أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 215

جلسة 16 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فودة، وليم رزق بدوي ومحمد لطفي السيد.

(52)
الطعن رقم 1274 لسنة 48 القضائية

1 - حكم "عيوب التدليل" "التناقض في الحكم".
التناقض الذي يفسد الحكم. ماهيته.
2، 3 - اختصاص. دعوى "الطلبات في الدعوى"."شروط قبول الدعوى" "الدفاع في الدعوى". حكم "حجية الحكم" "حجية الأسباب". قوة الأمر المقضي.
2 - اختصاص المحكمة بنظر الدعوى من عدمه. قيامه على التكييف القانوني لطلبات المدعي. استقلاله عن تحققها من استيفاء الدعوى لإجراءات وشروط قبولها لديها.
3 - الأسباب التي تبني عليها المحكمة قضاءها باختصاصها بنظر الدعوى اكتسابها الحجية في خصوص هذا القضاء. عدم تجاوزها إلى تحقق المحكمة من توافر إجراءات وشروط قبول الدعوى لديها ولو تعرضت فيها لطلبات المدعي ودفاعه. علة ذلك.
4 - نزع الملكية للمنفعة العامة. قرار "قرار جمهوري".
القرار الجمهوري بتخصيص العقار للمنفعة العامة. عدم سقوطه بمضي سنتين على نشره دون إيداع الاستمارات الخاصة بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري. م 10 ق 577 لسنة 1954. شرطه. دخول العقار ضمن مشروعات نفع عام تم تنفيذها بالفعل. م 29 مكرر من القانون المذكور المضافة بالقانون 13 لسنة 1962.
5 - 7 - محكمة الموضوع "مسائل الواقع". "تقدير الدليل" "القرائن". حكم "تسبيب الحكم". نقض.
5 - العبرة بفهم المحكمة لواقع الدعوى متى كان استخلاصها سائغاً وله سنده من الأوراق ولو خالف فهم الخصوم له.
6 - انتهاء المحكمة إلى نتيجة سائغة لها سندها ومحمولة على ما يكفي لحملها. عدم أخذها بنتيجة أخرى سائغة يذهب إليها الخصوم. لا مخالفة للثابت بالأوراق.
7 - قيام الحكم على جملة قرائن يكمل بعضها بعضاً. عدم جواز مناقشة كل منهما على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
8، 9 - نزع الملكية للمنفعة العامة. اختصاص "اختصاص ولائي".
8 - إغفال جهة الإدارة اتخاذ أحد الإجراءات القانونية اللازمة لنزع الملكية للمنفعة العامة أو سقوط. أثره. أحقية المالك في الالتجاء مباشرة للقضاء بطلب التعويض.
9 - ميعاد إرسال المعارضات إلى رئيس المحكمة الابتدائية وإحالتها إلى رئيس لجنة الفصل في المعارضات. تنظيمي. تجاوزه لا يترتب عليه سقوط الإجراءات.
1 - المقرر في قضاء النقض - أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وأنه ليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع تعارض بين الأسباب بعضها مع البعض ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً.
2 - اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو عدم اختصاصها بنظرها أمر مستقل عن استيفاء الدعوى إجراءات وشروط قبولها لديها، والفصل في الاختصاص يقوم على التكييف القانوني لطلبات المدعي مجرداً عن تحقق المحكمة وتثبتها من استيفاء الدعوى إجراءات وشروط قبولها.
3 - الأسباب التي تبني عليها المحكمة قضاءها باختصاصها بنظر الدعوى لا تحوز الحجية إلا في خصوص هذا القضاء الذي ارتبط بها ولا تتجاوزه إلى تحقق المحكمة وتثبيتها من توافر إجراءات وشروط قبول الدعوى لديها ولو تعرضت لطلبات المدعي ودفاعه في أسباب قضائها باختصاصها لأنها لا تكون قد تعرضت كذلك للفصل فيه باعتباره حقيقة واقعية بحثتها وتثبتت منها وحسمت الأمر في شأنها بقضاء تحوز أسبابه الحجية في هذا الخصوص، وإنما عرضت له باعتباره واقعاً مجرداً عن الحقيقة في شأن لازم بهذا الوصف المجرد للفصل في الاختصاص ولا يتعداه.
4 - مؤدى نص المادة 29 مكرر من قانون نزع الملكية المضافة إليه بالقانون رقم 13 لسنة 1962 أن قرار النفع العام لا يسقط بمضي سنتين على نشره دون إيداع الاستمارات الخاصة بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري عملاً بالمادة 10 من القانون إذا كان العقار قد دخل فعلاً في مشروعات نفع عام تم تنفيذها.
5 - العبرة بفهم المحكمة لواقعة الدعوى متى كان استخلاصها لما استخلصت سائغاً وله سنده من الأوراق ولو خالف فهم الخصوم.
6 - إذا رتب الحكم على ما استخلصه سائغاً وله سنده نتيجة سائغة ومحمولة على ما يكفي لحملها فإنه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق في النتيجة التي أخذ بها ولو خالفت نتيجة أخرى سائغة يذهب إليها الخصوم ولم يأخذ الحكم بها.
7 - إذا كان الحكم مقاماً على جملة قرائن بعضها يكمل بعضاً وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
8 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في حالة ما إذا لم تتبع الجهة نازعة الملكية الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954 ويدخل في ذلك سقوطها الذي يؤدي إلى زوالها وسقوط مفعولها. يكون لمالك العقار الالتجاء مباشرة للمطالبة بالتعويض عنه.
9 - ميعاد إرسال المعارضات إلى رئيس المحكمة الابتدائية وميعاد إحالتها إلى القاضي رئيس اللجنة للفصل في المعارضات من قبيل المواعيد التنظيمية فلا يترتب على تجاوزها سقوط الإجراءات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2086 سنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون عليهما بصفتهما بطلب الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بطردهما من العقار المبين بالصحيفة وتسليمه إليه خالياً - ثانياً: احتياطياً بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه عدل إلى 367600 ألف جنيه - ثالثاً: بإلزامهما بالفوائد بواقع 4% من تاريخ رفع الدعوى على ما يحكم به. وقال بياناً لها أن المطعون ضدهما كانا يستأجران عقار النزاع لاستغلاله مدرسة ابتدائية ثم صدر القرار الجمهوري رقم 263 لسنة 1973 بنزع ملكية هذا العقار لتخصيصه للمنفعة العامة بتاريخ 6/ 3/ 1973 ونشر في 12/ 4/ 1973 وإذ لم تستكمل إجراءات نزع الملكية فقد أقام الدعوى رقم 4547 لسنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب إلزامهما بأن يدفعا له مائة وخمسين ألف جنيه وقد قضي فيها استئنافياً بالاستئناف رقم 4236 لسنة 91 ق القاهرة في 23/ 3/ 1975 بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان تأسيساً على أنه لم تمض سنتان من تاريخ نشر القرار ولما كانت مدة السنتين قد مضت ولم تتم إجراءات نزع الملكية ومن ثم فقد سقط القرار الجمهوري بتخصيص العقار للمنفعة العامة وأصبحت يد المطعون ضدهما عليه يد غاضب ومن ثم فقد أقام الدعوى. دفع المطعون ضدهما الدعوى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرها وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها وبعدم قبولها لرفعها بغير الطريق المرسوم في قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 وبتاريخ 27/ 1/ 1977 أصدرت محكمة أول درجة حكمها منتهياً في أسبابه إلى رفض الدفوع المبداه من المطعون ضدهما وجرى منطوقه بإثبات ترك الطاعن للخصومة في طلب الطرد بشقيه المستعجل والموضوعي وبإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما أن يدفعا للطاعن مبلغ 366530 جنيه استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف 1128 لسنة 94 ق القاهرة كما استأنفه الطاعن فرعياً بالاستئناف رقم 1186 لسنة 94 ق القاهرة وعدل طلب التعويض إلى مبلغ 775 ألف جنيه و200 مليم. وبتاريخ 17/ 5/ 1978 أصدرت محكمة الاستئناف حكمها منتهية فيه إلى تأييد الحكم المستأنف في قضائه برفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها وجرى منطوقه في الاستئناف رقم 1128 لسنة 194 قضائية القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى الطاعن وفي الاستئناف رقم 1186 لسنة 94 ق القاهرة بالنسبة لطلب الطرد المستعجل بعدم جواز الاستئناف وبالنسبة لطلب التعويض الموضوعي برفضه... طعن الطاعن على هذا الحكم بالنقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم التناقض، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي على أساس أن عدم اتباع إجراءات نزع الملكية يعد عملاً مخالفاً للقانون يجعل لصاحب العقار الحق في سلوك الدعوى المبتدأة أمام القضاء العادي للمطالبة بالتعويض، ثم ناقض هذا القضاء القطعي بقضائه بعدم قبول الدعوى على أساس أنه الطاعن يتعين عليه أن يطعن على قرار تقدير الثمن أمام لجنة المعارضات لا أن يسلك طريق الدعوى ابتداء وفي تعارض يعيب المحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء النقض - أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقي بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وأنه ليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع تعارض بين الأسباب بعضها مع البعض ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً، وكان اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو عدم اختصاصها بنظرها أمراً مستقلاً عن استيفاء الدعوى إجراءات وشروط قبولها لديها، والفصل في الاختصاص يقوم على التكييف القانوني لطلبات المدعي مجرداً عن تحقق المحكمة وتتبعها من استيفاء الدعوى إجراءات وشروط قبولها، ومن ثم فإن الأسباب التي تبني عليها المحكمة قضاءها باختصاصها بنظر الدعوى لا تحوز الحجية إلا في خصوص هذا القضاء الذي ارتبط بها ولا تتجاوزه إلى تحقق المحكمة وتتبعها من توافر إجراءات وشروط قبول الدعوى لديها ولو تعرضت لطلبات المدعي ودفاعه في أسباب قضائها باختصاصها لأنها لا تكون قد تعرضت بذلك للفصل فيه باعتباره حقيقة واقعية بحثتها وتثبتت منها وحسمت الأمر في شأنها بقضاء تحوز أسبابه الحجية في هذا الخصوص، وإنما عرضت له باعتباره واقعاً مجرداً عن الحقيقة في شأن لازم بهذا الوصف المجرد للفصل في الاختصاص ولا يتعداه، لما كان ذلك - وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض لإجراءات نزع الملكية طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 في مجال الفصل في الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولائياً وذكر في شأن هذه الإجراءات واقعاً معيناً مجرداً عن مصدره يوافق إدعاء الطاعن في شأن ما تم من إجراءات بشأن نزع ملكية عقار النزاع بذكره في الحكم مجرداً عن حقيقة ثبوته في الدعوى أو عدم ثبوته ورتب عليه قضاءه باختصاص المحكمة بنظر الدعوى فقال "أن عدم اتباع الدولة له لهذه الإجراءات بشأن ضم ملكية عقار خاص... وتخصيصه للمنفعة العامة يعد عملاً مخالفاً للقانون ويرتب لصاحب العقار اقتضاء التعويض... بدعوى مبتدأة أمام