أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 535

جلسة 26 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبي، سيد قايد، عبد الله فهيم ومحمد خيري أبو الليل.

(224)
الطعن رقم 2321 لسنة 58 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن: تحديد الأجرة". بطلان. نظام عام.
قواعد تحديد الأجرة. تعلقها بالنظام العام. استحداث القانون 136 لسنة 1981 قواعد موضوعية وإجرائية. مؤداها. الأماكن المرخص في إقامتها أو المنشأة لغير السكنى أو للإسكان الفاخر. عدم خضوعها لهذه القواعد. الأماكن المقامة لغرض السكنى دون الفاخر منها. تحديد أجرتها معقوداً للمالك طبقاً للأسس المنصوص عليها فيه. حق المستأجر وحده في الطعن على تقدير الأجرة خلال الميعاد المحدد. م 5 منه. عدم مراعاته للميعاد. أثره. عدم جواز تصدي اللجنة المختصة بتحديد الأجرة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر وصيرورة التقدير المبدئي للأجرة نهائياً ونافذاً. حق المستأجر في التنازل عن الطلب المقدم للجنة دون اشتراط تقديمه لها. علة ذلك. عدم الاعتداد بقرار اللجنة الصادر بعد التنازل. حكم المادة 25 من القانون المذكور. قصره على الاتفاق المسبق بين المؤجر والمستأجر على حرمان الأخير من حق الالتجاء إلى لجنة تحديد الأجرة.
إذ كان تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات من النظام العام إذ تتحدد به - متى صار نهائياً - القيمة الإيجارية إزاء الكافة، إلا أن التشريعات المنظمة لذلك قد نصت كل منها على قواعد موضوعية وأخرى إجرائية - في هذا الخصوص - تختلف من قانون لآخر، تكون واجبة التطبيق في نطاق القانون الذي أوجبها، وقد استحدث المشرع في المواد الخمسة الأولى من القانون الأخير رقم 136 لسنة 1981 - في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - أحكاماً موضوعية وإجرائية لتحديد أجرة الأماكن - تغاير نهجه السابق في ظل القوانين أرقام 46 لسنة 1962، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 - مفادها أن لا تخضع الأماكن المرخص في إقامتها أو المنشأة لغير السكنى والإسكان الفاخر - اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون لقواعد وإجراءات تحديد الأجرة، وأن يكون تحديد أجرة الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى - من غير الإسكان الفاخر - معقوداً للمالك وفقاً للضوابط والمعايير والتقارير والدراسات المنصوص عليها في المواد الثلاثة الأولى فإذا رأى المستأجر أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في القانون جاز له خلال الميعاد المبين بالمادة الخامسة أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان، مما مؤداه أن يكون اختصاص لجان تحديد الأجرة في هذا النطاق قد أضحى استثناء لا يتحقق إلا بناء على طلب المستأجر وحده وما لم يتقدم المستأجر إلى اللجنة في الميعاد المحدد فإن التقدير المبدئي للأجرة يصير نهائياً، ونافذاً ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد وهو ما يغاير الأحكام التي كانت متبعة في ظل القوانين السابقة على القانون رقم 136 لسنة 1981 من أن تقوم اللجان المختصة بتحديد الأجرة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المالك أو المستأجر - وإذ كان تقديم الطلب إلى اللجنة المختصة في ظل القانون الجديد حق خوله المشرع للمستأجر إن شاء استعمله وإن شاء تركه، وكان نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون قد ورد عاماً مطلقاً في هذا الصدد فلا محل لتقييد حق المستأجر في التنازل عن الطلب أثناء نظر اللجنة له أو اشتراط تقديم التنازل إلى اللجنة ذاتها إذ أن عدول المستأجر عن استعمال حقه - في هذا الوقت يعني انتفاء سند اختصاص اللجنة في تقدير الأجرة فإذا ما قدرت بعد ذلك أجرة المكان فإن القرار الصادر منها يكون خارجاً عن حدود الاختصاص الذي خوله المشرع للجان تحديد الأجرة فلا يعتد به، ولا يتعلق به أي حق للمؤجر أو المستأجر، يؤيد هذا النظر ما استهدفه المشرع من القواعد