أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 850

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(168)
الطعن رقم 1217 لسنة 38 القضائية

إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". هتك عرض.
تحليل فصائل الدماء قد يقطع في نفي النسب وإن كان من غير اللازم أن يقطع في ثبوته. إحلال المحكمة نفسها محل الخبير في المسائل الفنية البحث. غير جائز. دفاع جوهري. عدم تحقيقه. إخلال بحق الدفاع.
متى كانت الحقائق العلمية المسلم بها في الطب الشرعي الحديث تفيد أن تحليل فصائل الدماء قد تقطع نتيجته في نفي نسب الطفل عند المنازعة فيه، وإن كان من غير اللازم أن تقطع في ثبوته، واتحاد الفصائل أو اختلافها بين الأصول والفروع أياً كان الرأي العلمي فيه، هو اعتبار عام لا ينهض في وجه ما تمسك به المتهم في خصوص دعواه من أن الطفل لا يمكن نسبته إليه ولو بدليل محتمل، محتكماً إلى الخبرة الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها فيها إلا بمعونة ذويها، وكان لا يعرف حاصل ما كان ينتهي إليه رأي المحكمة لو ثبت لها بيقين من نتيجة تحليل الفصائل أن الطفل لا يمكن أن يعزى إلى المتهم، وكان رد الدفاع يحدث في وجدان القاضي ما يحدثه دليل الثبوت، فإنه كان يتعين على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل اكتفاء بما قالته من أنه ليس من اللازم أن تتحد فصائل دماء الأصول والفروع، فإنها بذلك تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية، ويكون حكمها معيباً بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 19/ 9/ 1963 بدائرة قسم شبرا: هتك عرض... التي لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادة 269/ 1 من قانون العقوبات. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة شبرا الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم وبرفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني المصاريف ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنفه المدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية المترتبة على الحكم مع إلزام المتهم بأن يدفع إلى المدعي بالحق المدني بصفته مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمت المتهم المصروفات المدنية عن الدرجتين ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بتهمة هتك عرض المجني عليها بغير قوة أو تهديد قد بني على الإخلال بحقه في الدفاع، ذلك بأنه تمسك أمام المحكمة بضرورة تحليل دمه ودم ابنة المجني عليها المقول بأنها ثمرة الجريمة لمعرفة فصائلها وأخذه بما تسفر عنه نتيجة الخبرة الفنية، إلا أن المحكمة ردت على هذا الدفاع بما لا ينفيه مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد دفاع الطاعن المبين في الطعن ورد عليه بما نصه "وأما بشأن ما أثاره المتهم من قوله إنه يطلب تحليل دمه ودم ابنة المجني عليها فإذا ما ثبت أنهما من فصيلة واحدة، كان هو مرتكب الحادث فإن المحكمة لا ترى داعياً لإجابة المتهم إلى هذا الطلب، إذ ليس من اللازم أن تتحد فصائل دماء الأصول والفروع". لما كان ذلك، وكان الدفاع قد طعن في صحة رواية المجني عليها وقال إنها رواية موعز بها وأنه يرجح أن أحداً غير الطاعن قد اعتدى عليها، وكانت الحقائق العلمية المسلم بها في الطب الشرعي الحديث تفيد أن تحليل فصائل الدماء قد تقطع نتيجته في نفي نسب الطفل عند المنازعة فيه، وإن كان من غير اللازم أن تقطع في ثبوته، واتحاد الفصائل أو اختلافها بين الأصول والفروع أياً كان الرأي العلمي فيه هو اعتبار عام لا ينهض في وجه ما تمسك به الطاعن في خصوص دعواه من أن الطفل لا يمكن نسبته إليه ولو بدليل محتمل، محتكماً إلى الخبرة الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها فيها إلا بمعونة ذويها. لما كان ذلك، وكان لا يعرف حاصل ما كان ينتهي إليه رأي المحكمة لو ثبت لها بيقين من نتيجة تحليل الفصائل أن الطفل لا يمكن أن يعزى إلى المتهم، وكان رد الدفاع يحدث في وجدان القاضي ما يحدثه دليل الثبوت. لما كان ما تقدم، فقد كان متعيناً على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل اكتفاء بما قالته من أنه ليس من اللازم أن تتحد فصائل دماء الأصول والفروع، فإنها بذلك تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية، ومن ثم يكون حكمها معيباً بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإحالة دون حاجة إلى التعرض لسائر الطعن.