أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 202

جلسة 13 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد وإبراهيم زغو.

(50)
الطعن رقم 522 لسنة 45 القضائية

1 - مسئولية. كفالة. تضامن.
اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون. أثره. تضامن المتبوعين في حالة تعددهم. م 795 مدني.
2 - حكم "القصور". بطلان "بطلان الحكم".
القصور المبطل للحكم. ماهيته.
3 - حكم. " تسبيب الحكم". خبرة.
جواز قضاء المحكمة في المسائل الفنية دون الاستعانة بأهل الخبرة. شرطة. بيان المصدر الذي استندت إليه في قضائها.
4 - مسئولية. محكمة الموضوع. نقض.
استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو انقطاعها. من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع دون رقابة محكمة النقض.
5 - مسئولية "مسئولية تقصيرية" "المسئولية الشيئية".
الشيء في حكم المادة 178 مدني. ماهيته.
6 - مسئولية. محكمة الموضوع. نقض.
إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر من فعله وحده. من مسائل الواقع التي يقدرها قاضى الموضوع دون رقابة من محكمة النقض.
7 - حكم "التناقض".
التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده. ماهيته. وجود عبارات في الحكم توهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع بعض. لا تناقض ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً.
8 - مسئولية "مسئولية تقصيرية " "ركن الخطأ".
التزام مدير المدرسة أو المدرس ببذل العناية للمحافظة على سلامة التلاميذ إبان اليوم الدراسي لا بتحقيق غاية هي عدم إصابة أحدهم. واجبهما في بذل العناية مناطه. انحراف أيهما عن أداء هذا الواجب. خطأ موجب للمسئولية.
1 - المتبوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر في الحكم الكفيل المتضامن للتابع كفالة مصدرها القانون مما يترتب عليه أنه إذا تعدد المتبوعون كانوا متضامنين فيما بينهم عملاً بالمادة 795 من القانون المدني.
2 - القصور المؤدي للبطلان هو القصور في الأسباب الواقعية دون الأسباب القانونية التي لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانها.
3 - بيّن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المصدر الذي استقى منه أن العارضة الخشبية تركت دون تثبيت كاف هو ما ثبت من التحقيقات التي أجريت في محضر العوارض رقم... والتحقيقات الإدارية التي أجرتها المدرسة، ولا على الحكم إذا خلص إلى هذه النتيجة من تلك التحقيقات دون الاستعانة بأهل الفن من الخبراء طالما قد وجد في المستندات المقدمة في الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته.
4 - استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو انقطاعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض إلا بالقدر الذي يكون فيه استخلاصه غير سائغ.
5 - الشيء في حكم المادة 178 من القانون المدني، هو ما تقتضى حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بظروفه وملابساته بأن يصبح في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر.
6 - إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده، من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً.
7 - التناقض الذي يبطل الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - التهاتر الذي يعتري الأسباب بحيث لا يفهم معه على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق، وليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً.
8 - مسئولية مدير المدرسة أو المدرس وإن كانت لا تقوم في الأصل على أنه ملتزم بتحقيق غاية هي ألا يصاب أحد من الطلبة إبان اليوم الدراسي، إلا أنه يلتزم ببذل العناية الصادقة في هذا السبيل، ولما كان الواجب في بذل العناية مناطه ما يقدمه المدرس أو مدير المدرسة اليقظ من أوسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته للعمل مع مراعاة تقاليد المهنة وأصولها الثابتة - وبصرف النظر عن المسائل التي أختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها، وكان انحراف مدير المدرسة أو المدرس عن أداء واجبه وإخلاله بالتزامه المحدد على النحو المتقدم يعد خطأ يستوجب مساءلته عن الضرر الذي يلحق أحد الطلبة ما دام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي ارتباطه بالضرر ارتباط السبب بالمسبب. لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه أخذ الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني - من الواقع الذي حصله بإهمالها في تثبيت عارضة الهدف وفي الرقابة الواجبة على الطلبة - لما كان ما تقدم فإن الحكم في وصفه عدم تثبيت عارضة الهدف والسماح للطلبة بالاقتراب منها بأنه خطأ من الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته وصياً على أخيه القاصر.... أقام الدعوى رقم 241 سنة 973 مدني كلي بنها على الطاعنين والمطعون ضده الثاني بطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 10000 جنيه استناداً إلى أن أخيه المذكور الطالب بمدرسة المنشية الثانوية ببنها سقطت فوق رأسه العارضة الخشبية لملعب كرة اليد إبان حصة التربية الرياضية فأصيب بكسر بقاع الجمجمة وكسر شرخي بالجدارية اليمنى وأجرت له عملية تربنة أدت إلى إصابته بشلل نصفي وأنه ثبت من محضر العوارض رقم 325 لسنة 1971 بنها أن العارضة الخشبية تركت دون تثبيت كافي وأن إشراف المدرسة ورقابتها على أخيه أثناء اليوم الدراسي الذي وقع فيه الحادث لم تكن كافية. وبتاريخ 9/ 1/ 1974 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين والمطعون ضده الثاني متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول بصفته 4000 جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 64 سنة 7 قضائية. م مأمورية بنها طالبين أصلياً عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمن عدا أولهم واحتياطياً رفضها. كما استأنفه الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم 67 سنة 7 قضائية م مأمورية بنها طالبين رفض الدعوى. وبعد أن تقرر ضم الاستئنافين قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 11/ 3/ 1975 برفض الدفع وبقبول الدعوى وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيه التزمت النيابة رأيها.