الجديدة - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب - من أن تكون العلاقة الإيجارية اتفاقية بين طرفيها ابتداء دون اللجوء إلى اللجان أو المحاكم إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على تحديد المالك للأجرة بما يكفل العودة بهذه العلاقة إلى طبيعتها القانونية فضلاً عن التخفيف ما أمكن من أعباء لجان تحديد الأجرة والمحاكم كما لا يغير منه النص في المادة 25 من القانون على بطلان كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لأحكامه أو للقوانين السابقة المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر إذ أن النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون صريح قاطع الدلالة في جعل حق الالتجاء إلى لجنة تحديد الأجرة - وعلى وما سبق بيانه - جوازياً للمستأجر مما مقتضاه أن يكون نطاق تطبيق أحكام المادة 25 - في هذه الحالة - قاصراً على بطلان الاتفاق المسبق بين المؤجر والمستأجر على حرمان المستأجر من حق الالتجاء إلى اللجنة إذا رأى أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في القانون أما وقد قام هذا الحق فيجوز للمستأجر عندئذ التنازل عنه والاتفاق مع المؤجر على ذلك، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فيما انتهى إليه من عدم اعتداد بقرار لجنة تقدير الإيجارات بتحديد أجرة الشقة محل النزاع معولاً في ذلك على ما جاء بالمحررين المؤرخين 27/ 7/ 1986 - سالفي الذكر - معملاً أثرهما في هذا الصدد، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن الدعوى رقم 8795 لسنة 1986 أمام محكمة طنطا الابتدائية طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة تقدير الإيجارات الصادر بتحديد أجرة الشقة محل النزاع بمبلغ مقداره 17.540 جنيهاً، وبصحة الإقرار المؤرخ 27/ 7/ 1986 بتنازل الطاعن عن الطلب المقدم إلى اللجنة، وبصحة ونفاذ الصلح المعقود بينهما بذات التاريخ بتحديد أجرة العين بمبلغ 48 جنيهاً شهرياً وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 18/ 7/ 1985 استأجر منه الطاعن هذه الشقة بأجرة شهرية مقدارها 565 جنيه وبتاريخ 27/ 7/ 1986 اتفق الطرفان على أن تكون الأجرة 48 جنيه وتنازل الطاعن عن الطلب المقدم منه إلى لجنة تحديد الأجرة، وإذ أصدرت اللجنة قرارها بتاريخ 10/ 10/ 1986 بتحديد أجرة العين بمبلغ 17.540 جنيهاً شهرياً فقد أقام الدعوى، حكمت المحكمة للمطعون ضده الأول بطلباته، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 360 لسنة 37 ق طنطا وبتاريخ 17/ 4/ 1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه لما كانت قواعد تحديد الأجرة تعتبر من النظام العام، لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، وكان نص المادة الخامسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد أعطى المستأجر حق الالتجاء إلى لجنة تحديد الأجرة للقيام بتحديد أجرة المكان المؤجر له إذا رأى أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في القانون فإن الإقرار الصادر منه والصلح المبرم بينه وبين المطعون ضده الأول المؤرخين 27/ 7/ 1986 بما تضمنه أولهما من تنازل عن الطلب المقدم منه إلى لجنة تحديد الأجرة، وما تضمنه ثانيهما من اتفاق على تحديد الأجرة لا يجوز الأخذ بهما لمخالفتهما للقواعد السابقة ويكون القرار الصادر بتاريخ لاحق من لجنة تقدير الإيجارات بتحديد أجرة العين محل النزاع هو الواجب التطبيق، وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بهذا القرار استناداً إلى المحررين سالفي الذكر التي لا تعدو الأجرة الواردة بثانيهما أن تكون أجرة اتفاقية تأخذ حكم الأجرة الواردة بعقد الإيجار - وإلى عدم تعلق قواعد تحديد الأجرة بالنظام العام فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات من النظام العام إذ تتحدد به - متى صار نهائياً - القيمة الإيجارية إزاء الكافة، إلا أن التشريعات المنظمة لذلك قد نصت كل منها على قواعد موضوعية وأخرى إجرائية - في