أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 439

جلسة 20 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين المتناوي. وشكري جمعه حسين نواب رئيس المحكمة وفتيحه قره.

(209)
الطعن رقم 3430 لسنة 58 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن: تحديد الأجرة". استئناف. اختصاص "الاختصاص الولائي". حكم "الطعن في الحكم: مواعيد الطعن". قانون "سريان القانون". نظام عام. نقض "حالات الطعن".
(1) القواعد الموضوعية والإجرائية المتعلقة بتقدير الأجرة الواردة في القانون 136 لسنة 1981. سريانها على الأماكن المرخص في إقامتها أو المنشأة بعد العمل بأحكامه في 31/ 7/ 1981. مؤداه. النصوص الواردة في القوانين السابقة والقواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في الأحكام الواردة في القانون 49 لسنة 1977. استمرار سريانها على الأماكن غير الخاضعة لأحكام تقدير الأجرة بالقانون 136 لسنة 1981.
(2) تعلق المنازعة في تحديد أجرة مخزن النزاع الكائن بالعقار المرخص في إنشائه في ظل العمل بالقانون 49 لسنة 1977. خضوعها لأحكامه. مؤداه. عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في هذه المنازعة. المادتان 18، 30 ق 49 لسنة 1977 ولو رفع الطعن بعد العمل بالقانون 136 لسنة 1981.
(3) تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام القانون 136 لسنة 1981. معقود للمالك طبقاً للأسس المنصوص عليها فيه. المادتان 4، 5 من القانون المذكور. حق المستأجر وحده في الطعن أمام اللجنة المختصة على الأجرة المحددة خلال ستين يوماً. حالاته. عدم مراعاته للميعاد المذكور. أثره. سقوط حقه في الطعن وصيرورة التقدير المبدئي للأجرة نهائياً ونافذاً. مؤداه. اختصاص لجان تحديد الأجرة في ظل القانونين 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام. اعتبارها جهة تقدير في ظل القانون الأول وجهة طعن في ظل القانون الثاني. أثره. قيام المالك بتقدير أجرة الأماكن الخاضعة للقانون الأخير وصيرورته نهائياً وقانونياً بعدم الطعن عليه من المستأجر. أثره. عدم جواز تصدي لجنة تحديد الأجرة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المؤجر بتقدير أجرتها لانتقاء ولايتها. مخالفتها ذلك. لكل من المؤجر والمستأجر التمسك ببطلان القرار الصادر منها بطريق الطعن عليه أو بدعوى مبتدأة لصدوره من لجنة لا ولاية لها في إصداره.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - (1) أن القواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في أحكام تحديد الأجرة الواردة في القانون 136 لسنة 1981 يقتصر سريانها على الأماكن التي رخص في إقامتها أو المنشأة بعد العمل بأحكامه في 31/ 7/ 1981. أما الأماكن التي لم يرخص في إقامتها أو لم تنشأ بعد العمل بأحكام هذا القانون فتحكمها النصوص الأخرى الواردة في القوانين السابقة عليه كل في نطاق سريان أحكامه، وإذ كانت القواعد الواردة بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن طرق الطعن في الأحكام المتعلقة بتحديد الأجرة لا تزال سارية لم يتناولها الإلغاء بنص صريح في القانون رقم 136 لسنة 1981.
2 - إذ كانت الدعوى وإن رفعت في غضون عام سنة 1982، وبعد العمل بالقانون الأخير إلا أن الطعن قد تعلق بتحديد أجرة المخزن الكائن بالدور الأرضي المرخص في إقامته بتاريخ 3/ 12/ 1980 ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 تكون هي الواجبة التطبيق على القواعد والإجراءات المتعلقة بالطعن في الشق الأول من الحكم، لما كان ذلك وكان النص في المادة 18 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير الأماكن على أن يكون الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بصدور قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها المكان المؤجر "....." وفي المادة 20 منه على أن "لا يجوز الطعن في الحكم الصادر من المحكمة المشار إليها في المادة 18 إلا للخطأ في تطبيق القانون. ويكون الطعن أمام محكمة الاستئناف خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الحكم..... يكون حكمها غير قابل للطعن فيه بأي وجه من وجوه الطعن". يدل على أن المشرع رأى لمصلحة قدرها - الاكتفاء بنظر المنازعة في تحديد القيمة الإيجارية أمام اللجنة المختصة بتحديد الأجرة ثم أمام المحكمة الابتدائية ولم يروجها للطعن بالاستئناف في الحكم الذي تصدره هذه المحكمة إلا للخطأ في تطبيق القانون، واعتبر الحكم الصادر من محكمة الاستئناف باتاً غير قابل للطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن، مما مفاده أنه لا يجوز الطعن بطريق النقض فيما تصدره محكمة الاستئناف من أحكام في هذا الخصوص - استثناء من القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات - ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه بخصوص الطعن على تقدير أجرة المخزن محل النزاع يكون غير جائز.
3 - مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب - أن المشرع جعل تحديد الأجرة معقوداً للمالك على ضوء أسس التكاليف المشار إليها بالقانون إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على هذا التحديد فيكون له أن يلجأ إلى اللجنة لتحديد الأجرة وذلك خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد إذا كان تعاقده لاحقاً على إتمام البناء أما إذا كان تعاقده سابقاً على ذلك فإن الميعاد يسري من تاريخ إخطاره من قبل المالك بالأجرة المحددة أو من تاريخ شغله للمكان المؤجر أيهما أقرب، وإذا لم يتقدم المستأجر إلى اللجنة في الميعاد المشار إليه فإن التقدير المبدئي للأجرة يصير نهائياً ونافذاً ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد باعتبار أن هذا الميعاد - أخذاً بالغرض من تقريره - يعد ميعاداً حتمياً وليس ميعاداً تنظيمياً بما يرتب سقوط حق المستأجر في اللجوء إلى تلك الجهة بعد انقضاء الأجل المحدد. ومفاد ما تقدم أن لجنة تحديد إيجار الأماكن أصبحت في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 جهة طعن في تحديد الأجرة التي يتولى المالك تقديرها في عقد الإيجار، ويكون الطعن في هذا التقدير من المستأجر وحده - دون المالك - خلال الميعاد القانوني المنصوص عليه وفي حالة عدم حصول هذا الطعن تضحى الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ملزمة للطرفين واختصاص اللجان وفقاً لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 يختلف تماماً عن اختصاصها في ظل القانون رقم 49 لسنة 1977 إذ نصت المادة 13 من هذا القانون على أنه "على مالك البناء في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ نفاذ أول عقد إيجار أية وحدة من وحدات المبنى أو من تاريخ شغلها لأول مرة بأية صورة من صور الأشغال أن يخطر اللجنة المشار إليها في المادة السابقة والتي يقع في دائرتها المبنى لتقوم بتحديد أجرته وتوزيعها على وحداته بعد مراجعة ما تم إنجازه ومطابقته للمواصفات الصادر على أساسها موافقة لجنة توجيه استثمارات أعمال البناء وترخيص المباني وتنظم اللائحة التنفيذية إجراءات إخطار المالك والمستأجر للجنة. ويجوز للجنة أن تقوم بالتقدير من تلقاء نفسها أو بناء على إخطار من الجهة المختصة بحصر العقارات المبنية..... مما مفاده أن لجان تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون هي جهة تقوم أصلاً بتقدير الأجرة وفقاً للقواعد الموضوعية المنصوص عليها في هذا القانون من تلقاء نفسها أو بناء على إخطار من المالك أو المستأجر أو الجهة المختصة بحصر العقارات المبنية وهذا الاختصاص الذي نص عليه القانون رقم 49 لسنة 1977 أو الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 136 لسنة 1981 هو من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام والأصل أن مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة التي يرفعها المالك أو المستأجر طعناً على قرارات تلك اللجان وتعتبر مطروحة دائماً على محكمة الموضوع التي تنظر الطعن وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها في سلطة تلك اللجان والقرارات الصادرة منها فإذا قام المالك بتقدير أجرة الأماكن المؤجرة الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981 ولم يطعن المستأجر في هذا التقدير أصبحت الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ولا يجوز للجان تحديد الأجرة أن تتصدى من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المؤجر وتقوم بتحديد أجرة تلك الأماكن لانتفاء ولايتها في التقدير ابتداء إذ هي جهة طعن فحسب في التقدير الذي يقدره المالك في عقد الإيجار وإذا هي تصدت وأصدرت قراراً بتقدير أجرة تلك الأماكن فإنها بهذا تكون قد تجاوزت ولايتها واختصاصها المبين في القانون على سبيل الحصر ويقع هذا التقدير باطلاً ويحق لمن له مصلحة في التمسك بهذا البطلان "المالك في حالة تقدير الأجرة بأقل من الأجرة القانونية، والمستأجر في حالة تقدير الأجرة بأكثر من الأجرة القانونية" أن يطعن على هذا القرار بطريق الطعن عليه أو بدعوى مبتدأة طالباً بطلانه لصدوره من لجنة لا ولاية لها في إصداره متجاوزة في ذلك اختصاصها الولائي لما كان ذلك وكان الواقع في هذا الشق من دعوى النزاع أن الطاعنة أجرت الشقة محل النزاع إلى المطعون ضده الرابع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1982 بأجرة شهرية قدرها 30 جنيه، وخلت الأوراق مما يدل على أن المستأجر المذكور وقد استعمل حقه في الطعن على هذا التقدير ومن ثم أصبح نهائياً، بل الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنة أمام خبير الدعوى أن لجنة تقدير الإيجارات التابعة للوحدة المحلية لمركز المنيا قد أخطرت الطاعنة - مالكة العقار - في 11/ 9/ 1982 بصورة من قرار تحديد أجرة الشقة محل النزاع وفقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 بمبلغ 24.460 مليمجـ - واللجنة وفقاً لذلك هي جهة لتقدير الأجرة في حين أن الثابت من عقد استئجارها المؤرخ 1/ 2/ 1982 ورخصة البناء رقم 61 لسنة 1981 الصادرة في 23/ 8/ 1981 ومن تقرير الخبير أن البناء أقيم في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 ومن ثم يقع تقدير اللجنة لأجرة الشقة باطلاً لتجاوزه اختصاصها الولائي كجهة طعن ويحق للمالكة أن تطعن على هذا القرار بدعواها الماثلة، والاعتداد بالقيمة الإيجارية التي قدرتها في عقد الإيجار وقدرها 30 جنيهاً شهرياً والتي لم يطعن عليها المستأجر (المطعون ضده الرابع) وإذ انتهى الحكم الابتدائي إلى نتيجة صحيحة بالاعتداد بهذه الأجرة.
وأيده في ذلك الحكم المطعون فيه فلا يعيبهما التقريرات القانونية الخاطئة التي استندا إليها، وإذ كان لا مجال لسريان أحكام المادتين 18، 20 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على هذا الشق من الحكم عملاً بالمادة 5/ 3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - الواجب التطبيق - ومن ثم يجوز الطعن في الحكم المطعون فيه بطريق النقض، وإذ رفع في الميعاد يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لهذا الشق من النزاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 4445 لسنة 1982 مدني المنيا الابتدائية طعناً على قرار لجنة تحديد أجرة وحدتي العقار المملوك لها الصادر بتاريخ 11/ 9/ 1982، طالبة تحديد إيجار المخزن الكائن بالدور الأرضي بمبلغ 200 جنيه والشقة الكائنة بالدور الأول بمبلغ 30 جنيه. ندبت المحكمة خبيراً ثم حكمت بتعديل القرار المطعون فيه وتحديد القيمة الإيجارية للوحدة الأولى بمبلغ 35.490 جنيه والثانية بمبلغ 30 جنيه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 640 لسنة 23 ق بني سويف (مأمورية المنيا). وبتاريخ 18/ 6/ 1988 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الحكم الصادر في الدعوى إنما يتعلق بتحديد أجرة المخزن الكائن بالدور الأرضي الذي يستأجره المطعون ضده الثاني ويشغله المطعون ضدهما الثالث والخامس، وكذلك الشقة الكائنة بالدور الأول العلوي ويستأجرها المطعون ضده الرابع وحيث إن العين المؤجرة الأولى (المخزن) قامت الطاعنة بتأجيرها للمطعون ضده الثاني بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 8/ 1980 بأجرة شهرية قدرها 100 جنيه، والثابت من الأوراق أن مباني الدور الأرضي التي تقع به العين المؤجرة صدر بشأنها رخصة تعديل البناء رقم 32 لسنة 1980 المنيا في 3/ 12/ 1980، وجاء بتقرير الخبير أن المباني أنشئت في عام 1980 ومن ثم فإن تقدير أجرة هذا المكان تخضع لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 - ولا خلاف في ذلك بين الطرفين - وإذ كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في أحكام تحديد الأجرة الواردة في القانون 136 لسنة 1981 يقتصر سريانها على الأماكن التي رخص في إقامتها أو المنشأة بعد العمل بأحكامه في 31/ 7/ 1981، أما الأماكن التي لم يرخص في إقامتها أو لم تنشأ بعد العمل بأحكام هذا القانون فتحكمها النصوص الأخرى الواردة في القوانين السابقة عليه كل في نطاق سريان أحكامه، وإذ كانت القواعد الواردة بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن طرق الطعن في الأحكام المتعلقة بتحديد الأجرة لا تزال سارية لم يتناولها الإلغاء بنص صريح في القانون رقم 136 لسنة 1981، وكانت الدعوى وإن رفعت في غضون عام 1982، وبعد العمل بالقانون الأخير إلا أن الطعن قد تعلق بتحديد أجرة المخزن الكائن بالدور الأرضي المرخص في إقامته بتاريخ 3/ 12/ 1980 ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 تكون هي الواجبة التطبيق على القواعد والإجراءات المتعلقة بالطعن في الشق الأول من الحكم، لما كان ذلك وكان النص في المادة 18 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير الأماكن على أن "يكون الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بصدور قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها المكان المؤجر...." وفي المادة 20 منه على أن "لا يجوز الطعن في الحكم الصادر من المحكمة المشار إليها في المادة 18 إلا للخطأ في تطبيق القانون ويكون الطعن أمام محكمة الاستئناف خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الحكم.... ويكون حكمها غير قابل للطعن فيه بأي وجه من وجوه الطعن" يدل على أن المشرع رأى لمصلحة قدرها - الاكتفاء بنظر المنازعة في تحديد القيمة الإيجارية أمام اللجنة المختصة بتحديد الأجرة ثم أمام المحكمة الابتدائية، ولم ير وجهاً للطعن بالاستئناف في الحكم الذي تصدره هذه المحكمة إلا للخطأ في تطبيق القانون، واعتبر الحكم الصادر من محكمة الاستئناف باتاً غير قابل للطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن، مما مفاده أنه لا يجوز الطعن بطريق النقض فيما تصدره محكمة الاستئناف من أحكام في هذا الخصوص - استثناء من القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات - ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه بخصوص الطعن على تقدير أجرة المخزن محل النزاع يكون غير جائز.
وحيث إنه بالنسبة للشق الآخر من الحكم المطعون فيه الخاص بأجرة الشقة محل النزاع الكائن بالدور العلوي التي يستأجرها المطعون ضده الرابع فالثابت أن الطاعنة أجرت هذه الشقة إلى المستأجر المذكور بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1982 بأجرة شهرية قدرها 30 جنيه، وكان الثابت من الأوراق أن مباني تلك الشقة صدر بشأنها ترخيص البناء رقم 61 لسنة 1981 المنيا في 23/ 8/ 1981 وجاء بتقرير الخبير أن المباني أنشأت في عام 1982 ومن ثم فإن تقدير أجرة هذا المكان تخضع لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 المعمول به اعتباراً من 31/ 7/ 1981. وكان النص في المادة الرابعة من هذا القانون على أنه "يتولى مالك المبنى تحديد الأجرة وفقاً للضوابط والمعايير والتقارير والدراسات المنصوص عليها في المادة السابقة ويتضمن عقد الإيجار مقدار الأجرة المحددة" "على هذه الأسس. فإذا أبرم عقد الإيجار قبل إتمام البناء، وحددت فيه الأجرة بصفة مبدئية، كان على مالك المبنى إخطار المستأجر بالأجرة المحددة للمكان وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إتمام البناء، وبشرط ألا تجاوز الأجرة المبدئية إلا بمقدار الخمس. وعلى المالك أن يمكن المستأجر من الاطلاع على المستندات اللازمة لتحديد الأجرة وذلك خلال شهر من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار، بحسب الأموال" وفي المادة الخامسة منه على أنه "إذا رأى المستأجر أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في هذا القانون جاز له خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله للمكان، أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان وفقاً للأسس المنصوص عليها في هذا القانون. ويكون الطعن على قرارات هذه اللجان أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها المكان المؤجر، وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إخطار ذوي الشأن بقرارها. ولا تسري على هذه الطعون أحكام المادتين 18، 20 من القانون رقم 49 لسنة 1977" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب - إن المشرع جعل تحديد الأجرة معقوداً للمالك على ضوء أسس التكاليف المشار إليها بالقانون إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على هذا التحديد فيكون له أن يلجأ إلى اللجنة لتحديد الأجرة وذلك خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد إذا كان تعاقده لاحقاً على إتمام البناء أما إذا كان تعاقده سابقاً على ذلك فإن الميعاد يسري من تاريخ إخطاره من قبل المالك بالأجرة المحددة أو من تاريخ شغله للمكان المؤجر أيهما أقرب، وإذا لم يتقدم المستأجر إلى اللجنة في الميعاد المشار إليه فإن التقدير المبدئي للأجرة يصير نهائياً ونافذاً ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد باعتبار أن هذا الميعاد - أخذاً بالغرض من تقريره - يعد ميعاداً حتمياً وليس ميعادا ًتنظيمياً بما يرتب سقوط حق المستأجر في اللجوء إلى تلك الجهة بعد انقضاء الأجل المحدد. ومفاد ما تقدم أن لجنة تحديد إيجار الأماكن أصبحت في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 جهة طعن في تحديد الأجرة التي يتولى المالك تقديرها في عقد الإيجار، ويكون الطعن في هذا التقدير من المستأجر وحده - دون المالك - خلال الميعاد القانوني المنصوص عليه وفي حالة عدم حصول هذا الطعن تضحى الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ملزمة للطرفين واختصاص اللجان وفقاً لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 يختلف تماماً عن اختصاصها في ظل القانون رقم 49 لسنة 1977 إذ نصت المادة 13 من هذا القانون على أنه "على مالك البناء في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ نفاذ أول عقد إيجار أية وحدة من وحدات المبنى أو من تاريخ شغلها لأول مرة بأية صورة من صور الأشغال أن يخطر اللجنة المشار إليها في المادة السابقة والتي يقع في دائرتها المبنى لتقوم بتحديد أجرته وتوزيعها على وحداته بعد مراجعة ما تم إنجازه ومطابقته للمواصفات الصادر على أساسها موافقة لجنة توجيه استثمارات أعمال البناء وترخيص المباني.... وتنظم اللائحة التنفيذية إجراءات إخطار المالك والمستأجر للجنة. ويجوز للجنة أن تقوم بالتقدير من تلقاء نفسها أو بناء على إخطار من الجهة المختصة بحصر العقارات المبنية...." مما مفاده أن لجان تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون هي جهة تقوم أصلاً بتقدير الأجرة وفقاً للقواعد الموضوعية المنصوص عليها في هذا القانون من تلقاء نفسها أو بناء على إخطار من المالك أو المستأجر أو الجهة المختصة بحصر العقارات المبنية وهذا الاختصاص الذي نص عليه القانون رقم 49 لسنة 1977 أو الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 136 لسنة 1981 هو من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام والأصل أن مسألة الاختصاص الولائي المتعلق قائمة في الخصومة التي يرفعها المالك أو المستأجر طعناً على قرارات تلك اللجان وتعتبر مطروحة دائماً على محكمة الموضوع التي تنظر الطعن وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها في سلطة تلك اللجان والقرارات الصادرة منها فإذا قام المالك بتقدير أجرة الأماكن المؤجرة الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981 ولم يطعن المستأجر في هذا التقدير أصبحت الأجرة التي قدرها المالك أجرة قانونية ولا يجوز للجان تحديد الأجرة أن تتصدى من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المؤجر وتقوم بتحديد أجرة تلك الأماكن لانتفاء ولايتها في التقدير ابتداء إذ هي جهة طعن فحسب في التقدير الذي يقدره المالك في عقد الإيجار، وإذا هي تصدت وأصدرت قراراً بتقدير أجرة تلك الأماكن فإنها بهذا تكون قد تجاوزت ولايتها واختصاصها المبين في القانون على سبيل الحصر ويقع هذا التقدير باطلاً ويحق لمن له مصلحة في التمسك بهذا البطلان (المالك في حالة تقدير الأجرة بأقل من الأجرة القانونية، والمستأجر في حالة تقدير الأجرة بأكثر من الأجرة القانونية) أن يطعن على هذا القرار بطريق الطعن عليه أو بدعوى مبتدأة طالباً بطلانه لصدوره من لجنة لا ولاية لها في إصداره متجاوزة في ذلك اختصاصها الولائي لما كان ذلك وكان الواقع في هذا الشق من دعوى النزاع أن الطاعنة أجرت الشقة محل النزاع إلى المطعون ضده الرابع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1982 بأجرة شهرية قدرها 30 جنيه، وخلت الأوراق مما يدل على أن المستأجر المذكور قد استعمل حقه في الطعن على هذا التقدير ومن ثم أصبح نهائياً، بل الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنة أمام خبير الدعوى أن لجنة تقدير الإيجارات التابعة للوحدة المحلية لمركز المنيا قد أخطرت الطاعنة - مالكة العقار - في 11/ 9/ 1982 بصورة من قرار تحديد أجرة الشقة محل النزاع وفقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 بمبلغ 24.460 مليمجـ واللجنة وفقاً لذلك هي جهة لتقدير الأجرة في حين أن الثابت من عقد استئجارها المؤرخ 1/ 2/ 1982 ورخصة البناء رقم 61 لسنة 1981 الصادرة في 23/ 8/ 1981 ومن تقرير الخبير أن البناء أقيم في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 ومن ثم يقع تقدير اللجنة لأجرة الشقة باطلاً لتجاوزه اختصاصها الولائي كجهة طعن ويحق للمالكة أن تطعن على هذا القرار بدعواها الماثلة، والاعتداد بالقيمة الإيجارية التي قدرتها في عقد الإيجار وقدرها 30 جنيهاً شهرياً والتي لم يطعن عليها المستأجر (المطعون ضده الرابع). وإذ انتهى الحكم الابتدائي إلى نتيجة صحيحة بالاعتداد بهذه الأجرة وأيده في ذلك الحكم المطعون فيه فلا يعيبهما التقريرات القانونية الخاطئة التي استندا إليها، وإذ كان لا مجال لسريان أحكام المادتين 18، 20 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على هذا الشق من الحكم عملاً بالمادة 5/ 3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - الواجب التطبيق - ومن ثم يجوز الطعن في الحكم المطعون فيه بطريق النقض، وإذ رفع في الميعاد يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لهذا الشق من النزاع.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول إن دعواها إذ أقيمت بعد العمل بالقانون 136 لسنة 1981 فإن استئناف الحكم الصادر فيها يكون طبقاً للقواعد العامة ولا مجال لإعمال ما تقضي به المادة 20 من القانون 49 لسنة 1977 الذي قصرته على حالات الخطأ في تطبيق القانون. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف بمقوله أن الحكم الابتدائي لم يخطأ في تطبيق القانون، وحجب نفسه عن بحث أسباب الاستئناف الموضوعية كما لم يرد على ما جاء بتقرير الخبير الاستشاري المقدم منها والاعتراضات الواردة فيه أو إعادة المأمورية لمكتب الخبراء لبحثها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الطعن في جملته غير منتج. ذلك أنه إذ سلف القول بأن مفاد نص المادتين 4، 5 من القانون 136 لسنة 1981 أن المشرع جعل تحديد الأجرة معقوداً للمالك على ضوء أسس التكاليف المشار إليها بهذا القانون، وأن المستأجر وحده له حق اللجوء إلى اللجنة طعناً على تقدير المالك خلال الميعاد المحدد قانوناً وإلا صار التقدير نهائياً ونافذاً ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد أو بناء على طلب المالك، بحسبان أن اللجنة المشار إليها في ظل القانون المذكور هي جهة طعن في تحديد الأجرة التي يتولى المالك تقديرها، وإذا هي تصدت وأصدرت قراراً بتقدير الأجرة تكون متجاوزة ولايتها ويضحى قرارها باطلاً ويحق لمن له حق التمسك بهذا البطلان (المالك والمستأجر على حد سواء) أن يطعن على هذا القرار، لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنة قد أجرت شقة النزاع في شقة الثاني للمطعون ضده الرابع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1982 بأجرة شهرية قدرها 30 جنيه، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن الأخير قد طعن على تقدير المالكة - الطاعنة - ومن ثم لا يحق للأخيرة المنازعة في الأجرة الاتفاقية والتي أصبحت أجرة قانونية وفقاً لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 كما لا يجوز للجنة من تلقاء نفسها أن تتصدى لتحديد تلك الأجرة - إذ قدرت الأجرة وفقاً لأحكام القانون 49 لسنة 1977 - وتكون دعوى الطاعنة بطلب الحكم لها بما يزيد عن تلك الأجرة - وأياً ما كان وجه الرأي - فيما أبدته من أسباب موضوعية متعينة الرفض، ويتعين على المحكمة المطعون في حكمها رفض الاستئناف المقام منها طعناً على الحكم الابتدائي، وبالتالي لا يجدي الطاعنة النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشق والذي قضى خطأ بعدم جواز الاستئناف - إذ لا تحقق من وراء نعيها سوى مصلحة نظرية بحتة لا تكفي لنقض الحكم - ويكون النعي على هذا الشق من الحكم المطعون فيه غير مقبول.