وحين إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول التناقض والقصور المبطل، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه قضى بإلزام وزارة التربية والتعليم التي يمثلها الطاعن الأول عن التعويض تطبيقاً لقاعدة مسئولية حارس الأشياء المقرر بالمادة 178 من القانون المدني على سند من أنها وحدها دون باقي الطاعنين التي تعتبر حارسة للأدوات الرياضية المقامة بالمدرسة ومنها الآلة التي أحدثت الضرر محل المطالبة بالتعويض ومع ذلك فقد انتهى الحكم أيضاً إلى إلزام باقي الطاعنين والمطعون ضده الثاني بأداء التعويض متضامنين مع الوزارة الطاعنة دون أن يورد في أسبابه أساس مساءلتهم وسند التضامن فيما بينهم جميعاً مما يعيب الحكم بالتناقض فضلاً عن القصور المؤدي إلى البطلان.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعنين والمطعون ضده الثاني متضامنين بأداء التعويض للمضرور على ما أورده بمدوناته من قول بأن: "الثابت من التحقيقات التي أجريت في محضر العوارض رقم 325 لسنة 1971 بنها والتحقيقات الإدارية التي أجرتها المدرسة أن الطالب المشمول بوصاية أخيه المستأنف ضده الأول - المطعون ضده الأول - المطعون ضده الأول - تعلق بعارضة هدف كرة اليد المغروس بأرض الملعب داخل المدرسة أثناء حصة الرياضة البدنية ولم تكن العارضة مثبتة تثبيتاً كافياً طبقاً للأصول الفنية الواجبة فسقطت بالمجني عليه وأحدثت إصاباته، وأن هذا الهدف من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة في مجال حكم المادة 178 من القانون المدني بالنظر إلى طبيعته وملابساته التي تستهوي جمهرة الطلاب حديثي السن ناقصي الخبرة والحنكة للعب به، وأن هذا الهدف كان في حراسة وزارة التربية والتعليم - المطعون ضده الأول بصفته - وأن ناظر المدرسة ومدرس التربية الرياضية بها - الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني - وإن كانا لهما السيطرة المادية على الهدف إلا إنهما يعملان لحساب الوزارة متبوعتهما ولمصلحتها ويأتمران بأوامرها مما يفقدهما العنصر المعنوي للحراسة ويجعل الوزارة هي الحارسة على الهدف. وأن الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني بوصفهما تابعين للوزارة قد أهملا في تثبيت عارضة الهدف وفي الرقابة الواجبة عليها وسمحاً للطالب بالاقتراب من العارضة مما يشكل خطأ في جانبهما يسألان عنه ومتبوعيهما - الطاعنون الثلاثة الأول - بالتضامن فيما بينهم "والبّين من تقريرات هذا الحكم أنه أقام قضاءه بإلزام الوزارة الطاعنة الأولى بأداء التعويض على ثبوت مساءلتها إعمالاً لقاعدة مسئولية حارس الشيء المقرر بالمادة 178 من القانون المدني وكذلك تطبيقاً لقاعدة مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدث بخطأ التابع المنصوص عليها بالمادة 174 من هذا القانون باعتبارها متبوعة للمطعون ضده الثاني والطاعن الرابع اللذين ارتكبا خطأ ينحصر في إهمالهما في تثبيت عارضة الهدف وفي الرقابة الواجبة على الطلبة، وأفصح الحكم على مسئولية الطاعنين الثاني والثالث علي أساس من كونهما أيضاً متبوعين لمرتكبي الخطأ، وإذ كان من المقرر - على ما تعني به المادة 169 من القانون المدني - أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر فإن التضامن يقوم بين مرتكبي الفعل الضار وهم الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني والوزارة الطاعنة الأولى باعتبارها حارسة على الشيء الذي أحث الضرر، وكان المتبوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر في حكم الكفيل المتضامن للتابع كفالة مصدرها القانون مما يترتب عليه أنه إذا تعدد المتبوعون كانوا متضامنين فيما بينهم عملاً بالمادة 795 من القانون المدني ومن ثم