أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 803

جلسة 7 من أكتوبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، وأحمد محمد إبراهيم.

(157)
الطعن رقم 1178 لسنة 38 القضائية

( أ ) تموين. خبز. مسئولية جنائية. "المسئولية المفترضة". أسباب الإباحة. موانع العقاب. عقوبة. ظروف مخففة.
مسئولية صاحب المحل عن مخالفة أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. فرضية. قيامها في حقه على الدوام ما لم يدحضها بسبب من أسباب الإباحة أو موانع العقاب والمسئولية.
متى يستحق كل من مدير المحل وصاحبه عقوبتي الحبس والغرامة معاً أو عقوبة الغرامة وحدها؟
(ب) تموين. خبز. مسئولية جنائية. ظروف مخففة.
المراد بالغياب في حكم المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945؟
(ج) تموين. خبز. عقوبة. ظروف مخففة.
تقدير غياب صحب المخبز الذي يبرر توقيع العقوبة المخففة. موضوعي.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
متى لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد والتناقض في التسبيب؟
1 - مؤدى نص المادة 58/ 1 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 أن صاحب المحل يكون مسئولاً مسئولية مديره مستحقاً لعقوبتي الحبس والغرامة معاً متى وقعت في المحل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون المشار إليه، ومسئوليته هذه فرضية تقوم على افتراض إشرافه على المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه، وهي قائمة على الدوام - ما لم يدحضها سبب من أسباب الإباحة أو موانع العقاب والمسئولية - وإنما تقبل تلك العقوبة التخفيف بما يسقط عقوبة الحبس دون الغرامة إذا أثبت صاحب المحل أنه كان غائباً أو استحالت عليه المراقبة فتعذر عليه منع وقوع المخالفة.
2 - المراد بالغياب في حكم المادة 58/ 1 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 هو ذلك الذي يقطع بالكلية بين صاحب المحل وبين الإشراف عليه حتى يستحيل عليه منع وقوع المخالفة بما هو قرين استحالة المراقبة.
3 - متى كانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير عناصر الدعوى وأدلتها - لم تر في غياب المتهم عن المخبز بدعوى إحضار من يصلح آلته ما يدفع عن كاهله عبء الإشراف والرقابة ودانته بالعقوبة غير المخففة، فإنها لا تكون قد جانبت صحيح القانون.
4 - لا يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في الإسناد أو تناقض في التسبيب وهو في معرض حديثه عن المتهم الأول في الدعوى ذلك أن البادي من مدونات الحكم أنه لم يعول في تكوين عقيدته بإدانة الطاعن على أقوال ذلك المتهم، وبفرض تردي الحكم في ذلك الخطأ فلا أثر له في منطقه أو على سلامة النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في 6 يونيه سنة 1967 بدائرة قسم ثان المنصورة: أنتجا خبزاً بلدياً أقل من الوزن المقرر. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و8 و56 و57 و58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 والمادتين 38 و51 من القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 282 سنة 1965. ومحكمة جنح المنصورة المستعجلة قضت في الدعوى حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وتغريم كل منهما مائة جنيه والمصادرة وكفالة 50 ج لوقف التنفيذ بالنسبة إلى كل منهما. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى المتهم الأول وبراءته مما أسند إليه وتأييده بالنسبة إلى المتهم الثاني. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إنتاج خبز أقل من الوزن القانوني قد أخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون كما انطوى على تناقض في التسبيب ذلك بأنه أسند - بغير مأخذ من الأوراق - للمتهم الأول في الدعوى المنوط به وزن العجين - الذي قضي ببراءته - قوله إن الطاعن يقوم بتقطيع العجين على الميزان لإنقاص وزن الأرغفة المنتجة مع أنه نسب ذلك إلى رئيس المعجن وهو خلاف الطاعن. ثم قال الحكم في موضع آخر إن الطاعن هو الذي أمر "الوزان" بإجراء ذلك النقص وهو ما يتنافر مع سابقه. كما دان الحكم الطاعن على اعتبار أنه كان موجوداً بالمخبز وقت الضبط في حين أن محضر الضبط قد أثبت أن الطاعن كان متغيباً وقتذاك ولو أن الحكم فطن إلى ذلك التغيب وإلى أن عملية الإنتاج تمت بأكملها في غيبته لتغير وجه الرأي في الدعوى لما يفيده ذلك من استحالة الرقابة مما كان متعيناً معه توقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وهي عقوبة الغرامة بوصف أنه بسبب غيابه لم يتمكن من منع وقوع المخالفة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه ما ينتجه من وجود الأدلة، عرض لموقف الطاعن فقال "وحيث إنه بالنسبة للمتهم الثاني - الطاعن - فهو المسئول الأول والأخير عن عملية إنتاج الخبز إذ أن عليه مباشرة عملية التقطيع والخبز ولا يجدي ما يدعيه من أن المتهم الأول هو الذي قام بعملية التقطيع فكان عليه مباشرته والمسئول عن أعماله إذ أنه هو الذي كلفه بالإنتاج حتى أثناء غيابه عن المخبز" لما كان ذلك، وكان نص المادة 58/ 1 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 يقضي بأن يكون صاحب المحل مسئولاً مع مديره أو القائم على إدارته من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون ويعاقب بالعقوبات المقررة لها فإذا أثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة في المواد من 50 إلى 56 من هذا المرسوم بقانون ومؤدي ما تقدم أن صاحب المحل يكون مسئولاً مسئولية مديره مستحقاً لعقوبتي الحبس والغرامة معاً متى وقعت في المحل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون المشار إليه، ومسئوليته هذه فرضية تقوم على افتراض إشرافه على المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه وهي قائمة على الدوام - ما لم يدحضها سبب من أسباب الإباحة أو موانع العقاب والمسئولية - وإنما تقبل تلك العقوبة التخفيف بما يسقط عقوبة الحبس دون الغرامة إذا أثبت صاحب المحل أنه كان غائباً أو استحالت عليه المراقبة فتعذر عليه منع وقوع المخالفة. والمراد بالغياب في هذا المقام ذلك الذي يقطع بالكلية بين صاحب المحل وبين الإشراف حتى يستحيل عليه منع وقوع المخالفة بما هو قرين استحالة المراقبة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام إدانة الطاعن على أساس أن عليه مباشرة عملية التقطيع ولو قام بها أحد عماله. وكانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير عناصر الدعوى وأدلتها لم تر في غياب الطاعن عن المخبز بدعوى إحضار من يصلح آلته ما يدفع عن كاهله عبء الإشراف والرقابة ودانته بالعقوبة غير المخففة، فإنها لا تكون قد جانبت صحيح القانون. وليس يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في الإسناد أو تناقض في التسبيب وهو في معرض حديثه عن المتهم الأول في الدعوى ذلك بأن البادي من مدونات الحكم أنه لم يعول في تكوين عقيدته بإدانة الطاعن على أقوال ذلك المتهم. فبفرض تردي الحكم في ذلك الخطأ فلا أثر له في منطقه أو على سلامة النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.