أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 161

جلسة 10 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.

(44)
الطعن رقم 210 لسنة 48 القضائية

1- إيجار "إيجار الأماكن" "تبادل الوحدات السكنية".
تبادل الوحدات السكنية. ماهيته م 4/ 3 ق 52 لسنة 69، 7/ 3 ق 49 لسنة 1977. قرار وزير الإسكان 97/ 1970.
2- محكمة الموضوع. عقد "تفسير العقد".
لمحكمة الموضوع استظهار نية العاقدين واستخلاص المعني الذي قصداه ما دام ذلك الاستخلاص سائغاً من ظروف الدعوى.
1- التبادل الذي أباحه المشرع لمستأجري الوحدات السكنية طبقاً للمادة 7/ 3 من القانون 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 4/ 3 من القانون 52 لسنة 1959 وبالشروط الواردة في قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 97 لسنة 1970 يتضمن تنازلاً من كل من المستأجرين المتبادلين عن إيجار مسكنه للأخير، إذ يترتب على موافقة المؤجر عليه أو صدور حكم قضائي به التزام المؤجر بتحرير عقد إيجار جديد للمستأجر المتنازل له عن الإيجار طبقاً لما تم من تبادل وفقاً لنص المادة الخامسة من القرار المذكور، ولا يقدح في ذلك أن تلك المادة قد جعلت المستأجر السابق مسئولاً مع المستأجر الجديد بطريق التضامن عن الالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار، ذلك أنه ضمان مقرر بحكم القانون الذي رسم حدوده ومن ثم فإن هذا الضمان القانوني لا ينفي عن البدل فكرة التنازل عن الإيجار ولا يؤدي إلى اعتباره إيجاراً من الباطن.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى واستخلاص الحقيقة منها واستظهار نية المتعاقدين وتحصيل المعنى الذي قصداه مستهدية بالظروف التي أحاطت بها ما دام استخلاصها سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عقد البدل أن نية الطرفين لم تنصرف إلى التأجير من الباطن بل تضمنت تنازلاً عن الإيجار في غير الأحوال التي يجيزها القانون وهو استخلاص سائغ ومقبول ويتفق مع واقع النزاع المطروح وقصد العاقدين من إقامة دعوى صحة البدل ورتب على ذلك أنه ليس ثمة داع لبحث ما أثاره الطاعنان بشأن حق أولهما في التأجير من الباطن طبقاً للقانون رقم 49 لسنة 1977 لكون ما تم هو في حقيقته تنازل عن الإيجار وليس تأجيراً من الباطن فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى 882 سنة 1974 مدني كلي الجيزة على المطعون ضدها ابتغاء الحكم بإلزامها بتوقيع عقد إيجار العين الموضحة بالصحيفة لصالح الطاعن الثاني، وقالا بياناً لدعواهما إنهما بتاريخ 1/10/ 1974 تبادلا الوحدتين السكنيتين استئجارهما طبقاً للمادة الرابعة من القانون 52 سنة 1969 إذ يعمل الطاعن الثاني بكلية الطب جامعة القاهرة وأشقاؤه المقيمون معه طلبه بنفس الجامعة، والطاعن الأول مستأجر عين النزاع - يعمل طبيباً بالمستشفى العسكري بكوبري القبة فضلاً عن قيام أسباب أخرى دعت إلى هذا التبادل ذلك أن والدة الطاعن الثاني مريضه بالقلب - ولا تستطيع صعود درج السلم مما تكون معه عين النزاع أصلح لها لأنها تقع بالدور الأرضي، وإذا أخطرا المطعون ضدها بهذا التبادل بموجب إنذار معلن إليها في 26/10/ 1974 ولم ترد عليهما فقد أقاما دعواهما بطلباتهما. كما أقامت المطعون ضدها الدعوى 172 سنة 1975 مدني كلي الجيزة على الطاعنين ابتغاء الحكم بإخلائهما من ذات عين النزاع وتسليمها إليها، وقالت بياناً لدعواها أن الطاعن الأول استأجر منها تلك العين، وإذ كان التبادل موضوع الدعوى السابقة (رقم 882 سنة 1974 مدني كلي الجيزة) يخفي في حقيقة واقعه تنازل عن الإيجار من الطاعن الأول - مستأجر العين - إلى الطاعن الثاني بالمخالفة لنص المادة 23/ ح من القانون 52 سنة 1969 فقد أقامت دعواها بطلباتها وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعوى الثانية للأولى ليصدر فيهما حكم واحد حكمت بتاريخ 25/ 12/ 1975 برفض الدعوى رقم 882 سنة 1974 وفي الدعوى المنضمة بإخلاء الطاعنين من العين المؤجرة المبينة بالصحيفة. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 512 لسنة 93 ق القاهرة وبتاريخ 22/ 6/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف في الدعوى 882 سنة 1974 ثم قضت بتاريخ 10/ 12/ 1977 بتأييد الحكم المستأنف في الدعوى 172 سنة 1975. طعن الطاعنان في هذا الحكم الأخير بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن مبني على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالثلاثة الأخيرة منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع في الدعوى وفي تكييفها والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أن البدل الذي بينهما لا يعدو أن يكون تأجيراً من باطن كل منهما للعين استجارة إلى الآخر مقابل انتفاعه بالعين التي يستأجرها الأخر أصلاً. إذ لا يلزم أن تكون الأجرة نقوداً بل تجوز أن تكون منفعة عين أخرى تطبيقاً لنص المادة 561 من القانون