يكون التضامن قائماً بين الطاعنين الثلاثة الأول أيضاً باعتبارهم متبوعين لمرتكبي الخطأ - الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني - ومتى كان الحكم قد أبان في أسبابه أساس مسئولية الطاعنين عن التعويض وخلص صحيحاً إلى قيام التضامن في الالتزام بأداء التعويض للمضرور فإنه لا يعيبه قصوره في ذكر السند القانوني لهذا التضامن إذ القصور المؤدي للبطلان هو القصور في الأسباب الواقعية دون الأسباب القانونية التي لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانها لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون من نعي على الحكم المطعون في بالتناقض والقصور المبطل يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من سبب الطعن الأول النعي على الحكم المطعون فيه قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه فصل في مسألة فنية دون الاستعانة بأهل الخبرة بأن خلص بأن عارضة الهدف لم تكن مثبتة بطريقة فنية واستدل على ذلك بأنها لم تتحمل المضرور عندما تعلق بها بينما يعتبر تعلق المضرور به سبباً أجنبياً من شأنه درء المسئولية عنهم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالنسبة لشقه الأول فإن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بيّن أن المصدر الذي استقى منه أن العارضة الخشبية تركت دون تثبيت كاف هو ما ثبت من التحقيقات التي أجريت في محضر العوارض رقم 325 لسنة 1971 بنها والتحقيقات الإدارية التي أجرتها المدرسة ولا على الحكم إذ خلص إلى هذه النتيجة من تلك التحقيقات دون الاستعانة بأهل الفن من الخبراء طالما قد وجد في المستندات المقدمة في الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته.
أما عن الشق الثاني من النعي فإنه لما كان استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو انقطاعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض إلا بالقدر الذي يكون فيه استخلاصه غير سائغ، وكان الحكم قد أثبت أن إصابات المضرور كانت نتيجة مباشرة لخطأ الطاعن الرابع - مدير المدرسة - والمطعون ضده الثاني - مدرس التربية الرياضية - استناداً إلى الأدلة الشائعة التي ساقها والتي سلف ذكرها، وأن تعلق المضرور بالهدف رغم كونه غير معد لذلك لا ينفي الخطأ عنهما، فإن هذا الذي قرره الحكم هو تقدير موضوعي سائغ يؤدي إلى ما رتبه الحكم ويكون ما يثيره الطاعنون بالشق الثاني من النعي جدلاً موضوعياً تنحسر عنة رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنون ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من سبب الطعن الأول الخطأ في تطبيق القانون إذ أقام مسئولية وزارة التربية والتعليم على أساس أنها حارسة لأشياء تتطلب حراستها عناية خاصة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني على حين أن هدف كرة اليد الذي تعلق به المضرور لا يحتاج إلى عناية خاصة، كما وقع الحادث بفعل المضرور وحده وبالأقل فإن خطأه يستغرق أي خطأ ينسب لهذه الوزارة..
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الشيء - في حكم المادة 178 من القانون المدني - هو ما تقتضى حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بظروفه وملابساته بأن يصبح في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر. لما كان ذلك، وكان إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد استخلص أن هدف كرة اليد من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة بالنظر إلى ظروف الحادث وملابساته واستناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها وسلف بيانها فإن ما يثيره الطاعنون بهذا الوجه ينحل على جدل موضوعي مما لا تجوز إثارته محكمة النقض..
