أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 841

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، والدكتور/ أحمد محمد إبراهيم.

(166)
الطعن رقم 1137 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) حكم. "إصداره. ما لا يعيبه". إجراءات. نقض. "المصلحة في الطعن".
الخطأ المادي في منطوق الحكم لا يعيبه. مثال.
(ج، د، ه، و، ز) إثبات. "إثبات بوجه عام. شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ج) الشهادة. ماهيتها؟ اعتبار الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين شهادة. وصف الحكم أقوال المجني عليه الذي لم يحلف اليمين بأنها شهادة. لا عيب.
(د) لمحكمة الموضوع الاعتماد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين.
(هـ) قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال المجني عليه. مؤداه: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(و) لمحكمة الموضوع تبيان الواقعة على حقيقتها ورد الحادث إلى صورته الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها.
(ز) سكوت الحكم عن التعرض لإصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى. لا عيب.
1 - متى كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ومن مراجعة الحكم المطعون فيه أن محامياً موكلاً حضر مع الطاعن وتولى الدفاع عنه، فإن ما وقع فيه الحكم من خطأ في منطوقه بتقدير أتعاب للمحامي المنتدب لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يؤثر في سلامته.
2 - لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن ما وقع فيه الحكم من خطأ في منطوقه بتقدير أتعاب للمحامي المنتدب مع أن المدافع عنه كان محامياً موكلاً، ما دام أن المحكمة لم تندب محامياً للدفاع عنه. وما دامت تلك الأتعاب إنما قدرت للمحامي المنتدب.
3 - إنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي به الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة. فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء وعاينه، والشهادة اسم من المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً، وقد اعتبر القانون - في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصفه أقوال المجني عليه الذي لم يحلف اليمين بأنها شهادة.
4 - من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه التي أداها في محضر التحقيق الابتدائي بغير حلف يمين بعد أن استحال سماع شهادته أمامها لوفاته، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرتها في عقيدتها.
5 - إن مؤدي قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال المجني عليه وإلى ما جاء بالتقرير الطبي هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في وزن عناصر الدعوى وأدلتها أن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وترد الحادث إلى صورته الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها، فإذا هي أطرحت دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير - الذي أيده فيه شاهد نفيه - فلا يقبل منه مجادلتها في عناصر اطمئنانها.
7 - الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 مارس سنة 1966 بناحية شبرا قبالة مركز قويسنا محافظة المنوفية: ضرب السيد محمد حسن على يده اليسرى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة حركة ثني إصبع السبابة مما يعيق من منفعتها ويضعف من قوة قبضتها ويقلل من قدرة وكفاءة المجني
عليه على العمل بنحو ستة في المائة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه بطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة قدرت أتعاباً للمحامي المنتدب مع أن المدافع عن الطاعن كان محامياً موكلاً. كما أنها اعتمدت في الإدانة على أقوال المجني عليه واعتبرته شاهداً مع أنه لم يحلف اليمين في تحقيق النيابة لأنه كان متهماً ولأنه لم يسمع أمام المحكمة لوفاته، وكان يتعين على المحكمة إذا رأت الأخذ بأقواله أن تأخذ بها باعتبارها أقوالاً استدلالية. ثم إن الطاعن تمسك في دفاعه بأن المجني عليه أشهد شاهدين كذباه وأشهد هو - أي الطاعن - شاهداً أيده إلا أن المحكمة التفتت عن دفاعه ولم ترد عليه. كما استند الحكم في إدانته إلى أقوال المجني عليه وإلى التقرير الطبي رغم ما بينهما من تعارض إذ نفى المجني عليه أن يكون قد حدثت به إصابات من قذف الطوب في حين جاء التقرير الطبي مثبتاً أن بعض إصاباته تحدث من قذف الطوب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ومن مراجعة الحكم المطعون فيه أن محامياً موكلاً حضر مع الطاعن وتولى الدفاع عنه، ومن ثم فإن ما وقع فيه الحكم من خطأ في منطوقه بتقدير أتعاب للمحامي المنتدب لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يؤثر في سلامة الحكم. على أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في هذا الشأن ما دام أن المحكمة لم تندب محامياً للدفاع عنه وما دامت تلك الأتعاب إنما قدرت للمحامي المنتدب. كما أنه لا يعيب الحكم وصفه أقوال المجني عليه الذي لم يحلف اليمين بأنها شهادة، ذلك بأنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي به الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة. فالشاهد لغة هو من أطلع على الشيء وعاينه والشهادة اسم من المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً، وقد اعتبر القانون - في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها. ولما كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه التي أداها في محضر التحقيق الابتدائي بغير حلف يمين بعد أن استحال سماع شهادته أمامها لوفاته، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرتها في عقيدتها. لما كان ذلك، وكان مؤدي قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال المجني عليه وإلى ما جاء بالتقرير الطبي هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في وزن عناصر الدعوى وأدلتها أن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وترد الحادث إلى صورته الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها. فإذا هي أطرحت دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير - الذي أيده فيه شاهد نفيه - فلا يقبل منه مجادلتها في عناصر اطمئنانها. أما ما يثيره الطاعن من تعارض أقوال المجني عليه مع التقرير الطبي فمردود بأن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد حصل من أقوال المجني عليه ما مفاده أن الطاعن ضربه بعصا على يده اليسرى فأحدث بها الإصابات التي نشأت عنها العاهة المستديمة؛ ونقل عن التقرير الطبي الشرعي ما مؤداه أن هذه الإصابة هي جرح رضي بالسبابة اليسرى أحدث كسراً برأس السلامية العليا وخلف إعاقات بحركة ثني هذا الإصبع مما يعيق منفعة اليد اليسرى ويضعف من قوة قبضتها بما يعتبر عاهة مستديمة. وإذ كان ما أورده الحكم من مؤدى الدليل القولي لا يتناقض مع ما نقله عن الدليل الفني بل يتطابق معه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض.