أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 378

جلسة 12 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين شلقاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ السيد خلف نائب رئيس المحكمة، فؤاد شلبي، أحمد أبو الضراير ومحمد خيري أبو الليل.

(200)
الطعن رقم 1627 لسنة 53 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن: بعض أنواع الإيجار: إيجار أملاك الدولة". عقد "العقود الإدارية". نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد" أموال. ملكية. حكم.
(1) الأراضي الصحراوية. اعتبارها من الأموال المملوكة ملكية خاصة للدولة. جواز التصرف فيها بالبيع أو التأجير للأفراد. م 87 مدني، المادتان 2، 3 ق 100 لسنة 1964 المعدل.
(2) علاقة المنتفع بالسلطة المرخصة له بالانتفاع بمال مملوك للدولة والمستندة إلى ترخيص إداري. خضوعها لقواعد القانون العام دون القانون الخاص. مناطه. انتهاء الحكم المطعون فيه سائغاً إلى اعتبار عقد النزاع المنصب على تأجير أرض صحراوية - مملوكة ملكية خاصة للدولة - عقداً مدنياً لعدم تضمنه شروطاً استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية. لا خطأ.
(3) دفاع الطاعن باشتمال الترخيص الصادر للمطعون عليه على استغلال المحجر المجاور لأرض النزاع. دفاع جديد يخالطه واقع. عدم جواز التحدي به أمام محكمة النقض.
(4) حيازة. "دعاوى الحيازة: دعوى منع التعرض. "قرار إداري. اختصاص "الاختصاص الولائي". حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب، الفساد في الاستدلال".
- التعرض المستند إلى قرار إداري اقتضته مصلحة عامة. عدم صلاحيته لرفع دعوى بمنع هذا التعرض. حق الحائز في اللجوء إلى القضاء الإداري دون المحاكم العادية لوقف تنفيذ القرار أو إلغائه. م 17 ق 46 لسنة 1972. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى إجابة المطعون عليه إلى طلبه بمنع تعرض الطاعن له في المصنع محل النزاع تأسيساً على أن القرار الصادر من الأخير لا يعد قراراً إدارياً دون بحث الطبيعة القانونية للترخيص الصادر منه بإقامة المصنع وما إذا كان صادراً بوصفه سلطة عامة من عدمه. قصور وفساد في الاستدلال.
1 - النص في المادة 87 من القانون المدني والمادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 100 لسنة 1964 الخاص بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها - المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1967 - والمادة الثالثة منه - مفاده أن المشرع اعتبر الأراضي الصحراوية من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة وحدد وسيلة التصرف سواء بالبيع أو بالتأجير للأفراد.
2 - المناط لاعتبار علاقة المنتفع بالسلطة المرخصة له في الانتفاع بمال مملوك للدولة المستندة إلى ترخيص إداري تحكمها قواعد القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص أن تكون الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفاً في العقد الذي يربطهما وأن يحتوي هذا العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية التي نظمتها قواعد القانون الخاص وأن يكون متصلاً بمرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى المشاركة في تسييره أو أن تكون الأموال المرخص له بالانتفاع بها قد خصصت بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار وزاري للمنفعة العامة. فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن العقد المؤرخ 18/ 12/ 1973 انصب على تأجير أرض صحراوية مملوكة للدولة ملكية خاصة ولم يحتوى على شروط غير مألوفة في المعاملات المدنية وخلص بأسباب سديدة إلى أن هذا العقد عقداً مدنياً، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
3 - إذ كان ما يتحدى به الطاعن من أن الترخيص للمطعون عليه باستغلال المحجر المجاور للأرض محل النزاع يشملها أيضاً باعتبارها من ملحقات المحجر ينطوي على دفاع جديد يخالطه واقع لم يسبق له التحدي به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض أن التعرض المستند إلى قرار إداري اقتضته مصلحة عامة، لا يصلح أساساً لرفع دعوى لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتماً على الحكم في هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا القرار ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ولا يكون للحائز في هذه الحال من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذ القرار أو إلغاءه فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بإجابة المطعون عليه إلى طلبه بمنع تعرض الطاعن له في المصنع محل النزاع على ما خلص إليه في أسبابه من أن القرار الصادر بإزالة المصنع لا يعد قراراً إدارياً يمتنع على المحاكم العادية التعرض له بإلغائه أو وقف تنفيذه دون أن يعرض لمضمون الترخيص الصادر من الطاعن بإقامة ذلك المصنع، وتحديد طبيعته القانونية، وما إذا كان قد صدر من الجهة الإدارية بوصفها سلطة عامة أم بوصفها الجهة المؤجرة فقط وصولاً لتحديد مدى اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعة الناشئة عنه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4784 لسنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من الطاعن بإزالة المصنع المملوك له وبمنع تعرضه له في حيازته لهذا المصنع وقال بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 18/ 12/ 1973 استأجر من الطاعن قطعة الأرض الفضاء المبينة بالأوراق لقاء أجرة سنوية مقدارها مائة جنيه بغرض استخدامها في تشوين مهماته واستصدر ترخيصاً من الإدارة الهندسية بمحافظة القاهرة بإقامة مصنع عليها غير أن الطاعن أصدر قراراً بإزالة هذا المصنع وطرده من