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه به انتهى إلى الخطأ الذي ألحق الضرر بالمصاب يتمثل في إهمال مدير المدرسة - الطاعن الرابع - ومدرس التربية الرياضية - المطعون ضده الثاني - في تثبيت عارضة الهدف والسماح للطلبة بالاقتراب منها، وأن علاقة التبعية بين مدير المدرسة والمدرس وبين الوزارة قائمة بما مفاده أن مدير المدرسة والمدرس هما التابعان وأن الوزارة هي المتبوع ومع ذلك فإن الحكم اعتبر في أسباب أوردها بعد ذلك أن الطاعن الرابع - مدير المدرسة - متبوعاً وليس تابعاً بما يعيبه بالتناقض..
وحيث إن النعي غير صحيح، ذلك أن التناقض الذي يبطل الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - التهاتر الذي يعتري الأسباب بحيث لا يفهم معه على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق، وليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع بعض ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً، وإذ كان الحكم الابتدائي قد أورد بمدوناته بوضوح أن الطاعن الرابع - مدير المدرسة - قد ارتكب مع المطعون ضده الثاني خطأ يتمثل في أنهما قد أهملا في تثبيت عارضة الهدف وفي الرقابة الواجبة عليها وسمحا للطلبة بالاقتراب من العارضة، وزاد هذا الأمر وضوحاً بما أثبته الحكم المطعون فيه بأسبابه من قيام علاقة التبعية بين مرتكبي الخطأ - الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني - وبين المتبوعين وهم الطاعنون الثلاثة الأول - وزير التربية والتعليم ومحافظ القليوبية ومدير التربية والتعليم بالمحافظة - لما كان ذلك، فإنه لا يكون صحيحاً ما يثيره الطاعنون من نعي بالتناقض على الحكم المطعون فيه..
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من سبب الطعن الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أن الحكم الابتدائي الذي أيده لأسبابه انتهى مدير المدرسة والمدرس قد أهملا في تثبيت العارضة وبالتالي لم يؤديا عملهما بدقة وعناية الرجل الحريص المتبصر مما يشكل الخطأ في جانبهما ورتب على ذلك مسئولية الوزارة عن التعويض باعتبار أن مرتكبي الخطأ تابعين لها وإذ تطلب الحكم من تابعي الوزارة أن يسلكا سلوك الرجل الحريص المتبصر فإنه يكون قد خالف القانون لأن المعيار هنا هو سلوك الشخص العادي..
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني على قوله: "المستفاد من الظروف التي أحاطت بإصابة المضرور إهمال - مدير المدرسة ومدرس التربية الرياضية بها - في تثبيت عارضة هدف كرة اليد والسماح للطلبة بالاقتراب منها بعد أن تم تقسيم طلبة الفصل إلى مجموعتين مما يستحيل معه الإشراف على المجموعة التي انضمت إلى لعبة كرة اليد فخرجا بذلك عن واجب تأدية العمل المنوط بهما بدقة وأمانة وعناية الرجل الحريص المتبصر مما يشكل ركن الخطأ في جانبهما"، وهذا الذي أقام علية الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون - ذلك أن مسئولية مدير المدرسة أو المدرس وإن كانت لا تقوم في الأصل - على أنه ملتزم بتحقيق غاية هي ألا يصاب أحد من الطلبة إبان اليوم الدراسي، إلا أنه يلتزم ببذل العناية الصادقة في هذا السبيل ولما كان الواجب في بذل العناية مناطه ما يقدمه المدرس أو مدير المدرسة اليقظ من أوسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة وأصولها الثابتة - وبصرف النظر عن المسائل التي أختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها، وكان انحراف مدير المدرسة أو المدرس عن أداء واجبه وإخلاله بالتزامه المحدد على النحو المتقدم يعد خطأ يستوجب مساءلته عن الضرر الذي يلحق أحد الطلبة ما دام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي ارتباطه بالضرر ارتباطه بالضرر ارتباط السبب بالمسبب، لما كان ذلك وكان البيّن من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه آخذ الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني - من الواقع الذي حصله - بإهمالهما في تثبيت عارضة الهدف وفي الرقابة الواجبة على الطلبة - لما كان ما تقدم فإن الحكم في وصفه عدم تثبيت عارضة الهدف والسماح للطلبة بالاقتراب منها بأنه خطأ من الطاعن الرابع والمطعون ضده الثاني يكون قد التزم صحيح القانون..
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.