أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 166

جلسة 11 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يحيي العموري نائب رئيس المحكمة محمد المرسي فتح الله، أحمد ضياء عبد الرازق وجرجس إسحق.

(45)
الطعن رقم 743 لسنة 49 القضائية

1 - تقادم "التقادم المسقط". مسئولية. التزام.
التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدني. قصر سريانه على الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشرع دون غيره من مصادرة الالتزام. عدم سريانه على الالتزامات التي مصدرها العقد.
2 - قانون "تفسير القانون". "سريان القانون من حيث الزمان".
النص الخاص يقيد النص العام ويعتبر استثناء منه. النص اللاحق يلغى النص السابق إذا تعارض معه. الاستثناء. النص العام اللاحق لا يلغى نصاً خاصاً سابق عليه وإن تعارض معه.
3 - إثبات. نظام عام. تعويض "شرط جزائي".
الأصل أن عبء الالتزام يقع على الدائن. الاستثناء. الحالات التي أوردها القانون كالقرائن القانونية. مثال. ما ورد بالمادة 224 مدني - الشرط الجزائي.
4 - مسئولية "مسئولية عقدية". تعويض. "شرط جزائي"
إثبات "عبء الإثبات".
الشرط الجزائي. تحققه يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين. عبء إثبات عدم وقوعه على عاتق المدين.
5 - إثبات "شهادة الشهود" وكالة.
شهادة النائب أو الوكيل. عدم قبولها. اقتضاء المغايرة بين شخص الخصم وشخص الشاهد. علة ذلك اختلاف الشهادة عن الإقرار واليمين الخامسة.
6 - مسئولية "مسئولية عقدية". تعويض. إثبات.
عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي. اعتباره خطأ يرتب مسئوليته. النص في العقد على الشرط الجزائي. أثره. تحقق الضرر. على المدين عبء إثبات عدم تحققه. افتراض تناسب التعويض المتفق عليه مع الضرر الذي لحق الدائن ما لم يثبت المدين خلاف ذلك
7 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". دعوى.
تقدير الأدلة وبحث المستندات في الدعوى. اكتفاء الحكم بإيراد ما استخلصه منها دون ذكر فحواها لا يعيبه ما دام منفقاً مع الثابت فيها.
8 - محكمة الموضوع. عقد. تعويض " شرط جزائي".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير تحقق الشرط الجزائي في حالة النص عليه. لا رقابة لمحكمة النقض متى كان تقديرها قائماً على ما يسانده.
1 - إذ أورد المشرع نص المادة 172 بين نصوص الفصل الثالث من الباب الأول للعمل غير المشرع متعلقاً بتقادم دعوى المسئولية المدنية بثلاث سنوات فإن هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون عاماً ومنبسطاً على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بفروعه دون غيره من مصادر الالتزام التي افرد لكل منها فصلاً خاصاً تسري أحكام المواد الواردة به على الالتزامات الناشئة عنه، ولما كان الثابت أن طلب المطعون ضدهما للتعويض مبني على إخلال الطاعنين بالتزاماتهم العقدية إعملاًً للشرط الجزائي المنصوص عليه فيها، وكان مصدر هذا الالتزام هو العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد تطبيق المادة 172/ 1 من القانون المدني على دعوى المطعون ضدهما يكون قد التزم صحيح القانون.
2 - من المقرر وفقاً لقواعد التفسير أن النص الخاص يقيد النص العام ويعتبر استثناء منه وأن النص اللاحق يلغي النعي السابق إذا ما تعارض معه، إلا أن النص العام اللاحق لا يلغي نصاً خاصاً سابقاً عليه وإن تعارض معه.
3 - لئن كانت المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 قد وضعت القاعدة العامة من قواعد الإثبات - وهي غير متعلقة بالنظام العام - بما نصت عليه من أن على الدائن إثبات الالتزام وأن على المدين إثبات التخلص منه - إلا أن هذه القاعدة قد وردت عليها بعض الاستثناءات ومن بينها الحالات التي أورد فيها المشرع قرائن قانونية كالحالة المنصوص عليها بالمادة 224 من القانون المدني والتي اعتبر فيها المشرع اتفاق المتعاقدين على الشرط الجزائي قرينة قانونية غير قاطعة على وقوع الضرر.
4 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه متى وجد شرط جزائي في العقد فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته لأن وجوده يقوم قرينة قانونية غير قاطعة على وقوع الضرر ويكون على المدين في هذه الحالة إثبات عدم تحقق الشرط أو إثبات عدم وقوع الضرر.
5 - مفاد نص المادة 82 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 أن القانون لم يجعل القرابة أو المصاهرة بين الخصم وشاهده سبباً لرد الشاهد أو عدم سماع شهادته إلا أن الشهادة تختلف عن الإقرار واليمين الحاسمة في أنها تقتضي المغايرة بين شخص الخصم وشخص من يستشهد به لأنه يحتكم إليه في الإدلاء بمعلوماته على خلاف الإقرار الذي يصدر عن ذات الخصم واليمين الحاسمة التي يحتكم فيها الخصم إلى ذمة خصمه.
6 - من المقرر أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر بذاته خطأ يرتب مسئوليته وأن النص في العقد على الشرط الجزائي يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته، بل يقع على المدين إثبات عدم تحققه، كما يفترض فيه أن تقدير التعويض المتفق عليه متناسب مع الضرر الذي لحق الدائن، وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط ما لم يثبت المدين خلاف ذلك.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت منها متى كان تقديرها سائغاً وأنه لا يعيب حكمها عدم بيانه فحوى المستندات المقدمة والاكتفاء بإيراد ما استخلصته المحكمة منها ما دام ذلك منفقاً مع الثابت بها دون انحراف أو خروج عنها.
8 - لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيما تقدره من اعتبار المتعاقد مقصراً أو غير مقصر في حالة النص في العقد على الشرط الجزائي متى كان تقديرها قائماً على ما يسانده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن - المطعون ضدهما (المصفين لتركة المرحوم جون بلاكوتاريس) أقاما الدعوى رقم 908 لسنة 1976 مدني كلي الإسكندرية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعا لهما بصفتهما مبلغ 900 جنيه وقالا بياناً لذلك أن الطاعنين اشتروا ثلاث عقارات من التركة بموجب ثلاثة عقود مؤرخة 29/ 8/ 1970 تضمن كل منها شرطاً جزائياً بالتزامهم بدفع مبلغ 300 جنيه في حالة إخلالهم بالتزامهم بإعداد العقود النهائية والتوقيع عليها خلال المدة المحددة لذلك التعاقد وإذا لم يوف الطاعنون بهذا الالتزام فقد أقام المطعون ضدهما دعواهما بطلباتهما آنفه البيان ولدى نظر الدعوى ادعى الطاعنون فرعياً بطلب إلزام المطعون ضدهما شخصاً وبصفتهما بأن يدفعا لهم متضامنين مبلغ 200 جنيه والفوائد تعويضاً لهم عن إقامتهما الدعوى رغم علمهما بعدم صحة سببه وبقصد الإضرار بهم مما كبدهم مصاريف باهظة. قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا متضامنين مبلغ 900 جنيه وبرفض دعواهم الفرعية. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 671 سنة 34 ق الإسكندرية وبتاريخ 8/ 1/ 1979 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا أمام محكمة الدرجة الأولى بسقوط حق المطعون ضدهما في إقامة دعواهما بانقضاء ثلاث سنوات على انتهاء المدة المحددة في عقود البيع لا على العقود النهائية عملاً بنص المادة 172/ 1 من القانون المدني إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بالسقوط تأييداً للحكم المستأنف فيهما انتهى إليه من أن هذا النص لا يطبق في شأن التعويض عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية على الرغم من أن نص هذه المادة تدون بين مواد الفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول للقانون المدني ويسري على العمل غير المشروع مهما كان مصدره.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المشرع في القانون المدني قد أفرد الفصل الثالث من الباب الأول للعمل غير المشروع - كمصدر للالتزام - بفروعه الثلاثة وهى المسئولية عن الأعمال الشخصية وعن عمل الغير وعن الأشياء، إذ أورد المشرع نص المادة 172 بين نصوص الفصل متعلقاً بتقادم دعوى المسئولية المدنية بثلاث سنوات فإن هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون عاماً ومنبسطاً على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بفروعه دون غيره من مصادر الالتزام التي أفرد لكل منها فصلاً خاصاً تسري أحكام المواد الواردة به على الالتزامات الناشئة عنه، ولما كان الثابت أن طلب المطعون ضدهما للتعويض مبني على إخلال الطاعنين بالتزاماتهم العقدية إعمالاً للشرط الجزائي المنصوص عليه فيها، وكان مصدر هذا الالتزام هو العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد تطبيق المادة 172/ 1 من القانون المدني على دعوى المطعون ضدهما يكون قد التزم صحيح القانون.
وحيث إن مبنى الطعن بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بخطأ الحكم المستأنف إذ ألزمهم بإثبات عدم وقوع ضرر المطعون ضدهما من عدم قيامهم بإعداد العقد النهائي في الأجل المحدد في حين أنه كان يجب تكليف المطعون ضدهما بإثبات دعواهما وعناصر استحقاقهما للتعويض المطالب به عملاً بنص المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 سنة 68 إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع بمقوله أن تحقق الشرطة الجزائي يجعل الضرر متحققاً في تقدير المتعاقدين ويقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع إعمالاً لنص المادة 224 مدني - ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ صحيح القانون ذلك أن المادة الأولى من مواد إصدار قانون الإثبات الذي صدر بعد العمل بالقانون المدني قد نصت على إلغاء كل نص يخالفه ومن ثم فإن النص في العقد على الشرط الجزائي لا يعفى الدائن من إثبات عناصر المسئولية الموجبة للتعويض من خطأ وضرر ورابطة سببية بينهما ما دام لم يرد في عقد إعفاء للدائن من إثبات ذلك.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه ولئن كان من المقرر وفقاً لقواعد التفسير أن النص الخاص يقيد النص العام ويعتبر استثناء منه وأن النص اللاحق يلغي النص السابق إذا ما تعارض معه إلا أن النص العام اللاحق لا يلغي نصاً خاصاً سابقاً عليه وإن تعارض معه. كما وأن المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 وإن كانت قد وضعت القاعدة العامة من قواعد الإثبات وهي غير متعلقة بالنظام العام - بما نصت عليه من أن على الدائن إثبات الالتزام وأن على المدين إثبات التخلص منه - إلا أن هذه القاعدة قد وردت عليها بعض الاستثناءات ومن بينها الحالات التي أورد فيها المشرع قرائن قانونية كالحالة المنصوص عليها بالمادة 224 من القانون المدني والتي اعتبر فيها المشرع اتفاق المتعاقدين على الشرط الجزائي قرينة قانونية غير قاطعة على وقوع الضرر. ويكون على المدين في هذه الحالة إثبات عدم تحقق الشرط أو إثبات عدم وقوع الضرر، لما كان ما تقدم فإن صدور قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 - لاحقاً على القانون المدني ومتضمناً النص على إلغاء ما يتعارض مع أحكامه ومنها حكم المادة الأولى منه سالفة البيان لا يكون من شأنه إلغاء النص الخاص الوارد 224 مدني آنفة الذكر وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون أن محكمة أول درجة أحالت الدعوى إلى التحقيق وكلفت الطاعنين بإثبات عدم تحقق الضرر إلا أنها امتنعت عن سماع شهادة الطاعن الأول (بشخصه لا بصفته) وقد جارى الحكم المطعون فيه في ذلك الرغم من المغايرة بين شخصه وبين من يمثلهم من الطاعنين بصفته وأن القانون لا يمنعه من ذلك ولا يجيز رده مما يعيب الحكم بمخالفة نص المادة 82 من قانون الإثبات لأنه ليس بشخصه طرفاً في الخصومة وأن وكالته عن بعضهم وولايته على البعض الآخر لا تعد مانعاً من موانع الشهادة ولا يجوز رده عنها.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه ولئن كان مفاد نص المادة 82 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 أن القانون لم يجعل القرابة أو المصاهرة بين الخصم وشاهده سبباً لرد الشاهد أو عدم سماع شهادته إلا أن الشهادة تختلف عن الإقرار واليمين الحاسمة في أنها تقتضي المغايرة بين شخص الخصم من يستشهد به لأنه يحتكم إليه في الإدلاء بمعلوماته على خلاف الإقرار الذي يصدر عن ذات الخصم واليمين الحاسمة التي يحتكم فيها الخصم إلى ذمة خصمه. لما كان ذلك وكان الثابت أن الأستاذ.... هو الممثل لجميع الطاعنين في عقود البيع موضوع التداعي وفي الخصومة الماثلة باعتباره ولياً طبيعياً على بعضهم ووكيلاً عن البعض الأخر مما لا يستقيم معه الفصل بين صفته الشخصية وصفته كنائب عنهم في هذا الصدد وهو ما لا تتحقق به المغايرة لقبول شهادته، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بباقي أسباب الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم قدموا إلى محكمة الموضوع من المستندات ما يقطع بأن عدم تسجيل عقود البيع يرجع إلى تقصير المطعون ضدهما في تقديم المستندات المطلوبة للشهر العقاري لإجراء التسجيل إذ أن الثابت منها أنهما لم يسددا ضريبة التركات ورسم الأيلولة إلا في 14/ 3/ 1973 وعدم إيداعهما باقي ثمن العقارات لحساب التصفية إلا في 5/ 9/ 74 وأنهما لم يخطرا الطاعنين بصدور الحكم في تعديل مهمة المصفيين إلا في 27/ 1/ 75 في حين أن الأجل المحدد لإعداد العقود النهائية ينتهي في 28/ 2/ 1971 كما تمسكوا بعدم توفير الضرر نتيجة لهذا التأخير وهو ما يتضمن بالتالي منازعتهم في مقداره وطلبوا من محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق أو إلى خبير لبيان ما إذا كان قد أصاب المطعون ضدهما ضرر نتيجة عدم التسجيل من عدمه إلا أن الحكم المطعون فيه لم يورد بياناً كافياً لمستنداتهم واجتزأ في الرد على دفاعهم وطلباتهم بالقول بأن المطعون ضدهم قاما بإيداع كافة المستندات - لإجراء إعداد العقود النهائية وسداد ضريبة التركات ورسم الأيلولة في تاريخ سابق على البيع رغم مخالفة ذلك للثابت من المستندات التي قدموها وبرر قضاءه بالقول بأن المشترين عجزوا عن إثبات انتفاء الضرر مع أن عجزهم بشهادة الشهود لا يتم معه اعتبارهم عاجزين عن ذلك بما قدموه من مستندات ولم يقبل طلبهم إحالة الدعوى من جديد إلى التحقيق أو إلى خبير على سند من القول بأن المقصود من هذا الطلب هو إطالة التقاضي بما يزيد من إعسار التركة لزيادة أعبائها حالة أن حكم التحقيق يحدد أجلاً لانتهائه وتقضي قواعد الإثبات بتقديم تقرير الخبير في أجل معين ودون أن يبين علاقة تسجيل العقود بيسار أو إعسار التركة مع أن ضرر ذلك كله يقع على عاتق المشترين وحدهم وانتهى إلى إلزامهم بكامل التعويض المنصوص عليه في الشرط