المدني، ولما كان استئجار الطاعن الثاني لعين النزاع من باطن الطاعن الأول جائز بحكم المادة 40/ جـ من القانون 49 لسنة 1977 لأنه وأخوته كانوا وقت إتمام البدل طلبه في جامعة الجيزة في غير موطن أسرتهم ومن ثم فلا يجوز إخلاء الطاعنين من هذه العين أعمالاً للمادة 31/ ب من ذات القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك واعتبر أن البدل - بعد القضاء برفض الدعوى بصحته - يعني التنازل عن الإيجار بدون إذن كتابي صريح من المالكة وليس تأجيراً من الباطن، ورتب على ذلك إخلاء الطاعنين من عين النزاع فإنه يكون قد أخطأ في فهم واقعة الدعوى وفي تكييفها وأخطأ في تطبيق القانون عليه وشابه فساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن التنازل الذي أباحه المشرع لمستأجري الوحدات السكنية طبقاً للمادة 7/ 3 من القانون 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 4/ 3 من القانون 52 سنة 1969 وبالشروط الواردة في قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 97 سنة 1970 يتضمن تنازلاً من كل من المستأجرين المتبادلين عن إيجار مسكنه للآخر، إذ يترتب على موافقة المؤجر عليه أو صدور حكم قضائي به التزام المؤجر بتحرير عقد إيجار جديد للمستأجر المتنازل له عن الإيجار طبقاً لما تم من تبادل وفقاً لنص المادة الخامسة من القرار المذكور، ولا يقدح في ذلك أن تلك المادة قد جعلت المستأجر السابق مسئولاً مع المستأجر الجديد بطريق التضامن عن الالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار، ذلك أنه ضمان مقرر بحكم القانون الذي رسم حدوده، ومن ثم فإن هذا الضمان القانوني، لا ينفي عن البدل فكرة التنازل عن الإيجار ولا يؤدي إلى اعتباره إيجاراً من الباطن، ولما كان البين من الأوراق أن الطاعنين أقاما الدعوى 882 سنة 1974 مدني كلي الجيزة بطلب الحكم بصحة التبادل الذي تم بينهما استناداً إلى المادة 4 من القانون 52 سنة 1969 فإن ذلك يفيد أنهما قصدا تنازل كل منهما للأخر عن إيجار مسكنه تنازلاً نهائياً، لما كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى واستخلاص الحقيقة منها واستظهار نية المتعاقدين وتحصيل المعنى الذي قصداه مستهدية بالظروف التي أحاطت بها ما دام استخلاصها سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عقد البدل أن نية الطاعنين لم تنصرف إلى التأجير من الباطن بل تضمنت تنازلاً عن الإيجار في غير الأحوال التي يجيزها القانون وهو استخلاص سائغ ومقبول ويتفق مع واقع النزاع المطروح وقصد العاقدين من إقامة دعوى صحة البدل ورتب على ذلك أنه ليس ثمة داع لبحث ما أثاره الطاعنان بشأن حق أولهما في التأجير من الباطن طبقاً للقانون رقم 49 سنة 1977 لكون ما تم هو في حقيقته تنازل عن الإيجار وليس تأجيراً من الباطن فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن أحكام قوانين إيجار الأماكن آمره ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم تسري على جميع المنازعات المطروحة على المحاكم وقت العمل بها وما يطرح منها بعد ذلك حتى ولو كانت عن مراكز قانونية قد تولدت في ظل قانون سابق وعلى ذلك فإن القانون رقم 49 سنة 1977 وقد صدر أثناء نظر دعوى الإخلاء أمام محكمة الاستئناف يكون هو الواجب بالتطبيق سيما وقد نص صراحة على إلغاء القانون رقم 52 سنة 1969 ووردت أحكامه ناسخة لأحكام القانون الأخير، وحصر في مادتيه التاسعة والخامسة والثمانين الحالات التي يرجع فيها إلى القوانين السابقة وهى الخاصة بالإجراءات وقواعد تحديد الأجرة غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن إعمال أحكام القانون رقم 49 سنة 1977 مما يعيبه بمخالفة أحكام القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن البين من الأوراق أن الدعوى رقم 882 سنة 1974 مدني كلي الجيزة والتي أقامها الطاعنان بصحة البدل الذي تم بينهما قد حكم فيها بجلسة 25/ 12/ 1975 برفضها لعدم استيفاء هذا البدل الشروط المقررة قانوناً، وتأيد هذا القضاء بالحكم الصادر في الاستئناف بتاريخ 22/ 6/ 1976 ولم يرد عليه الطعن بالنقض، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الصادر بالإخلاء قد انتهي بحق وعلى النحو المبين في الرد على الأسباب الثلاثة الأخيرة من أسباب الطعن إلى أن عقد البدل قد تضمن تنازل الطاعن الأول عن عين النزاع للطاعن الثاني، ومن ثم لم يجد محلاً لبحث ما أثاره الطاعن الأول عن حقه في تأجير تلك العين من الباطن استناداً إلى القانون رقم 49 سنة 1977، ورتب على ذلك وعلى ما استخلصه من أن ذلك التنازل كان في غير الحالات التي يجيزها القانون - قضاءه بإخلاء الطاعنين من عين النزاع، وإذ كان هذا القضاء سليماً في أسبابه ويتفق في نتيجته مع حكم المادة 31/ ب من القانون رقم 49 سنة 1977 فلا يفسد الحكم المطعون فيه عدم ذكره هذا القانون كسند لما انتهى إليه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.