أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 891

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، والدكتور/ أحمد محمد إبراهيم.

(176)
الطعن رقم 1752 لسنة 38 القضائية

تحقيق. استجواب. "حضور محامي المتهم في الاستجواب". "دعوة المحامي لحضور الاستجواب". مواجهة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دفوع. بطلان. إثبات. "إثبات بوجه عام. اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد.
( أ ) وجوب دعوة محامي المتهم في جناية لحضور الاستجواب أو المواجهة. نطاقه؟
(ب) الدفع ببطلان استجواب المتهم في جناية وما استمد منه لعدم دعوة محاميه للحضور. جوهري.
(ج) إعلان اسم محامي المتهم في جناية. وقوعه على المتهم أو محاميه.
(د) دعوة محامي المتهم في جناية لحضور استجوابه أو مواجهته. ليس لها شكل خاص.
(هـ) تساند الأدلة في المواد الجنائية.
1 - مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية، هي وجوب دعوة محاميه لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه.
2 - الدفع ببطلان استجواب المتهم في جناية واعترافه المستمد منه لعدم دعوة محاميه للحضور - رغم عدم تنازله عن هذه الدعوة صراحة - هو دفع جوهري لتعلقه بحرية الدفاع وبالضمانات الأصلية التي كفلها القانون صيانة لحقوق هذا المتهم مما يقتضي من المحكمة أن معنى بالرد عليه بما يفنده فإن هي أغفلت ذلك، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
3 - تقتضي دعوة محامي المتهم في جناية لحضور الاستجواب أو المواجهة أن يعلن المتهم اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن بتولي محاميه هذا الإقرار أو الإعلان.
4 - لم يتطلب القانون لدعوة المحامي لحضور استجواب المتهم في جناية أو مواجهته شكلاً معيناً فقد تتم بخطاب أو على يد محضر أو أحد رجال السلطة العامة.
5 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة تكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في 15 فبراير سنة 1966 بناحية مركز المحلة الكبرى قتلوا محمد أحمد عثمان عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض سلاحاً نارياً (فرد) وآلات حادة وصلبة راضة "سكيناً وعصياً" واستدرجوه إلى مكان الحادث وما أن خلوا به حتى شدوا وثاقه بحبل وضربه الثاني بعصاً على رأسه بينما أطلق الأول عليه عياراً نارياً وانهال الثالث عليه طعناً بالسكين قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول 1 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2 - أحرز ذخيرة (طلقة واحدة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد الواردة بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات بالنسبة إلى جميع المتهمين وبالمواد 1 و6 و26/ 1 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول 2 المرافق له بالنسبة إلى المتهم الأول مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة له و17 من القانون ذاته بالنسبة إلى الجميع بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقدم الطاعنون الأول والثالث والرابع تقريرين بالأسباب في الميعاد ولم يقدم الطاعن الثاني أسباباً لطعنه.


المحكمة

من حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول والثالث والرابع قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنين الرابع على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه تمسك في دفاعه ببطلان الاستجواب المؤرخ 23 فبراير سنة 1966 وما ترتب عليه من اعتراف نسب إليه - إعمالاً لحكم المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، إذ تم هذا الاستجواب دون دعوة محاميه السابق حضوره معه في التحقيق، وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفع فإن المحكمة لم تعن بالرد عليه بما يفنده وأخذت باعترافه في هذا الاستجواب واعتبرته دليلاً في الإدانة على الرغم من بطلانه مما يعيب حكمها المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الرابع تمسك ببطلان الاستجواب المؤرخ 23 فبراير سنة 1966 وبطلان اعتراف الطاعن الرابع المستمد من هذا الاستجواب الباطل لعدم دعوة محاميه للحضور على الرغم من سبق حضوره معه في التحقيق، كما يبين من الرجوع إلى المفردات المضمومة أن وكيل النيابة المحقق استجوب الطاعن الرابع يوم 22 فبراير سنة 1966 فأنكر صلته بالحادث وأثبت المحقق في محضره - بعد إصدار أمره بالإفراج عنه - حضور الأستاذ محمد النمر محامياً عنه. وفي يوم 23 فبراير سنة 1966 استجوب المحقق الطاعن الرابع مرة أخرى فاعترف بمساهمته في ارتكاب الحادث مع متهمين آخرين وأجرى المحقق مواجهة بينه وبين هؤلاء المتهمين وتم هذان الإجراءان - الاستجواب والمواجهة - دون دعوة محاميه الذي سبق أن أثبت حضوره معه في اليوم السابق على استجوابه. لما كان ما تقدم، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد. وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان". وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه، وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانات الهامة، يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان ولم يتطلب القانون لهذه الدعوة شكلاً معيناً فقد تتم بخطاب أو على يد محضر أو أحد رجال السلطة العامة. لما كان ذلك، وكان الثابت من التحقيق أن الطاعن الرابع قد وكل محامياً عنه هو الأستاذ محمد النمر للحضور معه إلا أن المحقق استجوبه وواجهه بغيره من المتهمين في الاعتراف الذي أدلى به في الاستجواب، قبل دعوة محاميه للحضور ودون أن يتنازل هذا المتهم عن هذه الدعوة صراحة، وإذ ما كان الدفع ببطلان استجواب الطاعن الرابع وبالتالي بطلان اعترافه المستمد منه هو دفع جوهري لتعلقه بحرية الدفاع وبالضمانات الأصلية التي كفلها القانون صيانة لحقوق المتهم في جناية مما يقتضي من المحكمة أن تعني بالرد عليه بما يفنده، وإذ أغفلت المحكمة ذلك - على ما يبين من مدونات حكمها - فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب المستوجب النقض ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة تكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة وذلك بالنسبة إلى الطاعن الرابع وإلى باقي الطاعنين - بما في ذلك الطاعن الثاني ولو لم يقدم أسباباً لطعنه - لاتصال وجه الطعن بهم عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.