الجزائي دون أن يبين مقدار الضرر مقرراً عدم منازعة الطاعنين في هذا المقدار على الرغم من أن منازعتهم بالقول بانتفائه تتضمن قطعاً المنازعة في مقداره على ما سلف القول، وهذا كله يشوب الحكم بمخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق فضلاً عن الفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود بما هو مقرر من أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر بذاته خطأ يرتب مسئوليته وأن النص في العقد على الشرط الجزائي يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته، بل يقع على المدين إثبات عدم تحققه كما يفترض فيه أن تقدير التعويض المتفق عليه متناسب مع الضرر الذي لحق الدائن، وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط ما لم يثبت المدين خلاف ذلك. وإذ كان من المقرر أيضاً - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت منها متى كان تقديرها سائغاً وأنه لا يعيب حكمها عدم بيانه فحوى المستندات المقدمة والاكتفاء بإيراد ما استخلصته المحكمة منها ما دام ذلك متفقاً مع الثابت بها دون انحراف أو خروج عنها. وأنه لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيما تقدره من اعتبار المتعاقد مقصراً أو غير مقصر في حالة النص في العقد على الشرط الجزائي متى كان تقديرها قائماً على ما يسانده. لما كان ذلك وكان إجراء التحقيق لإثبات وقائع معينة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حال بل هو متروك لمطلق تقدير المحكمة ولا عليها إن هي لم تجب الخصوم إليه أو إلى طلب ندب خبير متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإعمال الشرط الجزائي المنصوص عليه في العقود الثلاثة على قوله وكان مبني المسئولة في الدعوى هو العقد الذي يحكم العلاقة بين الطرفين في شأن ما تضمنه من شرط جزائي تضمن تقديراً للتعويض وقد تحققت شروطه من استحالة تنفيذ الالتزام الأصلي بعدم إتمام إجراءات تسجيل عقود شراء المستأنفين الثلاثة في ميعاد أقصاه ستة أشهر من 29/ 8/ 70 تاريخ تحرير العقود الثلاثة وكانت المستندات المقدمة من المستأنفين لا تقطع في أن ذلك يرجع إلى خطأ المستأنف عليهما أو سبب أجنبي بل أنها تقطع في أنهم لم يعدوا العقد النهائي للتوقيع عليه في الميعاد مع سداد باقي الثمن نفاذاً للبند التاسع من كل عقد وقد قام المصفيان للتركة بإيداع كافة المستندات اللازمة لإجراء العقود النهائية - من إعلام وراثة وتصفية وحكم تعيين (المصفيان) واتفاق الورثة مع الدائنين على التصفية وتقرير الخبير المعقب لإعسار التركة الذي اتخذته المحكمة سنداً للتصفية رفق الطلب رقم 1201 لسنة 1970 فضلاً عن إتمام سداد ضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحق عن العقارات محل العقود الثلاثة في تاريخ سابق على البيع وإيداع ما حصلاه في حساب التصفية. وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم من تحقق الشرط الجزائي بعدم قيام المشترين بما التزموا من إعداد العقود النهائية في خلال الأجل المحدد لذلك ودون ثمة تقصير أو خطأ في جانب البائعين المطعون ضدهما - وإذ رأت المحكمة في ذلك ما يكفي لتكوين عقيدتها واقتناعها في هذا الصدد فلا عليها إن هي التفتت عن إجابة الطاعنين لما طلبوا من الإحالة إلى تحقيق أو ندب خبير لنفي وقوع الضرر، إذ فضلاً عن أن ملاك هذا الأمر بيمينها ومتروك لمحض تقديرها إلا أن ما ساقته على ذلك من قعود الطاعنين عن إثبات ذلك بالبينة أمام محكمة أول درجة ما يكفي لتبرير رفضها لهذا الطلب وبغض النظر عما تكون قد استطردت إليه تزيداً في هذا الشأن، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب قائماً على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.