الأرض بدعوى تخصيصها للمؤسسة المصرية العامة للإسكان والتعمير آنذاك وإذ كان هذا القرار يعد تعرضاً له في حيازته للمصنع فقد أقام الدعوى بطلبيه سالفي البيان. وبتاريخ 29/ 6/ 1980 أجابته المحكمة إلى طلبه الأول وبندب خبير في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 30/ 4/ 1981 بإجابته إلى طلبه الثاني. استأنف الطاعن هذين الحكمين بالاستئناف رقم 4373 لسنة 98 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بتاريخ 19/ 4/ 1983 بتأييدهما، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال إذ أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على ما خلص إليه من تكييفه العقد المؤرخ 18/ 12/ 1973 على أنه عقد إيجار انصب على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة في حين أن هذا العقد ينطوي في حقيقته على ترخيص بالانتفاع صادر من جهة الإدارة باعتبار أن الأرض المرخص بها - والمقام عليها - المصنع - من الأراضي الصحراوية المعدة من الأموال العامة للدولة ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر المنازعات الناشئة عنه لجهة القضاء الإداري، كما أن ترخيص الطاعن للمطعون عليه في استغلال المحجر رقم 6865 المجاور للأرض محل النزاع يجعل هذه الأرض من ملحقاته ومن ثم يشملها هذا الترخيص هذا إلى أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمنع تعرض الطاعن للمطعون عليه في حيازته للمصنع محل النزاع ملتفتاً بذلك عما تمسك به أمام محكمة الموضوع من أن القرار الذي أصدره الطاعن بإزالته هو قرار إداري صادر من جهة الإدارة باعتباره عملاً من أعمال السلطة العامة وتوافرت له مقوماته ومن ثم لا تعدو الدعوى بطلب منع التعرض في حيازة هذا المصنع أن تكون في حقيقتها دعوى إلغاء هذا القرار ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم العادية نظره عملاً بالمادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه لما كان النص في المادة 87 من القانون المدني على أن "تعتبر أموالاً عامة، العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. (2) وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم". والنص في المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 100 لسنة 1964 الخاص بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها - المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1967 - على أنه "تنقسم الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة إلى ما يأتي: ( أ )...... (ب)........ (ج) الأراضي الصحراوية وهي الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام بعد مسافة الكيلو مترين المشار إليهما في البندين السابقين سواء أكانت مزروعة بالفعل أو غير مزروعة أو كانت مشغولة بمبان أو منشآت ثابتة أو غير ثابتة" وفي المادة الثالثة منه على أنه "يتم تأجير أموال الدولة الخاصة والتصرف فيها بطريق التوزيع أو بالبيع بطريق الممارسة أو المزاد العلني وفقاً لأحكام المواد التالية:....." مفاده أن المشرع اعتبر الأراضي الصحراوية من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة وحدد وسيلة التصرف سواء بالبيع أو بالتأجير للأفراد. وكان المناط لاعتبار علاقة المنتفع بالسلطة المرخصة له في الانتفاع بمال مملوك للدولة المستندة إلى ترخيص إداري تحكمها قواعد القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص أن تكون الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفاً في العقد الذي يربطهما وأن يحتوي هذا العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية التي نظمتها قواعد القانون الخاص وأن يكون متصلاً بمرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى المشاركة في تسييره أو أن تكون الأموال المرخص له بالانتفاع بها قد خصصت بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار وزاري للمنفعة العامة. فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن العقد المؤرخ 18/ 12/ 1973 انصب على تأجير أرض صحراوية مملوكة للدولة ملكية خاصة ولم يحتوى على شروط غير مألوفة في المعاملات المدنية وخلص بأسباب سديدة إلى أن هذا العقد عقداً مدنياً، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون وإذ كان ما يتحدى به الطاعن من أن الترخيص للمطعون عليه باستغلال المحجر المجاور للأرض محل النزاع يشملها أيضاً باعتبارها من ملحقات المحجر ينطوي على دفاع جديد يخالطه واقع لم يسبق له التحدي به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة النقض أن التعرض المستند إلى قرار إداري اقتضته مصلحة عامة، لا يصلح أساساً لرفع دعوى لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتماً على الحكم في هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا القرار ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ولا يكون للحائز في هذه الحال من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذ القرار أو إلغاءه فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بإجابة المطعون عليه إلى طلبه بمنع تعرض الطاعن له في المصنع محل النزاع على ما خلص إليه في أسبابه من أن القرار الصادر بإزالة المصنع لا يعد قراراً إدارياً يمتنع على المحاكم العادية التعرض له بإلغائه أو وقف تنفيذه دون أن يعرض لمضمون الترخيص الصادر من الطاعن بإقامة ذلك المصنع، وتحديد طبيعته القانونية، وما إذا كان قد صدر من الجهة الإدارية بوصفها سلطة عامة أم بوصفها الجهة المؤجرة فقط وصولاً لتحديد مدى اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعة الناشئة عنه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.