هذا الخصوص - تختلف من قانون لآخر، تكون واجبة التطبيق في نطاق القانون الذي أوجبها، وقد استحدث المشرع في المواد الخمسة الأولى من القانون الأخير رقم 136 لسنة 1981 - في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - أحكاماً موضوعية وإجرائية لتحديد أجرة الأماكن - تغاير نهجه السابق في ظل القوانين أرقام 46 لسنة 1962، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 - مفادها أن لا تخضع الأماكن المرخص في إقامتها أو المنشأة لغير السكنى والإسكان الفاخر - اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون لقواعد وإجراءات تحديد الأجرة، وأن يكون تحديد أجرة الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى - من غير الإسكان الفاخر - معقوداً للمالك وفقاً للضوابط والمعايير والتقارير والدراسات المنصوص عليها في المواد الثلاثة الأولى فإذا رأى المستأجر أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في القانون جاز له خلال الميعاد المبين بالمادة الخامسة أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان، مما مؤداه أن يكون اختصاص لجان تحديد الأجرة في هذا النطاق قد أضحى استثناء لا يتحقق إلا بناء على طلب المستأجر وحده وما لم يتقدم المستأجر إلى اللجنة في الميعاد المحدد فإن التقدير المبدئي للأجرة يصير نهائياً، نافذاً ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد وهو ما يغاير الأحكام التي كانت متبعة في ظل القوانين السابقة على القانون رقم 136 لسنة 1981 من أن تقوم اللجان المختصة بتحديد الأجرة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المالك أو المستأجر - وإذ كان تقديم الطلب إلى اللجنة المختصة في ظل القانون الجديد حق خوله المشرع للمستأجر إن شاء استعمله وإن شاء تركه، وكان نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون قد ورد عاماً مطلقاً في هذا الصدد فلا محل لتقييد حق المستأجر في التنازل عن الطلب أثناء نظر اللجنة له أو اشتراط تقديم التنازل إلى اللجنة ذاتها إذ أن عدول المستأجر عن استعمال حقه - في هذا الوقت - يعني انتفاء سند اختصاص اللجنة في تقدير الأجرة فإذا ما قدرت بعد ذلك أجرة المكان فإن القرار الصادر منها يكون خارجاً عن حدود الاختصاص الذي خوله المشرع للجان تحديد الأجرة فلا يعتد به، ولا يتعلق به أي حق للمؤجر أو المستأجر، يؤيد هذا النظر ما استهدفه المشرع من القواعد الجديدة - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب - من أن تكون العلاقة الإيجارية اتفاقية بين طرفيها ابتداء دون اللجوء إلى اللجان أو المحاكم إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على تحديد المالك للأجرة بما يكفل العودة بهذه العلاقة إلى طبيعتها القانونية فضلاً عن التخفيف ما أمكن من أعباء لجان تحديد الأجرة والمحاكم كما لا يغير منه النص في المادة 25 من القانون على بطلان كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لأحكامه أو للقوانين السابقة المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر إذ أن النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون صريح قاطع الدلالة في جعل حق الالتجاء إلى لجنة تحديد الأجرة - وعلى وما سبق بيانه - جوازياً للمستأجر مما مقتضاه أن يكون نطاق تطبيق أحكام المادة 25 - في هذه الحالة - قاصراً على بطلان الاتفاق المسبق بين المؤجر والمستأجر على حرمان المستأجر من حق الالتجاء إلى اللجنة إذا رأى أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في القانون أما وقد قام هذا الحق فيجوز للمستأجر عندئذ التنازل عنه والاتفاق مع المؤجر على ذلك، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فيما انتهى إليه من عدم اعتداد بقرار لجنة تقدير الإيجارات بتحديد أجرة الشقة محل النزاع معولاً في ذلك على ما جاء بالمحررين المؤرخين 27/ 7/ 1986 - سالفي الذكر - معملاً أثرهما في هذا الصدد، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.