أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 980

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(198)
الطعن رقم 1330 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "معاينة. شهادة". قمار.
( أ ) الدفاع الجوهري. يوجب على المحكمة إجابته أو الرد عليه بما يفنده. مثال في طلب إجراء معاينة.
(ب) الحكم على أقوال الشهود قبل سماعهم. يعيب الحكم.
1 - إذا كان ما أورده الحكم لا يستقيم به الرد على دفاع الطاعن بطلب معاينة المنزل الذي وقع به الحادث والمنازل المحيطة به لإثبات استحالة ما قرره الضابط بشأن فرار الطاعن إلى سطح المنزل والقفز منه إلى سطح المنزل المجاور، ذلك أن ما ساقته المحكمة تبريراً لإطراح طلب المعاينة - في واقعه - يظاهر دفاع الطاعن ولا مقنع فيه، وهو دفاع جوهري في ذاته بالنظر إلى أنه ينبني على إجابته التحقق من إمكان فرار الطاعن من مكان الحادث وقت ضبطه كما قرر محرر المحضر والشهود الذين اعتمدت المحكمة على أقوالهم أو استحالة ذلك عليه بما يدعم دفاعه من عدم وجوده بمكان الحادث، ومن ثم فإنه كان على المحكمة أن تجيب هذا الطلب حتى تقف على حقيقة الأمر فيما أثاره الطاعن من هذا الدفاع الهام أو ترد عليه بما يفنده.
2 - يوجب القانون سؤال الشاهد أولاً وعندئذ يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته وذلك لاحتمال أن تأتي الشهادة التي تسمعها المحكمة ويتاح للدفاع مناقشتها، بما يقنعها بحقيقة تغاير تلك التي ثبتت في عقيدتها من قبل، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد تذرعت برفض طلب سماع أقوال شهود الإثبات ومحرر المحضر بأنها ترى في أقوالهم بمحضر ضبط الواقعة ما يقنعها بثبوت التهمة، فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع وهو سبق منها للحكم على أقوال الشهود قبل أن تسمعهم، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12/ 5/ 1966 بدائرة قسم بولاق: فتح محلاً لألعاب القمار وأعده لدخول الناس فيه، وطلبت عقابه بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1933. ومحكمة بولاق الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وبتغريمه 100 ج وبضبط الأوراق التي استعملت بالحادث ومصادرتها وكفالة 200 قرش لإيقاف التنفيذ بالنسبة لعقوبة الحبس والنفاذ بالنسبة لعقوبة الغرامة. فعارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياًً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض المحكوم عليه، وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة فتح محل لألعاب القمار قد أخل بحقه في الدفاع وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه تمسك في دفاعه بأنه لم يكن موجوداً بمكان الحادث وقت وقوعه وطلب إلى محكمة الدرجة الثانية - تحقيقاً لدفاعه - سماع شهود الإثبات والضابط الذي حرر محضر ضبط الواقعة كما طلب معاينة المنزل الذي وقع به الحادث والمنازل المحيطة به لإثبات استحالة ما قرره الضابط بشأن فراره إلى سطح المنزل والقفز منه إلى المنزل المجاور دون أن يتمكن من القبض عليه إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه ولم ترد عليه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن آثار أنه لم يكن على مسرح الجريمة وطلب إلى المحكمة إعلان اللاعبين شهود الإثبات لسماع أقوالهم بعد حلف اليمين وإعلان محرر المحضر لمناقشته فيما أثبته عن الواقعة كما طلب انتقال هيئة المحكمة إلى العقار "الذي به محل الضبط" لتحقيق ما قرره محرر المحضر من أن الطاعن قفز من سطح المنزل إلى سطح المنزل المجاور. كما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه عرض إلى دفاع الطاعن ورد عليه في قوله "أن المحكمة لا ترى موجباً للانتقال للمعاينة حسبما طلب المتهم بجلسة اليوم بمقولة إن المنزل الذي تقع به الحجرة التي وقعت بها الجريمة مكون من أربعة أدوار بينما المنزلين المجاورين يتكون كل منهما من دورين مما يتعذر معه على المتهم القفز من سطح المنزل الأول إلى أي من المنزلين المجاورين حسبما ذكر الضابط ذلك لأنه فضلاً عن أن الضابط محرر المحضر لم يقل بأن المتهم قفز من سطح المنزل الذي وقعت به الجريمة إلى سطح منزل مجاور وإنما اقتصر ما قرره على أن المتهم تمكن هو وبعض اللاعبين من القفز من سطح منزل الجريمة إلى سطح المنزل المجاور (هكذا) فضلاً عن ذلك فإنه لا دليل في الأوراق على أن منزل الجريمة يعلو المنازل المجاورة بدورين ولو صح هذا الدفاع لتمسك به المتهم أمام محكمة أول درجة التي اقتصر دفاعه أمامها على أنه لم يكن موجوداً بالقاهرة يوم الحادث. كما أن المحكمة لا ترى محلاً لإجابة ما طلبه الدفاع عن المتهم من إعلان محرر المحضر والشهود لمناقشتهم إذ أنها ترى في أقوالهم بمحضر ضبط الواقعة ما يقنعها بثبوت التهمة قبل المتهم". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم لا يستقيم به الرد على دفاع الطاعن، ذلك أن ما ساقته المحكمة تبريراً لإطراح طلب المعاينة - في واقعة - يظاهر دفاع الطاعن ولا مقنع فيه، وهو دفاع جوهري في ذاته بالنظر إلى أنه ينبني على إجابته التحقق من إمكان فرار الطاعن من مكان الحادث وقت ضبطه كما قرر محرر المحضر والشهود الذين اعتمدت المحكمة على أقوالهم أو استحالة ذلك عليه بما يدعم دفاعه من عدم وجوده بمكان الحادث، ومن ثم فإنه كان على المحكمة أن تجيب هذا الطلب حتى تقف على حقيقة الأمر فيما أثاره الطاعن من هذا الدفاع الهام أو ترد عليه بما يفنده. لما كان ذلك، وكان القانون يوجب سؤال الشاهد أولاً وعندئذ يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته وذلك لاحتمال أن تأتي الشهادة التي تسمعها المحكمة ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة تغاير تلك التي ثبتت في عقيدتها من قبل سماعه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة إذ تذرعت في رفض طلب سماع أقوال شهود الإثبات ومحرر المحضر بأنها ترى في أقوالهم بمحضر ضبط الواقعة ما يقنعها بثبوت التهمة تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع وهو سبق منها بالحكم على أقوال الشهود قبل أن تسمعهم مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.