القضاء العادي، سواء في ذلك عدم صدور قرار جمهوري أصلاً بتقرير المنفعة العامة... أو إلى قرار جمهوري نشأ صحيحاً ولكن لم تلحقه الإجراءات القانونية خلال المدة القانونية المقررة ببحث يسقط مفعوله طبقاً للمادة العاشرة إذ أن الضم في هذه الأحوال يعد في الواقع مستنداً إلى واقعة مادية... ويختص القضاء العادي بنظرها وواقع الحال أن الطاعن لا يستند في دعواه إلى كون القرار الجمهوري بتقرير المنفعة العامة قد نشأ باطلاً بل يستند في ذلك إلى الإدعاء بانتهاء أثره القانوني لسقوطه بالتطبيق للمادة العاشرة لعدم إيداع النموذج أو القرار الوزاري بنزع الملكية مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري. ومن ثم فإن دور القضاء ليس إلغاء هذا القرار أو تأويله بل مجرد تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً لمعرفة ما كان قد سقط من عدمه وفقاً للمادة العاشرة وسقوطه يستتبع بطلان كافة الإجراءات المترتبة عليه وبالتالي يعد ضم الدولة للملك الخاص للمنفعة العامة مستنداً في الواقع إلى واقعة مادية ويكون القضاء العادي هو المختص بالتعويض عنها ومن ثم يكون الدفع بعدم الاختصاص الولائي في غير محله - هذا - بينما الحكم المطعون فيه عندما عرض لبحث الحقيقة فيما يدعيه الطاعن من أن قرار تخصيص العقار للمنفعة العامة قد سقط مفعوله بمضي سنتين على نشره دون استكمال إجراءات نزع الملكية قد انتهى في قضائه بعد البحث والتحقق إلى أن القرار المذكور لم يسقط وبني ذلك على دعامتين الأولى أقامها - على فرض قيام السقوط على أساس أن السقوط مقرر لمصلحة الطاعن ويجوز له التنازل عنه وقد تنازل عنه ضمناً بسلوكه سبيل المعارضة أمام لجنة الفصل في المعارضات وحضوره أمامها وأن إبداء التنازل عنها حتى صدور قرار فيها بالرفض لا سبيل للطعن عليه إلا أمام المحكمة الابتدائية عملاً بالمادة 14 من قانون نزاع الملكية للمنفعة العامة، فضلاً عن أنه بتاريخ 20/ 11/ 1970 في تاريخ لاحق لميعاد السقوط وأثناء سير الدعوى أمام محكمة أول درجة تم له قبض شيك بالمبلغ المقدر بمعرفة لجنة الحصر. والدعامة الثانية أقامها على أن القرار لم يسقط بمضي سنتين.
ذلك أن العقار دخل فعلاً في مشروعات تم تنفيذها مطبقاً في ذلك حكم المادة 29 مكرر من قانون نزع الملكية المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 1962 وخلص من ذلك إلى أن الطاعن ليس له أن يسلك في طلب التعويض عن العقار المنزوع ملكيته دعوى مبتدأة وإنما عليه أن يسير في طريق الطعن أمام لجنة الفصل في المعارضات وبذلك يكون قصد المحكمة في تسبيب قضائها ظاهراً ورأيها واضحاً بما لا مجال معه لتعييبه بالتناقض الموهوم - لما كان ما تقدم - فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على غير أساس أن القرار الجمهوري رقم 26 لسنة 1973 بتخصيص العقار للمنفعة العامة بمنأى عن السقوط طبقاً للمادة 29 مكرراً من القانون رقم 577 لسنة 1954 المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 1962 لتمام تخصيص العقار للمنفعة العامة بالفعل على النحو المبين باستمارتي الحصر المؤرختين 17/ 2/ 1975 الموقع عليهما من الطاعن بتاريخ 25/ 2/ 1975 وبذلك تكون ملكية العقار قد انتقلت إلى المحافظة، وهذا من الحكم غير سديد لأن ملكية العقار لا تنتقل بتحرير الاستمارتين والتوقيع عليهما وإنما تنتقل بإيداع النماذج طبقاً للمادة التاسعة من القانون رقم 577 لسنة 1954.
