أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 717

جلسة 17 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(145)
الطعن رقم 948 لسنة 38 القضائية

دعوى جنائية. "تحريكها". "قبولها". وصف التهمة. تصد. محكمة الجنايات. "حقها في التصدي". أمر الإحالة. جريمة. ارتباط. خطف.
تعديل وصف التهمة. حدوده؟
تعرض المحكمة لواقعة جديدة متخذة منها أساساً لإدانة المتهم بجريمة لم ترفع عنها الدعوى الجنائية ولا تتصل بما ورد في أمر الإحالة اتصالاً لا يقبل التجزئة. غير جائز. مباشرة محكمة الجنايات حقها في التصدي، عدم مجاوزته إلى الفصل في موضوع ما تصدت له من وقائع. المادة 11 إجراءات.
إذا كانت المحكمة قد انتهت إلى عدم وقوع الجريمتين الواردتين في أمر الإحالة من الطاعن ودانته بجريمة أخرى وقعت على مجني عليه آخر وهي الشروع في ابتزاز مال بطريق التهديد من والد المجني عليه، فإن هذا الذي أجرته المحكمة لا يعد مجرد تعديل في التهمة مما تملك إجراءه بعد لفت نظر الدفاع إليه، بل هو في حقيقته قضاء بالإدانة في واقعة مختلفة عن واقعة الدعوى المطروحة وتستقل عنها في عناصرها وأركانها، وقد جرى النشاط الإجرامي فيها في تاريخ تال على حصولها وقد سيقت الواقعة المكونة لهذا النشاط كدليل على ارتكاب الطاعن للجريمتين اللتين أقيمت عنهما الدعوى الجنائية، ولم تكن واردة في أمر الإحالة وليست متصلة بما ورد فيه اتصالاً لا يقبل التجزئة أو الانقسام، ومن ثم فإنه ما كان يجوز للمحكمة بعد أن خلصت إلى ما انتهت إليه أن تتعرض إلى الواقعة الجديدة فتتخذ منها أساساً لإدانة الطاعن بجريمة لم ترفع عنها الدعوى الجنائية، بل غاية ما كانت تملكه في شأنها إن أرادت هو أن تعمل حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية دون أن يتجاوز ذلك إلى الفصل في موضوع تلك الواقعة، وإذ كان ما تقدم، فإن الدعوى الجنائية عن هذه الواقعة الجديدة تكون غير مقبولة بحالتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من الطاعن وآخر بأنهما في خلال الفترة من 5 يونيه سنة 1966 حتى 22 يونيه سنة 1966 بدائرة مركز منيا القمح محافظة الشرقية: (أولاً) خطفا الطفل عماد محمد إسماعيل الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بغير تحايل ولا إكراه. (ثانياً) اشتركا مع مجهول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في قتل المجني عليه سالف الذكر عمداً مع سبق الإصرار بأن حرضاه واتفقا معه على ارتكاب تلك الجريمة وقاما بتسليمه إليه فعقد العزم على قتله وأعد لذلك آلة حادة فصل بها رأس المجني عليه من جسده قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته فتمت الجريمة بناء على ذلك التحريض والاتفاق والمساعدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40 و41 و230 و231 و289/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك ومحكمة جنايات الزقازيق عدلت وصف التهمة إلى أن المتهمين اشتركا مع مجهول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في قتل الطفل عماد محمد إسماعيل بأن اتفقا معه وحرضاه على ذلك وسلما الطفل المذكور إليه بقصد قتله فعمد الأخير إلى فصل رأسه عن جسده بآلة حادة قاصداً من ذلك إزهاق روحه والقضاء عليه وقد تمت جريمة القتل المذكورة بناء على ذلك الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر خطفا الطفل المذكور الذي لم يبلغ عمره ست عشرة سنة كاملة بغير تحايل ولا إكراه وقضت حضورياً عملاً بالمواد 40 و41 و234/ 2 و289/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة عما نسب إليهما. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وقضي فيه (أولاً) بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعن الأول شكلاً (ثانياً) قبول الطعن المقدم من الطاعن الثاني شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إليه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الزقازيق لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة المذكورة سمعت الدعوى - من جديد - وقضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و47 و326/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وذلك على اعتبار أنه بتاريخ 7 يونيه سنة 1966 في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في الحصول بطريق التهديد على إعطائه مبلغاً من النقود من محمد إسماعيل محمد سليم وخاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو عدم تمكن المذكور من الوفاء بالمبلغ المطلوب. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في الحصول على مبلغ من النقود بطريق التهديد قد اعتراه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المحكمة عدلت وصف التهمة من جناية اشتراك في قتل عمد وخطف إلى شروع في جنحة الحصول على مال بطريق التهديد ودانته على أساس ذلك دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن أمر الإحالة قد بين فيه على وجه التحديد الفعل الجنائي المسند إلى الطاعن ارتكابه وهو أنه وآخر خطفا المجني عليه عماد محمد إسماعيل الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة بغير تحايل ولا إكراه وأنهما اشتركا مع مجهول في قتله عمداً مع سبق الإصرار وقد خلصت محكمة الموضوع إلى عدم ثبوت ارتكاب الطاعن لهاتين الجريمتين في قولها أنه "لم يقم ثمة دليل مطمئن من الأوراق على اشتراكه في أيهما، وأنه لا علاقة بين ما طلبه الطاعن من والد المجني عليه خاصاً بدفع مبلغ من المال لرده وواقعة خطف الطفل وقتله وأنه ليس ثمة ما ينفي أن يكون الطاعن انتهز فرصة خطف الطفل ولهفة والده على استرجاعه فاتصل به وعمل على الحصول منه على مبلغ من المال ولكن المبلغ لم يدفع له بسبب عدم تملك الوالد لهذا القدر من المال وعدم تمكنه من جمعه". لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى عدم وقوع الجريمتين الواردتين في أمر الإحالة من الطاعن ودانته بجريمة أخرى وقعت على مجني عليه آخر وهي الشروع في ابتزاز مال بطريق التهديد من والد المجني عليه. فإن هذا الذي أجرته المحكمة لا يعد مجرد تعديل في التهمة مما تملك إجراءه بعد لفت نظر الدفاع إليه، بل هو في حقيقته قضاء بالإدانة في واقعة مختلفة عن واقعة الدعوى المطروحة وتستقل عنها في عناصرها وأركانها وقد جرى النشاط الإجرامي فيها في تاريخ تال على حصولها وكانت الواقعة المكونة لهذا النشاط قد سيقت فقط كدليل على ارتكاب الطاعن للجريمتين اللتين أقيمت عنهما الدعوى الجنائية ولم تكن واردة في أمر الإحالة وليست متصلة بما ورد فيه اتصالاً لا يقبل التجزئة أو الانقسام، لما كان ذلك، فإنه ما كان يجوز للمحكمة بعد أن خلصت إلى ما انتهت إليه أن تتعرض إلى الواقعة الجديدة فتتخذ منها أساساً لإدانة الطاعن بجريمة لم ترفع عنها الدعوى الجنائية، بل غاية ما كانت تملكه في شأنها إن أرادت هو أن تعمل حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية دون أن يتجاوز ذلك إلى الفصل في موضوع تلك الواقعة، وبذلك تكون الدعوى الجنائية عن هذه الواقعة الجديدة غير مقبولة بحالتها. ومن ثم فيكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بما يوجب نقضه والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بحالتها بالنسبة إلى تهمة الشروع في ابتزاز مال بطريق التهديد وهي التهمة الوحيدة التي انتهت المحكمة إلى أنها وقعت من الطاعن وذلك بغير حاجة إلى بحث بقية أوجه الطعن الأخرى.