أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 266

جلسة 28 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم اسكندر، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي نائب رئيس المحكمة، محمد إسماعيل غزالي، سيد محمود قايد وعبد الله فهيم.

(183)
الطعن رقم 2154 لسنة 58 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن: ترك العين المؤجرة". محكمة الموضوع "مسائل الواقع" سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
(1) إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر أو قيام شركة بينهما من عدمه. واقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديره متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(2) تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها. من سلطة محكمة الموضوع طالما لم تخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن: إشراك المستأجر لآخرين معه في العين المؤجرة" شركات. صورية.
(3) الشخصية المعنوية للشركة قيامها بمجرد تكوينها. احتجاج الشركة بشخصيتها المعنوية قبل الغير. شرطه استيفاء إجراءات النشر.
(4) اختلاف بيانات عقد الشركة مع بيانات السجل التجاري وعدم استيفاء إجراءات شهره وإيداعه وتوافر عناصر النشاط التي تباشره الشركة قبل قيامها. لا يفيد بمجرده صوريتها.
1 - المقرر في قضاء محكمة النقض - أن ترك المستأجر العين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر أو قيام شركة بينه وبين آخر أو انتفاء ذلك وعدم جدية العقد المحرر بشأن الشركة هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع من الأدلة والمستندات المطروحة عليها في الدعوى دون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والدلائل واستخلاص الواقع منها حسبما يطمئن إليه وجدانها طالما لم تخرج بأقوال الشهود عما يؤدي إليه مدلولها.
3 - المقرر أن الشركة تعتبر شخصاً معنوياً بمجرد تكوينها دون حاجة للنشر عنها غاية الأمر أنه إذا أرادت الشركة أن تحتج بشخصيتها هذه على الغير ممن يتعامل معها أو على الدائنين فإنه يتعين استيفاء إجراءات النشر.
4 - عدم اتخاذ إجراءات شهر عقد الشركة وإيداعه لا تدل بذاتها على عدم جديته كما وأن اختلاف بيانات هذا العقد مع بيانات السجل التجاري بعدم النص على التصنيع في السجل المذكور أو عدم سبق احتراف مورث المطعون ضدهم أولاً للتجارة وعدم توافر عناصر النشاط التي تمارسه الشركة قبل قيامها لا يعني جميعه وبمجرده صوريتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على مورث المطعون ضدهم أولاً والمطعون ضده ثانياً الدعوى رقم 10725 لسنة 1984 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء الدكان المبين بالصحيفة - وبتسليمه له. وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد استأجر مورث المطعون ضدهم سالفي الذكر العين محل النزاع الكائن بالعقار الذي آلت ملكيته إليه وشقيقه. وإذ تنازل المذكور عن الإجارة للمطعون ضده الثاني دون إذن كتابي منه بالمخالفة لشروط العقد والقانون فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم حكمت برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1153 لسنة 104 ق القاهرة. وبتاريخ 23/ 3/ 1988 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن البين من الأوراق صورية عقد الشركة المؤرخ 1/ 5/ 1984 وبأنه قصد به إخفاء تنازل مورث المطعون ضدهم أولاً للمطعون ضده ثانياً عن إجارة العين محل النزاع الأمر الذي يؤكده أن العين كانت تستعمل محلاً للحلاقة يمارس فيها مورث المطعون ضدهم حرفة يدوية ولا يحترف النشاط التجاري الذي تجوز فيه المشاركة فضلاً عن عدم توافر المقومات المادية والمعنوية لتجارة الموبليات واختلاف بيانات عقد الشركة عن بيانات السجل التجاري، إذ ورد بالعقد أن غرض الشركة هو تصنيع وبيع المصنوعات الخشبية دون أن يرد ذكر التصنيع بالسجل التجاري، بالإضافة إلى عدم اتخاذ إجراءات شهر العقد على النحو الذي اشترطه القانون، وعدم إيداع ملخصه أقلام كتاب المحاكم الابتدائية المختصة لتسجيله وإعلانه ونشر ملخصه، وإذ خلص الحكم في قضائه إلى انتهاء صورية العقد سالف الذكر، وقيام شركة حقيقية أو عقد استغلال وإدارة بين مورث المطعون ضدهم أولاً وبين المطعون ضده ثانياً مستنداً في ذلك إلى أقوال شهود الأولين وإلى استخراج سجلاً تجارياً وفاتورة استهلاك التيار الكهربي باسم الشركة في حين أن هذه الأدلة والقرائن التي استند إليها الحكم لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ترك المستأجر العين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر أو قيام شركة بينه وبين آخر أو انتفاء ذلك وعدم جدية العقد المحرر بشأن الشركة هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع من الأدلة والمستندات المطروحة عليها في الدعوى دون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وأن لها في هذا الصدد سلطة تقدير أقوال الشهود والدلائل واستخلاص الواقع منها حسبما يطمئن إليها وجدانها طالما لم تخرج بأقوال الشهود عما يؤدي إليه مدلولها. كما وأن من المقرر أن الشركة تعتبر شخصاً معنوياً بمجرد تكوينها دون حاجة للنشر عنها غاية الأمر أنه إذا أرادت الشركة أن تحتج بشخصيتها هذه على الغير ممن يتعامل معها أو على الدائنين فإنه يتعين استيفاء إجراءات النشر لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بجدية عقد الشركة المؤرخ 1/ 5/ 1984 المحرريين مورث المطعون ضدهم أولاً وبين المطعون ضده ثانياً على ما أورده في مدوناته من أن "الثابت من الأوراق المقدمة أمام محكمة أول درجة وهذه المحكمة أن عقد الشركة قائم والشركة تباشر أعمالها كما ورد على لسان جميع الشهود ولا أدل على ذلك من تقديم فاتورة استهلاك كهرباء لهذه الشركة.... وقد جاء بأقوال شاهدي المستأنف ضده الأول (مورث المطعون ضدهم أولاً) بالتحقيقات أمام محكمة أول درجة أنهما يشاهدان المذكور جالساً بالمحل.... بعد تغيير استعماله وأنهما علماً منه أنه شارك المستأنف ضده الثاني (المطعون ضده ثانياً) لكبر سنه لمعاونته في الإدارة لما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهدي المستأنف ضده الأول المؤيدة بمستندات من وجود السجل التجاري ومن ثم فإن إدخاله شريكاً له في المتجر الذي أقامه بالعين المؤجرة لا يعتبر تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار ويعتبر العقد في هذه الحالة عقد شركة أو عقد إدارة واستغلال ما دام هذا العقد لم تثبت صوريته والشركة قائمة فعلاً بعملها كما ثبت من أقوال الشهود..... وإذ كان هذا الذي استند إليه الحكم واستخلصه سائغاً لا يخالف الثابت بالأوراق ويكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، وكان عدم اتخاذ إجراءات شهر عقد الشركة وإيداعه لا تدل بذاتها على عدم جديته، كما وأن اختلاف بيانات هذا العقد مع بيانات السجل التجاري بعدم النص على التصنيع في السجل المذكور أو عدم سبق احتراف مورث المطعون ضدهم أولاً للتجارة وعدم توافر عناصر النشاط التي تمارسه الشركة قبل قيامها لا يعني جميعه وبمجرده صوريتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن