أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 864

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، والدكتور/ أحمد محمد إبراهيم.

(171)
الطعن رقم 997 لسنة 38 القضائية

( أ ) إثبات. "خبرة".
ليس في القانون رقم 96 لسنة 1952 نص يوجب على معاوني الخبراء القيام بما يناط بهم من أعمال الخبرة تحت إشراف رؤسائهم المباشر أو بناء على ندب منهم.
(ب، ج) مستشار الإحالة. حكم. "إصداره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بطلان.
(ب) لا يلزم لصحة قرارات مستشار الإحالة صدورها باسم الأمة.
(ج) عدم جواز إثارة أمر بطلان قرار الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د، هـ، و، ز، ح) مواد مخدرة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) المنازعة الموضوعية في اختلاف ما ضبط من المخدر وما حلل. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(هـ) واقعة إحراز المخدر بقصد الاتجار. تقديرها. موضوعي.
(و) ماهية الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه؟
(ز) تعيب تحقيق النيابة دون التمسك بطلب استكماله. لا يصح أن يكون محل طعن.
(ح) حكم الإدانة. بياناته؟
1 - نصت المادة الأولى من القانون رقم 96 لسنة 1952 على أن يقوم بأعمال الخبرة أمام جهات القضاء خبراء الجدول الحاليون وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي. وبينت المادة 36 من القانون المذكور ترتيب وظائف خبراء مصلحة الطب الشرعي وهي تبدأ بوظيفة كبير الأطباء الشرعيين وتنتهي بوظيفة معاون طبيب شرعي وما يعادلها. ولم يفرق القانون بينها في ولاية أعمال الخبرة ومن ثم فليس في هذا القانون نص يوجب على معاوني الخبراء القيام بما يناط بهم من أعمال الخبرة تحت إشراف رؤسائهم المباشر أو بناء على ندب منهم. ولا محل للقياس على إجراءات التحقيق التي يباشرها معاونو النيابة الذين يخضعون في تنظيم عملهم لقانوني السلطة القضائية والإجراءات الجنائية لتعلق ذلك بولايتهم التي حددتها النصوص الواردة بهذين القانونين.
2 - إن قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق وهو فيما يباشره من سلطات ليس إلا سلطة تحقيق، وليس جزءاً من قضاء الحكم. ومن ثم فإنه لا يلزم لصحة قراراته صدورها باسم الأمة ما دام أن كلاً من الدستور وقانون السلطة القضائية لا يوجب هذا البيان إلا في الأحكام.
3 - لا يقبل إثاره أمر بطلان قرار الإحالة - باعتباره إجراء سابقاً على المحاكمة - لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - إن ما تثيره الطاعنة من أنه غير ثابت إن كان التحليل قد شمل جميع القطع المضبوطة أم بعضاً منها فقط هو منازعة موضوعية مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض. فضلاً عن أن اختلاف وزن تلك القطع - بفرض صحة وقوعه - ليس من شأنه أن ينفي عن الطاعنة إحرازها لكمية الحشيش التي أرسلت للتحليل فمسئوليتها الجنائية قائمة عن إحراز هذه المخدرات قل ما ضبط منها أو كثر.
5 - إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - ذلك أن ضآلة كمية المخدرات أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة، وما دامت هي قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن الإحراز كان بقصد الاتجار فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى القصور في التسبيب وفساد الاستدلال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض.
6 - الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه.
7 - تعييب الطاعنة لتحقيق النيابة بما تراه فيه من نقص دون أن تتمسك بطلب استكماله لا يصح أن يكون محل طعن.
8 - إذ أوجب القانون في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، لم يرسم شكلاً خاصاً أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ما دام مرجع الأمر إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 7 فبراير سنة 1966 بدائرة مركز القناطر الخيرية محافظة القليوبية: أحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتها على محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد الواردة بأمر الإحالة فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أ و42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 206 سنة 1960 والبند الثاني عشر من الجدول الأول المرفق بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المضبوطات بلا مصاريف جنائية. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار جاء باطلاً قاصر البيان فاسد الاستدلال، ذلك بأنه استظهر هذا القصد في حقها من التحريات وكبر الكمية وتجزئتها لبيعها ومن ضبط أداة التقطيع مع أن ذلك يدحضه أن الكمية المضبوطة لا تجاوز 6 و10جم، وليست التجزئة وضبط أداة التقطيع دليلاً على قصد الاتجار لأنه ليس هناك ما يمنع من أن يكون الإحراز على هذا الوجه بقصد التعاطي، وقد جاء الحكم مجملاً في بيانه لوقائع الدعوى حسبما جاءت في التحقيقات وهي خالية من أي دليل على اتجار الطاعنة في المخدرات، كما اعتراه البطلان لأن الدعوى الجنائية لم تحرك بإجراء صحيح إذ لم يتوج قرار الإحالة باسم الأمة إعمالاً للمادة 25 من القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية التي تنص على أن الأحكام تصدر باسم الأمة. وقد أثبت الضابط أن عدد قطع المخدرات المضبوطة ثماني قطع بينما أثبت وكيل النيابة أنها تسع وجاء بالمحضر أن ثلاث قطع منها تزن 4.3 جم والثماني قطع تزن 6.4 جم بينما جاء بتقرير التحليل أن الثلاث قطع منها تزن 4.3 جم والتسع قطع تزن 6.3 جم على الرغم من أنه أخذ من كل قطعة 0.10 جم للتحليل وبذلك يكون هناك اختلاف في الوزن بين ما ضبط وبين ما حلل وكان حرياً بالحكم أن يرفع سبب هذا الاختلاف، هذا إلى أن التحليل أجراه معاون كيماوي شرعي الأمر الذي كان يقتضي ندباً من رؤسائه أسوة بمعاون النيابة، كما لم يوضح التقرير ما إذا كان التحليل قد أجري على كل قطعة من المضبوطات أم أنه تناول من إحداها فقط 0.10 جم ومن ثم فليس من دليل يؤكد أن جميع المضبوطات من الحشيش. وقد تمسك الدفاع بطلب تحليل الطبلية التي قيل بأن الطاعنة كانت تقطع المخدرات عليها غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب ولم تعن بالرد عليه على الرغم من أهميته وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها الأدلة السائغة التي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ذلك بأن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة، وما دامت هي قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، أن الإحراز كان بقصد الاتجار، فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى القصور في التسبيب وفساد الاستدلال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض. أما ما تنعاه الطاعنة على الحكم من القصور لإغفاله بعض الوقائع في التحقيقات فمردود بأنه فضلاً عن أنها لم تبين الوقائع التي أغفلها الحكم مما يجعل هذا النعي مرسلاً ومجهلاً لا يلتفت إليه، فإن القانون إذ أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها لم يرسم شكلاً خاصاً أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ما دام مرجع الأمر إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه. لما كان ذلك، وكانت المادة 155 من الإعلان الدستوري الصادر في 24 مارس سنة 1964 تنص على أنه تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة وهو ما نصت عليه المادة 25 من القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية أيضاً وكان قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق وهو فيما يباشره من سلطات ليس إلا سلطة تحقيق، وليس جزءاً من قضاء الحكم، فإنه لا يلزم لصحة قراراته صدورها باسم الأمة ما دام أن كلاً من الدستور وقانون السلطة القضائية لا يوجب هذا البيان إلا في الأحكام، وفضلاً عن ذلك، فإن قرار الإحالة وهو إجراء سابق على المحاكمة، هو مما لا يقبل إثاره أمر بطلانه أمام محكمة النقض ما دام أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أنه لم يدفع به. لما كان ذلك، وكان الدفاع عن الطاعنة لم يتحدث بشيء عما قالته في طعنها بشأن اختلاف وزن المخدرات وهو دفاع موضوعي لا يثار أمام محكمة النقض، وكان اختلاف هذا الوزن على فرض صحة وقوعه ليس من شأنه أن ينفي عن الطاعنة إحرازها لكمية الحشيش التي أرسلت للتحليل فمسئوليتها الجنائية قائمة عن إحراز هذه المخدرات، قل ما ضبط منها أو كثر. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعنة على تقرير التحليل بالبطلان لأن المعاون الكيمائي الذي أجراه لم يندب لإجرائه من رئيسه مردوداً بأن المادة الأولى من القانون رقم 96 لسنة 1952 نصت على أن يقوم بأعمال الخبرة أمام جهات القضاء خبراء الجدول الحاليون وخبراء وزارة العدل مصلحة الطب الشرعي... وبينت المادة 36 من القانون المذكور ترتيب وظائف خبراء الطب الشرعي وهي تبدأ بوظيفة كبير الأطباء الشرعيين وتنتهي بوظيفة معاون طبيب شرعي وما يعادلها ولم يفرق القانون بينها في ولاية أعمال الخبرة ومن ثم فليس في هذا القانون نص يوجب على معاوني الخبراء القيام بما يناط بهم من أعمال الخبرة تحت إشراف رؤسائهم المباشر أو بناء على ندب منهم، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الخبير فإن الطعن عليه يكون غير سديد. ولا محل للقياس على إجراءات التحقيق التي يباشرها معاونو النيابة الذين يخضعون في تنظيم عملهم لقانوني السلطة القضائية والإجراءات الجنائية لتعلق ذلك بولايتهم التي حددتها النصوص الواردة بهذين القانونين. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة من إخلال بحقها في الدفاع لعدم استجابة المحكمة لما طلبته من تحليل الطبلية مردوداً بأن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه، ولما كان الثابت بمحضر الجلسة هو أن الدفاع عن الطاعنة قال "وليس من المعقول أن تقطع المتهمة المخدر على طبلية تأكل عليها وكان المفروض تحريز الطبلية والقيام بتقديمها للتحليل وهذا أمر جوهري تستفيد منه المتهمة" فإن ما ذكره الدفاع بشأن هذا التحليل لا يعد طلباً بالمعنى السالف ذكره إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً لتحقيق النيابة بما يراه فيه من نقص بدون أن يتمسك بطلب استكماله. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة من أنه غير ثابت إن كان التحليل قد شمل جميع القطع المضبوطة أم بعضاً منها فقط هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً موضوعاً.