وحيث إن النعي غير صحيح ولا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه إذ أنه لم يرد في أسبابه ما ينسبه إليه الطاعن أن ملكية العقار انتقلت بتحرير الاستمارتين والتوقيع عليهما بل إن ذلك لم يكن لازماً لقضائه الذي ورد ذكر الاستمارتين المشار إليهما في معرض تسبيبه له تخصيص العقار للمنفعة العامة بالفعل الذي رتب عليه عدم سقوط مفعول القرار الجمهوري بتخصيص العقار للمنفعة العامة مطبقاً في ذلك حكم المادة 29 مكرراً من قانون نزع الملكية المضافة إليه بالقانون رقم 13 لسنة 1962 الذي يقضي بأن لا تسقط قرارات النفع العام المشار إليها في المادة 10 من هذا القانون إذا كانت العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها سواء قبل العمل بهذا التعديل أم بعده مما مؤداه أن قرار النفع العام لا يسقط بمضي سنتين على نشرة دون إيداع الاستمارات الخاصة بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري عملاً بالمادة 10 من القانون إذا كان العقار قد دخل فعلاً في مشروعات نفع عام تم تنفيذها. ولا شأن لذلك بنقل الملكية ومن ثم يكون ادعاء الطاعن غير صحيح والنعي به غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني والأوجه الثاني والرابع والخامس من السبب الرابع مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في الاستنتاج والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب إلى أن الطاعن حضر بجلسة 22/ 6/ 1975 ولم يتنازل عن المعارضة في حين أن الثابت في محضر الجلسة حضور - محام عنه لم يذكر سند توكيله ولم يطلب طلبات ما الأمر الذي يدل على أنه حضر متطوعاً ولا يفيد حضور الطاعن وبالرغم من مخالفة الحكم للثابت بمحضر الجلسة فقد استخلص من كون الطاعن حضر بالجلسة المذكورة أمام لجنة المعارضات ولم يتنازل عن المعارضة تمسكه بها وهذا غير سديد لأن الحضور أمام اللجنة القصد منه مراقبة تطورات النزاع ولا يدل على تمسك الطاعن بالاعتراض لا سيما وأنه لم يبد أي دفاع أمام اللجنة، كما أن الحكم ذهب في قضائه إلى أن الطاعن لا يستند في دعواه إلى بطلان القرار الجمهوري بل إلى انتهاء أثره وهذا يخالف ما جاء بمذكرة دفاع الطاعن المقدمة بجلسة 17/ 5/ 1978 من أن الطعن يستند إلى أمرين الأول انتهاء أثر القرار والثاني انعدامه لأنه أريد منه تعطيل تنفيذ حكم إخلاء العقار، وقول الحكم أن سقوط القرار الجمهوري بتخصيص العقار للمنفعة العامة بمضي سنتين على نشره دون إيداع القوائم مكتب الشهر العقاري لمصلحة المالك واستخلص تنازل الطاعن عن السقوط ضمناً من عدم تنازله عن المعارضة من حضوره بجلستها دون إبداء هذا التنازل وهو استخلاص غير سديد لأن قصد الطاعن كان الإبقاء على التقدير قائماً وحتى لا يصبح نهائياً هذا بالإضافة إلى أن التجاء الطاعن إلى القضاء للمطالبة بالتعويض وإصراره على هذا الطريق يدل على رغبته في التمسك به وتمسكه بسقوط القرار المذكور، واستدلال الحكم من قبض الشيك خصماً من المستحق له أن ذلك تم لحساب الفصل في المعارضة وليس الدعوى الماثلة غير سديد لأن الطاعن استلم قيمة الشيك خصماً من مطلوبه من التعويض لما كان من ظنه أن الإدارة لم ترسل اعتراضه إلى اللجنة للفصل فيه فلجأ إلى المحكمة للمطالبة بالتعويض وبذلك يكون الحكم منطوياً على فساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في جملته غير سديد ومردود ذلك أن العبرة بفهم المحكمة لواقعة الدعوى متى كان استخلاصها لما استخلصت سائغاً وله سنده من الأوراق ولو خالف فهم الخصوم له وأن تكييف الواقع تكييفاً قانونياً إنما يكون بإنزال الوصف القانوني الصحيح على ما فهمه الحكم فهماً صحيحاً دون أي فهم آخر لم يأخذ به وأنه إذا رتب الحكم على ما استخلصه سائغاً وله سنده نتيجة سائغةً ومحمولة على ما يكفي لحاملها فإنه لا يكون قد خالف الثابت في الأوراق في النتيجة التي أخذ بها ولو خالف نتيجة أخرى سائغة يذهب إليها الخصوم ولم يأخذ الحكم بها، وأنه إذا كان الحكم مقاماً على جملة قرائن فصلها يكمل بعضها بعضاً وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها - لما كان ذلك وكان الثابت في محضر جلسة 22/ 6/ 1977 أمام لجنة المعارضات أن الطاعن حضر بوكيل عنه، وكان اعتراض الطاعن على ذلك أنه غير صحيح مجرد ادعاء مرسل لم يقدم الدليل على صحته فإن ما استخلصه الحكم من محضر الجلسة المشار إليه أن الطاعن حضر بها ولم يتنازل عن المعارضة لا مخالفة فيه الثابت بالأوراق وكان استخلاص الحكم مما أثبته الطاعن في مذكرة دفاعه أنه يستند في دعواه إلى انتهاء أثر قرار تخصيص العقار للمنفعة العامة سائغاً وله سنده مما أثبت فيها على هذا النحو الذي أخذ به الحكم ولا ينال منه كون الطاعن يستند أيضاً إلى انعدام القرار للتعسف في إصداره وبناء على كون الغرض منه تعطيل تنفيذ حكم الإخلاء ذلك أن ما عنى به الحكم من انتهاء أثر القرار هو الذي يتعلق باختصاص القضاء العادي ومؤدى ثبوته إلى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أما بطلان القرار لانعدام أثره وإن كان يتساوى في الأثر القانوني مع سقوط مفعول القرار فهو من اختصاص جهة القضاء الإداري باعتباره قراراً إدارياً تعسف فيه مصدره على ما يدعيه الطاعن والتفات المحكمة عنه لا ينال من قضائها فيما هو من اختصاصها ولم يبين الطاعن وجه مصلحته في النعي علي أساسه فالنعي به غير منتج، وكان الحكم قد استخلص تنازل الطاعن عن التمسك بسقوط القرار وانتهاء مفعوله من جملة قرائن يكمل بعضها بعضاً هي رفعة معارضة في تقدير الثمن وحضوره فيها أمام لجنة المعارضات وعدم تنازله عنها حتى صدر قرار فيها بالرفض وقبضه أثناء سير الدعوى أمام المحكمة الابتدائية شيكاً بقيمة الثمن الذي قدرته لجنة الحصر وأشير إليه في استمارتي الحصر الموقع عليهما منه وورود ذكر المبلغ منه الخاص بالأرض دون المباني في استمارة البيع التي وقع عليها معترضاً على تقدير الثمن بأنه مؤقت وإلغائه تأشيرة قبوله خصم مبلغ 926 جنيهاً و105 مليم لحساب ضريبة المهن غير التجارية وقبوله البيع وهى قرائن لها أصلها الثابت في الأوراق بحسب فهم المحكمة الصحيح لواقع الدعوى وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم من أن الطاعن تنازل عن التمسك بسقوط القرار - لما كان ذلك - فإنه لا يجوز للطاعن أن يجتزئ من مجموع هذه القرائن بعضاً منها هو حضوره أمام لجنة العارضات وعدم تنازله عن المعارضة وقبضه لقيمة الشيك لكي يناقش كل منها على حده للنيل منها - على أساس فهم لم تأخذ به المحكمة - لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، ويضحي نعيه بعد ذلك جدلاً موضوعياً غير مقبول في النقض لما كان ما تقدم - فإن نعي الطاعن برمته يكون مرفوضاً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثالث والوجهين الأول والثالث من السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أخطأ إذ اعتبر أن مؤدى التجاء الطاعن إلى جهتي التقاضي - لجنة الفصل في المعارضات والمحاكم العادية - هو أن يجمع بين تعويضين في حين أن الذي يقرر التعويض ليس مجرد الالتجاء إلى القضاء وإنما صدور حكم من أي من الجهتين بقدر التعويض وأنه إذا ما صدر حكم بذلك من أي الجهتين فإنه يحوز الحجية أمام الجهة الأخرى فيحول دون الحصول على حكمين في موضوع واحد وعلى العكس من ذلك فإن عدم قبول دعوى الطاعن قد يحول دون حصوله على تعويض أصلاً إذا ما حكم بعدم قبول اعتراضه لأنه تنازل عنه بلجوئه إلى طريق القضاء العادي، ومع ذلك فقد نظم قانون المرافعات حالات رفع نزاع واحد أمام جهات قضائية متعددة، كما أن الطاعن لم يسلك إلا طريق الالتجاء إلى القضاء العادي أما الاعتراض أمام اللجنة فكان لمجرد إثبات عدم موافقته على الثمن وقد أحيل الاعتراض على اللجنة بعد الفصل في الدعوى من محكمة أول درجة وبدون تدخل من الطاعن وما ذكره الحكم من أن تقديم المعارضة في الثمن يستتبع بقوة القانون عرضها على اللجنة غير صحيح لأن القانون لا يلزم جهة الإدارة بذلك والجزاء الوحيد هو التجاء المالك إلى القضاء العادي للمطالبة بالتعرض وهو ما فعله الطاعن.
وحيث إن هذا النعي برمته غير سديد ومردود ذلك أن القانون رسم لمالك العقار المنزوع ملكيته طريق الاعتراض على التعويض المقدر له بالنص عليه في المادة 7 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة من أن لذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف المنصوص عليها في المادة السابقة الاعتراض على البيانات الواردة بها، وما قرره في المادة 12 من أن ترسل المصلحة القائمة بنزع الملكية المعارضات المقدمة عن قيمة التعويض خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف المنصوص عليها في المادة السادسة إلى رئيس المحكمة الابتدائية ليحيلها بدوره في ظرف ثلاثة أيام إلى القاضي الذي يندب لرئاسة لجنة الفصل في هذه المعارضات ويقوم قلم كتاب المحكمة بإخطار المصلحة نازعة الملكية وجميع أصحاب الشأن بالتاريخ المحدد لنظر المعارضات أمام اللجنة وما نص عليه في المادة 14 من أن لكل من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية ولأصحاب الشأن الحق في الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقارات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في حالة ما إذا لم تتبع الجهة نازعة الملكية الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه ويدخل في ذلك سقوطها الذي يؤدي إلى زوالها وسقوط مفعولها - يكون لمالك العقار الالتجاء مباشرة للقضاء للمطالبة بالتعويض عنه، إلا أن ميعاد إرسال المعارضات إلى رئيس المحكمة الابتدائية وميعاد إحالتها إلى القاضي رئيس اللجنة للفصل في المعارضات من قبيل المواعيد التنظيمية فلا يترتب على تجاوزها سقوط الإجراءات وأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في حالة اتباع إجراءات نزع الملكية طبقاً للقانون فإن التجاء مالك العقار إلى القضاء مباشرة للمطالبة بالتعويض عنه غير مقبول وتحكم المحكمة بذلك من تلقاء نفسها لتعلقه بنظام التقاضي، وهو أمر متعلق بالنظام العام، إذ أن القانون رسم للطاعن طريق المعارضة في تقدير التعويض أمام لجنة الفصل في المعارضات وخص المحكمة الابتدائية بالفصل في الطعن في قراراتها فيتعين على مالك العقار اتباع ذلك فلا يجوز له تنكب هذا الطريق إلى طريق المطالبة بالتعويض مباشرة أمام المحكمة الابتدائية في غير حالاته - لما كان ذلك - وكان الواقع في الدعوى كما فهم الحكم المطعون فيه بلا مطعن عليه في ذلك أن الجهة نازعة الملكية اتخذت إجراءات نزع ملكية عقار النزاع طبقاً للقانون رقم 577 لسنة 1954 وكان ما يدعيه الطاعن من سقوط القرار الجمهوري بتخصيص العقار للمنفعة العامة قد انتهي فيه الحكم المطعون فيه بقضاء صحيح ومحمول على دعامتين صحيحتين في القانون بما ذهب إليه من أن السقوط مقرر لمصلحة مالك العقار ذلك أنه من أصحاب الشأن الذين يتمسك قبلهم بمفعول القرار في شأن خاص يتعلق بحقوقهم الخاصة على العقار التي يجوز لهم أصلاً التنازل عنها - بما انتهى إليه بقضاء صحيح ومحمول على ما يكفي لحمله طبقاً لما هو مبين في الرد على سائر أسباب الطعن من أن الطاعن تنازل عن التمسك بسقوط القرار فضلاً عما قرره الحكم صحيحاً في القانون من أن القرار بمنأى عن السقوط طبقاً لحكم المادة 29 مكرراً من قانون نزع الملكية رقم 577 سنة 1954 المضاف إليه بالقانون رقم 13 لسنة 1962 ذلك أن العقار مخصص بالفعل للمنفعة العامة ويدخل فعلاً في مشروع عام تم تنفيذه هو المدرسة الحكومية التي تشغله بقرار من وزير المعارف في سنة 1953 - كما جاء في مدونات الحكم المطعون فيه بلا مطعن على ذلك - بالاستئجار من الطاعن الذي انقلب إلى سير في إجراءات التملك بما اتخذ من إجراءات نزع الملكية مما يؤدي إلى عدم سقوط القرار طالما أن العقار المطلوب نزع ملكيته قد أدخل فعلاً في مشروعات تم تنفيذها سواء قبل العمل بالتعديل الذي أدخله القانون رقم 132 لسنة 1962 أم بعده طبقاً لصريح نص هذا التعديل، ومفاد ذلك قانوناً هو أن يظل قرار النفع العام وما يترتب عليه من إجراءات قائمة ومبرأة من السقوط الذي يدعيه الطاعن من مؤداه وجوب التجائه إلى طريق المعارضة في تقدير الثمن أمام لجنة المعارضات الذي رسمه له القانون وأن التجاءه للمحكمة الابتدائية مباشرة غير مقبول لاتباعه له في غير ذلك حالاته وأنه يتعين على المحكمة الحكم بذلك دون أن تنظر في أسباب قضائها إلى أن الطاعن جمع بين تعويضين أو لجأ إلى طريقين من طرق التداعي أو غير ذلك مما ينعى به الطاعن ولا يلزم لقضاء الحكم - لما كان ما تقدم وكان قضاء الحكم المطعون فيه بانتهائه إلى عدم قبول دعوى الطاعن بالمطالبة بالتعويض مباشرة أمام المحكمة الابتدائية قد انتهى إلى نتيجة سديدة في القانون ومحمولة على ما يكفي لحملها وبحسبه ذلك فلا يعيبه ما تزيد به ولم يكن لازماً لقضائه مهما كان نعي الطاعن عليه صحيحاً أو غير صحيح إذ أن الحكم بدون يظل قائماً ومحمولاً على ما يكفي لحمله ويضحى نعي الطاعن على ما تزيد به غير منتج ولا يقبل نعي لا يكون للطاعن مصلحة فيه ويضحى النعي برمته في الأوجه جميعها المذكورة مرفوضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.