ 4/ 1981 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم.... قضائية، وبتاريخ 16/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن الثالث أن يدفع للمطعون ضده مبلغ 881.300 جنيهاً. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت لنظره جلسة.... وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول من سببي طعنهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون، إن علاقة المطعون ضده بهم من علاقات القانون العام، استناداً إلى أنه موظف عمومي بوزارة التجارة وأعير إلى جهة حكومية أخرى هى جهاز تصفية حراسات الأجانب، فيظل محتفظاً بصفته تلك أثناء فترة إعارته، وهو ما يستتبع خروج النزاع حول استحقاقه للمكافأة موضوع التداعي من ولاية جهة القضاء العادي، ويكون الاختصاص بنظره معقوداً لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها وفقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972، مما يخول الطاعنين الحق في الدفع بعدم الاختصاص الولائي ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك لأنه لما كان الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام، ولو لم يدفع به أمامها، فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان البين من استقراء نصوص كل من القانونين رقمي 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص و49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه، أن الشارع قصد لاعتبارات رآها - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 49 لسنة 1971 - إلى تصفية الأوضاع المترتبة على فرض الحراسة ورفعها بحيث تنتهي العلاقة بين هؤلاء الأشخاص وبين الأجهزة المختصة بعد صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 مباشرة، إلا أن أغلب الأوضاع المذكورة بقيت دون إنهاء بصفة دائمة لقيام صعوبات قانونية وإجراءات حالت دون الانتهاء من تحديد المراكز المالية للأشخاص المذكورين، وهو ما دعا الشارع إلى إصدار القانون رقم 49 لسنة 1971 مستهدفاً به وضع إجراءات مبسطة وسريعة تكفل تصفية تلك الحراسات وإنهاء أثارها بصورة شاملة في موعد أقصاه سنة من تاريخ العمل به في 15/ 9/ 1971 بمراعاة الأحكام القانونية السارية في شأن من رفعت عنهم الحراسة والتيسيرات التي تقررت لهم بموجب قرارات رئيس الجمهورية ووفقاً للإجراءات والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون، وخولت المادة الثانية عشرة منه الوزير المختص في سبيل إتمام التصفية سلطة مباشرة كافة الاختصاصات المقررة لرئيس الوزراء طبقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 وكذلك الاختصاصات المقررة لرئيس الوزراء والوزير المختص بالأمر رقم 4 لسنة 1956 بوضع نظام لإدارة أموال المعتقلين والمراقبين وغيرهم من الأشخاص والهيئات، وإذ صدر القانون رقم 52 لسنة 1972 بشأن تصفية الحراسات المفروضة طبقاً للقانون رقم 150 سنة 1964 ليعمل به من أول أكتوبر سنة 1972 ونص في مادته الخامسة على أن: "يتولى وزير الخزانة تصفية الجهاز الإداري للحراسة وتكون له اختصاصات الوزير المختص في القانون رقم 49 لسنة 1971 وكذلك اختصاصات الحارس العام" ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1216 لسنة 1972 بشأن إلغاء الجهاز الإداري للحراسة العامة ونقل اختصاصاته إلى وزارة الخزانة ونص في مادته الأولى على أن "يلغى الجهاز الإداري للحراسات العامة وتنقل اختصاصاته إلى وزارة الخزانة". ونصت المادة الثانية منه على أن "تتولى وزارة الخزانة تصفية أعمال الحراسة، كما تقوم بتوزيع العاملين بها على أجهزة الدولة المختلفة". ونصت المادة الثالثة من ذات القرار على أن "يوقف سريان الاقتطاع الإداري وغيره من المصاريف الإدارية التي تتحملها الأموال التي خضعت لتدابير الحراسة."، فإن مفاد ذلك أن وزارة الخزانة هى الجهة المنوطة بتحقيق ما تغياه الشارع من مصالح عامة بتصفية الأوضاع المترتبة على رفع الحراسة وتصفيتها وذلك بتحديد المراكز المالية للأشخاص الذين رفعت عنهم هذه الحراسة، مما مؤداه أن جهاز تصفية الحراسات المنبثق عن تلك الوزارة هو في حقيقته جهاز من أجهزة الحكومة، وله صفة المصالح الحكومية، ويضحى بهذه المثابة من الأشخاص الإدارية العامة، بما لازمه أم العاملين به سواء أكانوا معينين لديه ابتداءاً أم معارين له من جهات حكومية أخرى موظفون عموميون. لما كان ذلك وكان واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده من موظفي وزارة التجارة وأعير للعمل بجهاز تصفية حراسات الأجانب وهو جهة حكومة تابعة لوزارة الخزانة، وكانت الإعارة لا تقطع صلة العامل بوظيفته الأصلية، فإن النزاع حول استحقاق المطعون ضده للمكافأة المقررة لغيره من موظفي مصلحة الضرائب المعارين لذات الجهاز يكون من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره، وفقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وهو اختصاص ولائي متعلق بالنظام العام. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وفصل في موضوع النزاع، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه بغير ما حاجة لبحث باقي وجوه الطعن.
وحيث أن ما نقض الحكم في خصوصه صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في الاستئناف رقم.... قضائية القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى.