أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 974

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(196)
الطعن رقم 1274 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، جـ) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". دفوع. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
( أ ) التعويل على أقوال الشاهد. شرطه: أن تكون تلك الأقوال صادرة عنه اختياراً.
(ب) الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه. دفع جوهري. التزام محكمة الموضوع بالرد عليه.
(جـ) تساند الأدلة في المواد الجنائية.
1 - إن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت أثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في إدانة الطاعن على أقوال الشاهد بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلى بها الشاهد نتيجة إكراه وقع عليه ويقول كلمته فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
3 - إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر حكم ببراءته. بأنهما في يوم 2 يوليو سنة 1966 بدائرة مركز المحمودية محافظة البحيرة. قتلا محمد محمد جنيدي عمداً ومع سبق الإصرار بأن انتويا قتله وصمما على ذلك وأعدا لذلك سلاحاً نارياً "بندقية خرطوش" وذخيرة ولما ظفرا به أطلق عليه أولهما عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله فأصيب بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 230 و231 من قانون العقوبات. فقرر بذلك، وادعى مدنياً ظريف محمد جنيدي أخ المجني عليه قبل المتهم بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات دمنهور قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 بالنسبة للأول والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني على سبيل التعويض مائتين وخمسين جنيهاً ومصروفات الدعوى المدنية (ثانياً) ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان بجريمة القتل العمد قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن قد أشار في دفاعه إلى أن أقوال الشاهد محمد حسن مشرف إنما كانت وليد إكراه وقع عليه وقدم إقراراً من الشاهد يتضمن ذلك إلا أن الحكم استند في إدانة الطاعن إلى أقوال ذلك الشاهد دون أن يعني بالرد على هذا الدفاع.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد تمسك في دفاعه بأن تعذيباً قد وقع على الشاهد محمد حسن مشرف وأن هذا الشاهد كتب إقراراً بأن أقواله ضد الطاعن كانت وليد ضرب وإرهاب من ضباط المباحث، ويبين من المفردات المنضمة أنه يوجد بين أوراقها إقرار مؤرخ 8/ 3/ 1967 موقع عليه من الشاهد محمد حسن مشرف يتضمن أن أقواله التي أدلى بها ضد الطاعن كانت نتيجة ضغط وإرهاب من رجال المباحث، كما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال هذا الشاهد دون أن يعرض إلى دفاع الطاعن أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في إدانة الطاعن على أقوال الشاهد محمد حسن مشرف بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلى بها الشاهد نتيجة إكراه وقع عليه ويقول كلمته فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب. ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه.