أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 859

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(170)
الطعن رقم 1608 لسنة 38 القضائية

( أ ) نقض. "التقرير بالطعن". "الحكم في الطعن".
إبداء الطاعن رغبته في التقرير بالطعن في الميعاد القانوني إلى إدارة السجن.
إهمال الإدارة المذكورة في تحرير تلك الرغبة وتقديمها في الميعاد. وجوب قبول الطعن شكلاً.
(ب، ج) استيلاء على مال للدولة بغير حق. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) جريمة الاستيلاء بغير حق على مال للدولة. تمامها بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه.
(ج) التحدث استقلالاً عن ملكية المال موضوع جريمة الاستيلاء. غير لازم. ما دامت تلك الملكية لم تكن محل منازعة.
(د) حكم. "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره.
(هـ) إثبات. "إثبات بوجه عام. شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
1 - متى كان قد بان من خطاب مدير منطقة طره الموجه إلى رئيس النيابة أن الطاعن أبدى رغبته في التقرير بالطعن في الميعاد القانوني، وأنه قد ثبت إهمال السجن في تحرير هذا الطلب وعدم تقديمه في الميعاد لأسباب خارجة عن إرادة الطاعن، فإنه يتعين قبول الطعن شكلاً.
2 - تتم جريمة الاستيلاء بغير حق على مال للدولة بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه. ولما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن النحاس والأدوات موضوع الجريمة ضبطت مخبأة في ماكينة السيارة قيادة الطاعن عند خروجه من باب الشركة، فإن الجريمة تكون قد تمت.
التحدث استقلالاً عن ملكية المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال للدولة، ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه، وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل في الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلتزم الحكم بمواجهتها.
4 - الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره طالما أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد له مأخذه الصحيح في محضر الجلسة.
5 - لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16/ 8/ 1966 بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية بصفته موظفاً عمومياً "سائق بشركة مصانع النحاس" استولى بغير حق على مال للشركة سالفة الذكر هو الأدوات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 111/ 6 و113/ 1 و118 و119 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية، قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين وعزله من وظيفته وتغريمه خمسمائة جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه وإن كان الطاعن لم يقرر بالطعن في الميعاد على خلاف ما جرى في شأن إيداع تقرير أسباب الطعن إلا أنه وقد بان من خطاب مدير منطقة طرة الموجه إلى رئيس نيابة الإسكندرية أن الطاعن أبدى رغبته في التقرير بالطعن في الميعاد القانوني وأنه قد ثبت إهمال سجن الإسكندرية والليمان في تحرير طلب النقض الخاص بالطاعن وعدم تقديمه في الميعاد لأسباب خارجة عن إرادة الطاعن، فإنه يتعين قبول الطعن شكلاً.
وحيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء بغير حق على مال لشركة من شركات القطاع العام، قد أخطأ في الإسناد وشابه قصور في التسبيب فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون. وفي ذلك يقول الطاعن إن آية الخطأ في الإسناد هي أن الحكم نسب إلى الشاهد محمد مرتجى إسماعيل أنه قال في تحقيق النيابة إن الطاعن اعترف له بالجريمة، حالة أن هذا التحقيق جاء خلواً مما يظاهر هذا الإسناد. وأما القصور فقد ران على الحكم من ناحيتين (الأولى) أنه لم يدلل على قيام القصد الجنائي لدى الطاعن بل اقتصر على القول بأنه ضبط خارجاً بالسيارة وهي مخبأ فيها النحاس دون أن يستظهر الحكم انصراف نيته إلى تملكه، ولا يغير من ذلك ما أثبته الحكم من أن الطاعن كان له قول مفاده أن آخرين وضعوا له النحاس في السيارة وطلبوا إليه الخروج به من المصنع. (والثانية) هي أن الحكم سكت عن التحدث عن ملكية الشركة للنحاس المضبوط على الرغم من عدم ثبوت عجز فيما تملكه الشركة منه. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم، أن ما يكشف عن خطأ الحكم في تطبيق القانون هو أن التكييف الصحيح للواقعة لا يعدو أن يكون شروعاً في الاستيلاء على النحاس، وأنه متى كان هذا النظر موفور السلامة، وكان القصد الجنائي غير متوافر على ما سلف بيانه فإن الواقعة يحكمها نص الفقرة الثانية من المادة 113 من قانون العقوبات وتنأى بذلك عن التأثيم لأنها لا تكون غير جنحة لا عقاب فيها على الشروع، وأما إذا ثبت توافر القصد الجنائي فباتت الواقعة شروعاً في الجناية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة فإنه ما كان للمحكمة أن تقضي بالغرامة النسبية المقررة بالمادة 118 من قانون العقوبات وفقاً لما هو مستقر في تفسير المادة 46 منه. وبذلك كله يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ومن بينها ما شهد به محمد مرغني إسماعيل ضابط أمن الشركة بالتحقيق وبالجلسة من أنه واجه الطاعن فاعترف له بما نسب إليه، وكذلك أقوال الطاعن نفسه في محضر ضبط الواقعة. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر الجلسة أن الشاهد المذكور شهد بحصول اعتراف الطاعن له، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه خالف الثابت في الأوراق حين قال إن الشاهد روى واقعة الاعتراف في تحقيق النيابة أيضاً، لا ينال من سلامة الحكم، ذلك بأن الخطأ في مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لا يضيع أثره طالما أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد له مأخذه الصحيح في محضر الجلسة، وغنى عن البيان أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن حصل أقوال الطاعن في محضر ضبط الواقعة بما مفاده أن آخرين وضعوا المضبوطات في ماكينة السيارة وطلبوا منه الخروج بها من الشركة فلم يمانع على أساس أن يحصل على نصيبه بعد بيعها، خلص إلى إدانة الطاعن بقوله "وحيث إن المتهم - الطاعن - بتحقيق النيابة وبالجلسة أنكر ما نسب إليه ولا تعول المحكمة على إنكاره إزاء دلائل الثبوت المتقدمة وضبطه يحاول الخروج بالسيارة والنحاس مخفي بماكينتها وإقراره بالعلم بوجود النحاس بمكان إخفائه وإسناده وضع النحاس إلى أشخاص ثم عدوله عن ذلك" ولما كان ما حصله الحكم من أقوال الطاعن وما أورده فيما تقدم هو مما يكفي ويسوغ به الاستدلال على توافر القصد الجنائي في الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات التي دان الطاعن بها بعد أن ثبت له انصراف نيته إلى تملك المال الذي استولى عليه، وكان الثابت من محضر الجلسة أن الطاعن أو المدافع عنه لم ينازعا في ملكية الشركة المجني عليها للنحاس والأدوات المضبوطة وكان التحدث استقلالاً عن ملكية المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل في الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلتزم الحكم بمواجهتها، فإن النعي على الحكم بالقصور بوجهيه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون حين اعتبر الفعل المنسوب إليه جريمة تامة، مردوداً بأنه لما كانت جريمة الاستيلاء بغير حق على المال تتم بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن النحاس والأدوات الأخرى موضوع الجريمة ضبطت مخبأة في ماكينة السيارة قيادة الطاعن عند خروجه من باب الشركة، فإن الجريمة تكون قد تمت. ومتى كان ذلك وكان الحكم قد أثبت انصراف نية الطاعن إلى تملك المال الذي استولى عليه على ما مر ذكره، فقد أضحى ما تغياه الطاعن من خروج الواقعة - بوصفها شروعاً في جنحة - من دائرة التأثيم وما يراه من عدم جواز توقيع عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات على الواقعة - بوصفها شروعاً في جناية الاستيلاء على المال - غير سديد لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.