أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 811

جلسة 14 من أكتوبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(159)
الطعن رقم 793 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) دعوى جنائية. "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. "انقطاع المدة". جريمة. ارتباط.
( أ ) كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم. عدم استلزام الشارع مواجهة المتهم بالإجراء إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها.
(ب) انقطاع المدة عيني. امتداد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات.
انقطاع التقادم في جريمة ما يمتد إلى ما ارتبط بها من جرائم برباط لا يقبل التجزئة.
(ج، د، هـ) إثبات. "اعتراف". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ج) تقدير الاعتراف في المسائل الجنائية. موضوعي.
(د) تناقض الشاهد أو تضاربه لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(هـ) وزن أقوال الشاهد. موضوعي.
1 - تنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي. وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع. وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة، فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء". ومفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم، لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراء إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها - وما قامت به المحكمة من تأجيل الدعوى إلى إحدى جلسات المحاكمة بعد أن نبهت المتهم في جلسة سابقة للحضور هو إجراء قضائي من إجراءات المحاكمة التي تقطع المدة.
2 - نصت المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "إذا تعدد المتهمون، فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة". ومفاد ذلك أن انقطاع المدة عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات. كما يمتد إلى الجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
3 - الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة.
4 - إن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 29 ديسمبر سنة 1960 بدائرة مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة: (أولاً) الأول والثاني: سرقا البضائع المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوكة لمحمد عبد الحميد الجزار حالة كونه خادماً لديه. (ثانياً) لثالث والرابع: اشتركا مع الأول والثاني بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر وتمت بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت عقابهم بالمادتين 40/ 2، 3 و317/ 2 - 7 من قانون العقوبات. ومحكمة إيتاي البارود الجزئية قضت بتاريخ 16 مارس سنة 1966 عملاً بمادتي الاتهام (غيابياً للأول والثاني وحضورياً اعتبارياً للمتهم الرابع) بحبس كل من المتهمين الأول والثاني سنة واحدة مع الشغل والنفاذ وحبس كل من المتهمين الثالث والرابع ثلاثة شهور مع الشغل والنفاذ بلا مصاريف جنائية عارض المحكوم عليهم غيابياً وقضي في معارضتهم بتاريخ 10 مايو سنة 1967 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليهما الأول والثاني هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 28 أغسطس سنة 1967 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال فقد دفع الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاثة سنوات لأن الواقعة المنسوبة إليه حصلت في 29 ديسمبر 1960 ولم يعلن بالدعوى الجنائية إلى أن صدر الحكم الغيابي فيها في 16 مارس سنة 1966، ورد الحكم على هذا الدفع بقوله "إن مدة التقادم قد انقطعت بحضور الطاعن والمتهم الثاني بجلسة 26 سبتمبر سنة 1962 ثم بحضور المتهمين الثالث والرابع بجلستي 14 أكتوبر سنة 1964 و30 يونيه سنة 1965" وهو تقرير خاطئ في القانون لأن الحكم قد انتهى إلى إدانة المتهمين الثالث والرابع بجريمة إخفاء أشياء مسروقة وهذه الجريمة غير مرتبطة بجريمة السرقة التي دان الطاعن بها، ومن ثم فإن حضور هذين المتهمين لا يقطع التقادم بالنسبة إلى الطاعن، هذا إلى أن الحكم عول في الإدانة على أقوال صاحب السيارة محمد عبد الحميد الجزار على الرغم من تناقضها في مراحل التحقيق المختلفة كما اعتد باعتراف الطاعن والمتهم الثاني على الرغم من وقوع إكراه عليهما من صاحب السيارة وأعوانه قبل إجراء التحقيق.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة السرقة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من اعترافه واعتراف المتهم الثاني بمحضر جمع الاستدلالات واعتراف المتهم الرابع وأقوال الشاهد رجب حسنين إبراهيم وعرض الحكم المطعون فيه للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ورد عليه بقوله "إن المتهم الأول (الطاعن) مثل أمام محكمة أول درجة بجلسات 11/ 10/ 1961 و14/ 3/ 1962 و23/ 5/ 1962 و27/ 6/ 1962 و26/ 9/ 1962 كما مثل المتهم الثاني بجلسة 26/ 9/ 1962 ثم تخلفا عن حضور الجلسات التي تأجلت إليها الدعوى بالرغم من التنبيه عليهما بالجلسة السابقة وهذا الإجراء وهو تأجيل الدعوى إلى إحدى جلسات المحاكمة بعد تنبيه المتهم في جلسة سابقة للحضور هو إجراء قضائي من إجراءات المحاكمة التي تقطع المدة، وقبل أن تنقضي ثلاث سنوات على تاريخ الجلسة الأخيرة حضر المتهم الثالث بجلسة 14 أكتوبر سنة 1964 كما حضر هو والمتهم الرابع بجلسة 30 يونيه سنة 1965 وقد انقطعت المدة مرة أخرى بهذا الإجراء إلى أن قضى في الدعوى قبل انقضائها بمضي المدة ذلك أن أثر الانقطاع يمتد إلى الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يتجزأ كما أن انقطاع المدة بالنسبة لأحد المتهمين يترتب عليه انقطاعها بالنسبة إلى الباقين، ومن ثم يكون الدفع على غير سند متعيناً رفضه". وهذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون إذ تنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذ اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء" ومفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراء إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها، وما قامت به المحكمة من تأجيل الدعوى إلى إحدى جلسات المحاكمة بعد أن نبهت المتهم في جلسة سابقة للحضور هو إجراء قضائي من إجراءات المحاكمة التي تقطع المدة - كما نصت المادة 18 على أنه "إذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة". ومفاد ذلك أن انقطاع المدة عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لاعتراف الطاعن والمتهم الثاني ودفاعهما بوقوع إكراه عليهما ورد عليه بقوله "وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم وبالنسبة للمتهمين الأول والثاني فإن الاتهام المسند إليهما ثابت في حقهما ثبوتاً كافياً لإدانتهما استناداً إلى اعترافهما تفصيلاً بمحضر جمع الاستدلالات أمام ضابط شرطة نقطة الفراهدة بالإسكندرية وقد حددا وبينا ما أتاه كل منهما في صدد السرقة المسندة إليهما وهو ما تأخذهما به المحكمة بعد أن تأيد بأقوال واعتراف المتهم الرابع التي أدلى بها بمحضر شرطة مركز إيتاي البارود في 31 ديسمبر سنة 1960 وأقوال رجب حسنين إبراهيم على النحو السابق تفصيله ولا تعول المحكمة على إنكارهما وعدولهما عن هذا الاعتراف من بعد وأثناء استجوابهما بمحضر نيابة إيتاي البارود بعد ذلك بأيام كما تلتفت عما قرراه دافعاً إلى ذلك من إكراه قالا إنه وقع بالمتهم الثاني فإنه مع ثبوت وجود إصابات بهذا الأخير على الصورة التي رواها إلا أنه لا توجد ثمة رابطة أو صلة بينها وبين صدور اعترافه والمتهم الأول أمام ضابط الشرطة بعد أيام ثلاثة من وقوعها حسبما يقرر ولم يقل أيهما أن الضابط الذي تلقى الاعتراف كان متدخلاً في إيقاع الأذى أو حدوث الإكراه المدعي به بل كان الأجدر بهما أن يجأرا إليه بالشكوى وطلب الحماية مما وقع بهما وبالتالي فلا تأثير لهذا الاعتداء بفرض صحة حدوثه على اعترافهما". ولما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن والمتهم الثاني وإلى صدوره عنهما اختياراً فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.